التطور التاريخي للدفاع المدني:
إن مصطلح الأمن بصورة عامة هو مفهوم شامل يتضمن أمن السياسة والاقتصاد والطاقة والمياه والغذاء والمجتمع. إن قطاع الأمن هو الجهاز العصبي في المجتمع العصري يتطلب بناؤه أسساً قوية وقواعد متينة ومقومات شرعية. لقد عمدت معظم دول العالم إلى تأسيس نظام أو جهاز فعال يستطيع فيها توفير الأمن، حيث تعرف تحت مسمى الدفاع المدني وذلك لأن الحروب والكوارث تخلق دماراً وأضراراً مفاجئة تؤثر في جوانب الحياة المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية. لذا قامت البلدان المتقدمة على تطوير نظام دفاعي مدني إنساني لدرء المخاطر والأزمات، وفي نفس الوقت سيساهم هذا النظام في تقوية الجبهة الداخلية في المجتمع قبل تعرضه إلى كوارث طبيعية أو مواجهات  خارجية(1).لقد تم تأسيس جمعية ليودوجنيف في باريس عام 1931م والتي أصبحت حالياً معروفة تحت مسمى المنظمة الدولية للحماية المدنية، وقد نشطت هذه المنظمة في الثلاثينات بإقامة مناطق أمان خلف خطوط الأعمال الحربية يعترف بها العدو والصديق، ثم تطورت في العقود التالية ونظمت معارض تقنية وتوعية مختلفة شملت تجهيزات الحماية والإنقاذ والأمن وكذلك الحماية من الإشعاع وحماية المنشآت وتجنب الكوارث وغيرها، كما أدى ذلك إلى تبادل المعلومات والخبرة. ومع تقدم الحاسب الآلي فقد تطورت قواعد المعلومات المختصة في هذا المجال في الدول الصناعية والنامية معاً. تشرف المنظمة الدولية للحماية المدنية أيضاً على تقوية وتدعيم المنظمات الوطنية للحماية المدنية المنتشرة في مختلف دول العالم وذلك من خلال برامج تعاون فني إقليمي – دولي. وتعد المملكة المتحدة الدولة الأولى التي نظمت بصورة رسمية الحماية المدنية في عام 1935م، مما قلل من خسائرها أثناء الحرب العالمية الثانية حيث وصلت إلى 60 ألف قتيل وجريح مقارنة مع ألمانيا وفرنسا، فوصلت إلى 550 ألفاً بين قتيل وجريح في ألمانيا و 640 ألفاً بين قتيل وجريح في فرنسا، وبالتالي ظهر جدياً ضرورة تنظيم هيكل الحماية المدنية في عام 1960م الذي شمل معظم دول العالم، حتى أن هناك وزارات مختصة بشؤون الحماية المدنية في بلدان مختلفة مثل نيوزيلندة (2)، وعلى مستوى الأمم المتحدة فقد تم تسجيل المنظمة الدولية للحماية المدنية رسمياً في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1966م وفقاً للمادة 102 من الميثاق حيث تضمن نشاطها المهام الآتية (3):
1-  تدريب مستخدمي الحماية المدنية.
2-  إعداد ونشر المستندات الفنية الأساسية والمراجع من أجل تسهيل واجبات ومهام الأجهزة الوطنية.
3-  تجميع وتسجيل جميع ما ينشر من بيانات حول النظم التابعة للحماية المدنية في العالم.
4-  تنمية تدريس الإسعاف ومكافحة النيران والإنقاذ بدءاً من التعليم الابتدائي وحتى التعليم العالي.
5-  تخطيط وتنظيم حماية المنشآت الصناعية والتجارية والحكومية.
6-  إجراء دراسات وبحوث تهتم بالأخطار النوعية مثل الفيضانات والزلازل والأعاصير والانزلاق الأرضي أو الثلجي، والأوبئة والانفجارات والتلوث والحرائق وغيرها.
7-  تنظيم المساعدة الإقليمية في حال وقوع كارثة.
8-  التعاون مع المنظمات والمؤسسات المختصة.
أما على المستوى العربي فقد تم إنشاء المكتب العربي للحماية المدنية والإنقاذ وذلك بناء على قرار مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1983م يتبع إدارياً جامعة الدول العربية، وعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي فقد توالت اجتماعات عديدة تخص تشكيل لجان تقييم ومتابعة للأجهزة الأمنية في وزارات الداخلية، وعقد أول اجتماع متخصص للدفاع المدني في أبوظبي في الفترة 29-31 مارس (آذار) 1987م، ثم في الرياض 12-13 سبتمبر (ايلول) 1988م، حيث تتوالى الاجتماعات سنوياً لتدارس آخر المستجدات في هذا الموضوع.
وعلى الصعيد المحلي فقد أنشئت في عام 1402هـ (1982م) إدارة الإغاثة والحماية من الكوارث ثم أعيد تشكيلها عام 1406هـ (1986م) إلى مسمى الحماية المدنية بموجب القرار الإداري 416/1406هـ وتاريخ 9/4/1406هـ حيث تحولت إلى إدارة عامة مستقلة باسم الإدارة العامة لشؤون الحماية المدنية بموجب القرار 2/6/418 في 19/4/1409هـ، ونظراً لحداثة هذه الإدارة فقد وضعت خطة عمل تتماشى مع المتطلبات الحالية والمستقبلية في مجال الحماية المدنية في المملكة العربية السعودية شملت النقاط التالية:
1-   تصنيف المعلومات المختلفة بأشكال المخاطر القدرية والصناعية ودرجة خطورتها ومواقعها وتأثيراتها ووضع الخطط اللازمة لمواجهتها.
2-   التنسيق مع هيئة حماية البيئة لتحديد المخاطر التي تهدد السكان من أجل تزويدها بأجهزة الإنذار المبكر.
3-   إصدار بيانات وسجلات المواد الخطرة وخصائصها ونطاق خطرها والعمليات اللازمة للتغلب عليها.
4-   وضع الخطط الكفيلة للاستجابة للطوارئ في مواجهة الكوارث.
5-   التنسيق مع المراكز العلمية وهيئة حماية البيئة في كيفية التخلص من مخاطر النفايات.
6-   الإشراف على تسجيل مستويات الحماية في المخابئ أو الملاجئ وخلافها.
7-   الإشراف على وضع الخطة العامة للعمل التطوعي.
8-   وضع القواعد والأسس اللازمة لوسائل الإنذار المستخدمة.
9-   تحديد نغمات الإنذار وإبلاغها للجهات المعنية.
10-                   إصدار تعليمات استخدام وسائل الإنذار.
11-                   الإشراف على مباشرة أعمال الإغاثة وتوزيع المواد على المتضررين.
12-                   متابعة عمليات الإنقاذ وإقامة معسكرات الإيواء ونقل المتضررين إلى أماكن آمنة.
13-                   التنسيق الدوري الدولي لعمليات الإغاثة.
14-                   متابعة وإعداد التدابير الإحصائية السكانية بالتعاون مع الجهات المختصة.
15-                   التنسيق مع الوزارات والمصالح والمؤسسات العامة والخاصة لوضع إمكاناتها تحت تصرف الدفاع المدني في الحالات الطارئة.
16-                   تحديد متطلبات وأساليب العمل في مراكز العمليات الثابتة والمتحركة.
17-                   التنسيق مع وزارة الإعلام لوضع السياسة الإعلامية وتوعية السكان في المناطق المعرضة للخطر.
هذا ويتكون جهاز الدفاع المدني في المملكة العربية السعودية من المجلس الأعلى للدفاع المدني ومجلس الدفاع المدني في المدن والمديرية العامة للدفاع المدني، وقد صدر الأمر السامي الكريم رقم 6858 وتاريخ 24/3/1385هـ بالموافقة على إنشاء المديرية العامة للدفاع المدني وتعزيزها بالأجهزة اللازمة والميزانية الخاصة (4).
وتزداد أهمية الدفاع المدني في حالات كثيرة أهمها حالة السلم أو الاضطرابات الداخلية أو الاحتلال أو إعادة تعمير البلاد بعد الكوارث. كما يمكن للدفاع المدني أن يساهم في مجالات الحوادث العامة في الطيران المدني والسكك الحديدية والحرائق والانفجارات والمرور والانهيارات والفيضانات والأعاصير وغرق البواخر والزلازل وانهيار السدود والتلوث الكيميائي والذري، والتسمم وذوبان الثلوج والأوبئة السامة والمجاعة والحروب الأهلية والحروب التقليدية والكيميائية والبيولوجية والنووية وغيرها. لذا يجب وضع دراسات ملائمة وبحوث أكاديمية وتطبيقية تعالج المخاطر السابقة والتي يتوقع أن يزداد تأثير بعضها بين حين وآخر في العقود القادمة. أما أهم الأجهزة التنظيمية للدفاع المدني فتتمثل بالإنذار والتنبيه والاتصالات والأمن أو المخابرات ومكافحة الحرائق والإنقاذ وأمن المياه والكهرباء والغاز والإسعاف والإغاثة والنقل والصيانة والملاجئ. كما أن الهيكلية الإدارية تتغير من بلد لآخر حسب وضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجغرافي، حيث تتكون من أقسام متخصصة ترسم سياسة بحوث التطوير والعمل الميداني وعلاقتها مع أجهزة الدولة الأخرى من خلال وضع المراجع والنظم القانونية والإعلامية والتوعية المختلفة. كما اهتمت بعض الدول في مساهمة الدفاع المدني في القطاع الصناعي وذلك بهدف حماية الصناعة والإبقاء عليها واستمرارها على المستويين الوطني والاقليمي في حالات الطوارئ والحرب والسلم وذلك من خلال تنفيذ الإجراءات الآتية:
·       الارتقاء بمستوى الأمن والسلامة في المرافق الصناعية والمباني والتجهيزات ومحطات الطاقة ومصادر الوقود والتموين ووسائل النقل والاتصالات وغيرها.
·       إعداد نظام عمل خاص بالطوارئ.
·       حماية القوى العاملة.
·       تأمين احتياطي للمواد والوقود والآلات والأدوات المختلفة كقطاع الغيار..
·       اتخاذ الإجراءات المناسبة لتسهيل سرعة إعادة الإصلاح والصيانة وعدم توقف وسائل الإنتاج.
·       تطوير برامج التعليم الفني والتدريسي والحرفي على أهمية العناية في تنفيذ المنشآت الهندسية على أكمل وجه (5، 6).

3- المخاطر الرئيسة – أشكالها وأنواعها وآخر مستجداتها:
تواجه مختلف دول العالم مخاطر وتحديات ترتبط بالتلوث البيئي والإشعاعي والكهرومغناطيسي والذري والكيميائي والبيولوجي والمعلوماتي (المستهدف عن بعد) والإعلامي، وكذلك نقص المياه وموارد الطاقة والأمراض الوبائية والمخدرات والأعمال الإرهابية والكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والتصحر والفيضانات والحرائق وتغيرات المناخ وغيرها. تعالج هذه الفقرة بإيجاز أهم هذه المخاطر من خلال دراسة أسبابها وتأثيراتها وطرق الوقاية منها.
-التلوث البيئي: يعتبر من أهم المخاطر التي ستواجه دول العالم وسببه الرئيس هو تلف طبقة الأوزون في الغلاف الجوي وتغير مستويات الأشعة فوق البنفسجية، حيث أن الأوزون يحمي كوكبنا من ازدياد ظاهرة التسخين الحراري. ويعود نقص الأوزون لأسباب عدة أهمها الإسراف في استخدام غازات الفريون والهالوجينات في نظم التبريد والاسطوانة المضغوطة ومعطرات الجو والمبيدات المضغوطة وطفايات الحرائق والكلور – فلورو كربونات المنبعثة من مداخن المصانع، وزيادة استخدام الأسمدة النيتروجينية وتسرب الغازات من عوادم السيارات والحركة المستمرة للطائرات النفاثة المدنية والعسكرية والانفجارات الناجمة عن التجارب النووية في طبقات الجو المرتفعة، والتيارات الهوائية المفاجئة والأعاصير المركزة وضجيج المدن الكبيرة (7 ، 8).
- التلوث الإشعاعي: ويشمل أنواع الأشعة المنبعثة أو المتواجدة في الجو في الحالات العادية (السلم) أو في الحروب والكوارث الإشعاعية المختلفة، ويقصد بالتلوث الإشعاعي انبعاث الأشعة بمختلف أنواعها كجسيمات ألفا وبيتا وجاما والنترونات والغبار الذري.. وهي تنجم عن استخدام منشآت محطات الطاقة النووية أو نشوب هجوم أو انفجار أو تسرب نووي أو تجارب نووية، حيث ترتبط درجة تأثيرها على الإنسان والبيئة بحجم التدمير ومساحة المنطقة المتأثرة المنكوبة وعدد الإصابات وحجم المكان الملوث إشعاعياً، كما أن الحرارة الشديدة والضغط الهائل والرياح الهوجاء الناتجة عن الأسلحة النووية لها قوة تدمير هائلة مقارنة مع الأسلحة التقليدية؛ ومن أهم هذه الأسلحة القنبلة الذرية – الإنشطارية والقنبلة النترونية – الهيدروجينية والقنبلة الكوبالتية والصواريخ ذات الرؤوس النووية بعيدة المدى وعابرة القارات، أو الصواريخ التكتيكية قريبة المدى (9 ، 10).
- التلوث الكهرومغناطيسي: وينجم عن التوسع الكبير في شبكات أو خطوط نقل القدرة الكهربائية وذلك على حساب التنمية الحضارية في المجتمعات، حيث تؤثر الأمواج الكهرومغناطيسية على الكائنات الحية والأجهزة والآلات الكهربائية والإلكترونية المختلفة.كما أن ازدياد استخدام نظم الاتصالات بكافة أشكالها وأنواعها ستسبب أضراراً غير واضحة علمياً حتى الآن على الجو والكائنات الحية.
- التلوث الكيميائي: يمثل أيضاً خطراً متفاقماً في حالات الحرب والسلم معاً نظراً لازدياد عدد المخلفات أو الفضلات الكيميائية من المصانع أو الأسلحة الكيميائية كالصواريخ، والمدافع والبنادق، والألغام، والقنابل.. حيث تنشر غازات وأبخرة طيارة تؤثر على الإنسان والحيوان والنبات، وعلى سبيل المثال أكدت دراسات حديثة على أهمية تحديد ملوثات المياه وخاصة المواد العضوية وغير العضوية والتي تشكل محاليل معقدة مع الماء؛ حيث تم تحديد النسب المئوية لكل من الرصاص والزئبق والكادميوم والمبيدات. أما مصادر هذا التلوث فيرتبط مباشرة في طرق تصريف مخلفات البلدان الصناعية والمعروفة بتصريف المياه الصناعية وذلك في الأنهار والمجاري والبحيرات والمحيطات، حيث تقدر بحوالي 6000 كيلو متر مكعب سنوياً من المياه الملوثة (11، 12).
-التلوث البيولوجي: يخلف وراءه أمراض وأوبئة تنتشر بسهولة في الجو المحيط بموقع التفجير البيولوجي أو الحرب البيولوجية. ويعتمد مبدأ التلوث البيولوجي على نشر الميكروبات وسمومها لإصابة وقتل الكائنات الحية بهدف التدمير الشامل. إن معظم أنواع التلوث التي مرت معنا سابقاً يمكن إزالتها عند توفر الأجهزة والأدوات الكاشفة لها إن كان مصدرها نووياً أو كيميائياً أو بيولوجياً، ومع ذلك فإن معظم هذه الأجهزة تحتاج إلى تطوير كفاءتها.
لاشك أن توسع الحاسب الآلي وشبكاته المعلوماتية المختلفة سيساعد على تحسين الأداء العلمي والاقتصادي والسياسي والإعلامي بصورة عامة، ولكن إذا كان التدفق المعلوماتي والإعلامي يصدر باتجاه واحد فإنه ستنتج عنه مفهوم السيطرة عن بعد الذي قد يؤثر سلباً على الأجيال القادمة مستقبلاً. لذا لابد من وضع أسس دفاعية يمكن لجهاز الدفاع المدني أن يساهم بها أيضاً في هذا المجال. كما أن مخاطر نقص المياه قضية مستقبلية معقدة وخاصة أن ازدياد الكثافة السكانية والطلب الكبير على المياه سيؤدي إلى نضوب المياه الجوفية والأنهار، وقد تحدث صدامات أو حروب مائية بين الدول المتجاورة لا يعرف مصيرها ونتائجها. كما أن نقص موارد الطاقة قد يؤدي إلى مخاطر اقتصادية مختلفة، لذا لابد من ميزان التوازن بين الاقتصاد والبيئة ومصادر الطاقة المختلفة.
إن الأمراض الوبائية الجديدة التي قد يكون سببها سياسياً أو اقتصادياً أو أخلاقياً ستؤدي إلى مخاطر قد تمتد إلى دول مختلفة، حيث تصرف حالياً الكثير من الأموال لتمويل البحوث الطبية والدوائية اللازمة لدرء مخاطر هذه الأوبئة. كما أن المخدرات داء خطير وسم قاتل يقضي على مقدرات الأمم وينشر بين أفرادها الشر والفساد والجريمة والانحطاط والتي هي من أهم أسباب تبدد الحضارة ومقوماتها، وتظهر المخدرات بأشكالها التقليدية والحديثة حيث تحمل صفات ذات تأثير مباشر وغير مباشر تظهر فيما بعد في المجتمع مشكلة أضراراً صحية واجتماعية واقتصادية قاسية، وفي مجتمعنا الإسلامي تعتبر المملكة العربية السعودية أقل الدول العربية والأجنبية التي تتعاطى المخدرات، ويرجع الفضل في عدم انتشارها إلى موقف الشريعة الإسلامية منها ونظام الحكم الذي يستند على الكتاب والسنة (13، 14).
ونظراً لعدم الاستقرار السياسي في بعض المناطق الإقليمية في العالم فإن النشاط الإرهابي ستزداد وتيرته وهذا سينعكس سلباً على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي معاً، ويجب التنبه لمثل ذلك حيث يمكن للدفاع المدني أن يقوم بدور فعال في هذا المجال. وأخيراً فإن الكوارث الطبيعية والعامة تمثل المخاطر الأكثر أهمية وذلك لحدوثها بصورة مفاجئة نتيجة تغيرات مناخية أو أرضية يصعب التنبؤ عنها. وتصنيف الكوارث الطبيعية حسب أسبابها كالحرائق والفيضانات والهزات الأرضية والأعاصير والبراكين والإشعاعات والمواد السامة والتصحر وغيرها. وتعرف الكارثة الطبيعية بأنها رد فعل الطبيعة تجاه هزة أرضية أو فوران بركاني، أو فيضان أو انهيار ثلجي أو انزلاق أرضي أو إعصار أو تلاطم أمواج البحر وخلافه. وعلى سبيل المثال وفي حال حدوث كارثة الزلازل فإن الدمار سيشمل المباني والمنشآت، كما سيخلف وراءه ضحايا تتناثر في كل مكان، ولذا تم تصنيع بعض أجهزة الكشف والإصغاء (التصنت) مثل جهاز كبسون وأوربيغون، ومع ذلك لم تثبت معظم هذه الأجهزة جدواها في كوارث الزلازل التي حدثت مؤخراً في اليابان وتركيا وتايوان. وعلى هذا يمكن القول أن هنالك مجالاً علمياً واسعاً لإجراء مزيداً من بحوث تطوير الأداء وبالتالي إنقاذ المناطق المنكوبة قدر الإمكان. أما الكارثة العامة فهي رد فعل الإنسان على الحرائق العادية والانفجارات وحوادث الطرق والطيران، وسقوط المباني أو القناطر أو السدود، المناجم والمنشآت الصناعية والمنشآت النووية، والتسمم الجماعي وكوارث الأوبئة والصراعات المسلحة وغيرها.
تقسم الحرائق إلى أنواع عدة تعرف تحت مسمى المجموعة (أ) والمجموعة (ب) والمجموعة (ج) والمجموعة (د). فالمجموعة (أ) تمثل الحرائق العادية المسامية الكربونية وتطفأ باستخدام أساليب التبريد بالمياه أو المحاليل المائية. أما المجموعة (ب) فتسمى بحرائق المواد البترولية والسريعة الاشتعال كما تدعي هذه الحرائق أيضاً بحرائق السطح التي تتمركز على سطح السائل وتطفأ عادة بالخنق أي باستخدام الرمال أو المواد الرغوية أو coB2B أو البودرة الكيميائية الجافة. تضم المجموعة (ج) حرائق الأجهزة أو المعدات الكهربائية و محركات السيارات وتطفأ بالخنق أيضاً ولكن باستخدام مواد غير موصلة للتيار الكهربائي مثل البودرة الكيميائية الجافة أو أو cclB4B أو الكلور بهدف خفض غاز الأكسجين من محيط الاشتعال، أي يجب عدم استعمال الماء في حوادث حريق هذه المجموعة. أما حرائق المجموعة (د) فتضم المعادن حيث تكون حرارتها شديدة وتشكل أخطاراً جسمية ولا يستخدم الماء في إطفاءها. وإنما تستخدم الرمال أو الجرافيت وأنواع البودرة الخاصة بها. وهنا يجب التنويه على أهمية اقتناء الطفايات الثابتة أو المتنقلة (المحمولة) في المصانع والمساكن والسيارات ومحطات القدرة الكهربائية، كما يجب اختبارها والتأكد من سلامتها بين فترة وأخرى، وعادة يندلع الحريق ماراً بمراحل عدة أهمها الاشتعال والانتشار والتطور والإخماد. ولذا لابد من تطوير الوسائل الحالية وذلك للسيطرة على الحرائق بصورة أسرع، ويمكن توجيه بحوث التطوير في سبيل الوصول إلى تقنيات فعالة تلائم الحرائق بكافة أنواعها. أما حرائق الغابات والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة في بعض بقاع العالم فهي تحتاج إلى فترات زمنية أطول لإطفائها وذلك بسبب الرياح الطبيعية المتغيرة وحالة الجو أو الطقس المحيط بها. هذا وترتبط شدة الحريق عادة بقوة القدرة الحرارية وسطح المواد القابلة للاحتراق وكمية الأكسجين المحيطة. لذا تنتشر حرارة الحرائق بآليات الحمل الحراري والإشعاع والتوصيل، ولابد من تطوير نظرية الإطفاء وجعلها ناجعة مهما كان مستوى الحريق إن كان ذلك في مجمعات مأهولة أو مجمعات صناعية أو زراعية وغيرها (15).
أما الفيضانات يعتبر رصدها والتنبؤ بها من العمليات المعقدة التي يواجهها الإنسان المعاصر، وحتى مع التطور العلمي الذي وصلت إليه محطات الطقس والمناخ فإن التنبؤات الدقيقة لم تصل إلى مرحلة تستطيع تحديد زمن حدوث الفيضان. لذا لابد من الاستعداد لمواجهة موجة الفيضانات المدمرة التي تصل خسائرها حتى في الدول المتقدمة من 60% إلى 90%، (16). إن المنشآت الواقية من الفيضانات كثيرة تختلف شكلها ونوعها حسب ظروف المنطقة الجغرافية والمناخية والاقتصادية. هذا وتتميز هذه المنشآت بالآتي:
1-    إن جميع المنشآت والوسائل الواقعية من الفيضان متعددة الأغراض كالسدود الترابية والخزانات وأحواض الأنهار، حيث يمكن الاستفادة منها في أغراض مياه الشرب والري وتربية الحيوان والصناعة وغيرها.
2-    إن منشآت الفيضان لا تسبب عبئاً أو ضرراً للإنسان مقارنة مع المنشآت الحربية، وليس لها عبئاً اقتصادياً أو أمنياً حتى وإن لم يحدث الفيضان لأنها تستغل لأغراض مفيدة.
3-    إن منشآت الفيضانات قليلة التكلفة بكافة مراحلها من دراسات وتصميم وإنشاء وتنفيذ وصيانة وتشغيل.
4-    لا تحتاج منشآت الفيضان إلى حراسة أو حماية من التلف أو السرقة أو الحريق إلا في ظروف استثنائية نادرة الحدوث.
وعلى العكس فإن الجفاف يمثل كاثرة مناخية هامة، إذ تتعرض بعض مناطق العالم إلى شح مائي كبير، ولذا فالحاجة ملحة إلى تسجيل البيانات والمعلومات الخاصة بالمناطق الجافة وكذلك ضرورة متابعة الدراسات والبحوث التي تخص ظاهرة الجفاف بهدف إيجاد الوسائل أو طرق التخفيف منها.
ومن جهة أخرى توجد طرق عديدة في مجال البحث عن الضحايا الناتجة عن كوارث طبيعية أو كوارث عامة. ومن أهمها طريقة المسح المتوازي في اراضي مفتوحة، وطريقة البحث الكنتوري في المناطق الجبلية والمنعزلة والهضاب، وكذلك هناك طرق البحث الجوي باستخدام الطائرات العمودية وغيرها. أما في حالات الطوارئ الذي قد يكون سببه كارثة أو حرب ما فإنه يجب بناء الملاجئ أو المخابئ المعدة للحماية المدنية التي تتمتع بالآتي:
1-  الموقع المناسب والمواد الأساسية اللازمة وقطع الغيار وغيرها.
2-  تأمين تجهيزات خاصة بالتهوية والإضاءة والطاقة الكهربائية (ديزل، طاقة شمسية..) ومياه الشرب والغسيل والطهي.
3-  تأمين مصادر الغذاء المناسبة وطرق تصريفه.
4-  تأمين الدواء والكساء وتخزينه بطرق مناسبة.
5-  إنشاء الأنفاق الأرضة.
6-  تأمين احتياطي استراتيجي للوقود والمياه تحت الأرض.
 وتختلف هندسة بناء الملاجئ حسب الظروف والمتطلبات الميدانية، فتتضمن ملاجئ للقيادات (غرف العمليات الرئيسية) والوثائق الهامة وكنوز الدولة، وملاجئ أرضية وأقبية المباني، وملاجئ سطحية، وخنادق أرضية وغيرها.

4- التقنية الحديثة ودور الدفاع المدني في مواجهة مخاطر القرن الجديدة:
تحاول أجهزة الدفاع المدني في بعض دول العالم إدخال تقنيات وأفكار جديدة تساعد على تخفيف المخاطر الحالية والمتوقعة مستقبلاً، وعلى سبيل المثال يمكن التوسع في استخدامات نظم المعلومات والاتصالات والتصوير الحراري والكواشف الإشعاعية الدقيقة ومعدات الطاقة والمياه والملاجئ الحديثة.

Post a Comment

Previous Post Next Post