ماهي الادوار التي لعبها جامع القرويين
القرويين استقطبت اهتمام المفكرين ولعل مصدر هذا الاهتمام هو أن القرويين، جامعا وجامعة، نهضت منذ ـن انتشر الإسلام، ولغته العربية في المغرب والأندلس والقيروان، فتسنى "للقرويين""بفاس" أن ترث ما كانت تزخر به هذه البلاد، التي ينتظمها في حكم سياسي واحد، وهذا أمر طبيعي، لأنه إذا "جامع القرويين" قد قام بوظيفته الدينية عبر العصور، فإن مساجد "الأندلس" و"تونس" وغيرهما في الغرب الإسلامي، قد نهضت بالمهمة ذاتها، المتمثلة في الإشعاع العلمي والفكري، إذ اتخذها العلماء والفقهاء واللغويون مراكز للبحث والتدريس، فتطورت رسالة المسجد والجامع لتصبح، علاوة على مهمتها الأساس، أماكن للدراسة والتعليم، يلتقي فيها المسلمون على اختلاف مواطنهم ولغاتهم، قصد العبادة وتلقي المعرفة .
على هذا الأساس ظهر "جامع القرويين" في عهد "الأدارسة"، ليصبح مكانا للعبادة، ومركزا للإشعاع العلمي والثقافي والحضاري، وأتيح له أن يتفرد بنتائج هذا الإشعاع، وذلك بفضل الهجرة التي قام بها علماء كبار، جاءوا إليه من حواضر المعرفة والثقافة، ‘ذ قدم إليه علماء إحدى عواصم العلم آنذاك "قرطبة" حين ضاق بهم المقام، نتيجة سياسة الأمويين هناك، فأصبحوا أساتذة بالقرويين، وساهموا في هذا الإشعاع، وقدموا لطلبة العلم عطاءهم الغزير،
متد الإشعاع العلمي للقرويين منذ العصر الإدريسي إلى وقت الناس هذا،  حيث لم يقتصر التدريس على العلوم الشرعية، بل اتسع ليشمل باقي علوم الحياة والعلوم العقلية والطبية.
واشتهرت فاس وجامعها بالعمق العلمي، حتى شاعت بين علماء فاس مقولة أن: "العلم ولد بالمدينة، وربي بمكة، وطحن بمصر، وغربل بفاس".
. تخرج فيها العديد علماء الغرب، وقد بقي الجامع والجامعة العلمية الملحقة به مركزا للنشاط الفكري والثقافي والديني قرابة الألف سنة. درس فيها سيلفستر الثاني (غربيرت دورياك)، الذي شغل منصب البابا من عام 999 إلى 1003م، ويقال أنه هو من أدخل بعد رجوعه إلى أوروبا الأعداد العربية. كما أن موسى بن ميمون الطبيب والفيلسوف اليهودي قضى فيها بضع سنوات قام خلالها بمزاولة التدريس في جامعة القرويين.
بعد بناء الجامع قام العلماء بإنشاء حلقات لهم فيه، كان يجتمع حولها العديد من طلاب العلم، وبفضل الاهتمام الفائق بالجامع من قبل حكام المدينة المختلفين تحولت فاس إلى مركز علمي ينافس مراكز علمية ذائعة الصيت كقرطبة وبغداد.
يعتقد أن القرويين قد انتقل من مرحلة الجامع إلى مرحلة البداية الجامعية في العهد المرابطي، حيث قام العديد من العلماء باتخاذ المسجد مقرا لدروسهم. حسب النصوص المتوفرة فإن القرويين دخل مرحلة الجامعة الحقيقية في العصر المريني حيث بنيت العديد من المدارس حوله وعزز الجامع بالكراسي العلمية والخزانات.

Post a Comment

Previous Post Next Post