الاحتياطات المالية الضرورية

توقع غير المتوقع

أحيانُا ما أسأل جمهوري في المنتديات ماذا سيفعلون إذا ما اختفى مجال عملهم برمته بين عشية وضحاها. فما يكون منهم إلا أن يهزوا رؤوسهم ويقولوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. فأشير عندئذ إلى أن الصناعات المتعلقة بالدفاع المدني " Defense Industry " في كاليفورنيا قد انهارت انهياراُ تامًا في مطلع التسعينيات، وتم الاستغناء عن أكثر من 4 ألف مهندس دفاعي وتنفيذي من أعلى الكفاءات، ممن يتمتعون بسنوات عديدة من التعليم والخبرة فلم تضع منهم وظائفهم وحسب، بل ضاع مجال العمل برمته إلى الأبد. فقد اضطر كل أولئك الآلاف من الرجال والنساء المؤهلين والأكفاء أن يغادروا سوق العمل، وأن يكتسبوا مهارات جديدة، وأن يلتحقوا بالعمل في مجالات جديدة تمامًا.
ولقد أسفر انطفاء الولع بمواقع شبكة المعلومات عن إزاحة أكثر من 90 % من وظائف وشركات شبكة المعلومات التي تفشت عبر البلاد. كما أدى انهيار قطاع الاتصالات إلى الاستغناء عن الأف عديدة من العاملين. وكما أن التدهور الذي حدث في الأعوام الأخيرة لنشاط الاستثمار المحموم الذي شهد خلال حقبة التسعينيات استدعى ما استدعاه من استغناء لعشرات الآلف من العاملين في مجال الخدمات المالية. إن هذا يحدث طيلة الوقت، ولسوف يستمر. ما سوف يتغير هو أسماء المجالات والصناعات وحسب. إن التحول المتسارع بين الوظائف والمجالات سيحدث المزيد، والمزيد منه بوتيرة أسرع لكثيرين من الأشخاص.

حياتك المالية

يتغير عالم المال والاستثمارات تغيراُ مستمراُ. ودرجة تقلب الأسواق تتزايد وتشتد. أما الحكمة القديمة التي تقول: "اشتر واحتفظ" فلم تعد ذات صلة بعالم اليوم ولا الغد. فإذا كان لديك مال مستثمر، فينبغي عليك أن تفكر باستمرار بشأن ما قد يحدث إذا ما ساءت حال استثماراتك، وخسر كل نقودك. وينبغي أن تكون مستعدًا لأسوأ الاحتمالات الخاصة بمردود أحد الاستثمارات على وجه التحديد.
ثمة علاقة مباشرة ما بين مقدار ما تنفق من وقت في التفكير بشأن حياتك المالية والتخطيط لها، وبين مدى احتمال أن تصير مستقلاُ مالياُ. فوفقًا للقاءات التي عقدها د. "توماس ستانلي" مع الآلاف من أصحاب الملايين العصاميين، فهم يتقاسمون سمة فيما بينهم : ألا وهي أنهم ينفقون كثيراُ من الوقت في التفكير بشئونهم المالية أكثر من الشخص العادي.
إن الشخص العادي يقضي ما بين ساعتين وثلاث ساعات شهرياُ مفكراُ بشأن أموره المالية، وغالبُا ما يكون ذلك في موعد سداد التزاماته. وعلى النقيض من ذلك، فإن المواطن الأمريكي الموسر في حدود المتوسط يقضي ما بين 20 إلى 30 ساعة شهرياُ مفكراُ بشأن أمواله. ونتيجة لذلك فإنه يتخذ قرارات إنفاق أفضل ويختار استثمارات أذكي من الغالبية العظمة. كما أن مهاراته في الشئون المالية تتزايد، إلى أن يتفوق على أقرانه في النهاية.

استراتيجية نابليون

سيطر القائد الفرنسي " نابليون " على قارة أوروبا لمدة 20 عامُا تقريباُ. وقاد جيوشه للنصر في عشرات المعارك، ولم يهزم إلا في ثلاث معارك فقط خلال تاريخه كله. وخسر حوالي 600 ألف جندي حينما غزا روسيا، حيث أخفق في التنبؤ بصقيع الشتاء الروسي. ولما أو هنت قواه الحملة على روسيا بدرجة كبيرة، خسر تبعاُ لهذا معركة " ليبزغ" ، الأمر الذي أدى إلى نفيه إلى جزية " إلبا " . وفي نهاية الأمر خسر معركة " واترلو " نتيجة لسلسة من الالتباسات، وإساءات الفهم مع قادة ميدانه.
لكن ما يتم نسيانه غالباُ أنه انتصر في معارك أخرى عديدة، بين صغيرة وكبيرة، وأنه يعتبر واحدًا من أعظم ثلاثة عباقرة عسكريين في التاريخ. ( الاثنان الآخران هما " الإسكندر الأكبر " و " وجينكيز خان " ) . وقد نمى " نابليون " صفة عاونته على تحقيق النصر، ويمكنك أنت أيضًا تنميتها. وتسمى بالتفكير الاستدلالي. وهو القدرة على أن تفكر وتخطط تحركات عدة مسبقًا في كل ما تقوم به. وتتطلب هذه الطريقة في التفكر أن تطع في اعتبارك كل حدث ممكن أن يحدث، ومن ثم تضع له رؤى، على أن تكون الفترة التي تخطط فيها كافية.
إن " نابليون " شخصيًا كان يشعر بأن دقته وعمقه فيما يخص الاستعداد ، والتدبر الحريص لكل جزئية تفصيلية، كانت سر انتصاراته. وكانت سمته تلك تعرب عن نفسها، وتتأكد من خلال قدرته الخارقة على وصول ميدان معركة ما، وعلى أن يفكر عندئذ في كل تحول واحد محتمل، ويتأمل المعركة حتى نتيجتها المنطقية – قبل إطلاق الرصاصة الأولى اساساً.
وعندما تكتمل استعداداته، كان يوسعه أن يتخذ موقعه في المركز بين قواده ليدير معركة. ومهما كانت الأنباء التي تصله من أي جزء من ميدان المعركة، كان مستعدًا على الدوام باستجابة فورية. اعتقد الكثيرون أن سرعة استجابته تحت وطأة القتال مرجعها لذكائه الشديد، وقد كان ذكياُ ، لكن هذا لم يكن سر نجاحه. لكن سره أنه كان يفكر ويتأمل كل احتمال أو عاقبة ممكنه، وذلك مسبقًا.

قم بالاستدلال بناءً على الحاضر

إن المقدرة على أن تتأمل كل موقف له شأن في حياتك بشكل مسبق، لهي طريقة في التفكير يمكنك اكتسابها بالتدريب. وكلما تحسن أداؤك في التنبؤ بأحداث المستقبل اعتماداُ على أحداث الحاضر، صارت حياتك على حال أفضل. سيكون بمقدورك أن تقلل عد الكبوات إلى الحد الأدنى، وأن تزيد عدد الفرص إلى الحد الأقسى. إن التفكير بهذه الطريقة من شأنه أن يمنحك مميزة على الآخرين ممن لا يكلفون أنفسهم سوى عناء رد الفعل، والاستجابة لما يحدث أيا كان شأنه.
إذا كنت تعمل لحساب إحدى الشركات، فينبغي عليك أن تفكر في أسوأ الأمور الممكنة التي قد تحدث في غضون الفترة التالية من ستة أشهر إلى عام، مما له أن يؤثر على وظيفتك وعلى أمانك. وغذا ما كنت مالكًا للشركة فينبغي عليك أن تحدد أسوأ الأمور الممكنة التي قد تؤثر على استمرار وسلامة مشروعك. كما ينبغي عليك أن تقوم أنت وشريك حياتك بمناقشة المشكلات، والمصاعب الممكنة التي قد تطرأ على حياتكما الأسرية، ثم تضعا الخطط التي تحصنكما ضدها.

فلتتخذ الاحتياطات المالية الضرورية

لعلك تقرأ كثيراً حول أناس لم يؤمنوا على سياراتهم، أو منازلهم، وأحيانُا جميع ممتلكاتهم وبالتالي فقدوها. لقد أخفقوا في تأمل المستقبل واستشرافه، فلم يسألوا أنفسهم ما العواقب التي ستفرض نفسها على حياتهم إذا شب حريق في منزلهم، أو إذا تحطمت سيارتهم في حادثة طريق، ولم يلتزموا بشرط التأمين.
أحد أذكى الأمور الذي يمكنك القيام به حتى تحفظ سلامة وضعك المالي هو أن تضع برنامجُا منتظمًا للادخار. ليكن هدفك أن تدخر 10 % وأكثر من مصدر دخل لديك. فثمة أشياء قليلة تمنحك قدراُ أعلى من الإحساس بالثقة والسيطرة حينما تعلم أن لديك نقوداُ سائلة موضوعة جانبَا إزاء أي حدث طارئ ليس في الحسبان. وعلى النقيض فما من شيء يسبب لك التوتر، والضغط العصبي أكثر من العيش على الحافة مستنفداُ كل مواردك المالية، عاجزًا عن التعامل مع حالة مالية طارئة، أو احتياج من أي نوع.
قال " دابليو كليمنت ستون " ذات مرة : " إنك تفتقر بداخلك لبذور العظمة إذا لم يكن بوسعك ادخار المال " .

عش في حدود دخلك

تعد قدرتك على ادخار المال، وعلى إلزام نفسك بالعيش في حدود دخلك مقياساً رئيسيًا على قدرتك على النجاح في الحياة. إذا لم تتحل بضبط الذات الداخلي لكي تمسك عن إنفاق كل مليم تجنيه، فإن هذا يدل على أنك في الغالب تفتقر إلى الالتزام الضروري للنجاح في سائر جوانب حياتك. لا تستمع إلى من يدعون أن حب المال هو أصل كل الشرور، فالأحرى بهم أن يعرفوا ان العوز هو أصل كل الشرور.
لعل أهم المنافع لتوفير نقودك، وتكوين مبلغ احتياطي من المال تتمثل في أن هذا يتيح لك انتهاز الفرص فوز بزوغها، والفرص تبزغ وتختفي على الدوام. في فيلم " حقل الأحلام "  " Fields of dreams " قدمت فكرة عميقة هي : " إن وضعت حجراُ فوق حجر، فسوف تلامس السحب" . مما يعني في عالم المال أنك إن ادخرت المال من خلال العمل الشاق والتدبير، فلسوف تجذب إلى حياتك فرصًا لتستثمر هذا المال من أجل جني المزيد من المال.

كن مغناطيسيا يجذب المال

لقانون التجاذب فعالية كبرى في شئون المال. فإذا قمت بادخار حتى ولو مبلغ صغير من المال، ووضعته في حساب مصرفي، أو في أي مشروع استثماري اخترته بحرص، فإنك تخلق مجالاً حيوياُ محددُا من الطاقة حول هذا المال. وبطريقة ما سوف تشرع هذه الطاقة في جذب المزيد من المال نحو حياتك. وكلما نمت مدخراتك واستثمارك صارق القوة المغناطيسية لأموالك أشد بأسًا. وكلما زاد ما تدخره من مال زاد ما تجذبه من مال إليك، وزادت فرص ادخارك للمزيد والمزيد.
وإذ تفكر بشأن مالك، والمتعة التي يمنحها لك امتلاك مال في المصرف، فإنك تقوى بهذا المجال الحيوي للطاقة المحيط بنقودك وتجذب المزيد منها. ويصير هذا المجال الحيوي أكثر قوة أذ تحب نقودك. فحين تفكير بشأن مذكراتك المالية المتنامية بساعدة بالغة، تعمل على شحذ الطاقة المحيطة بالمال، وتجذب المزيد منه.
وحين يردد الناس: " المال يجلب المال " ، فإنهم على حق لسبيين رئيسيين. أولاُ، إن مقدرتك على ادخار المال، وعلى بناء عش لحماية بيض العصافير هي مقياس عما إذا كنت تستطيع جني المزيد من المال، وإذا ما كنت شخصاُ موثوقُا فيه فيما يخص النقود. وثانيًا، عندما تجمع النقود لبعضها البعض ولو بمقادير صغيرة، فسوف تجذب إليك الفرص لمراكمة مقادير أكبر.

قصة نجاح

في واحدة من المنتديات اقترب مني مؤخراُ مشترك من المشتركين، وسألني إذا ما كنت أتذكره. فقلت له إنني بكل أسف أتحدث إلى عدد غير محدود من الأشخاص سنويُا، مما لا يسمح لي بتذكرهم  جميعا. فذكرني بأنه قد حضر لي منتدى لمدة يومين قبل ستة أعوام. كان خجولاُ بشدة حتى أنه انتظر لدى طاولة الغداء إلى أنتهى جميع الآخرين من أخذ وجبتهم. وعندئذ أخبرني بأكثر سلسلة أحداث إثارة للانتباه وقد وقعت له منذ المنتدى الأول.
عندما حضر الندوة التي عقدتها كان مندوب مبيعات السيارات المستعملة. كان له طفلان وفي مطلع الثلاثينات، يجني دخلاً معتدلاً، وهو غارق لجبهته في الديون. ويقيم مع أسرته في منزل بالإيجار.
وخلال المنتدى، أدرك أن المنبع الأكبر لقلقه أنه غارق في الديون، وبلا أموال، أو رصيد مصرفي. وهكذا وضع هدفًا أن يتخلص من الديون، وأن يدخر 30 ألفًا من الدولارات على مدى الأعوام الخمسة التالية. كان هذا هدفاً ضخماُ بالنسبة لظروفه وماضيه. فلم يعش من غير ديون منذ أن جاوز عامه العاشر.

التحرك

وعلى الرغم من ذلك كله، فقد دون هدفه كتابة، ووضع خطة لتحقيقه، وراح ينفذها يومًا بعد الآخر، دون أن يفقد الإيمان أبداً. لقد عمل هذا القرار على تحفيز قواه العقلية، ونتيجة لقانون التآزر، وقانون التجاذب، وقانون النشاط اللاواعي، وسواها من القوانين، بدأت الأمور تتغير معه بشكل أسرع مما تخيل بكثير. لقد بلغ هدفه المالي في غضون ثلاثة أعوام وحسب. تخلص من يدونه، وادخر 30 ألف دولار في البنك.
وذات يوم، دعاه رئيسه في العمل ومالك هذا التوكيل التجاري وسأله إذا كان مهتمًا بفرصة مشروع تجاري. أحس بالإطراء الشديد، وطلب توضيحًا من رئيسه. قال رئيسه إنه لاحظ مدى تحسنه في عمله كمندوب مبيعات، كما أنه سمع بشأن بعض المال الذي نجح في ادخاره من دخله.
كان مندوب المبيعات خجولاً وحذراً، لذا فقد سأل رئيسه عما يدور بباله. فأخبره رئيسه بأنه قد عرض عليه من أحد مصنعي السيارات في " ديترويت" أن يرشح لهم شخصًا مهتماً بافتتاح توكيل جديد للسيارات بالمدينة نفسها، وفي جزء منها ما زال ينموا في هذا المجال. قال الرئيس أنه على استعداد لترشيحه، ولدعمه في هذا التوكيل التجاري. بل إنه سوف يشاركه كشريك كامل مادام – المندوب – مستعداُ لأن يستثمر ماله هو الآخر.
المحصلة الأخيرة لهذه القصة كانت أن رئيسه قد عاونه في تأسيس هذا التوكيل الجديد، عاونه في جميع المهام المتعلقة بالمشتريات، التخزين، قطع الغيار، وفي قرارات قسم خدمة العملاء، وفيما يخص الموظفين. وبعد عامين، باع له رئيسه نصيبه الذي بلغ نصف الأسهم، وهكذا فقد انتهي به الحال لأن يكون المالك الفعلي للتوكيل بنسبة 100 %.
ثم قال لي: " واليوم، أنا مليونير!" منذ ستة أعوام مضت كنت مندوب بيع سيارات مستعملة، واليوم أنا مليونير". كان أحد أكثر الأشخاص سعادة بين من التقيت بهم على الإطلاق. قال إنه لو لم يأخذ بتلك النصيحة من المنتدى التدريبي، أي أن يشرع في ادخار المال، والتخلص من الديون، لما كان في وضع يسمح له بانتهاز تلك الفرصة حين اعترضت طريقه. كما قال: " إن حضور منتداك وفر عليّ عشرين عامًا من العمل الشاق، أو ربما حياة كاملة".
تصدق هذه الحكاية على حياتك أنت كذلك. أحد أهم التحركات الذي يمكنك اتخاذه حتى تظل إيجابياً ومتفائلاً هو أن تستعد مسبقًا على المستوى العقلي، والمالي، والبدني. أمعن التفكير فيما قد يحدث، وضع الخطط لتكون مستعدًا للفرص. أعد الخطط، وضع مدخرات المال جانبًا لكي تجعل عواقب الأزمات المالية في حدودها الدنيا، أو تتخلص منها تمامًا. إن هذه الطريقة من التفكير، وفي التخطيط مسبقًا لكل جانب من جوانب حياتك، تعد علامة على أنك شخص متفوق.

سؤلان سحريان

إليك هذين السؤالين اللذين يمكن لك طرحهما لكي تحول الفشل إلى نجاح. وإنني أسميها سؤالين سحريين لما لهما من قوة غير معقولة في تحسن حال حياتك. يمكن لك طرحهما، والانتفاع بهما بعد كل تجربة.
السؤال الأول هو : " ما الصواب الذي قمت به ؟ " فبصرف النظر عما قمت به، أو نتيجة، سواء كانت نجاحًا أو إخفاقًا، ينبغي أن تقوم باستجابة عقلية فورية للحدث، وتقدر كل شيء صوابًا قمت به في هذا الموقف.
حتى أذا آلت الأمر مآلاً سيئًا، بل حتى ولو أخفقت إخفاقًا تاماً، فدائمًا ثمة أمور قمت بها كانت صائبة. إذا استطعت أن تعزل الجوانب لأدائك ودونتها كتابة، فسوف تقوم ببرمجة مسبقة لعقلك حتى يكرر الأشياء الصائبة التي قمت بها في الموقف المشابه التالي.
السؤال السحري الثاني هو: " ما الذي سأقوم به بشكل مختلف؟ " وهو سؤال ممتاز؛ لأنه يرغمك على التفكير بشكل إيجابي بشأن ما حدث، وكيف يمكن لك أن تحسن من أدائك. اسأل نفسك إذا كان عليك أن تقوم بالأمر من جديد، ما الذي ستغيره حتى تحسن من أدائك أو سلوكك في هذا الموقف، وما الذي ستقوم به بدرجة أكثر، أو ستقوم به بدرجة أقل؟
تأكد من كتابة أجابتك، لكي تضمن التقاطها قبل أن تنساها. وفي كل مرة تجرب فيها القيام بشيء جديد أو مختلف، فلتجلس على الفور ومعك ورقة وقلم، وأجب عن هذين السؤالين: " ما الصواب الذي قمت به ؟ " و " ما الذي سأقوم به بشكل مختلف؟ " فكل من هذين السؤالين إيجابي، وكل منهما يستدعي استجابات إيجابية. ومن شأن إجاباتك أن تهيئك، على مستوى عقلك الواعي وعقلك الباطن، لتحسن أداءك في المرة التالية أكثر وأكثر. وكل المجموعتين من الأجوبة ستحتفظ بتركيزك منصباً على التحسين، وليس على عض بنان الندم.

التفكير الإيجابي في مقابل التفكير السلبي

يقوم كل من الفائزين والخاسرين بتفحص أدائهم بعد أي حدث مهم. لكن غير المجزين بلا استثناء تقريباُ يرددون مراراً وتكراراً لأنفسهم الأخطاء التي ارتكبوها، والخسائر المادية التي تسببوا فيها، والإخفاقات التي مروا بها. أما المنجزون بكفاءة علاية فهم على النقيض أولئك الذين يفكرون بشكل إيجابي بشأن أنفسهم وحياتهم. ويراجعون باستمرار أفضل الجوانب لأدائهم، ويضعون الخطط لتكرارا تلك الأعمال في المرة التالية.
حينما تفكر فيما قلت من صواب، وما الذي ستقوم به بشكل مختلف في المرة التالية، سيتسم عقلك بالإيجابية التامة. وسوف تتحفز قدرتك الإبداعية. وسوف ترى كل أنواع الفرص، وإمكانات التحسن. الأمر الذي سيفوتك تمامًا إذا تركت نفسك تأسف لحالك بعد كل حدث غير موفق.

إدارة الأعمال والمبيعات

إذا كنت تدير مشروعًا تجارياً فينبغي عليك أن تطرح تلك الأسئلة بوتيرة منتظمة على نفسك، وعلى أهم أشخاص فريق العمل لديك: " ما الصواب الذي قمنا به ؟ " و ؟ ما الذي سنقوم به على نحو مختلف في المرة التالية ؟ " . وتذكر، أن أغلب الأشياء التي ستجربها لن تكون ناجحة في المرات القليلة الأولى. عن طريق طرح تلك الأسئلة فإنك تستخلص أفضل قيمة ممكنة من الموقف. فلتتعامل مع كل تجربة بوصفها فرصة للتعلم منها شيئًا ما من شأنه مساعدتك في مراحل تالية.
إذا كنت تعمل بمجال المبيعات، استخدم هذه الطريقة بعد كل مكالمة، فبعد القيام بمكالمة تسويقية، مباشرة، سواء كانت موفقة أم لا، اطرح السؤالين السحريين. فسوف تزيد هذه المراجعة السريعة من إيقاع، ووتيرة تعلمك ونموك كمحترف مبيعات زيادة هائلة.
فلتجعل هذه الاستجابة الفورية جزءاً من حياتك. استعن بهذه الطريقة بشكل متكرر بحيث تصير تلقائية. وبصرف النظر عن مدى ما قد تكون عليه العقبة، أو الصعوبة من آثار مخيبة للآمال، سرعان ما ستكون مبرمجاً مسبقاً على تعلم أقصى قدر ممكن من المواقف، بحيث تستخلص كل الإيجابيات التي يمكن لك الحصول عليها من الموقف السلبي على وجه الاحتمال.
عندما تمزج هذه الطريقة بالتفكير العفوي – ارغم نفسك على توليد 20 إجابة لكل سؤال – سوف تغمرك الدهشة لعدد الأفكار، والرؤى الرائعة التي ستتوصل إليها للتطور والتحسن. وسوف تزيد تلك الأفكار من سرعة بلوغك للأداء الأفضل في مجالك زيادة هائلة.

طريقة " إيدسون "

كان " توماس إديسون "، أعظم مخترعي العصر الحديث، على قناعة بأن التجربة العلمية ما هي إلا عملية طرح وتنحية. ولهذا فقك كان يحتفظ بسجلات دقيقة لكل تجربة. فما إن يقرر أن أحد الاختراعات أمر ممكن، يعكف على تنحية وطرح الطرق التي لم تأت بنتيجة إلى أن تتبقى طريقة واحدة هي السبيل الوحيد الذي أثبت نفعه. ونتيجة لهذا، صار أعظم مخترع للعصر الحديث، وأحد أكثر رجال الأعمال ثراء في بلاده. ينبغي أن تقوم بالأمر نفسه.
من الآن فصاعداًن في كل مرة تحاول فيها وتخفق، فلتزح الإخفاق عن كاهلك باعتباره تجربة تعلم تنتقل بك خطوة واحدة أقرب للنجاح. فكما قال " هنري فورد" ذات مرة: " ما الفشل إلا فرصة لبداية جديدة أكثر ذكاء".

سرعتك في التعافي

عندما تتعرض لخيبة أمل من أي نوع، فإن رد فعلك الطبيعي هو الشعور بصدمة وجدانية. ستشعر كما لو أنك تلقيت لكمة في جهازك العاطفي. تشعر بأنك جريح، محبط، خائب العزم، ومثبط الهمة. وغالباً ما تميل للإقلاع عن الأمر تماماً، ومحاولة عمل شيء مختلف كلية. إن تلك المشاعر عادية وطبيعية إذ تتعرض لتجربة إحباط أو فشل من أي نوع. السؤال الوحيد هو : كم تدوم هذه المشاعر ؟
حيث تذهب لزيارة الطبيب أو العيادة لعمل فحص طبي شامل، غالباً ما تمر باختبار الضغط العصبي. أولاً، سيسجلون نبضاتك من معدل خفقان قلبك في حالة الراحة. ثم سيطلبون منك القيام ببعض تمرينات " الأيروبكس" لرفع معدل خفقان قلبك. وما إن يصل معدل خفقان قلبك ليرتفع لنقطة معنية، يقومون بقياسه مرة أخرى. سينتظرون دقيقة، دقيقتين، ثلاثاً، إلى خمس دقائق بعد التمرينات، ثم يسجلون عندئذ نبضك. إن مؤشر لياقتك هو مدى السرعة التي يعود بها قلبك لمعدل النبض المستريح بعد ممارسة التمرينات.

النهوض من الكبوة

الأمر نفسه ينطبق على شخصيتك. فإن مؤشر صحتك ولياقتك العقلية يمكن قياسه من خلال مدى سرعة استعداتك لعافيتك بعد تعرضك لإحباط من الإحباطات. لا شك أن مواجه عقبة أو إخفاق مو أمر مؤذ. ودائماً ما يؤذي إذا كان ما تقوم بمحاولته أمراً ينطوي على أهمية بالنسبة لك. لكن ليس هذا هو مربط الفرس. مناط الأمر هو سرعة تعافيك، ونهوضك من كبوتك. إن سعرة تعافيك هي أساس كل شيء. إذا خططت مسبقًا لكل العقبات والمشكلات، وبرمجت عقلك مسبقاً على النحو الذي وصفناه في هذا المقال. فإن معدل تعافيك سيكون أسرع بكثير.
إن معدل تعافيك أمر يرجع إليك. ويتحدد كلية بطريقة تفكيرك بشأن ما يقع لك. فليس الحدث في حد ذاته هو ما يؤثر عليك، بل بالأخرى أنها الطريقة التي تفسر بها الحدث لنفسك. وهكذا فإن هذا يرجع لاختيارك بالأساس.

حوارك الداخلي

إليك عدة عبارات توكيد قوية يمكن لك استخدامها لتمسك بزمام التحكم العقلي والانفعالي على الفور إزاء أي موقف سلبي. من شأن تلك العبارات أن تجعل أية مشاعر سلبية قد تخامرك في حالة حياد تام.
أول شيء عليك قوله حين يقع ما يسوء هو عبارة : " إنني مسئول ! " .
إن ميلك الطبيعي عند حدوث ما يسوء سيكون أن تصير غاضباً أو مستاءً، وإما ان تلقي باللون على شخص ما، أو شيء ما آخر، او أن تخلق الأعذار. ولكن في اللحظة التي تقول فيها: " إنني مسئول !" فإنك تكف عن لوم الآخرين بسبب المشكلة. وبتحمل المسئولية، حتى ولو في طريقة رد فعلك وحسب، فإنك تقطع الطريق على تمادي مشاعرك من خيبة الأمل، والغضب، والإحباط. فبمجرد ما تقول : " إنني مسئول ! " يصير عقلك هادئاً وصافياً مرة أخرى. وتبدأ تفكر تفكيراُ إيجابياً وبناءً في شيء يمكنك القيام به حتى تجعل الخسارة في حدها الأدنى، أو تجعل فرص التعلم والكسب في حدها الأقصى.

فسر الأمر تفسيراً إيجابياً

وإليك عبارة توكيد كانت عوناً غير عادي لي خلال سنوات وسنوات. فبصرف النظر عما جرى، وبصرف النظر عن مدى خيبتي. فإنني أقول فوراً: " كل تجربة هي تجربة إيجابية إذا اعتبرتها فرصة للنضح وضبط نفسي" .
تمكنك هذه العبارة من الإمساك بزمام السيطرة على عواطفك. فهي ترغمك على التفكير بشأن كيف يمكن لك أن تتعلمن وتنضج انطلاقاً من المشكلة. شأنها شأن عبارة " إنني مسئول ! " فإن تلك الكمات تمنحك إحساساً بالسيطرة، وبالقوة الشخصية في أي موقف. " كل تجربة هي تجربة إيجابية إذا اعتبرتها فرصة للنضج وضبط النفس " .
ثم تأمل الموقف، واسأل نفسك ما الذي يمكن لك تعلمه مما حدث لتوه. كيف يمكنك أن تنمو، وتتطور بناء على هذه الصعوبة؟ ما الذي أرسله لك هذا الموقف لتتعلمه؟ إذا كانت العناية الإلهية تتولي مصيرك، فإنها ترسل لك تجارب تعليمية محددة لمعاونتك لتصير موفق الخطى، فمال الدروس التي يمكن لك العثور عليها في مشكلتك الحالية؟

Post a Comment

Previous Post Next Post