عملية التخطيط للإغاثة

التخطيط للإغاثة

تعريف الإغاثة:
الإغاثة في مفهوم الدفاع المدني بالمملكة العربية السعودية كما أوضحتها الفقرة (د) من المادة الرابعة عشرة في نظام الدفاع المدني السعودي التي أكدت على أنها من اختصاصات المديرية العامة للدفاع المدني فقد تم تعريفها على أنها "توفير الطعام والكساء والمأوى والعلاج والاسعافات النقدية وغير ذلك للمتضررين في أوقات الكوارث وفق لائحة يضعها مجلس الدفاع المدني".
وتعتبر الإغاثة من بين أهم أنشطة إدارة الكوارث حيث أنها تلازم جميع مراحل إدارة الكوارث الأساسية المتمثلة في مرحلة ما قبل الكارثة وذلك فما يتصل بالتخطيط لعمليات الإغاثة، ثم في مرحلة وقوع الكارثة وذلك فيما يتعلق بخطط الإخلاء والإيواء وأخيراً في مرحلة ما بعد الكارثة. فيما يتصل بمجالات الإغاثة المتعلقة بالإسكان والصحة والتعليم والنواحي الاجتماعية والقضايا التوظيفية فمعالجة مشكلات اللجوء واللاجئين.
وإجمالاً يمكن القول بأن هناك العديد من المهام المناطة بالجهات المعنية بالإغاثة، التي يمكن استعراض بعضها على النحو التالي (اللحياني والأسمري، 1417هـ).
1-  التخطيط لعمليات الإغاثة المتعلقة بالاخلاء والإيواء وتطبيقها بشكل عملي للتأكد من وقتها وشموليتها.
2-  العمل على تأمين كافة مواد الإغاثة (طعام، كساء، ماء، دواء..) سواء بالشراء المباشر أو قبول الهبات والتبرعات.
3-  إعداد المستودعات اللازمة لتخزين مواد الإغاثة.
4-  عمل الكشف الدوري على مواد الإغاثة للتأكد من استمرارية صلاحيتها.
5-  الاستعانة بالمتطوعين في كافة أعمال الإغاثة.
6-  إعداد خطط إعادة الأوضاع وتحديد الأدوار والمهام المطلوبة.
7-  التهيؤ لتقديم مساعدات خارجية تحقيقاً للتعاون الدولي وكسباً للخبرة والاحتكاك.
8-  التنسيق مع المنظمات والجمعيات الدولية في الاستفادة من خبراتها وأنظمتها وتشكيلاتها لتطوير إدارة الإغاثة.
9-  إيجاد قاعدة بيانات من أجل الاستفادة منها في عمليات الإغاثة.
10-                   إعداد البرامج التدريبية لرفع مستوى العاملين بأجهزة الإغاثة.
11-                   إعداد اللوائح المنظمة لعمليات الإغاثة المحلية والدولية.
12-                   توثيق الجهود الإغاثية للاستفادة من تقريرها في أنشطة البحوث والتطوير المتعلق بعمليات وخطط الإغاثة.

ولما كانت العمليات التي تستوجبها إدارة الكوارث بشكل عام ونشاط الإغاثة بشكل خاص متعددة ومتشابكة فإننا سوف نركز في هذه المقالة على عملية التخطيط للإغاثة باعتبارها من العمليات الأساسية بالنسبة لنجاح أية جهود في مواجهة الكوارث.
يعرف التخطيط بشكل عام بأنه توفير البدائل المناسبة لمواجهة الظروف المستقبلية. وفي مجال الإغاثة فإنه يمكن تعريف التخطيط على أنه البدائل المناسبة المتعلقة بالمساعدات المادية والعينية والطبية للمتضررين من آثار الكوارث. ويعتبر التخطيط للإغاثة كما أشرنا سلفاً الركيزة الأساسية لنجاح عمليات الإغاثة إذا ما تم إعداد خطط الإغاثة من قبل خبراء ومختصين في  القطاعات المختلفة. ذلك أن الإجراءات الآنية العشوائية قد تشتت الجهود وتضيع الوقت وتؤدي إلى مضاعفات ونتائج سلبية كبيرة كما أكدت ذلك نتائج الدراسات والتقارير عن الدول بعد تعرضها للكوارث.
ومما يجدر التنبيه إليه أن تشكيل فرق لإدارة الكارثة بشكل عام والإغاثة بشكل خاص ووضع الخطط لمواجهتها لا يعني أن ذلك سوف يؤدي إلى ايقاف الكارثة أو الحد منها، ولكن الهدف من ذلك هو تحقيق درجة استجابة سريعة وفعالة تستهدف درء أخطار الكارثة بالاستعداد المسبق لها مما قد يؤدي إلى التلطيف من آثارها التدميرية ويقلص من أضرارها ويوفر المساعدات والمعونات اللازمة لاعادة الحياة الطبيعية إلى المناطق المنكوبة.
انطلاقاً من أهمية التخطيط للإغاثة فإن هناك عدداً من المبادئ التي يجب مراعاتها عند القيام بإعداد خطط الكوارث. هذه المبادئ تتمثل فيما يلي (نجم، 1997م، ص9-10).
1-  مبدأ العملية: بمعنى الاستناد إلى أساس علمي مبني على الخبرات العلمية في مجال الإغاثة.
2-  مبدأ المركزية: وهذا يعني مركزية التخطيط لا مركزية التنفيذ.
3-  مبدأ الإلزامية: أي الالتزام في التنفيذ من قبل جميع المشتركين في عمليات الإغاثة التزاما تاماً.
4-  مبدأ المرونة: أي استجابة الخطة للظروف الطارئة، ومدى قابليتها لمواجهة أي مشاكل عند التنفيذ، دون أن تفشل.
5-  مبدأ الواقعية: أي ملائمة الخطة بأخذها في الاعتبار للواقع والمكانات المتاحة.
6-  مبدأ الاستمرارية: ويعني الاستمرار في التخطيط وعدم حصره في ظرف أو وقت معين.
7-  مبدأ المشاركة: وتتمثل في مشاركة جميع المعنيين بأعداد الخطة في الاجتماعات واللقاءات التي تدرس فيها الجوانب المختلفة للخطة ودراسة جميع الاحتمالات المتوقعة وغير المتوقعة للحصول على بيئة ودراية كافية بأدق التفاصيل.

مراحل التخطيط للإغاثة:
لا توجد في الواقع مراحل خاصة بالتخطيط للإغاثة وأخرى للكوارث وثالثة للقوى العاملة، وإنما توجد مراحل عامة يمكن الاستفادة منها وتوظيفها في أي نشاط من الأنشطة التنظيمية أو الإدارية. من ناحية أخرى فإنه لا يوجد اتفاق بين المنظرين والممارسين في مجال التخطيط فيما يتعلق بعدد هذه المراحل ومسمياتها ولكن يوجد اتفاق عام جول أبرز هذه المراحل. لهذا فإننا في هذا الجزء من المقالة سوف نعرض مراحل التخطيط بما يتلاءم وطبيعة الإغاثة وذلك على النحو التالي:
1- وجود أهداف واضحة ومحددة لأعمال الإغاثة:
لا يمكن الشروع في أية خطة للإغاثة دون تحديد للأهداف التي نود تحقيقها من هذه الخطة. ذلك أنه بدون وجود أهداف محددة واضحة سيكون من الصعب تقييم النتائج ومحاسبة المنفذين. بل إننا يحبب أن ندرك بأنه قد لا يكون من المفاجئ بالنسبة للجهة المعنية بالتخطيط للإغاثة ألا تحصل على النتائج المتوقعة من التخطيط إذا كانت أهدافها غير واضحة أو أنها كتبت بعبارات غامضة أو غير قابلة للقياس. ومن أجل صياغة هذه الأهداف بدقة فإن هناك العديد من الوسائل التي يمكن أن تساعد القائمين على التخطيط في وضع أهدافهم، من بين هذه الوسائل وأهمها الاستعانة بآليات الإدارة بالأهداف وإدارة الجودة الكلية.

2- التوقعات المستقبلية:
الخطط في جوهرها تعتبر قرارات بخصوص المستقبل وحتى تكون هذه القرارات موضوعية وعملية، فمن الضروري أن تضع الإدارة توقعاتها حول المستقبل. وفي مجال الإغاثة فإن توقعات المستقبل تقتضي دراسة الموقف الحالي والانتقال منه على المستقبل وذلك من حيث دراسة أبعاد الكوارث التي تواجه المجتمع الذي تعد له خطط الإغاثة وتأثيراتها المختلفة على المجتمع، وتقييم ما لدى الدولة من إمكانات وكذلك الموقف الإقليمي والدولي وتحديد الجهات التي يمكن الاستعانة بها لأغراض الإغاثة بمعنى توقع أكثر الاحتمالات التي يمكن أن تحدث كي يتم على ضوئها اتخاذ الخطوات الملائمة في مجال إعداد خطط الإغاثة (نجم، 1997م).
ومن أجل تحديد هذه التوقعات بشكل دقيق فإن هناك العديد من الطرق التي يمكن توظيفها في هذا الشأن ابتداء من مجرد وضع تخمينات غير مدروسة، إلى الاستعانة بجلسات العصف الذهني فالاستفادة من الطرق الاحصائية وتقنية المعلومات الحديثة.

3- وضع البدائل:
عندما نتحدث عن التخطيط وأعداد الخطط فنحن في الواقع نتحدث عن بدائل مختلفة يمكن أن نطرحها ونقارنها فيما بينها من أجل اختيار البديل أو البدائل الملائمة.
ونظراً لتعدد أعمال وأنشطة الإغاثة فإننا نجد أنفسنا أمام عدد كبير من البدائل يفرضه طبيعية النشاط الإغاثي الذي نقوم بالتخطيط له. ذلك أننا نضع خططنا لابد أن نؤخذ في حسباننا طبيعة نوع الكارثة أو الكوارث التي نتوقعها والمنظمات المحلية والاقليمية والدولية التي سوف نتعامل معها، وطبيعة النشاط الإغاثي الذي سوف يتم القيام به وذلك فيما يتعلق بالاخلاء والإيواء وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الكارثة أو أفضل مما كانت عليه ثم كيفية التعامل مع مواد الإغاثة من حيث تأمينها وتخزينها وتوزيعها، إلى جانب طبيعة القوى البشرية المشاركة في الإغاثة وذلك من حيث كونهم رسميين أو متطوعين.. إلخ.
واياً كان الأمر فإن الوصول إلى هذه البدائل والاختيار من بينها لابد أن يتم وفقاً لمعايير محددة يأتي من بينها الظروف الإنسانية، الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية التي تحكم اختيار بديل دون سواه بالنسبة لوضع بدائل الإغاثة.

4- إقرار الخطة وتنفيذها:
بعد أن يتم اختيار البديل أو البدائل الملائمة لعمليات الإغاثة تشرع الوحدات المعنية بالتخطيط في إعداد خططها وذلك من حيث تحديد مشاريع الإغاثة في خطة موحدة وتحديد أولوياتها والقوى العاملة اللازمة لها وتوزيع هذه المشاريع في جدول زمني لفترة الخطة. من هذه الخطة سوف يتبين لنا المشاريع التي سوف يتم البدء في تنفيذها مع بداية تنفيذ الخطة والمشاريع التي سوف يتم تأجيل تنفيذها.
وهنا في هذه المرحلة لابد من التأكيد على ضرورة توفير المعلومات بالنسبة لعناصر الخطة ومشاريعها وذلك ليتسنى للإدارة والمخططين الدفاع عن الخطة واقناع الجهة صاحبة السلطة بإقرار الخطة، وقبل أن تقدم الإدارة بمناقشتها تفصيلياً مع المخططين لأنها هي التي ستوجه لها الأسئلة وتجيب عليها عند مناقشة الخطة لإقرارها.
إن إقرار الخطة يعني البدء بعملية تنفيذ الخطة في ظل مبدأ المرونة مع ضرورة تزويد الإدارة أو الفريق المعني بالتنفيذ بالمعلومات المستجدة التي تمكنه من سرعة التقدير والتصرف في الوقت المناسب واتخاذ القرار المناسب بالسرعة الممكنة وهذا يعني أن إقرار الخطة لا يعني التمسك الصارم أو الحرفي بجميع محتوياتها، بل يجب أن تتم هذه الخطة بالمرونة والقابلية للتعديل إذا ما كانت هناك ظروف طارئة تستدعي مثل هذا الإجراء. ذلك أنه مهما كان المخططون بارعون فإننا لا يمكن أن نتجاهل بروز أحداث غير متوقعة تستدعي تدخل الإدارة للعمل على تعديل الخطة في الوقت المناسب. لقد حدد لي بريستون وهننج (1961م) ثلاث مؤشرات للمرونة المتعلقة بتعديل الخطة وهي: سهولة إلغاء الخطة بدون تحمل خسارة كبيرة، وسهولة تأجيل تنفيذ الخطة بعد أن يكون قد بدأ تنفيذها وسهولة تعديل الخطة (عطية، 1408هـ، ص110).

5- مراجعة وتقييم نتائج تنفيذ الخطة:
كما ذكرنا سلفاً فإن الخطط ليست شيئا جامدا، لهذا ينبغي أن نؤكد على أن الخطة قد وضعت من أجل مساعدتنا على تحقيق أهدافنا وبالتالي فإن الغرض منها ليس مجرد التنفيذ والانقياد لها بل يجب أن يكون لدينا قوة القرار التي تمكننا من تسخير هذه الخطة بما يخدم أهدافنا وطموحاتنا. هذا يعني أنه لابد أن تقوم الإدارة المعنية من حين لآخر بمراجعة وتقييم نتائج تنفيذ الخطة حسب الجدول الزمني المعتمد، وأن تجزي تعديلاتها بالشكل الذي يساعد على فعالية الخطة ونجاحها. من ناحية أخرى فإن مراجعة وتقييم نتائج تنفيذ خطة أو خطط الإغاثة يقتضي ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة في مجال التخطيط للإغاثة سواء ما تعلق منها بتجارب الإدارة ذاتها أو تجارب المجتمعات الأخرى بحيث يتم تفادي تكرار الأخطاء السابقة والقيام باستخلاص الدروس المفيدة، بما يبين لنا مدى تحقيق الأهداف والكشف عن الجوانب الإيجابية والسلبية في عملية التخطيط.
وبصفة عامة يمكن القول بأن التخطيط للإغاثة يعتبر من بين أهم مهام واختصاصات إدارات الإغاثة وذلك نظراً لتعدد وتشعب العمليات التي يتوجب على الإدارة التعامل معها وتنفيذها. من هذا المنطلق فإنه يمكن للإدارة المعنية بالإغاثة الاستفادة من مفاهيم الإدارة الحديثة في تحسين وتطوير عملياتها في مجال التخطيط بما يحقق أهدافها، ويأتي في مقدمة هذه المفاهيم التي يمكن الاستفادة منها مفهوم إعادة هندسة عمليات الإدارة التي هي موضوع الجزء الثاني من هذه المقالة.

الجزء الثاني: إعادة هندسة العمليات الإدارية
من حين لآخر لنا أدبيات الإدارة نظريات ونماذج ومفاهيم، يقول أصحابها ومقدموها بأنها "جديدة"، أو أنها تجاوزا تطرح شيئاً جديداً يمكن أن يؤدي إلى تحسين أداء منظماتنا الحكومية منها والخاصة. لقد قرأنا عن الكثير من هذه الطروحات بدءا من المدرسة البيروقراطية مرورا بالإدارة العلمية فالعلاقات الإنسانية فمدرسة النظم، تلي ذلك مفاهيم مثل الإدارة بالأهداف والثقافة التنظيمية وإدارة الجودة الكلية ثم مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية الذي نحن بصدده في هذه المقالة.
لقد كانت هذه النظريات والنماذج والمفاهيم على اختلاف أنواعها تحاول التركيز على تحسين المنتج أو الخدمة التي تقدمها المنظمة، غير أنها اختلفت فيما بينها على نطاق التركيز بالنسبة للوسائل التي كانت تقودها نحو تحقيق هذا المطلب، وهو تحسين المنتج أو الخدمة. فعلى سبيل المثال حاولت المدرسة البيروقراطية التركيز على الأنظمة والقواعد التي تحكم سير العمل، في حين كان تركيز المدرسة العلمية على الوقت والحركة، بينما التفتت مدرسة العلاقات الإنسانية إلى مناخ أو بيئة العمل وبخاصة ما يتعلق بتهيئة الظروف الملائمة للعاملين. أما مفهوم الإدارة بالأهداف فقد كانت غايته النتيجة وتكييف جميع الوسائل والطرق بما يحقق هذه الغاية، في حين وجهت نظرية الثقافة التنظيمية الانتباه إلى ما يسمى بالقيم التنظيمية وبالذات قيم المديرين الذين يعتبرون المحرك الأساسي للعمل التنظيمي. أما إدارة الجودة الكلية فقد قدمت نفسها على استحياء عندما قالت أنها لم تقدم جديدا وأن ما تنادي به لا يعدو أن يكون مقتطفات من المدارس والنظريات التي سبقتها. لقد عبر أحد رواد هذا المفهوم عن هذه الحقيقة بقوله "إن مفهوم إدارة الجودة الكلية يشبه في طرحه ذلك الشخص الذي يحاول أن يقطف من كل بستان زهرة ويضعها في سلة واحدة" لقد قبلنا بهذا الطرح على مضض، بل إننا ترددنا في أن نقول لأنفسنا بصوت عال إنها ليست إلا تكراراً للماضي وذلك لأن هدير طوفانها كان أكبر من أصواتنا حيث استطاعت أن تجد لها مروجين ومسوقين على درجة عالية من الاحتراف والذكاء والخبث في آن واحد.
أما بالنسبة لمفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية فقد حاول كتابها أن يجدوا لأنفسهم موطأ قدم في زحمة هذه المفاهيم عندما قدموا أنفسهم على أساس أن مبتغاهم ونهاية مقصدهم هو إعادة التصميم الجذري للعمليات والنظم الإدارية المصاحبة.
فما هو المقصود بمفهوم "إعادة هندسة العمليات الإدارية؟".
مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية هو ترجمة للمصطلح الإنجليزي Business process Re-engineering، لقد ظهر هذا المفهوم في بداية التسعينات الميلادية وبالتحديد في عام 1990م عندما شعر مايكل هانر Mikle  Hanner، أحد رواد هذا المفهوم، مقالته عن هذا الموضع في مجلة هارفارد بزنس (HPR). لقد عرف مايكل هامر وجميس شامبي (1990م)، رائدي هذا المفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية بأنها "إعادة التفكير المبدئي والأساسي وإعادة تصميم العمليات الإدارية بصفة جذرية بهدف تحقيق تحسينات جوهرية فائقة. وليست هامشية تدريجية – في معايير الأداء الحاسمة: مثل: التكلفة والجودة والخدمة والسرعة. (هامر وشامبي، 1995م – ص5).
كما عرفها ما نجلي على أنها "إعادة التصميم الجذري والسريع لعمليات الإدارية الاستراتيجية وذات القيمة المضافة، بالنسبة للنظم والسياسات والبنية التي تساعد تلك العمليات، وذلك بهدف تحقيق طموحات عالية من الأهداف التنظيمية، (Smith, 1994,p.17).
من هذين التعريفين وغيرهما من التعريفات المتصلة بمفهوم إعادة هندسة العلميات يمكن القول بأن منطلقات هذا المفهوم تتركز حول "العمليات الإدارية"، لا على الأنشطة كما هو الحال بالنسبة للنظريات ومفاهيم الإدارة السابقة، أي أنها تهتم بإعادة تصميم نظم العمل الأساسية ولا تهتم بالإدارات والأقسام والوحدات الإدارية، لهذا فقد اعتبر ديمنج أن 15% من مشاكل الجودة تعود للموظفين بينما تعود المشاكل الباقية للعمليات (السلطان، تحت الطبع). لقد كان مبرر تركيز هذا المفهوم على العمليات الإدارية منطلقا من الاعتقاد السائد لدى المهتمين بها بأن الأثر الكبير للعمليات الإدارية على الأداء يصل إلى ما يقرب من 90% من قيمة المنتج، فضلاً عن ذلك فإن التركيز على العمليات ينعكس بدوره على رضا العملاء عن المنتج أو الخدمة المقدمة من المنظمة، كما أنه يؤدي إلى خفض تكلفة المنتج أو الخدمة (السلطان، تحت الطباعة).
من هذا المنطلق يرى القائلون بمفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية بأن هناك ثلاثة أنواع من المنظمات يمكن أن تستفيد من أطروحات هذا المفهوم وهذه المنظمات هي (هامر وشامبي، 1995، ص20):
1-  المنظمات ذات الأداء المتدني.
2-  المنظمات التي تصارع من أجل البقاء وهي على وشك التدهور.
3-  المنظمات المتميزة وذلك لأن تطبيقها سوف يؤدي إلى استمرارها في النجاح وتفوقها على غيرها من المنظمات.
على أننا ونحن نتحدث هنا عن المنظمات التي يمكن أن تستفيد من مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية ينبغي أن ننبه إلى أن تطبيق هذا المفهوم لا يعني بالضرورة بحاجة في كل الحالات إذا لم تتوفر الظروف الملائمة. فلقد وجد هامر وشامبي (1993م)، أن ما بين 50% إلى 70% من الشركات التي طبقت هذا المفهوم لم تتمكن من تحقيق النتائج المطلوبة في المشاريع التي تم تطبيقها عليها. كما وجد كيم (1997) أن أربعة من كل خمسة مشاريع في إعادة هندسة العمليات الإدارية قد آلت إلى الفشل. هذه النتائج أيدتها نتائج دراسات سكوت (1997) عندما وجد أن سبعة من كل عشرة من المشاريع التي طبقت مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية قد آلت إلى الفشل (Scott, 1997.P.37).
وبالطبع فإن هناك دراسات أخرى لم تؤيد ما توصلت إليه هذه النتائج حيث أثبتت هذه الدراسات نجاح تطبيق مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية في العديد من المشاريع ويأتي في مقدمة تلك الدراسات التي قامت بها بروسي (1999م) التي شملت دراستها مئتان وثمانية وأربعون (248) منظمة موزعة على أربعة وأربعون دولة في ست قارات، حيث بينت نتائج هذه الدراسة أن تطبيق مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية قد حقق نتائج إيجابية في هذه المنظمات (prosci, 1999,P.27).
وبغض النظر عن تباين نتائج الدراسات حول نسبة نجاح تطبيق هذا المفهوم في المنظمات أو المشاريع المختلفة، فإن من المؤكد أن هذا المفهوم مثله مثل غيره من المفاهيم السباقة عرضة للنجاح والفشل، وأن المهم ليس الحكم عليه مبكراً اعتماداً على نتائج أو فشل التطبيق.
وفيما يتعلق بعوامل النجاح فقد أبرز السلطان (تحت الطباعة) عددا من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح تطبيق مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية التي جاء من بينها:
1-  ضرورة توافر دعم ومساندة الإدارة العليا لتطبيق هذا المفهوم.
2-  توفير المنهجية المناسبة للتطبيق الممثلة في ضمان الالتزام بالخطوات والإجراءات المناسبة لعملية التطبيق.
3-  الاهتمام بالعمليات الاستراتيجية ذات القيمة مع عدم إغفال العمليات المساندة.
4-  التركيز على احتياجات العميل الداخلي والخارجي.
5-  توظيف تقنيات المعلومات التوظيف الجيد باعتبار أن هذه التقنيات من المعلومات التي تساعد على تطبيق نجاح هذا المفهوم.
6-  إيجاد مساحة كافية للإبداع وبخاصة في الظروف الطارئة التي قد تظهر فيها بعض المشكلات التي لم تؤخذ في الاعتبار عند إعداد خطة التطبيق.
أما فيما يتعلق بالعوامل التي يمكن أن تؤدي إلى فشل التطبيق فيمكن إبرازها على النحو التالي (السلطان، تحت الطباعة):
1-  عدم التركيز على العمليات والاهتمام بالمفاهيم الإدارية التقليدية.
2-  العمل على تطوير العمليات وتعديلها بدلا من تغيرها جذرياً.
3-  تحديد المشكلات التي تواجهها الشركة بشكل مسبق وتقييد نطاق إعادة هندسة العمليات الإدارية في ضوئها.
4-  عدم البدء بإعادة هندسة العمليات الإدارية من قمة المنظمة والاقتصار على مشاريع في الإدارة الوسطى أو التنفيذية.
5-  عدم تخصيص موارد مالية وبشرية وتقنية كافية للتطبيق.
6-  تشتيت الجهود وعدم التركيز على عدد محدود من العمليات.
7-  استغراق وقت طويل في تطبيق المفهوم قد يزيد على السنة أو السنتين.
8-  عدم أخذ مشروع التطبيق بالجدية ووضعه في مقدمة أولويات الإدارة العليا.
9-  عدم الاستمرار في مشروع إعادة هندسة العمليات الإدارية والتراجع عنه عند وجود بعض المشاكل أو التركيز على نقاط الضعف في المشروع واتخاذها ذريعة لتعطيله.
10-                   عدم الاستعداد للتغيير الذي قد يحدثه مشروع إعادة هندسة العمليات الإدارية في المنظمة إذا ما تم نجاحه.

نموذج مقترح لتطبيق مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية:
من المألوف في مجال الإدارة العامة أنك لا تجد نموذجاً أو منهجاً واحدا للتطبيق في أي نظرية ومفهوم وذلك عائد إلى تباين وجهات نظر الباحثين والممارسين المنتمين إلى ذلك المفهوم وتلك النظرية. وفي هذا الصدد يقول السلطان (تحت الطباعة) لقد طرح الباحثون على المستوى الأكاديمي والممارسون والشركات الاستشارية عدداً من المناهج (النماذج) العملية لتطبيق مشاريع إعادة هندسة العمليات الإدارية هذا المناهج تشترك في المسميات والأسس الرئيسية حيث تتضمن فيما تتضمنه التركيز على بناء ووضع التصور العام لخطوات التطبيق، ووضع معايير قياس الأداء المناسب ثم تطبيق العمليات المصممة أو المطورة فيما بينها في قواسم متعددة فإنها تختلف في بعض أساليب التطبيق، حيث يمكن حصر هذه الاختلافات في النقاط التالية (Kettinger  at  al, 1995):
أ-التركيز على التصميم أو إعادة التصميم، أي تصميم عمليات جديدة تماماً أو العمل على تشخيص العمليات القائمة وإعادة تصميمها.
ب-عدد وترتيب خطوات تطبيق المفهوم.
ت-الاختلاف في درجة الاعتماد على آلية العمل والتقنية الفنية وذلك اعتماداً على الاختلاف في العاملين السابقين.
وبغض النظر عن أوجه التشابه والاختلاف بين هذه النماذج في التطبيق فسوف نحاول أن نطرح منهجاً أو نموذجاً مقترحاً لتطبيق مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية ويتكون من أربعة مراحل رئيسية، بحيث تتكون كل مرحلة من عدد من الخطوات. وسوف نعرض فيما يلي بإيجاز لهذه المراحل أبرز الخطوات في كل مرحلة وذلك على النحو التالي (السلطان، تحت الطبع):

المرحلة الأولى: التصور
أشرنا فيما سبق إلى أن نجاح تطبيق مشاريع إعادة هندسة العمليات الإدارية يتطلب ضرورة أن تنطلق هذه المشاريع من قناعة المسئول الأعلى في الجهاز حيث يتم إعلان الحاجة إلى تطبيق المفهوم من قبل هذا المسئول الذي يعطى بدوره إشارة بدأ الانطلاق. لهذا فإن بداية تنفيذ مشروع إعادة هندسة العمليات الإدارية في الجهاز تقوم في بدايتها على تصور المسئول الأعلى في الجهاز للتغيرات التي يراد إحداثها. وإجمالاً يمكن القول بأن هذه المرحلة تتضمن الخطوات التالية:
1-  الإحساس بالمشكلة المراد إعادة هندسة عملياتها والإيمان بضرورة التغيير.
2-  القناعة بمفهوم إعادة هندسة عمليات الإدارة والإيمان بفاعليتها كأداة لإحداث التغييرات في عمليات المنظمة.
3-  اتخاذ القرار بضرورة تبني منهج إعادة هندسة العمليات الإدارية لتحسين جودة خدمات أو منتجات المنظمة.
4-  تحديد رسالة المنظمة بحيث يوضح فيها مدى الحاجة إلى تطبيق هذا المفهوم والهدف العام الذي تطمح المنظمة إلى تحقيقه.
5-  تحديد الأهداف الفرعية المراد تحقيقها من وراء تحقيق هذا المفهوم، على أن يراعي في هذه الأهداف وضوحها وقابليتها للقياس وإمكانية تطبيقها، كما يجب أن تكون مرتبطة ارتباط وثيقاً بحاجة المستفيد.
6-  تحديد تقنيات المعلومات اللازمة لتطبيق مشروع إعادة هندسة العمليات الإدارية.
7-  إعداد الجدول الزمني للتنفيذ، على أن يتم تحديث هذا الجدول بشكل مستمر ودوري بناء على الظروف المستجدة، كما يمكن استخدام هذا الجدول كأداة لتقييم مسار المشروع ومتابعة أداء الفرق.

ثانياً: التشخيص:
تعتبر مرحلة التشخيص من أكثر المراحل إغفالاً بالنسبة لمناهج التطوير الإداري قديمها وحديثها (Higan,1988). لهذا فإن منهج إعادة هندسة العمليات الإدارية يحاول أن يطرد عن نفسه هذه التهمة وذلك بالتركيز على هذه المرحلة وإبرازها. ولما كان جوهر مفهوم إعادة هندسة عمليات الإدارة وتركيزه هو العمليات الإدارية، فإن هذه يقتضي قيام المعنيين بعملية التطبيق بتحديد العمليات الأساسية للمنظمة المراد إخضاعها للمشروع الجديد. لقد قسم بروتر (1995م) العمليات إلى مجموعتين رئيسيتين هما: العمليات الأساسية أي ذات القيمة المضافة بالنسبة للمنتج أو العميل والعمليات الأساسية التي تساعد العمليات الأساسية على الأداء. كما صنف باجودا (1993م) العمليات إلى ثلاث مجموعات رئيسية تتضمن: العمليات الإدارية والعمليات الفعلية والعمليات المساندة.
من هذا المنطلق فإننا يمكن ايضاح الخطوات التي تتضمنها هذه المرحلة وذلك على النحو التالي:
1-    تحديد ووصف العمليات الحالية، حيث يتم في هذه الخطوة التركيز على العمليات المستقلة وكفاءة استخدام وقت العمل.
2-    التحليل الكمي للعمليات.
3-    تحلي العلاقات السببية، أي تحديد السبب أو العامل المؤثر والأثر الذي يتركه على العملية.
4-    التعرف على أحدث الوسائل التقنية والنماذج التي تساعد على التطبيق.
5-    وضع قائمة بأولويات العمليات المرشحة لإعادة هندسة العمليات الإدارية.
6-    تحديد العمليات المرشحة لإعادة هندسة العمليات وتحديد نطاق العمل فيها.
7-    تحديد الفريق الذي سوف يباشر عملية التطبيق.
8-    وضع وتحديد أهداف الأداء ومعايير القياس.

المرحلة الثالثة: إعادة التصميم.
مرة أخرى نذكر بأن جهود إعادة هندسة العمليات الإدارية تتركز حول دراسة العمليات، وبالتالي فإنه مع انتهاء المرحلة الثانية من جود التطبيق والمتعلقة بالتشخيص تتضح للفريق المعني بالدراسة العمليات المرشحة للتطوير. من هذا المنطلق فإن هذه المرحلة تتضمن خطوتين أساسيتين هما:
1-دراسة البدائل المتاحة للتصميم وكتصور العملية الجديدة.
لا يوجد طريقة واحدة يمكن اتباعها في كل الحالات لإعادة تصميم العملية أو العمليات موضع الاهتمام من قبل الفريق المعني بالدراسة وإنما يمكن الوصول إليها من خلال أساليب الإبداع التي من بينها العصف الذهني تحليل العوامل المؤثرة، قائمة الخصائص، وتداعي المعاني، وتحليل الشكل (هيجان، 1420، 1995، Kettinger et  al).
وأياً كان لنا الأمر فإن هناك بديلين رئيسيين لتصميم العملية الجديدة هما:
أ-تصميم العمليات بشكل مستقل بحيث تكون كل عملية مسئولة عن نتائج معينة ويقوم على إنجازها فرق عمل مستقلة.
ب-تصميم العمليات بشكل مترابط بحيث تتكون العملية من عمليات صغيرة جزئية يعتمد بعضها على بعض.
وبغض النظر عن البديل المستخدم لتصميم العملية الجديدة فإن العملية الجديدة أو المراد تصميمها لابد وأن تأخذ في الاعتبار الربط بين عناصر العمل المرتبطة بهذه العملية المتمثلة في القوى البشرية العاملة ونظم المعلومات وتقنية المعلومات والمواد المستخدمة في الإنتاج.

2- إعادة هيكلة الجانب البشري (القوى العاملة):
تتطلب إعادة هندسة العمليات الإدارية إعادة هيكلة الجانب البشري المرتبط بالعملية أو العمليات الجديدة، وذلك بالإضافة إلى أعادة التصميم الفني والتقني. ولكي تتم عملية إعادة الجانب البشري بنجاح فإن ذلك يتطلب إتخاذ العديد من الخطوات التي يأتي في مقدمتها إعادة توظيف وتصنيف الوظائف التي تتأثر بعد إعادة تصميم العمليات، والتدريب المستمر للقوى العاملة على رأس العمل، وإعادة هيكلة الحوافز والمكافآت بشكل يعكس أداء مجموعات العمل.

المرحلة الرابعة: التطبيق
تمثل مرحلة التطبيق المرحلة الأخيرة من نموذج مشروع إعادة هندسة العمليات الإدارية. هذه المرحلة تتضمن خطوتين رئيستين هما:
أ-خطة التحول
وفيها يقوم الفريق المكلف بإعادة هندسة العمليات الجديدة، بإعداد خطة التحول للعلية الجديدة. هذه الخطة تتضمن الهيكل التنظيمي نظم المعلومات والأنظمة والتعليمات والسياسات والوظائف والموظفين.

ب-التنفيذ
تتضمن هذه الخطوة ثلاثة خطوات فرعية هي:
-       اختيار العملية أو العمليات الجديدة لمعرفة نقاط القوة والضعف فيها كما يتم التأكد من توافر متطلبات التطبيق النهائية والقوى البشرية وبرامج التدريب والهيكل التنظيمي والموارد.
-       التطبيق الفعلي للتصميم الفني والتقني والبشري للعملية الجديدة وتشغيلها.
-       توثيق مسار العملية أو العمليات الجديدةوحركة العمل واختبار وقياس التصميم الجديد للتعريف على نجاحه وفاعليته وتصحيح الأخطاء والانحرافات التي ربما تظهر أثناء التشغيل الآلي ووضع الأسس اللازمة للضبط والمراجعة (السطان، تحت الطبع).
وبهذه المرحلة نكون قد وصلنا إلى نهاية النموذج المتعلق بمراحل إعادة هندسة العمليات الإدارية بالنسبة لأية منظمة أو جهاز يرغب في تطبيق هذا المفهوم.
بالنظر إلى هذه المراحل الأربع المتعلقة بتطبيق مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية المتمثلة في التصور والتشخيص وإعادة التصميم والتطبيق نجد أن بالإمكان توظيفها في مجال التخطيط للإغاثة. هذا التوظيف لهذه المراحل من الممكن أن يتم منذ الخطوة الأولى لخطوات التخطيط للإغاثة والمتمثلة في تحديد أهداف واضحة ومحددة لأعمال الإغاثة وذلك من خلال حصر العمليات التي يتم بها تحديد هذه الأهداف ومن ثم العمل على دراستها وإعادة النظر في عملياتها. ونفس الشيء من الممكن أن يطبق بالنسبة لعمليات طرح التوقعات المستقبلية ووضع بدائل الخطة وإقرارها وتنفيذها ومن ثم مراجعتها وتقييمها حيث أن كل خطوة من هذه الخطوات التخطيطية تتضمن عددا من العمليات التي يمكن أن يوظف فيها مفهوم إعادة هندسة العمليات الإدارية سواء من حيث وضع التصور الأولي لمشروع إعادة هندسة العمليات الإدارية أو تشخيص العمليات المتضمنة في خطوات التخطيط ومن ثم إعادة تصميم هذه العمليات وتنفيذها.

Post a Comment

Previous Post Next Post