فكرة واحدة كل مرة

لا يمكن لعقلك أن يحتفظ بأكثر من فكرة واحدة في الوقت الواحد، إيجابية كانت أم سلبية. إذا كنت تبحث بشكل بناء عن أحد الحلول إزاء كل صعوبة، أو تتحرى درساً له قيمته، فلا يسعك أن تشعر بالاستياء، أو الغضب في الآن نفسه. وإذا طبقت قانون الاستبدال، وأرغمت نفسك عن وعي وقصد أن تفكر في الأوجه الإيجابية للموقف، ستعثر عليها دائماً. وسيكون بمقدورك أن تحولها لصالحك.
إن الموقف العقلي الإيجابي، والذي يعني استجابة إيجابية وبناءة للإحباطات والعقبات، يحدد بدرجة كبيرة شعورك بإحساس السيطرة. وان تحظى بإحساس السيطرة يعني أنك تمسك بزمام حياتك. إنك تشعر بتقلدك لمنصب المسئولية، أي أنك في مقعد القيادة. تشعر بأنك مهمين على شئونك.

فكر في أهدافك

إحدى أكثر الوسائل فعالية لتتعافى من الإخفاق هي أن تضع الموقف السلبي في نظوره الصحيح. وتذكر أنه ما من فشل نهائي مطلقاً. فمعظم ما ترتكب من أخطاء هي صغائر بالنسبة للمخطط الهائل للأمور. وإذا أنعشت ذكرياتك، فغالباُ لن تستطيع حتى أن تتذكر ما الذي كنت قلقاً بشأنه منذ عام مضى، وبالأحرى منذ ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة أعوام.
إن طريقة الوصول إلى الإحساس بالسيطرة تتم عن طريق اكتساب إحساس واضح بالاتجاه، والحرص عليه فيما بعد. ويتأتى هذا الإحساس بالاتجاه من امتلاكك لأهداف واضحة ومحددة ومكتوبة، وإحدى أنجح الطرق للاحتفاظ بالحالة العقلية الإيجابية هي ببساطة أن تفكر في أهدافك. وحين يسوء أمر ما، فكر في أهدافك. وحسن تخسر إحدى الصفقات، أو حتى تفقد وظفتك، فكر في أهدافك. حين يتداعى استثمار ما، أو يسقط مشروع تجاري، فكر في أهدافك.
إن أهدافك بعيدة المدى هي أن تكون مستقلاُ مالياً، وأن تتمتع بصحة ممتازة، وأن تحظى بعلاقات رائعة، وأن تقدم عملاً يحدث فارقاُ في هذا العالم، وأهدف أخرى غيرها.
حينما تحتفظ بعقلك مصوباً تجاه تلك الأهداف. وتجاه ما تقوم به لتحقيق كل هدف منها، ستجد أنه من المستحيل تقريباً أن تشعر بالاستياء أو الغضب، من شأن التفكير في أهدافك أن يشحنك بالطاقة، ويجعلك شخصًا أكثر إيجابية وثقة بالنفس.

فكر من منظور الحلقات والاتجاهات

تخيل حياتك باعتبارها سلسة من الحلقات والاتجاهات. فكر من منظور التقلبات منتظمة الوتيرة بين الأعلى والأسفل. فكر بمنطق فصول الصيف، وفصول الشتاء، فصول الخريف وفصول الربيع. إذا كنت تكتسب هذا المنظور بعيد المدى،وترى ما يجري من أمور كجزء من مخطط كبير، فلن تقع في فخ تقلبات المدى القريب لسوء الحظ والتعثرات. وستصبح أكثر قدرة على الاستجابة بفعالية للمشكلات الصغيرة. ومشاق الحياة اليومية. يمكنك وضع الأمور في نصابها الصحيح.
إن المنحنى المتعرج، والذي له هيئة حرف ( S ) راقداً على جانبه، يفسر، الكثير حول الحياة الإنسانية. ففي المرحلة الأولى، تكافح وتجتهد لتصل لنتائج وتضع الأساسات. يصدق هذا على وظيفة من الوظائف، أو إحدى العلاقات، أو تأسيس مشروع تجاري جديد، أو تدشين خدمة جديدة، أو منتج جديد.
تأتي المرحلة الثانية بعد أن تكون قد تعلمت الدروس الحاسمة للمرحلة الأولى. هذه هي مرحلة النمو، حيث تحرز تقدماً كبيراُ، وتحقق نتائج فائقة. تتوسع أعمالك، ومنتجاتك وخدماتك كذلك، ينطلق مسارك المهنين وتصبح علاقات في أحسن حالاتها.
ثم تأتي المرحلة الثالثة، مرحلة الانحدار، والتي تتبع المرحلة الثانية بالضبط كما يتبع فصل الشتاء موسم الحصاد، وفي هذه المرحل يصير من الأصعب أن تحرز النتائج نفسها، وتحقق الازدهار كما في المرحلة الثانية. وصبح تحقيق المبيعات والأرباح أكثر مشقة. ولم تعد وظيفتك أو علاقتك مصدراً للمتعة. وشركتك تناضل لكي تستمر في الوجود.
في أي مرحلة اليوم أنت في كل من الجوانب المهمة لحياتك الشخصية والعملية ؟ ماذا يمكنك عمله لتدخل المرحلة الثانية، أو لتعود غليها؟ ما الحلقات والاتجاهات في كل من حياتك ومجال عملك؟

الإنكار لا يفيد !

تنبع مشكلات كثيرة في تعاملنا مع العقبات، والإحباطات من مقاومتنا وعنادنا للواقع. إننا نتورط في الإنكار. يمتلك الغضب منا، ونصر أن هذا لا ينبغي أن يحدث لنا، أو لا ينبغي له أن يحدث على الإطلاق. إننا نرفضه ونتمنى لو لم يكن قد جرى من الأصل.
والمسبب ذو النصيب الأعظم من ضغوطنا هو الإنكار والمقاومة. عندما تقول: " ما لا يمكن لنا علاجه يجب علينا تحمله " فإنك تخفض بهذا من انزعاجك. وتصير أكثر استرخاء. تنام للوراء وتتأمل الموقف كما لو أنه قد حدث لشخص آخر سواك، ونتيجة لهذا تتحلى بنظرة بناءة بشأن أفضل السبل لحل الموقف. فلا تسمح لنفسك بأن تتورط عاطفياً مع كل أمر صغير يحدث لك.
كتب " إبراهام لنكولن" : " يحقق أغلب الناس سعادتهم بالقدر الذي يوهمون به عقولهم أنهم سعداء". ويقول في كتاب " Course in Mirades " في الجزء الخاص بأسس السكينة الداخلية للنفس : " إنك أنت من يضفي المعنى على كل ما تراه" . فبدون المعنى أو العاطفة التي ترفقها بأحد الأحداث أو الظروف فلن يكون له أي مغزى عاطفي بالنسبة لك. ويمكنك أن تغير المعنى إذا ما تحكمت بتفكيرك. بل إنه يمكنك إقصاء أثره السلبي عليك إقصاء تامًا عند رفضك أن تتورط عاطفياً في عقلية المدى القريب. فالأمر منوط بك.

عامل اتخاذ القرار

إن مقدرتك على التعامل مع الفشل بطريقة إيجابية وبناءة سوف تقدم الكثير لتتيح لك فرصة النجاح، وسوف تقدم للآخرين الكثير عنك، وعن شخصيتك أكثر من أي عامر آخر. وهذه القدرة مكتسبة، ويمكن إتقانها بالممارسة. لا مناص أن الرجال والنساء المتسمين بالكفاءة هو أولئك الذين اكتسبوا القدرة على تقديم استجابة بناءة للأزمات صغيرها وكبيرها مما يقع على غير رغبتنا ودون توقع منا، ولا يمكن تجنبه أبداً ينبغي أن تقوم بالأمر نفسه.
فلتقرر مسبقاً أنه، وبصرف النظر عما يحدث، ما من شيء سيوقفك على الإطلاق. فلتقرر مسبقاً أنه، على الرغم من أنك ستتعرض لتقلبات لا حصر لها على مدار حياتك، ستبقى مثابرتك إلى أن تحقق أهدافك. وإذ تتخذ هذا القرار مسبقاً تكون مستعداً. عندما تنشغل بالتهيئة، والاستعداد العقلي ستكون حركة استجابتك أسرع عندما تلوح لك المشكلات المحتومة، وستكون مستعداُ للتعافي والنهوض بدلاُ من الانكسار. أي أنك ستصبح حقاً وصدقاً مكتسحاً.

أنشطة عملية

1.   فلتقرر أنك ستنهض من كبوتك ولن تنكسر. افحص الآن أكبر إخفاقاتك في الحياة، وحدد كيف يمكن لك أن تتعلم منها وتنتفع بها.
2.   حدد أسوأ ثلاثة امور يمكن أن تحدث لك في الشهور القادمة. ما خطتك لتجنب آثارها السلبية المحتملة، أو لجعلها في الحدود الدنيا؟
3.   فلتختر الآن أضخم مشكلاتك، أو أهم بواعث قلقك، وحدد كيف يمكن لك أن تتعلم منها وتنضح نتيجة هذه الصعوبة. ما اهم الدروس التي تشتمل عليها ؟
4.   فلتمارس طريقة " إديسون " في حياتك. فلتتقبل هادئاً أن كل عقبة مؤقتة ما هي إلا وسيلة تحدد الطرق التي لم تفلح. وعلى هذا فهي نجاح في ذاتها.
5.   مهما كان ما يحدث، فكر في أهدافك، وما يمكن لك عمله في الوقت الراهن لتحقيقها. أنهمك في العمل.
6.   فلتقم بتحديد الاتجاهات في عملك التجاري. إلى أي اتجاه يمضي السوق؟ إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن، فما القرارات، أو التغيرات التي سيكون عليك اتخاذها؟
7.   فلتطرح سؤالين بشأن أحدث وأهم تجربة مررت بها: ما الصواب الذي قمت به ؟ ما الذي ستقوم به على نحو مختلف في المرة التالية ؟ قرر أن تتعلم كل درس ممكن من كل عائق أو صعوبة تواجهك.


عش حياة عظيمة

إن المقياس الحقيقي الوحيد للنجاح هو التناسب بين ما يمكن لنا أن نحققه، وما يمكن لنا أن نكونه من ناحية، وبين الأمور التي نحققها، وما نقدمه لنفوسنا من ناحية أخرى.
-         " إتش . جي . ويلز"
لعل قانون التطابق أهم القوانين المحددة لنجاحك أ إخفاقك في الحياة على الإطلاق. فكما عرضنا في المقال السابقة، يقول هذا القانون إن عالمك الخارجي ما هو إلا انعكاس لعالمك الداخلي، ويقول إنه أياً كانت الحالة التي تكون عليها من الداخل، سرعان ما سترى نتائجها في الخارج. وحين تغير تفكيرك فسوف تغير حياتك.
ينطبق هذا القانون على كل شيء تقوم به. فسوف يحدد عالمك الداخلي في المعرفة والاستعداد عالمك الخارجي في مستوى الدخل المادي والنجاح الوظيفي. وسوف يحدد عالمك الداخلي في تنمية الشخصية عالمك الخارجي من علاقات الصداقة وسائر العلاقات. وسوف يحدد موقفك الداخلي إزاء الصحة واللياقة حالة جسدك البدنية. كما ستحدد معتقداتك الداخلية وطموحاتك مواقف الخارجية، وسلوكياتك نحو الناس. وسوف يعكس عالمك الخارجي على الدوام عالمك الداخلي.

السعادة هي الهدف الأقصى

منذ أكثر من 3200 عام مضت، كتب أرسطو – ولعله أعظم الفلاسفة على الإطلاق – أن الهدف النهائي لكل فعل إنساني هو السعادة. وتوصل إلى أن أي شيء يقدم عليه المرء يهدف لتحقيق سعادة من نوع ما. ويوفق الإنسان في ذلك أحيانًا، ولا يوفق في أحيان أخرى، لكن تظل السعادة على الدوام هي غاية كل شخص.
وتوصل إلى أن كل عمل في حد ذاته ما هو إلا خطوة مؤقتة باتجاه السعادة. فعل سبيل المثال فإنك ترغب في الحصول على وظيفة جيدة. لماذا؟ حتى جني قدراً حسناُ من المال. لماذا ؟ لكي تحصل على منزل مزود بكل وسائل الراحة وسيارة لطيفة. لماذا؟ لكي يمكنك التمتع بعلاقة طيبة وأسرة لطيفة. لماذا؟ حتى تستطيع أن تحظى بحياة أسرية مشبعة. لماذا؟ الإجابة الأخيرة والهدف الأقصى، هو لك تحظى بالسعادة. فكل ما تقوم به أنت، ويقوم به أي شخص آخر يستهدف السعادة، ناهيك عن تعريفك لها ، وعن توفيقك في بلوغها.

الدور الذي يلعبه الخير

إن إحدى أعظم أفكار " ارسطو" حول موضوع السعادة كان استنتاجه القائل: " لن يحظى بالسعادة إلا الخيرون من الناس، ولا يكون المرء خيراُ إلا بتحليه بالفضيلة".
هذه واحدة من أهم التأملات في تاريخ الفكر والخبرة الإنسانية. " لن يحظى بالسعادة إلا الخيرون من الناس، ولا يكون المرء خيراُ إلا بتحليه بالفضيلة".
وما تبينته خلال أعوام عديدة لأبحاثي في الفلسفة وعلم النفس أن الأشخاص الخيرين فقط، والخيرين بشكل حقيقي داخلياُ يمكنهم أن يكونوا سعداء لأي فترة من الوقت. وفي أعوام دارستي للسمات الأساسية الخاصة بالثقة بالنفس، رأيت أن الرجال والنساء ممن يتحلون بقيم إيجابية واضحة بمقدروهم اكتساب نمط لا يهتز من الثقة بالنفس مما يتيح لهم التعامل لفعالية مع أي شيء يحدث لهم.
وأسرع طريق لكي تنمي، أو لكي تستعيد ثقتك بنفسك أن تصير واضحاً وضوحاً مطلقاً بشأن أعمق القيم والقناعات الخاصة بك، ثم اشرع في العيش تبعاُ لها. تكاد تكون العودة للقيم حلاُ لكل المشكلات الإنسانية. وبطرق عدة، فإن مرجع ما ينتابك من بؤس وضغوط هو انحرافك عن الأفعال والأقوال التي تعرف أنها الصواب.

النزاهة أمر ضروري

الصفة الأهم للنجاح هي صفة النزاهة. وقد أصر " أرسطو " أن الحياة المبنية على دائم القيم مثل النزاهة، والأمانة، والشجاعة، والسخاء، والمثابرة، والإخلاص هي وحدها الحياة التي تقود المرء إلى السعادة، والرضا الشخصي.
وقد اعتدت أن أرى النزاهة على أنها القيمة الوحيدة التي تتضمن سائر القيم الأخرى، أي أن تساويها جميعها بمفردها. إلى أن جاء ذات يوم رجل حكيم وثري، وأوضح لي أن النزهة ه حقاُ القيمة التي تكفل القيم الأخرى جميعا. فالنزاهة هي القيمة الأساسية التي تقوم عليها سائر القيم. فإن التحلي بنزاهة حقيقية يعني أن تعيش دائماً وأبداً وفقاُ لقيمك. ,إذا افتقرت إلى النزاهة، سوف تتنازل عن القيم الأخرى لدى أهون إغراء.

احرص على توضيح قيمك

في جلستنا للتخطيط الاستراتيجي. سواء بالنسبة للشركات أو للأفراد، نبدأ بأن نطلب من الأشخاص وضع تعريف واضح لقيمهم. يجب أن تفعل الأمر نفسه في تخطيطك الاستراتيجي الشخصي. ما قيمك؟ ما الذي تؤمن به؟ ما الذي تدافع عنه؟ ما الذي لن تدافع عنه ؟
إن قدرتك على أن تحدد قيمك تحديداُ واضحاً هي نقطة الانطلاق لكي تنمي نمط الشخصية التي تجذب إليك الأشخاص للارتباط بك، والتي ستقودك للتمتع بحياة طيبة بلا شك. حينما تكون ذا شخصية نبيلة ورائعة، تنهض على أساس من قيم راسخة ومؤكدة، ستكون شخصاُ جيداُ بشكل حقيقي. ونتيجة لهذا ستكون سعيداُ من الداخل، بصرف النظر عما يجري من حولك.

قم بتنظيم قيمك

ما إن تنتهي من تحديد قيمك، ينبغي عليك أن تنظمها تبعاً للأولوية. وكبداية، ستكون بحاجة فقط إلى ثلاث أو خمس قيم أساسية لتجعل منها حجر الأساس لشخصيتك ونفسك. إنها تلك القيم التي تعتبر أكثر أهمية من سواها بالنسبة لشخصيتك. إن الترتيب الذي تنظم به قيمك له أهمية هائلة كذلك. فمن شأن هذا التصنيف للقيم أن يحدد بدرجة كبيرة أي طراز من الأشخاص أنت، وأي نوع من الحياة تعيش.
إن كل ما تقوم به هو نتيجة اختيار. فعلى الدوام تقوم باختيارات من صنف أو آخر، أن تقوم بشيء ما، أو أن تقوم بشيء آخر. فالمقدرة على تحديد الاختيارات هي ما يميزك كإنسان عن جميع المخلوقات الأخرى. وستعتمد كل اختيار تحدده على القيم الإنسانية لديك في هذا الوقت. وكل تعمل تقدم عليه يقوم على ما تعتبره القيمة الأهم بالنسبة لك لحظة الاختيار.

تصرف بناءً على قيمك

عندما تحدد خياراً، فإن قيمك الأعلى ترتيباُ يكون لها السبق عن قيمك الأدنى ترتيباُ. فكل فعل تقدم عليه، وكل اختيار تقوم به، يعتمد على قيمك المهيمنة في هذا الوقت. لا يمكنك أن تقوم بأكثر من فعل واحد في الوقت الواحد، ويكون عليك دائماً أن تختار ماذا سيكون هذا الفعل. دائماً تختار ما الأمر الأسمن قيمة بالنسبة لك في لحظة بعينها.
كيف يمكن لك أن تعبر عن قيمك؟ الأمر بسيط. التعبير الوحيد والدائم عن قيمك يتمثل في أفعالك. إن ما تقوم به وليس ما تقوله هو ما يوضح لك، وللآخرين، أهم قيمك. وعلى وجه الخصوص، فإن ما تقوم به تحت وطأة الضغط، عندما يتوجب عليك أن تختار، فهذا ما يكشف عن قيمك الحقة، ومعتقداتك بشأن نفسك، وبشأن العالم المحيط بك.

عامل تحديد الشخصية

كل من اختيارك لقيمك وترتيبها أمران حاسمان في تحديد شخصيتك وحياتك. وإليك مثالاً على هذا. تخيل أن شخصين أجرى كل منهما تمرين تحديد القيم، واستقرا على ثلاث قيم هي نفسها، ولكن الترتيب هو المختلف.
قرر الشخص الأول أن قيمة الثلاث، وبترتيب الأهمية، أولاُ: الأسرة، ثانياُ: الصحة، ثالثاً: النجاح المهني. يقول هذا الشخص إنه يقدم أسرته على صحته ومهنته. ويقدم صحته على مهنته. مما يعني أنه إذا كان عليك أن يختار ما بين الأسرة والمهنة، ستأتي الأسرة أولاً. وإذا كان عليه أن يختار ما بين الصحة والمهنة، فإن الصحة تأتي أولاً.
كان لدى الشخص الثاني القيم الثلاث نفسها، فيما عدا أن قيمة ذات ترتيب مختلف اختلافاً هيناً. فقيمته الأولى هي نجاحه المهني، وقيمته الثانية هي الأسرة، والثالثة هي الصحة.
مما يعني أن هذا الشخص الثاني سوف يقدم مهنته على أسرته إذا اضطر أن يختار. سوف يقدم مهنته وأسرته على صحته إذا اضطر أن يختار.

السؤال الكبير

إليك بعض الأسئلة المطروحة عليك ها هنا. هل سيكون ثمة اختلاف ما بين الشخص الأول والشخص الثاني؟ هل سيكون اختلاف طفيف أم اختلاف كبير؟ هل تود أن تصادق الشخص الأول أم الثاني؟ هل يمكنك أن تميز الشخص الأول عن الشخص الثاني إذا مال التقين بهما في مناسبة اجتماعية، أو في إطار العمل؟
والجواب هو أن الشخص الثاني، والذي اختار النجاح المهني كقيمة أولى له، سوف يكون شخصاً مختلفاً كلية عن الشخص الأول، الذي يقرر أن أسرته هي أهم شيء بالنسبة له. إن ترتيب الأسرة ثم الصحة، ثم المهنة لهو نظام من القيم يثري الحياة ويدعنها. والشخص الذي يعيش حياته بالتوافق مع تلك القيم سيكون شخصاً أسعد كثيراُ من الشخص الذي يضع مهنته قبل أسرته، وعلى وجه الخصوص قبل صحته. لهذا يتوجب أن تختار كلاً من قيمك، والترتيب الخاص بها بحرص وعناية. إن قيمك وترتيبها يحدان حياتك بكاملها.

النزاهة طريقة للحياة

ما إن تحدد قيمك، يمكن قياس مستوى نزاهتك بمقدار التزامك بها. ليست القيمة شيئاُ يمكن المساومة عليه حيت تكون بالمتناول. فإما أن تكون لديك أو لا تكون لديك. إن اختيارك للقيم وقرارك بأن تعيش وفقاُ لها يشكل شخصيتك وطبيعتك.
فعلى مدار التاريخ، كان العظام من الرجال والنساء هم أولئك الذين يتحلون بشخصية قوية. كانوا أناساً يعيشون على أساس من قيم نبيلة وسامية. وكانوا موضع احترام وتقدير نظراُ للقيم التي يدافعون عنها ويمثلونها.
وإحدى أضخم مشكلات مجتمعنا اليوم هي ظاهرة " القيمة المؤقتة" أو " الأخلاق المؤقتة". وتلك ثمرة قيام الأشخاص بتبديل أفكارهم حول الصواب والخطأ وفقاُ للموقف المؤقت، أو غالباُ نتيجة لإغراء اللحظة. الأمر الأسوأ من هذا حين يسخرون من أنفسهم، ويصدقون أنهم أشخاص ذوو شخصية بينما هم حقاً ليسوا أكثر من أشخاص ذوي أغراض حقيرة.

ماذا تفعل تحت وطأة الضغط ؟

تتبدى ظاهرة القيم المؤقتة حينما يقول الناس إنهم يؤمنون بشيء ما، لكنهم يفعلون شيئاً آخر. يقولون إنهم يؤمنون بالصدق والصراحة، لكنهم يكذبون عندئذ إذا تيسر لهم، أو أنهم يبررون أكاذيب الآخرين. يعرف المرء بما يفعل وليس بما يقوله.
بعض الأشخاص يتشوشون بسبب عواطفهم. ويعتقدون أنه ما دامت نواياهم طيبة ومخلصة، فلا تثريب على أفعالهم. يعتقدون أنهم إذا تمنوا شيئاً ما، فهو كالقيام به سواء بسواء. لكن ما يعرب عن حقيقة شخصيتك داخلياُ، هو فقط ما تقدم عليه حين تضر للاختيار، وخصوصا تحت وطأة الضغط.
لأمر لا غنى عنه من أجل نجاحك وسعادتك أن تكون أميناُ دون أي مجال للتهاون مع كل شخص تعرفه وتتعامل معه، سواء في حياتك الشخصية، أو في مسارك المهني. ما من شيء سوف يكسبك مساندة الآخرين على نحو أسرع من اكتسابك لسمعة المرء ذي الشخصية والنزاهة. وفي الآن نفسه، فما من شيء سوف يدمر سمعتك، ويعوق تقدمك المهني أسرع من اكتسابك لسمعة المرء الذي لا يعتمد عليه، ولا يثق فيه الآخرون.

كن صادقاً مع نفسك

المقصود بالأمانة أن تكون على الدوام صادقاً مع كل جانب بداخلك. وكما يقول : بولينيوس" في مسرحية هاملت لشكسبير: " إذا ما تحرى المرء الصدق مع نفسه كل ليلة وكل نهار فلن يصبح بوسعه بعدها أن يكذب على أي إنسان أو يخدعه".
وأن تكون صادقاً مع نفسك هي نقطة الانطلاق لتنمية شخصية ذات شأن. ويبدأ هذا بأن تعيش في الحقيقة دائماً مع نفسك. ألا تضلل نفسك، أو تتلاعب بعقلك. ألا تحاول أن تصدق أشياء مستحيلة استحالة تامة؟ كأن تتمنى وتدعو أن تنفرج الأمور دون أن تحرك ساكناً. فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ويجب أن تتعامل مع العالم كما هو، لا كما تتمنى أن يكون.

ابذل قصارى جهدك على الدوام

كل عمل يحمل توقيع الشخص الذي قام به. أن تكون صادقاً مع نفسك فإن هذا يعني ان تبذل دائماً قصارى جهدك في أي عمل تقوم به أو مسئولية تضطلع بها. إن النزاهة والأمانة بداخلك يتم التعبير عنهما في صورة جودة وامتياز عمل في الخارج. يمكن لك أن تدرك المعدن الذي صنعت منه من الداخل عن طريق مقدار الوقت، والانتباه الذين توليهما في أفضل حالات عملك لكل ما يعطي إليك للقيام به. فلا تقبل الاضطلاع بأي مهمة إذا لم تكن مستعداُ لأدائها على النحو الأمثل.
وتعني النزاهة أن تكون صريحاُ على الدوام، ومستقيماُ، ومخلصاً مع كل شخص في حياتك. فكما أنك صادق مع نفسك بالضبط، تكون صادقاً مع الآخرين كذلك. وسوف تعيش في رحاب الصدق مع الآخرين، سواء بالمنزل أو بالعمل.
إذا سأت الناس ما إذا كانوا يتصفون بالأمانة، فالجميع تقريباً سيقولون إنهم كذلك. فأغلب الناس لا يكذبون، ولا يغشون، ولا يسرقون، ولا ينخرطون في معاملات مشبوهة من أي نوع. ولكن الأمانة الحقة تقتضي أن تكون أميناً مع كل شخص في حياتك. فلا يعني هذا ألا تكذب مطلقاً، بل ألا تعيش كذبة. ألا تلبث مطلقاً في موقف خاطئ، أو في ظروف يقلل من شأن نزاهتك، أو يجعلك تعيساً. ألا تساوم أبداُ بشأن نزاهتك بان تعرض على شفتك، وترفض أن تقول ما تعتقده صحيحاً كل الصحة.

هدفك الأسمى

إحدى العلامات التي تميز الشخص الصادق حقاً هي أنه يعتبر سكينة النفس هدفه الأسمى. فما إن تحدد سكينة وسلام النفس كهدف أول في حياتك، فإنك تنظم سائر أهدافك ونشاطاتك الأخرى وفقاُ لهذا. وأن يكون المرء أميناً حقاً معناه أن يرفض المساومة على سكينة نفسه من أجل أي سيئ أو اي شخص. أي ألا تقول أو تفعل إلا ما تشعر أنه صواب في كل موقف.
إن الأمانة والنزاهة تعنيان أن تنصت لنفسك، ثم تثق في صوتك الداخلي. تستمع إلى حدسك، وتدعه يرشدك كي تفعل الصواب، وتقول الحق في الوقت المناسب. وحينما تشعر بالانزعاج أو الحزن، اجلس بسرعة بمفردك في عزلة، وانتظر وأنصت للإرشاد الذي دائماً ما يأتي إليك.

نزاهة عقلك

في مقالته " Self Reliance " كتب " رالف والدو إيمرسون " قائلاً: " فلتحرس نزاهتك كشيء مقدس ". واستطرد قائلاً: " ما من شيء مقدس في نهاية الأمر بقدر نزاهة عقلك".
المصداقية هي المطلب الذي لا بديل عنه من أجل اكتساب الشخصية. واكتساب الشخصية بدوره ينبغي أن يكون الهدف الجوهري لحياتك. قال " ارسطو" : إن هدف التعليم هو تنمية شخصية الشباب والصغار". ونحن اليوم في الولايات المتحدة نرى الكثير من الشباب لم يكتسبوا إحساساً واضحاً بشأن الخطأ والصواب من خلال التربية. فكثير من الناس تعلموا أن القيم أمر نسبي. فعلى سبيل المثال هناك الكثيرون ممن يعتقدون أنهم إذا كانوا يميلون لاختلاس السلع من المتاجر الكبرى فلا بأس تماما كما يؤمن شخص آخر بأن هذا أمر خطأ.
يؤدي هذا الضرب من نسبية القيم إلى ضلال الطريق. فهو يؤدي للإخفاق، والإحباط، البؤس. لكن الحقيقة أ، القيم ليست أمراُ نسبياُ. فثمة قيم تدعم الحياة، وثم قيم تدمر الحياة. فإذا كانت إحدى القيم إيجابية، يكون العيس وفقاُ لها يحسن جودة حياتك، وعلاقاتك بالآخرين. أما القيم السلبية فهي تفسد علاقاتك وتنتقص م جودة حياتك. يمكن لك ببساطة أن تبين الاختلاف، لأن العيش وفقاُ لقيمة إيجابية يشعرك بالسعادة، وممارسة القيمة السلبية يشعرك بالبؤس.

واجه الحقيقة

العيش في الحقيقة يعني أن تواجه حقيقة نفسك، والعالم المحيط بك. أن تواجه الحقيقة فيا يخص عملك وعلاقاك. تنظر نحو ذاتك بشكل مباشر، وتحيا وفقاُ لمعتقداتك الداخلية العميقة. لا تخدع نفسك، أو تكتف بالتمني أن تتغير الأمو عما هي عليه الآن.
النزاهة معناها أن تتقبل الفكرة القائلة بأن عالمك لن يتحسن ما لم تتحسن أنت. لن يقترب منك أي مخلوق ليغير الأمور من أجلك. إذا أردت أن تتغير الأمور سيكون عليك أن تجري هذه التغيرات لنفسك.
النزاهة تعني أن تتقبل أن زيجتك لم يتحسن حالها ما لم تصير زوجاً أو زوجة أحسن. وأن مشروعك التجاري لن يتحسن حاله ما لم تصبح مديراُ أو تنفيذياً أفضل. وأن نتائج مبيعاتك وعملائك لن تتحسن ما لم تصبح مندوب مبيعات أفضل. وأن حياتك المالية لن تتحين ما لم تصبح أذكى وأكثر انضباطاً فيما يخص المال.

تقبل الناس كما هم

وبشكل خاص، تعني الأمانة أن تتقبل الناس على ما هم عليه، وألا تسعى وتطلب أن يكونوا على النحو الذي يروق لك. فلا تمض في الحياة متمنياُ، وآملاُ، وتوقعاً أن الناس سيتغيرون ويتبدلون بحيث يتوافقون معك. إن أحد المبادئ الأساسية للحياة الإنسانية أن الناس لا يتغيرون فيما عدا استثناءات قليلة جداُ.
وتحت وطأة الضغوط، ففي الحقيقة أن الأمر لا يقتصر على أن الناس لا يتغيرون وحسب، بل أيضاً يصبحون ما هم عليه بالداخل فعليا بدرجة أعلى و أعلى. فإذا كانت لأحدهم شخصية صعبة فسوف يكون تحت وطأة الضغوط أكثر صعوبة. وإذا كان أحدهم عنيداُ أو مرناً، عندما يتعرض للضغوط سيصير إما أكثر عناداً، أو أكثر مرونة. وإذا كان أحدهم غير مخلص بدرجة طفيفة، حين يكون عرضة للضغوط، أو الإغراء، سيصير غير مخلص بدجة تامة. فالناس لا يتغيرون.

Post a Comment

Previous Post Next Post