القيود والمعوقات Limitations  / (التفكير العملي)
يمتاز كل من الصواب العاطفي ( R-1 ) والصواب المنطقي ( R-2 ) بأنهما على صواب حقيقي, ويكون الصواب عاطفياً عندما يطابق خط التفكير مشاعر المرء حول موضوع ما .
ويتشكل الصواب المنطقي عندما تتطابق الأفكار مع بعضها بصورة مناسبة , ولكن الصواب الفريد ( R-3 ) ليس مصداقية ، بل له فائدة عملية كبرى .
وعلى المرء استخدام التفسير الذي لا يستطيع الشخص البقاء في تردد واضطراب معرفتي أن هناك تفسيرات أفضل غير معروفة حتى الآن ولم يتم تخيلها .
أما في ما يتعلق بأنواع الصواب الأخرى فهناك معوقات وهي :
1-      التفسير الأولي الناجم عن نقص أفضل يتحول بسرعة إلى يقين أو تفسير مجزوم فيه من غير دليل . ويبدو أن هذا اليقين يرتكز على أمر ملموس أكثر من مجرد نقص الخيال .
ومن المرجح حدوث ذلك عند انتقال الفكرة من صاحبها الأول إلى عقول أخرى حيث تصبح الفكرة أقل تردداً كلما انتقلت من عقل لآخر .
2-      لما كان هناك اعتقاد لدى الشخص بأنه على صواب إذا كان لديه تفسير فريد ، فربما يحاول دحض التفسيرات الأخرى البديلة كي يقوي شعور بالصواب .
وينتج هذا التفرد ليس بسبب نقص الخيال بل بدحض البدائل .
ويحدث هذا الدحض حتى حين يطابق البرهان الضئيل المتاح جميع التفسيرات تماماً بالتساوي .
3-      إن الشعور بوجود تفسير صائب واحد فقط يقود إلى رفض التفسيرات البديلة الأخرى التي هي مجرد طرق أخرى للنظر إلى الشيء ذاته .
ويشبه ذلك حال الرجل الذي يعتقد أن المنظر الوحيد الممكن لمنزل هو من واجهته فقط .
ص – 4 الصواب التمييزي Recognition rightness  / 157
ترتفع درجة حرارة الطفل ويكون أنفه كثير الرشح ويشعر بالمرض وسرعة الغضب والانفعال .
ثم يظهر طفح جلدي . تتصل بالطبيب الذي يلقي نظرة واحدة على الطفل ثم تشخيص المرض بالحصبة .
يشخص الطبيب الحصبة لأنه متأكد من مقدرته على تمييز الموقف .
وتشخيصه يرتكز على شعوره " بالصواب التمييزي " حيث ينظر إلى الأعراض المختلفة والعلامات ويجد أنها تدل على الحصبة . ولذلك يشعر أنه على صواب عند قيامه بالتشخيص .
والإسم " حصبة " يعني ببساطة أن الصورة التي أمامه مألوفة لديه لدرجة أنه يطلق عليها إسماً . لذلك حالما يرى الطبيب حالة الحصبة يميزها بإطلاق عليها إسماً " حصبة " وبعدها يعرف ماذا سيحدث ( مضاعفات محتلمة ، أو شفاء من المرض ... الخ ) كما يعرف نوع العلاج .
ويعني التشخيص مجموعة خصائص ( طفح ، درجة الحرارة ، رشح الأنف ، اختلاط بحالات أخرى ) . تفتح بابا يسمى حصبة . وكمفتاح الباب الأمامي له نموذج خاص من المسننات ، وعندما يوضع في قفل فيه مسننات مشابهة يفتح الباب . " وكأن الباب " ميز " المفتاح ، فهو المفتاح الصحيح : أي أن هناك عملية صواب تمييزي .
ومن أجل أن يتحقق الصواب التمييزي يتوجب وجود قفل يناسب المفتاح .
أي أن الصورة ذهنية للحصبة تشكلت داخل عقل الطبيب مسبقاً . وقد حصل عليها من خلال الكتب الطبية التي قراها ، ومن الحالات الواقعية التي شاهدها وهو طالب يدرس الطب وعرضها عليه الدكتور المشرف .
وكذلك من الخبرة الكافية . بادئ ذي بدء يقوم الطبيب حديث العهد بالعمل باستعراض قائمة طويلة من الأمراض والأعراض قبل توصله آلة معرفة وتمييز الحصبة : يفحص الطفح الجلدي ، رشح الأنف ، احمرار العينين ، مخالطة مصابين آخرين ، .. الخ .
وإذا لم يتأكد ، فقد يقوم بإجراء فحوصات مخبرية للأم . وبذلك فهو يحاول طوال الوقت مطابقة الصورة الذهنية لحصبة مع الصورة المتمثلة أمامه في المريض . وفي الوقت الذي يتوصل فيه للتوافق يكون سعيداً بأنه توصل إلى " الصواب التمييزي " .
في دروس علم النبات ، يمضي الطالب ساعات طويلة في تصنيف الزهور البرية والنباتات الأخرى . بعد الأوراق والتبلات ويتفحص شكل السداة staman ( العضو الذكري في الزهرة ) وأخيرا تشكل مجموعة هذه الخصائص إسماً لاتينياً يطلق عليه الطالب فجأة وتغمره سعادة الصواب التمييزي .
في علم النبات تنصت جهود الطالب أو الباحث على معرفة وتصنيف الأشياء .
وفي الحياة الواقعية تعتبر المعرفة نقطة البداية ، لأن الغرض من التشخيص هو تمكين الباحث أو المرء من معرفة ماذا يفعل بعد ذلك .
والصواب التمييزي هام للغاية لأنه أساس الأعمال .
وحالما يميز المرء أي موقف يصبح بمقدوره اتخاذ العلم اللازم ، تماما كما يقوم الطبيب بوصف الدواء عند تشخيصه للمرض .
وإذا تعذر عليك تشخيص ومعرفة الموقف ، فإنه يتوجب عليك محاولة فهمه .
ويعني ذلك النظر بطرق مختلفة أو بتقسيمه إلى أجزاء حتى تصل إلى نقطة تمكنك من معرفته . فالفهم ببساطة هو البحث عن الصواب التمييزي .
التمييز المباشر Immediate recognition  / 159[الفهم السريع] (التفكير العملي)
يميز الطبيب المبتدئ الحصبة بوضع علامات على كل غرض من الأغراض مثل طالبة علم النبات التي تضع إشارات على خصائص نبتة تحاول تسميتها .
ولكن الطبيب المتمرس ينظر نظرة واحدة ويعلن أنها حصبة بطريقة قاطعة ومتعالية وكأنه يقول إن أي معتوه بمقدوره تمييز هذا المرض دون الرجوع إليه وإزعاجه .
إنك تعرف وجه صديقك حالاً دون الحاجة إلى تسجيل صفاته .
ولكن إذا أردت من أحد أن يقبل صديقك في المطار فإنك تقوم بكتابة أوصافه كاملة : شعره مرتد إلى الوراء  ، وانفه قصير وثخين  عيونه زرقاء ثاقبة  وحادة ... الخ .
التمييز التدريجي Worked – up recognition  / 160[الفهم على مراحل] (التفكير العملي)
عندما يتعذر التمييز المباشر ، يلجأ المرء إلى التوصل إليه بالتدريج والجهد المتواصل .
فإذا لم تتمكن من معرفة الآلية التي سببت سقوط الاسطوانة فربما تريد أن تمسكها ، وتهزها ، وتستمع إليها وتحاول تفكيكها ... الخ ، محاولا جهدك معرفة مميزات أو خصائص تساعدك في تمييزها .
وتعتبر الفحوصات الطبية والتجارب العلمية محاولات لتوليد خصائص أكثر من أجل اقتراح فكرة أو تأكيدها ، أو اختيار فكرة من مجموعة أفكار أو استثنائها .
وفي نهاية جهودك في البحث عن التمييز للأشياء التي تصل إلى فكرة مطابقة . لكافة الخصائص التي توصلت إليها .
ولكن لا يبرهن ذلك على صحة فكرتك .
بل يدل على أنك توصلت إلى مجموعة خصائص يطلق عليها إسم ، وتريد أنت استخدام هذا الإسم والعمل الذي يتوافق .
ولا يستثنى ذلك قيام شخص آخر بانتقاء خصائص مختلفة والتوصل إلى النتيجة المختلفة كما يقوم الطبيب الآخر بتشخيص الحصبة بمرض آخر هو الحمى القرمزية ( Scarlet fever ) .
مقدار كاف Enough  / 161(التفكير العملي)
يقصد بالصواب التمييزي أنك توصلت الى خصائص متطابقة كثيرة تشعر معها بأن تشخيصك صائب .
وربما تريد وتتخذ أن تتصرف وتتخذ قراراًَ أو تقوم بعمل بناء على هذا التشخيص أو ( مثل السياسي ) تريد أن تقنع الآخرين بصواب تشخيصك.
فإذا أردت إقناع الآخرين فإنك تقوم بتسجيل كافة صفات وسمات الموقف الذي تريد عرضه والتي توافق تشخيصك .
فعلى سبيل المثال ، إذا أردت أن تبين أن نظاماً ما " دكتاتوري• totalitrain " ، فقد تقوم بتدوين قائمة كما يلي : نقص تصريح لرجال الشرطة بالتحرك ، ... الخ .
قد تكون بعض السمات تشكل جزءاً من تعريف التشخيص ( مثل حبات الفراولة داخل كعكة الفراولة ) بينما قد تكون السمات الأخرى مقبولة كمؤشرات على الحالة السائدة , وهكذا فإن عزل فيروس الحصبة يكون تعريفاً للحصبة ، ولكن حدوث طفح جلدي خفيف ورشح في الأنف يكون دليلاً ثانوياً ومتعلقاً بالظروف circumstantial .
إذا قمت بالفعل بإعداد قائمة بالسمات التي تشكل جزءاً من التعريف ، فإنك ستتأكد بأن تعريفك كان صائباً .
ولكن من الناحية العملية يقوم الفرد بمطابقة السمات كي يشعر بأن تمييزه كان صائباً – وهذا هو صواب التمييز .
ولهذا السبب ربما تشعر بأنك توصلت إلى صواب التمييز ولكنك قد تكون وقعت في خطأ رقم (3) وهو خطأ سوء المطابقة الذي سبق شرحه . (التفكير العملي)
القيود Limitation  / 162(التفكير العملي)
هناك عدة تدرجات للصواب التمييزي ؛ فقد تكون متأكد من التشخيص ، أو متأكد جداً ، واثقاً ثقة لا ريب فيها .
وربما تشعر أنك متيقن في بعض الموقف ، ولكن في مواقف أخرى تقوم بالتخمين فقط.
ويعتبر الصواب التمييزي أمرا عملية للغاية . فقد يلزم قيامك بعمل ما دون الحاجة منك لاختيار كافة السمات والمواقف التي ترغب في اختبارها لعدم حصولك عليها أو لأن الموقف يتطلب اتخاذ إجراء سريع ( مثل حالة مقل دم في ساحة المعركة ) .
فهناك العديد من المعوقات التي تواجه الصواب التمييزي .
1-      يرتبط الشعور بالصواب أو اليقين ارتباطاً عكسياً مع دقة التمييز .
إن الشخص الذي يشعر بالثقة لا يهتم بجمع المزيد من السمات والصور ولذلك فإنه يقع في الخطأ , ومن ناحية اخرى ترى الشخص المتردد ، يستمر ف يجمع الحقائق والسمات وبذلك يصل إلى درجة تطابق أفضل .
2-      حتى لو كان الصواب التمييزي لديك مبنياً على اختبار العديد من السمات ، فإنك لن تعرف إذا اختبرت المزيد منها ، لن تغير تشخيصك للتوقف كلياً .
3-      قد تلاحظ السمات التي تجعلك قادراً على تشخيص محدد لموقف ما ، لكن قد يستطيع شخص آخر أن ينتقي سمات أخرى من نفس الموقف وتقوده إلى تشخيص مختلف .
فعلى سبيل المثال ، فإن ما تطلق عليه نظاما فاشياً ، قد يسميه آخر نظاماً ديمقراطياً .
ويتفاقم الخطر عندما تتاح لك الفرصة لاختبار الموقف بنفسك ويعقل منفتح للأفكار الجديدة .
ويزداد الأمر سوءاً إذا بدأت بتشخيص ترغب في استخدامه ، فمن غير الممكن تقريباً التوصل إلى تشخيص ترغب في استخدامه ، فمن غير الممكن تقريباً التوصل إلى تشخيص دقيق إذا لم تستطع اختبار الموقف واكتفيت فقط بالسمات والصور التي تم جمعها لك بواسطة آخرين .. مثل الصحافي .
4-      يجب أن تكون الأسماء أو النماذج والأنماط معدة مسبقاً ، وخلافاً لذلك لن يكون هناك شيء قابلاً للتمييز .
فإذا كان لديك عدد محدود من حالات التشخيص ، يتم تمييز كل موقف على أنه احدها .
في الماضي ، كان مصطلح " الجذام Leprosy " يشمل عدة أمراض جلدية ، ولكن في وقتنا الحاضر تم تحديدها بأمراض مختلفة .
شبيه بذلك ، لو كان لديك تصنيفان فقط : حزب اليمين ( المحافظين ) وحزب اليسار ( المعارضة ) فإنك تميز أن الناس يندرجون تحتهما .
5-      يتوجب عليك التأكد من أن الإسم التشخيصي الذي تستخدمه يحمل نفس الدلالة والمعنى لدى الآخرين .
فمثلا ، يستخدم نبات الغار " Laurel " في الطبخ في الجزء الأعظم من القارة ، ولكنه في بريطانيا يعتبر ساماً جداً . ليس السبب هو الاختلاف في طريقة الهضم بل هناك ورقة نبات مختلفة تحمل نفس الإسم .
وبالمثل ، ما يسميه شخص مهتم بالسوق المالي ، " هبوطاً slump " ( استقرار ، يعقب ارتفاع أسعار ) ، قد يسميه مستثمر عادي ارتفاعاً أو تقديراً معقولاً لراس المال .
6-      من أجل التأكد من التشخيص الذي قمت به ، يتوجب عليك استثناء التشخيصات الأخرى القريبة منه .
هكذا عند تشخيص الحصبة يقوم الطبيب باستثناء الحصبة الألمانية ، الحمى القرمزية ، الطفح الجلدية الناجم عن الحساسية ، ... الخ .
ولكن إذا كنت لا تعرف مسبقاً عن هذه الأمراض أو الاحتمالات ( أو لم تستطع التفكير فيها في هذه اللحظة ) ، فستكون متاكداً كم تشخيص آخر قد يكون غير صائب فعلاً .
وهكذا يكون من الخطأ الفادح معالجة الحمى القرمزية ، التي تحتاج إلى نوع خاص من المضادات الحيوية على أساس أنها حصبة ( والحصبة لا تحتاج إلى مضادات حيوية ) . ويشبه هذا النوع من الخطر ذلك الذي يسببه الصواب الفريد .
7-      حتى لو كان الصواب التمييزي الذي توصلت إليه صحيحاً تماماً ، فإن ذلك يعني أن الموقف الذي تتعامل معه يطابق الصورة المألوفة التي لها تسمية داخل عقلك .
ولا يقوم الصواب التمييزي بإثبات أن الصورة الأساسية نفسها صواب .
وهكذا لو كانت لديك صور أساسية لـ : " الامبريالي  " و " الهبي  " و " الشيوعي  " ، " العقلاني  " فقد تستطيع أن تطبق هذه الشخصيات بسهولة ، ولكن هذا لا يثبت صحة فكرتك حول معاني هذه المصطلحات أو الإرشادات .
فإذا اخترت أن تسمي قارورة معجون الطماطم سلاحاً خطيراً ، فسوف تكون على صواب تمييزي كلما سميتها أي قارورة معجون طماطم بهذا الإسم .
وستكون أيضاً مصيباً عندما تذهب إلى مقهى وتجده ملئياً بالأسلحة الخطيرة ، ولكنك لن تكون قد برهنت على أن كل قارورة معجون طماطم سلاح خطير .
ـــــــــــــ  / 165
        عندما يطرح تفسير ما ، فهناك حاجة ملحة إلى تأكيد الصواب ذلك التفسير .
        كونك على صواب هو شعور إنك على صواب ، لأن المرء يقوم باتخاذ الإجراءات وفقاً لشعوره .
        في الصواب المنطقي ينتقل التركيز كلياً من طبيعة القطع إلى جودة التطابق .
        بإمكان الآية الصواب المنطقي تركيب أنظمة حصينة وغير مشكوك فيها سواء كانت على صواب أو خطأ .
        في العلم ، كما هو الحال خارج العلم ، يبرهن عدم القدرة على تقديم تفسير بديل على صواب التفسير المتاح .
        الأمر المروع والبغيض هو أنك لن تستطيع أن تدرك ما لا تدركه .
        يعتبر الصواب التمييزي في رعاية الأهمية لأنه أساس للأعمال كلها .

8
نظام نعم / لا   / 167
The Yes / No System
[نظام تفكير سهل وفعال]
مما لا شك فيه أن مصطلح " لا " يشكل أهم أداة في التفكير لدينا .
فكلمة " لا " أداة فعالة حقاً حيث يمكننا بواسطتها إثبات أن تنظيم بعض الأفكار الموضوعة معاً في العقل ، لا يمكن السماح به لأحد الأسباب الثلاثة الآتية :
1-      عدم تطابق الأفكار بصورة صحيحة .
2-      لا يدل تنظيم الأفكار على خبرة سابقة .
3-      عدم استحساننا هذه الأفكار .
بعد اتخاذ مثل ذلك القرار ، تكون الخطوة التالية إهمال تلك الأفكار .
وتعتبر " لا " أداة رفض فعالة .
وحالما يمتلك المرء أداة رفض فانه يمتلك تلقائياً أداة انتقاء لأن ما هو غير مرفوض يعتبر مقبولا .
وفي أي نظام لمعالجة المعلومات هناك متطلبان أساسيان :
أولهما : الانتقاء ،
والثاني : " التعبير " .
ولما كانت " لا " أداة تجريبية منطقية ، فلن تكون ذات جدوى ،
ولكنهما تستخدم في الحياة اليومية بطرقة عملية عندما ترتبط بالمحسومات .
1-      يرتبط استخدام " لا " مع الخوف . فعندما يخطئ طفل يتلقى صفعة عنيفة مع " لا " في آن واحد . وفي المدرسة إذا اخطأ الطالب يسمع " لا " وعدم رضا المدرس عنه . وهكذا تصبح " لا " رد فعل عاطفي بدلاً من أن تكون مؤشر حيادياً .
2-      وترتكز " لا " على رد فعل طبيعي بسبب عدم التطابق الذي يحدث عندما يختلف شيء عما نعرفه ، ويعتبر رد الفعل امراً حقيقياً ، ويشعر بعض الأشخاص بالغثيان والاشمئزاز عندما يرون ( ورقة لعب تحمل صورة قلب " eight of heart " الكوبة السوداء بدل الحمراء ) .
وتعتبر " لا " أداة تفكير فعالة تدخل في حياتنا اليومية لدرجة أنها أصبحت جزءاً طبيعياً في التفكير .
ومع ذلك فإنها تعتبر اصطناعية بل غريبة كوسيلة معلومات لجهاز بيولوجي . من الممكن إيجاد أنظمة للتفكير واللغة لها قاعدة تختلف عن ذلك . ولكن تم اختيار " لا " كما تم تطويرها لهذا الغرض .
وطرق الصواب الأربع المختلفة التي تطرقنا لها في الفصل السابق تعتبر مواقف لا تستطيع " لا " النيل منها :
فالصواب العاطفي ( R-1 ) يعني فكرة ما تقود إلى رد فعل عاطفي محدد يؤيد الفكرة – ولا يمكن إنكار تلك الحالة إذا كانت هي فعلا كذلك . فلا يمكنك القول لشخص إن منظر طفل جائع لا يزعجه حقاً إذا كان يزعجه .
ويعني الصواب المنطقي ( R-2 ) أن الأفكار متطابقة ومتسلسلة بطريقة لا يمكن إنكارها فإذا كانت جميع أنواع المحار " Shelfish " تسبب الحساسية ( الطفح الجلدي ) ، والقريدس " Prow " نوع من المحار فلا يمكنك إنكار أن القريديس سيسبب لك الحساسية . والصواب الفريد ( R-3 ) يعني أن الوحيد الذي يطابق الحقائق من المؤكد أنه صواب ، فمن المستحيل إنكار أن الشمس تدور حول الأرض ، إلا إذا قدمت فكرة بديلة تقول " ربما أن الأرض تدور حول الشمس " .
والصواب التمييزي ( R-4 ) يعني أنك عرفت موقفاً وأنك صائب في تمييزك حتى يتقدم شخص آخر ويبرهن بعض السمات لا تتطابق مع الموقف . باختصار إذا استطعت أن تمنع أحدا من استخدام كلمة " لا " في مهاجمته لتفكيرك ، فإنك من المؤكد ستكون على صواب .
القيود Limitation  / 169(التفكير العملي)[معوقات استخدام لا]
هناك فوائد جمة لنظام نعم / لا ( سهولة الاستخدام ، السرعة ، الحسم ، البناء التسلسلي ... الخ ) ، ولكن فيه مساوئ ومعوقات يتم التغاضي عنها احياناً .
1-      الحل الملائم يفي بالمراد Adequate is good enough  / 170(التفكير العملي)
عندما تضع حلاً لمشكلة وتكون الإجابة " لا " ، فإن ذلك يعني أن الحل لن يفي بالمراد .
بمعنى آخر تعني استمر في طرح الحلول حتى تصل إلى الحل الذي لن يواجه بـ " لا ".
وعندما تجيب عن سؤال وتكون الإجابة" لا " ، فإن ذلك يعني وجوب استمرارك في البحث عن إجابات أخرى.
ويشبه ذلك دخولك طريقاً خطأ ، فإنك ستجد " لا " في آخر الطريق تخبرك بالرجوع ومحاولة طريق آخر .
ولكن حالما تتوصل إلى حل أو إجابة لا تواجه بـ " لا " فإنما تتوقف عن المحاولة .
وعندما تتوصل إلى الإجابة الصائبة لا يمكن لأحد استخدام " لا " كوسيلة للحث على الاستمرار في التفكير .
وعلى الرغم من ذلك ، قد تكون هناك إجابات أفضل بكثير من " ملائم " أو " يفي بالغرض " إذا بحث المرء عنها . وتعتبر " عديمة الجدوى لحث المرء إلى ما وراء الإجابة الملائمة . (التفكير العملي)
2-      الإرشادات الدائمة Permanent labels  / 170(التفكير العملي)
تستخدم " لا " كأداة لمنع خط تفكير ما ، كي يحاول المرء استكشاف طرق أخرى بديلة .
وتستخدم " لا " أثناء التفكير .
ولكن كما يوصف مجرم لمرة واحدة بأنه مجرم حتى آخر حياته فإن الفكرة المرفوضة لكلمة " لا " تبقى مستحيلة باستمرار .
وحتى عندما تتبدل الأحوال وتصبح الفكرة المرفوضة سابقاً معقولة ، فإنه من الصعب إزالة إشارة " لا " والنظر إلى الفكرة ثانية .
لقد كانت فكرة الزجاج العائم مرفوضة في بداية هذا القرن ، ولم يكن ذلك معلوماً لعالم الأبحاث الذي أعاد النظر في الأمر وفكر ثانية ونجح في جعل الفكرة عملية لدرجة تبنيها كعملية أساسية لصنع الزجاج المفرغ من الهواء في جميع أنحاء العالم .
والأفكار تبنى على بعضها . وربما استمرار إشارة " لا " أن فكرة حالية تعتمد على رفض اصلي كان مبرراً في ذلك الوقت ولكنه لم يعد كذلك الآن . (التفكير العملي)
3-      الاستقطاب الحاد Sharp polarization  / 171(التفكير العملي)
يفرض نظام نعم / لا  حداً فاصلاً واضحاً بين ما هو مقبول وما هو مرفوض .
فهناك شيء صائب أو خاطئ فقط .
ومن الممكن حقاً إعداد مقياس متسلسل من الصواب المطلق كم جهة ، إلى الخطأ المطلق من الجهة الأخرى ،
فمثلاً صواب مطلق ، يطابق الحقائق أكثر من أي شيء آخر ، صواب كبير الاحتمال ، صواب محتمل ، صواب مشكوك فيه ، يبدو غير صائب ، يبدو خاطئاً ، خطأ من النظرة الأولى ، خطأ ، خطأ أكيد ، الق به خارجاً ، خطأ مطلق ،
ويمكن للمرء وضع درجات الصواب أو أخطاء أخرى على المقياس .
وتقوم اللغة بتوضيح هذا النوع من المقاييس . ولكن من الناحية العملية لا يستخدم إلا نادراً في التفكير الذي يفضل التعامل مع ابعد طرفين للمقياس : نعم مؤكدة . أو لا مؤكدة وهذا يتم بصورة طبيعية تماماً .
وعندما تتوفر إمكانية رفض شيء ما ، فلا حاجة إلى التفكير فيه وإضاعة الوقت بل تقذفه خارجاً .
وإذا كان مقبولاً ، فإنك تقوم بالعمل اللازم وتشعر بالثقة بأنك على صواب لأنك لا تستطيع اتخاذ نصف قرار أو القيام بنصف عمل .
يقوم صياد سمك بتصنيف صيده في سلتين . احدهما عليها علامة : " للبيع في السوق " بضع فيها أجود أنواع السمك ، وعلى الثانية علامة : " لقطط الحي " يضع فيها السمك التالف .
ولكن في النهاية يجد أن بعض السمك الجيد تم وضعه في سلة القطط وبعض الأسماك التالفة في سلة السوق .
فلو كان عند الصياد سلة ثالثة عليها علامة " مشكوك فيه " ، " للبيت " أو " لإعادة النظر " فإن مثل تلك السلة ستكون للسمك الوسط الذي ليس ممتازاً ولا ردئياً لدرجة الرفض الكامل .
ومن الناحية النظرية توجد لدينا تلك السلات الوسط ( مفردات مثل : " ربما ، ممكن " ، " من غير المرجح "  ) ، ولكن من الناحية العملية لا نستخدمها بشكل كاف في التفكير ، ونعتبرها غير فعالة ونفضل التعامل مع الأفكار الأكيدة حتى كانت الأمور التي تبحثها غير محددة .
هذا التفضيل لاستخدام التقسيمات ذات الحدود الفاصلة يعني أننا نطور مفاهيم " قاطعة " . فنضع الأشياء داخلها أو خارجها .
فلا تقول إن القطة نوع من فصيلة الكلاب أو أن الكلب من فصيلة القطط ؛ بل نقول إن القطة هي قطة فعلاً وليست كلباً على الاطلاق ، والعكس صحيح .
وإذا أردت أن تعامل القطة والكلب على أساس متشابه ، يتوجب عليك اعتبارهما " حيوانات " ولكن عملياً ، لا يلغي ذلك الفرق الواضح بين القطة والكلب ، فالفكرتان موجودتان .
وهناك ميل لدى المرء إلى استخدامهما بدلاً من استخدام فكرة " حيوان " لأن المرء يختار الفكرة الأكثر دقة .
وهكذا فإن تسمية الرجال البيض والرجال السود " رجالاً " لا تلغي الفرق الواضح تماماً مثل درجة التداخل في الألوان كما هو حاصل في البرازيل .
4-      عجرفة الصواب Arrogance of righeouness  / 173(التفكير العملي)
تتبع العجرفة في الصواب والتي تعد من اخطر الأخطاء في التفكير الإنساني من نظام نعم / لا .
عجرفة الصواب Arrogance of righeouness
" إنني متأكد أن الاسطوانة تحتوي شيئاً يغير مركز الجاذبية خلال 20 دقيقة "
" لا يسقط الجسم إلا عندما يكون مركز الجاذبية خارج القاعدة . ولم يلاحظ حدوث هذا الشيء ، لذلك من المؤكد أن الجسم قد تم دفعه من الأسفل "
" لقد كان شكل قاعدة الاسطوانة السوداء يحتم سقوطها الأكيد بعد مضي بعض الوقت "
" إن سبب السقوط الأساسي الهواء القادم من الباب "
" العامل الوحيد الذي سبب سقوط الاسطوانة ( آلية غير مرئية ) هو درجة الحرارة التي جعلت جسماً ثقيلاً يصعد إلى أعلى الاسطوانة ثم يحدث خللاً من توازنها "
" هناك احتمالان فقط : إما تغيير في توزيع الوزن داخل الاسطوانة نفسها أو تغير في قاعدة الاسطوانة " .
لم تتح الفرصة للمشاركين في التجربة أن يتفحصوا الاسطوانة ، لذلك فانه من المتوقع أن تكون الإجابات تقريبية . وعلى الرغم من ذلك فقد جاء بعضها مؤكد مثل " من المؤكد " أو " العامل الوحيد " أو " التفسير الممكن الوحيد " .
وقد كانت تصريحات البعض أثناء النقاش أكثر جزماً وتأكيداً ، وكأنها ناجمة عن شخص يبحث عن قاعدة صلبة للغاية كي يقيم عليها بناء وكان يجب عليه التأكد من صلابة الأساس أولاً .
لقد كان اليقين نوعين : الأول من نوع الصواب الفريد حيث يقدم تفسير على أنه الوحيد لأن المشاهد لم يستطع التفكير في بديل آخر . وكان أحد الأمثلة على العامل الوحيد خارج الاسطوانة هو درجة الحرارة .
واقترح آخرون : الصوت ، الرياح ، الذبذبات ، طلقات .. الخ .
والمثال الأخير أفاد بوجود " احتمالين فقط " وأغفل احتمال أن تقع الاسطوانة بسبب تغيير في شكل القاعدة واعتمد النوع الثاني من اليقين على الصواب المنطقي .
وفي المثال الثاني المذكور آنفاً كانت النتيجة أن الاسطوانة تم دفعها على الرغم من وجود عدة حلول ممكنة مثل انهيار القاعدة ، تفكك المادة اللاصقة التي تثبيت الاسطوانة ، ( حتى لو قبلنا بالخطوتين الأولى والثانية من التفسير ) ومع ذلك فإن هاتين الخطوتين ربما تكونان خطأ لأنه في ظروف معينة إذا ارتكز وزن ثقيل على جانب اسطوانة فجأة ، فإنه يسبب سقوطها .
وهذا هو الاقتراح الذي تم التوصل إليه حسب التسلسل المنطقي أدناه .
" يجب توفر قوة جانبيه لتسبب سقوط الاسطوانة . ولعدم وضع أية قوة خارج الاسطوانة على جدارها ، فمن المؤكد أن ثمة قوة داخلها أحدثت السقوط . أي أن قوة مضغوطة بواسطة زنبرك أطلقت فجأة وضريت الجدار المقابل داخل الاسطوانة ، أو ثمة آلية مشابهة " .
ليس هناك خطأ في التسلسل المنطقي ولكن النتيجة التي تجزم بأن سبب السقوط هو " قوة جانبيه " ضربت جدار الاسطوانة من الداخل قد اغفل احتمالات كثيرة منها سقوط قاعدة الاسطوانة مثلاً ... الخ .

الأفكار أولاً Ideas first  / 175(التفكير العملي)
يبدو التسلسل المنطقي جميلاً ولكنه لا يستطيع أن يصل إلى ما وراء تنظيم الأفكار الأساسية المتاحة مسبقاً وتكمن الخطورة في أن الطريقة الممتازة التي تتطابق بواسطتهما تلك الأفكار الأساسية ، تعطي شعوراً متعجرفاً بالصواب . والأسوأ من ذلك هو أن الشعور بالصواب يمنع المرء من البحث والاستكشاف عن أفكار ممكنة أخرى . وهذا يعني أن الصواب الفريد أضيف إلى الصواب المنطقي . ومن الممتع والطريف حقاً أن تلاحظ خلال تجربة الاسطوانة السوداء أن إجابة واحدة من بين كل عشر إجابات أفادت بأن هناك تفسير آخر بديلاً غير مطروح .
تقليد عقلاني مرتكز على صواب متعجرف / 176(التفكير العملي)
يرتكز التقليد العقلاني الغربي بشكل واسع على الصواب المتعجرف والفكرة الأساسية تقول أنه بإمكان المرء أن يكون على صواب مطلق ويتحقق ذلك باللجوء إلى التسلسلات المنطقية على الصواب المطلق للنتائج ، وبعد ذلك وجدوا أن الصواب المطلق للنتائج يمنعهم من البحث عن إمكانيات وحلول أخرى – كما أنه يهيئ قاعدة ثابتة لإجراء الأعمال اللازمة . وتولد هناك شعور بأنه عندما يتوصل المرء إلى الصواب المطلق " الحقيقة " ، فإن محاولات العبث بالأفكار الأخرى تصبح غير مفيدة لأنها تؤدي في النهاية إلى أكثر مما تم التوصل إليه في أحسن الظروف .
والخلل الرئيسي فهي التقليد العقلاني هو أنه على الرغم من ارتكازه على الصواب المنطقي ( R-2 ) إلا أنه كذلك يعتمد على الصواب الفريد ) ( R-3 ) إن تطوير مجموعة من الأفكار المحددة أساسية وتنظيمها في صيغة منطقية مترابطة يجعلها تبدو وكأنها الأفكار الممكنة الوحيدة . فعلى سبيل المثال ، هناك مصداقية مطلقة لأفكار أساسية مثل " الأنا " " السببية " " التوقيت " على الرغم من اعتمادها على الصواب الفريد فقط ( لأننا لم تطور مفاهيم أخرى للنظر في هذه الأشياء بطريقة مختلفة . وكل من قام بتجارب حول عملية التفكير يعجب كل العجب من العجرفة القوية التي تنجم من التسلسل المنطقي الصائب . ومن غير الممكن القول بأن صواب هذه النتائج يقتصر على أفكار خاصة تم استخدامها مسبقاً . فمن السهل للغاية البدء بافتراض ثم الشعور بأنه تم إثباته عن طريق مهارة وتسلسل الأفكار .
أنواع العجرفة Types of arrogance  / 177(التفكير العملي)
يمكن عرض أنواع عجرفة الصواب المطلق بعدة طرق ، من أهمها ما يلي :
1-      عدم توفر البدائل : هناك طريقة واحدة فقط للنظر إلى الأشياء . وهي صائبة وفريدة من نوعها لدرجة أنها لا تسمح للمرء بالبحث عن طرق أخرى بل يعتبرها خاطئة دون إخضاعها للتجربة .
2-      عدم التغيير : فكرة معينة صائبة صواباً مطلقاً لدرجة أنها فوق التغيير أو التطوير .
3-      عدم توفر طريق للهروب : الفكرة صائبة لدرجة أنه يتوجب على كل فرد من خلالها ، وبعد عدم قبولها جهلاً وغباء أو ضعفاً في الإدارة .
العجرفة والفعالية والتعصب Arrogance effectiveness and fanaticism  / 178(التفكير العملي)
يعد الاعتقاد المتفرد في الصواب المطلق لفكرة ما ، من أكثر الأسس فعالية لاتخاذ الإجراءات العملية والتنفيذية . ويؤدي هذا التعصب للرأي إلى أربعة أمور :
1-      معيار محدد للحكم على الأشياء واختيار الأفضل .
2-      ارتياح من ضرورة اخذ أمور أخرى بعين الاعتبار والبحث عنها .
3-      حق فرض وجهة نظر معينة على الآخرين .
4-      أسباب للقيام بأعمال فوق متطلبات الشخص المتضاربة والمباشرة .
وتتضح فعالية التعصب لدى القادة ورجال السياسة ورجال الدين ، القادة العسكرية ، وقادة العمل ... الخ . وفي أيامنا الحاضرة ( كما في كافة الأزمنة ) هناك صراع بين عجرفة اليسار واليمين في الأحزاب السياسة وادعاؤهما انهما على صواب في آن واحد . ومن المنصف أن نلاحظ أنه كما كان سبب سوء السلوك الانساني العجرفة والتعصب فإن تطوره يعود لنفس النوع من التعصب . لقد تعثر التقدم العلمي كثيراً بسبب الرفض المتعجرف والمتعصب لوجهة جديدة ، ومع ذلك تم التقدم في كثير من الأحيان بسبب اعتقاد متعجرف ( حتى لو كان لدرجة الزهر بالنفس ) بفكرة جديدة حينما عارضها الجميع .
ولا داعي للقول بأن الصواب الناجم عن التعصب هو اعتقاد باطل بأن المرء يحتكر لنفسه الحقيقة ، مع العلم بأن الأفكار المطروحة لا تتعلق بالتعصب ، فمن الممكن أن يتعصب المرء لأفكار غريبة . إن أهم خصائص الجنون اعتقاد جازم لا يقبل الشك بأفكار تعتبر مجنونة للجميع . ولا يرتبط التعصب والعجرفة بعدد الأشخاص الذين يعتقدون الفكرة فهناك علاقة عكسية تقريباً بينهما . فإذا اعتقد الكثير من الناس بفكرة ما ، فإن تعبيراتهم المتعددة للفكرة تصقل العجرفة وتجعلها لطيفة . على النقيض من ذلك ، نرى أن اعتناق عدد قليل من الفكرة وتجعلها نقية بسبب الاتساق والتماسك بين أفراد المجموعة ويساعد على ذلك معارضة الآخرين لها . والذي يلحق الضرر بالعجرفة لفكرة ما هو الاتفاق الجزئي . فالفكرة التي تبدو محالة ومنافية للعقل والطبيعة عند النظر إليها من الخارج تظهر معقولة عند تنظيمها وتنسيقها بطريقة منطقية ضمن النظام .
العجرفة والغباء Arrogance and stupidity  / 179(التفكير العملي)
من أبرز سمات الغباء الثقة العمياء والمطلقة بفكرة ما ، وليس عدم القدرة على التفكير أو نقص المعرفة . وتعتمد بفكرة ما وليس عدم القدرة على التفكير أو نقص المعرفة . وتعتمد تلك الثقة التي تصل إلى درجة العجرفة على الصواب الفريد ( قانون دي بونو الثاني : البرهان في الغالب نقص في الخيال ) . ويؤدي الغياب المحض لوجهات النظر البديلة ، إلى اعتبار وجهة النظر الفريدة وكأنها صواب مطلق . وعندما تصل وجهة النظر الفريدة إلى الصواب العاطفي يتم التمسك بها بثقة أكبر .
ويمكنني القول بأبعد من ذلك ، إن الشخص الذي لا يقدر على العجرفة لا يقدر على الغباء . ربما يحتاج هذا الموضوع إلى علم التربية لدراسته وإمعان النظر فيه .
العجرفة المبررة Justified arrogance  / 180(التفكير العملي)
على الرغم من أن الشعور بالصواب المطلق من سمات التفكير الإنساني ، إلا أنه مسوغ في مكان واحد فقط ، وهو عندما يعمل المرء ضمن نظام مغلق " closed system " . هناك نظام مغلق عندما يشرع المرء بطرح أفكار أساسية معينة ، وبعد ذلك يتم التوصل إلى النتائج التي تعد صائبة ضمن هذا النظام المصطنع .
والرياضيات مثال واضح على النظام المغلق . يبدأ المرء باتخاذ قرار تسمية برتقالتين : " اثنتان " ، ومجموعتين كل فيها برتقالتين : " أربع " وبعد ذلك تجد أن اثنتين مضاف لها إثنتان تكون أربعة ، أو أن ضعف اثنتين هو أربع . يمكنك أن تكون واثقاً تماماً من هذه التسميات لأنك قمت بإعداد النظام بنفسك من البداية وكل ما يتبع يدخل ضمن النظام .
وحينما يعمل المرء ضمن نظام مغلق ، تكون النتائج المبنية على عجرفة مسوغة ، شريطة عدم الوقوع في الخطأ . ويشبه ذلك ابتكار لعبة ورق وإتباع القوانين التي وضعها المرء بنفسه . والخطورة في اختيار في اعتبار الأنظمة غير المغلقة وكأنها مغلقة ( على سبيل المثال طريقة نظر المرء إلى العالم وتشكيل أفكاره الأساسية الخاصة حوله ) . إذا وقع أحد في مثل هذا الخطأ فإنه يحاول التصرف بثقة متعجرفة تنطبق فقط على النظام المغلق .
الصواب المتعجرف وعملية التفكير Arrogant rightioussness and thinking process  / 181(التفكير العملي)
هناك تناقض بين حاجة الإنسان إلى الأمور المطلقة واليقين والأفكار الثابتة في التفكير, ومعارضة ذلك كله لطريقة عمل العقل كنظام بيولوجي .
إن البيولوجية تعمل من خلال التغيير والتطور وليس من خلال انتقاء مطلق وغير مقيد متبوع بحالات ساكنة غير متغيرة .
في النشوء والارتقاء ينقرض الحيوان الساكن غير المتحرك بسبب انتهاء عملية التغيير .
وتعتبر الأفكار محاولات للتعايش مع البيئة ، وتشبه بذلك الحيوانات .
فكلما كانت الفكرة مطلقة وثابتة ، تقل فرصتها في التطور. ويبحث النظام البيولوجي عن التغيير التي يعيش فيها .
ومن ناحية أخرى، يتمكن النظام الساكن من البقاء إذا أصبح نظاماً مطلقاً، وتحكم بكافة العناصر ضمن البيئة التي يعمل من خلالها.
ويتضح الفرق بين النظام البيولوجي والساكن في التعليم .
يتجه التعليم لأن يكون نظاماً ساكناً لأنه يفضل إتباع تعليمات ثابتة وطرقاً محددة الالتزام بها ( مثل المناهج والامتحانات ... الخ ) .
وتنجح هذه الطريقة عندما يعتبر التعليم نظاماً مغلقاً يضع مقاييس نجاحه بنفسه ويقوم بإرضائها .
ولكن يختلف الوضع إذا نظر المرء إلى التعليم كنظام بيولوجي يفترض فيه التأقلم مع الاحتياجات المتغيرة للمجتمع ، وعندما تصبح الأفكار الثابتة عقبات في طريق التربية والتعليم .
وتبرز الحاجة إلى الأمور المطلقة واليقين من عدة عوامل منها ما يلي : (التفكير العملي)
1-      الحاجة إلى معرفة الوجهة الثابتة التي تعمل من اجلها الفرد .
2-      الحاجة إلى مقياس ثابت يساعد على اتخاذ الأحكام والقرارات .
3-      الحاجة إلى أفكار ثابتة عالمية لموافقة سلوك الأفراد مع سلوك الآخرين .
4-      الحاجة إلى الشعور بالأمان التي تنبع من معرفة الفرد أنه على صواب .
هذه الأمور الأنفة الذكر جمعيها تؤثر على السلوك الإنساني . والمشكلة تكمن في ربط الحجارة إلى الثبات والاستقرار مع الحاجة إلى المرونة والرشاقة .
ولكن المرونة المطلقة تعني الفوضى " chaos " والجمود الكامل يعني التحجر " Fossillization " والنقطة الهامة هنا هي أن الجمود أمر مطلق بينما المرونة غير ذلك .
وحينما يختار المرء المرونة والتغيير فإنه ينتقي درجة تسمح له باستقرار كاف للقيام بأمور عملية وتغيير كاف للتطور والتقدم .
أما إذا أختار الفرد الجمود فإنه يحول دون إمكانية التغيير بشكل قاطع . بإمكانك تخفيف سرعة السيارة التي تقودها ولكن التمثال لن يتحرك• . (التفكير العملي)
خطأ العجرفة The arrogance mistake  / 183(التفكير العملي)
تبرز الحاجة إلى اليقين من طبيعة نظام نعم / لا ، ومن الرغبة في التوصل إلى أساس متين للقيام بالأعمال المطلوبة ، ومن الإلحاح الناجم عن الرغبة في الوصول إلى نهاية محددة لسلسلة الأفكار .
والهدف هو تقديم نهاية محددة تثبت الفكرة أو النتيجة .
فعندما تتجمد الفكرة يتوقف التساؤل عن استكشاف بدائل أخرى أو تطوير الفكرة نفسها .
وهكذا يتوقف تراكم المعلومات راسياً وافقياً ، فلا تبحث الفكرة أو الظاهرة نفسها ولا يكون هناك اتجاه للتوسع والامتداد إلى بحث أفكار جديدة .
وتسمى آلية التثبيت هذه " ملزم العجرفة " Arrogance – clamp  ، الذي سبق شرحه في الفصل السادس .
وعلى الرغم من وجود فائدة عملية للتثبيت إلا أنها تتحول بسهولة إلى نوع الخطأ الرابع ( M4 ) وهو الخطأ الأكيد الذي تم التطرق إليه في فصل سابق ويحدث ذلك عندما يصبح تيقن فكرة يسمح بإجراء عمل ، يقيناً مطلقاً في الفكرة لذاتها . (التفكير العملي)
الشك Doubt   / 184(التفكير العملي)
يبدو أن الشك نقيض للعجرفة .
بيد أنه إذا لم يكون المرء متيقناً من أمر ما ، فإن ذلك يقوده إلى عدم القدرة على اتخاذ القرار .
ولعل من نافلة القول أن من الأفضل أن يعمل المرء ويخطئ من أن لا يعمل أبدا ،
لأن المرء لا يستطيع التيقن من أن يكون على صواب دائماً . ذلك صحيح بقدر كاف ، ولكن من الممكن أن تميز بين النوعين من الشك .
1-      الشك المؤجل Retardoant doubt  / 184(التفكير العملي)
وهو الشك الذي يكون صاحبه غير متيقن من صواب العمل أو أي عمل يختاره .
كما هو الحال في عدم صعود الحافلة لعدم التأكد من وجهتها .
2-      الشك المتسرع Perpellant doubt  / 184(التفكير العملي)
هنا الشكل المرء إلى الأمام دون تنقية من صواب عمله . فهو يقوم يعمل ما يعتقد أنه صواب ويكون مستعداً للتغيير إذا لزم الأمر، كما هو الحال في صعود الحافلة على اعتقاد أنها متجهة لمكان أنت تقصده ثم النزول منها إذا تبين خلاف ذلك .
ويقيد الشك المؤجل القيام بالعمل ، بينما يجعل الشك المتسرع العمل سريعاً لأنك لا تحتاج انتظار اليقين . وإذا كنت مستعداً لتغيير وتعديل وتحسين أعمالك أثناء العمل ، فإنك بذلك تكون أكثر حرية للقيام بالعمل مما لو كنت متأكد قبل البدء .
مقاومة العجرفة Anti – arrogance  / 185(التفكير العملي)
لا يبحث المرء فقط عن مضاد لليقين المتعجرف ، فليس الأمر مجرد إيجاد العكس بل هو تقليل العجرفة غير المبررة . وإذا كانت الملابس سوداء من الاتساخ فإنك لا تنظفها بالمبيضات ، بل تبحث عن إعادتها إلى لونها الطبيعي بإزالة الاتساخ . وهكذا يبحث المرء عن إزالته العجرفة التي تعوق التفكير . وتعتبر الفكاهة إحدى طرق إزالة العجرفة وسيتم عرضها في الفصل القادم .
ــــــــــــ  / 185
        الاتفاق الجزئي يع من اخطر الأمور التي تحطم العجرفة لفكرة ما .
        يمكنني القول بأن الشخص غير القادر على العجرفة هو شخص غير قادر على الغباء .
        مما لا شك فيه ، تعتبر كلمة " لا " أهم أداة للتفكير .
        تنجم عجرفة الصواب ، التي تعتبر اخطر الأخطاء في التفكير الإنساني ، عن نظام نعم / لا .
        من السهل البدء بافتراض ثم تشعر أنه مثبت بطريقة متميزة تبرهن على صوابه . (التفكير العملي)
9
الفكاهة الاستبصار و" بو "  / 187
Hunour , Insght and Po
" سقطت الاسطوانة السوداء بسبب طائرة أو فأر يتحرك داخلها كما تعمل الساعة " .
" وقعت الاسطوانة السوداء بسبب صعود فار إلى أعلاها ، وسبب ثقلاً أدى لسقوطها . وكانت آلية العمل صامتة كالساعة " .
" قزم يشرب نبيذاً داخل الاسطوانة السوداء وقع مما أدى إلى اختلال توازن الاسطوانة " .
" ماتت " .
" شعرت بالملل ونامت " .
" كان بداخلها رجل ينهض من نومه كل 20 دقيقة ويتمطى . له ذراع أطول من الأخرى مما أدى إلى دفع الاسطوانة وسقوطها " .
" سقطت بسبب تدخل خارجي مقدس " .
" عنكبوت معلق داخلها من الأعلى ، ضرب جانبيها وسقطت " .
" الإنهاك " .
" كانت الاسطوانة مكانها ، لكن الغرفة تحركت من مكانها " .
" حيلة الحبل الهندي ، حيلة جديدة " .
" إنها ثملة " .
هل من المعقول أن يكون بداخلها قزم ؟ أو حتى فأر ؟ هل العنكبوت يشكل ثقلاً يسبب سقوطها . هل من الممكن أن تشعر الاسطوانة بالإنهاك والتعب أو الملل والثمالة ؟ هل تعتبر هذه التفسيرات صائبة ؟ هل هي خطأ ؟ أم المقصود منها الفكاهة ؟ (التفكير العملي)
الهروب من نظام نعم / لا Escape from the yes / no system      / 188(التفكير العملي)
تشكل الفكاهة هروباً من جمود نظام نعم / لا .
ولا يخضع التفسير الذي يعتمد على الفكاهة لأحكام صواب / خطأ ضمن نظام الصواب والخطأ لأنه لا يندرج ضمن هذا النظام . وللفكاهة قوانينها وأحكامها ، ففي الفكاهة يسمح للمرء بالإدلاء بأشياء خاطئة ، أو في أحسن الظروف ، غير مرجحة .
فعلى سبيل المثال ، من غير المرجح أن تجد قزماً اصغر من القياس المألوف يدخل الاسطوانة السوداء .
ومن غير المعقول أن يكون للقزم ذراع أطول من الأخرى . وحتى لو كانت ذراعاه غير متساويين في الحجم فلن تكون خبطاته غير متساوية ، ولو أن القزم دفع الاسطوانة بقوة فلن يؤدي ذلك إلى سقوط الاسطوانة .
ومع ذلك فإن التفسير مضحك لأنه لا يرتكز على " القبول ظاهرياً PLAUSIBILITY " .
هناك معنى للتفسير لأننا نستطيع فهم المنطق المجنون فيه .
إن الأفكار تتوافق مع بعضها على الرغم من أنها لا تعكس الحقيقة.
هناك منطق جنوني عند تشبيه الاسطوانة بالرجل الذي يسقط على الأرض عندما يكون مخموراً أو عند وفاته أو عندما يصيبه الملل.
نصف صائبة Half right   / 189(التفكير العملي)
التفسيرات الفكاهية نصف هزلية ونصف صائبة .
وقد لجأ عدد كبير من المشاركين في التجربة الى تفسير مفاده أن فأراً صعد إلى أعلى الاسطوانة لأكل قطعة الجبن ،
أو رجلاً صغيراً الحجم صعد السلم داخل الاسطوانة .
وهذه طرق مختلفة لتحريك وزن للأعلى لجعله أكثر وزناً وبالتالي يؤدي إلى اختلال التوازن ثم سقوط الاسطوانة ( مع أن هذه التفسيرات لا تصلح ، فقد دلت على اختيار آلية ) . إذا بدأت بفكرة رجل بشكل لولبي بفعل محرك كهربائي .
المواصلة بإصرار Push ahead  / 189(التفكير العملي)
ولما كانت الفكاهة تسمح للفرد أن يقول أشياء لا تقال في مواقف غير فكاهية ، فإنه بإمكان المرء واصلة فكرة ما تحت ستار الفكاهة ثم إدراك مبتغاة ،
فعلى سبيل المثال ، يستطيع المرء الانتقال من فكرة عنكبوت معلق بحبل إلى فكرة وزن يضرب الاسطوانة من الداخل كما طرحت ذلك العديد من التفسيرات .
وكذلك بإمكان المرء الانتقال إلى فكرة البندول أو الثقل المتحرك الذي يسبب اهتزاز الاسطوانة ثم وقوعها .
ومن فكرة وقوع الاسطوانة كالرجل السكران يمكن اشتقاق فكرة حركة الأرجل عند الرجل والانتقال إلى فكرة هبوط قاعدة الاسطوانة.
وهكذا تقوم الأفكار الفكاهية بدور حلقة الوصل نحو أفكار معقولة ومقبولة .
الوسيط المستحيل Intermediate Impossible  / 190(التفكير العملي)
الوسيط المستحيل عبارة عن فكرة ليست صوابا بحد ذاتها ولكنها تستخدم كحلقة وصل للوصول إلى فكرة أخرى صائبة .
ومن أمثلة ذلك : الفأر الذي يصعد داخل الاسطوانة للحصول على قطعة الجبن ، العنكبوت المتأرجح أو الاسطوانة الثملة .

Post a Comment

Previous Post Next Post