. طريقة البحث التجريبي (Experimental Method) :
       هناك منهجية واحدة فقط تسمح للباحثين ان يحددوا بثقة المتغير الذي يسبب التأثيرات التي يلاحظوها في التجربة والتعرف على العلاقة السببية (السبب والنتيجة) بدرجة عالية من الضبط والتحكم، فمثلاً يُدرّس أثر مستوى الضوضاء على القدرة على الانتباه... في هذه الحالة فان مستوى الضوضاء هو المتغير المستقل... بينما القدرة على الانتباه هو التغير التابع.
مثلاً / يختبر الباحث مجموعة من المفحوصين ان يصححوا مقالة تحتوي على عدد من الاخطاء المطبعية فيستخدم عدة مستويات مختلفة من المتغير المستقل (الضوضاء). (ضابطة، 70 ، 80 ، 90، ديسبل) على المفحوصين ليحدد التغيرات في المتغير التابع (القدرة على الانتباه) ويتم الاعتماد على عدد الاخطاء باعتبارها مقياساً للمتغير التابع. ويمكن ان يستخدم المنهجيات التجريبية في كل من المختبر والميدان الذي يكون اكثر صعوبة ولكنه يعطي نتائج اكثر واقعية من دراستها في المختبر فقط...واحدى مشكلات هذا البحث هو ابتكار موقف اصطناعي وهذا يقلل من سلامة نتائج التجربة واقل قابلية للتعميم.
       لقد اصبح التجريب بمثابة القلب من علم النفس العلمي خلال القرن العشرين ففي التجربة يقوم الباحث بتغيير شيء ما بطريقة موجبة لايجاد ظروف وحالات من تلك التي يهتم بها الباحثون ببحثهم وهي طريقة بحث منهجية تسمح للباحثين ان يحددوا بثقة المتغير الذي يسبب التأثيرات التي يلاحظوها في التجربة والتعرف على العلاقة (السبب والنتيجة) بدرجة عالية من الضبط والتحكم والاساليب التجريبية نمط ايجابي تدخلي interventional لاجراء البحوث فالمجرب يعالج واحد او اكثر من المتغيرات المستقلة ليرى ما إذا كانت تؤثر في المتغير التابع او لا ويشير مارتن Martin 1985 الى انه من السهل التعرف على الفرق بين الاثنين اذا تذكرنا ان المتغير المستقل هو الذي يعالج بواسطة المجرب وانه مستقل عن سلوك المفحوص، بينما يعتمد المتغير التابع على المتغير المستقل وما يفعله المفحوص والمتغير التابع هودائماً ما نقوم بقياسه في التجربة ومن الممكن ان نتناول عدة متغيرات مستقلة في التجربة وهو ما نفعله عادةً لنرى ما اذا كانت تتفاعل مع بعضها البعض بطريقة ما هناك مثال فيه متغير مستقل واحد:
مثال/ اثر الازدحام على ضغط دم الانسان
اجراءات التجربة: الباحث هنا سوف يصمم التجربة التي يمر بها المفحوصون بخبرة مواجهة حالات مختلفة من الازدحام (المتغير المستقل) في احد هذه الظروف اما الحالات مفحوص واحد بمفرده في حجرة مساحتها 4×4 امتار لمدة ساعتين ويعمل في مهمة حل سلسلسة من المشكلات. وفي ظرف ثانٍ سيقضي ستة افراد ساعتين في نفس الحجرة يقومون بنفس المهام وفي الظرف الثالث سوف يقوم اثنا عشر مفحوصاً بنفس المهام في نفس الحجرةلمدة ساعتين والفرق المنتظم الاساسي بين المجموعات الثلاث هو عدد الافراد في الحجرة:
ض       (ضابطة)     فرد واحد     خ  (اختبار)   ب } المهمات لمدة ساعتين
تجـ 1     (تجريبية)      6 أفراد  خ     ب  }
تجـ 2 (تجريبية)     12 أفراد خ     ب   }
       لو كان هناك شيئاً آخر يختلف بين المجموعات (عدا افراد المجموعات) مثلاً طول الفترة الزمنية التي يقضونها في الحجرة او طبيعة المهام او اختيار افراد المجموعةمن الذكور او من الاناث فقط لكانت نتائج التجربة مضلة ففي كل هذه الحالات تمنعنا بأن نقول أن أي تغيرات تلاحظ ترجع الى المتغير المستقل (الازدحام) فالباحث يجب ان يضبط كل هذه الامور مثلاً تكون الفترة الزمنية هي نفسها للمجموعات الثلاث وايضاً طبيعة المهام تكون نفسها حتى نضمن ان لا تكون المهام أحدها سهلة والاخرى صعبة وان يختار الباحث الافراد عشوائياً حتى يتجنب التميز بالاختيار وتكون احدى المجاميع من الذكور ومثلاً الذكور يجيدون هذه المهمات او العكس او ان يختار مجموعة ذكية والاخرى اقل ذكاء بل عليه ان يتبع العشوائية التي تضمن له الاختيار المتشابه بين الافراد (نذكر عدة امثلة اضافية).
مزايا وعيوب المنهج التجريبي:
       من مزايا المنهج التجريبي ما يأتي :-
1.   ان التجربة تسمح عادةً بأعلى مستوى من الضبط للمتغيرات عما تتيحه اساليب البحث الأخرى.
2.   يمكن ان تختبر فروض شديدة التحديد.
3.   ان التجربة الصادقة تسمح للباحث بأن يخرج باستخلاصات عن طبيعة العلاقة السببية cause – effect بين المتغيرات المستقلة والتابعة.
عيوب المنهج التجريبي ما يأتي:
1.   تركيزالقيود عادةً حول مالتغير المستقل، وهو ما يحول دون استخدام الاساليب التجريبية لدراسة بعض المشكلات وقد تكون هذه القيوداخلاقية او عملية فعلى سبيل المثال قد يجد الباحث المهتم بدراسة كيفية استجابة الناس للمخاطر الطبيعية مثل العواصف او كيفية استجابة الناس لاغتصاب اوطانهم.
2.   التجربة في علم النفس البيئي مكلفة مادياً وغير كافية في بعض الاحيان لدرجة تجبر الباحث على استخدام اساليب وسائل اخرى.
3.   اجراء التجارب في علم النفس البيئي تحتاج عناية كبيرة للتأكد من صدق التجربة. وهناك نوعين من الصدق على الباحثين في علم النفس البيئي ان يهتموا بها هما:-
أ‌.      الصدق الداخلي Internal Validity : وهو يعكس مدى تحرر التجربة من الخلط بين المتغيرات البيئية وهنا يجب ضبط المتغير المستقل والسيطرة على المتغيرات الاخرى بحيث نضبط تأثيرها على المتغير التابع.
ب‌.  الصدق الخارجي External Validity  : يتعلق بمدى قدرة الباحث في علم النفس البيئي على تعميم نتائج تجربته على مواقف في العالم الواقعي.
مثال / اثر الحرارة على السلوك العدواني:
       هنا يتم وضع بعض الافراد (طلاب مثلاً) في حجرة تتدرج في الحرارة من درجة الحرارة المريحة الى درجة حرارة شديدة ويطلب منهم إعطاء بعض زملائهم صدمات كهربائية فإذا كانت التجربة مضبوطة تماماً وخالية من الخلط فستكون صادقة اي لا تتدخل متغيرات اخرى مع درجات الحرارة وتؤثر على سلوك الافراد (كان يختار الباحث طلبة لديهم خلل في إفراز الغدد وبالتالي يزداد السلوك العدواني عندهم بسبب زيادة إفراز الغدد وليس بسبب حرارة الغرفة او مجموعة الطلاب بينهم عدّاء أصلاً... الخ من المتغيرات الاخرى التي قد تؤثر على السلوك العدواني.
       اما الصدق فهو القدرة على التنبؤ بالعلاقة بين الحرارة واشكال شديدة الاختلاف من السلوك العدواني فيم واقف حقيقية في شوارع المدن او في المنازل.
       ولعل علماء النفس البيئيين – بتأكيدهم على حل مشكلات بيئية حقيقية يهتمون اكثر بالصدق الخارجي من زملائهم المهتمين بمجالات اخرى في علم النفس.
       وعادةً ما يستخدم الباحثين فيه الاختبار الثاني t-testلايجاد الفرق بين الاختبار القبلي والبعدي او بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة.

Post a Comment

Previous Post Next Post