ألفاظ القصيدة الشعبية:

تتسم ألفاظ القصيدة الشعبية العربية بالتصاقها بالبيئة الطبيعية التصاقاً وثيقاً، ولا نغالي إن قلنا إنها انعكاس صادق وواضح للبيئة بكل مكوناتها وأنواعها من فلكية وحيوانية وتضاريسية ومناخية، مما يشير إلى سلامة الطبع عند الإنسان العربي، وفطريته واتحاده مع الطبيعة جزءاً لا يتجزأ منها.
ونستعرض في ما يلي ثلاثة مقاطع من الجزيرة العربية وبادية الشام والصحراء الليبية تترجم ما تقدم بشكل واضح. قال الشاعر محمد العبدالله القاضي العنـزي النجدي المتوفى سنة 1284هـ في حساب العام من البروج والمنازل والنجوم من قصيدة طويلة تبلغ ثلاثة وخمسين بيتاً(2):

ترى أول انجوم القيظ سبع رصايف            كما جيب وضحا ضايع الشبك دالق
أو تقل شاخ والتويبع تبيعهــا           في برجهـا كمــا الـدال دالــق
يرفع بها عاهات الاثمار وعشبهـا          يـغدي من سموم الحر مثل الحرايــق
............
واثني عشر باقي سهيل وبعدهــن       تظهر انجوم الوسم صم الحدايـــق
بهن يظهر الهدهد والاشجار كلهـا        تغرس ويجري الماء بالعـود سابــق

فالشاعر في هذه الأبيات يؤرخ لأول فصل الصيف، وقد علم عليه جرياً على عادة العرب من قديم بطلوع الثريا (النجم) وهي سبع أنجم متراصفة كالعنقود، وقد شبهها الشاعر بما بدا من عنق "وضحا" وقد انحسر عنه الغطاء..... وفي البيت الثاني يشير لما يعرف عند الفلكيين باسم حادي النجم، أو تالي النجم، وهو الدَّبِران، وبينه وبين الثريا (النجم) نُجيمات تسمى "قِلاص النجم"، وشبهوه كأنه رجل يسوق أمامه إبلا مهراً لعروس (الثريا) وهذا ما عبّر عنه شاعرهم قديماً بقوله(3):
أما ابن حوط فقد وفى بعدته                كما وفى بقلاص النجم حاديها

وفي البيت الثالث إشارة لما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله "إذا طلع النجم رفعت العاهة" والمقصود عن النخل تحديداً، ويشتد الحر، ويتصوّح البقل.

وفي البيت الرابع من الأبيات المختارة إشارة إلى طلوع سهيل، وهو نجم يماني، يعلم العرب بطلوعه على ابتداء البرد، ومن أقوالهم في بلاد الشام "إذا طلع سهيل برد الليل وادخل الخيل" وفيه إشارة إلى ابتداء نزول المطر الأول "الوسميّ" وهو أول امطار الخريف.

وقريب من هذا المعنى ما عبّر عنه الشاعر خُلَيف مُهَيزِع الهزّاع بقوله(4):
ومن الثريا الميّا شتاها بمنظار                 متعاقبنها بزهر في زيارة
أي عندما يسطع نجم الثريا في كبد السماء، ونلمح نجمة الزهرة نعد عدتنا ونتأهب لقضاء حاجاتنا.

ثم تحدث عن برج الدلو، الذي يصادف ابتداء الدفء نوعاً ما، وبدء ظهور طائر الهدهد، وغرس الأشجار، وتحرك الماء في العود، إذ يكون ذلك بعد رياح الفصل. وجدير بالذكر أنني لاحظت عرب عسير جنوب المملكة العربية السعودية يعملون بطلوع الهدهد واليمام من تهامة على ابتداء موسم الدفء (الربيع) في بلادهم.

إن قصيدة الشاعر تمثل سمفونية تستعرض الزمن في دورة العام، وما يصاحبها من الطبائع المختلفة، من حر وبرد، ومطر وجفاف، ونجوم تظهر وأخرى تختفي وأشجار تورق, وزروع تستحصد وثمار تطيب، وبقل يتصوّح.

ويقول سلامة الغيشان (اعزيز) وهو من الأردن يعاتب شهر شباط (الثاني في التقويم الميلادي) إذ لم ينزل فيه مطر خلافاً لما جرت عليه العادة بأذن الله(5):
روح يا شباط يا حيفي عليك               ما شفنا ياشين من شهـرك مطـر
والخلايق كلها عينه عليـك                          مـرّن كوانين والـك تنتظــر
الفلايح كلها راحـت عليــك                   ما كسب الفلاح مـن حـب بـذر
امن الطفيلة للكرك لفوا هجيج             من ابلاد ناشـفاً فيهــا الشجـر
ذاك يمشي وذاك واقع بالطريق              او ذاك يصرخ، ويلنا، مات الظهر
ما شافون اسنين مثله بالمحـــل          ما يدشرون الطيب ولو شح الدهر
(كوانين: يقصد شهري 12 ، 1 وهما شهرا البرد) (مات الظهر: أي الإبل جدبا) ثم يصوغ الشاعر أبياتا على لسان شهر شباط يرد فيها عليه فيقول:
لا تلغي نلغ يا اعزيز عليــك            نسيت فعلي يـوم منــي تنحشـر
تقعد اسبوعين وامغلق عليــك          والنوافذ اتسكره ابطين وحجـــر
من كثر الرعود يوم انه تجيـك            والهوا شديد تسمـع لــه زمــر
والثلوج امطعسـه على اقلالـك         والسهـول متفجـرة تقــل نهـر

فالشاعر في هذه الأبيات يحمل على شهر شباط وقد أخلف، فأصاب الناس بأس شديد مما اضطرهم للرحلة وقد أعياهم الجوع والعطش، فيرد عليه الشهر مانّا ما كان من شأنه فيما تقدم من أنه كان يرافقه بفضل الله مطر غزير يضطر الناس إلى المكوث في بيوتها أسبوعين وقد أغلقوا النوافذ بالحجر والطين كيلا يتسرب منها البرد، وكان يأتي برعود كثيرة ورياح شديدة بين يدي المطر والثلج الذي يتراكم على الجبال فكأنه طعوس الرمل (دعوص جمع دعص وقد وردت في معلقة طرقة ا لبكري) والمطر يتنزل، وتفيض به السهول والمنخفضات.

ويقدم لنا محمد سعيد القشاط من شعراء الغرب الليبي في آخر ديوانه المعروف "من ليالي السمر"(6) لوحة سماوية تتكون من بعض النجوم والظواهر صوّر بها محبوبته التي كان يرى فيها ما هو أبهى وأبهج من تلك النجوم، وأن بعضها قد غار منها، فيقول:
(الميـزان) هـاف تواطــه             و (اسهيل) في روس الجبال يتماطه
وهاكه (طريق التبن) دار زطاطه   ورقة عمود الفجـر كيــف جبينــك
............
انجــوم السمـا  ينجاحـوا            وحتى (المرازم) يا نديده طاحـوا
وهوكه (بنات النعش) لوطه ماحوا         ولا  لاح حلـى الصدر بتشرنينــك
فيك نرتجو يا ام التمايــم فاحـوا                نرجوك حتى نخلصوا في دينـك

وجملة المعنى أن مجموعة الميزان من برج الجوزاء وهي (ستة أنجم في سطرين متساويين متعامدين تقريباً) ونجم سهيل والمجرة أبدت حياءها من جمالك، وذلك هو عمود الفجر (الفلق) يحاكى في وضاءته ووضوحه لون جبينك. إن نجوم السماء مبهورة بجمالك بما في ذلك المرزمان وبنات نعش إذ شبهها في جنوحها عن دائرة فلك البروج وكأنها لاذت بطرف الأفق حياء منها عندما شاهدت جمالها. وهذا التشبيه مطابق إلى حد ما قول نمر بن عدوان في رثاء وضحا(7):
الخد نور الخد يا ناس لو بــــان               غاب البدر مخجول يسرع اعتاب
إذ جعل البدر يغيب خجلاً من جمالها لأنه أعظم من جماله وبهائه.

نلاحظ مما تقدم أن ا لشعراء الثلاثة أبدوا التصاقاً حميماً بالبيئة، مما يوضح أثر البيئة الطبيعية في صياغة حياة الإنسان، وتكوين ثقافته وتلوين عبارته.

ونقدم فيما يأتي أبياتاً تعكس صورة أخرى تنسجم مع ما تقدم، وتبدي مدى التطابق بين الشعراء العرب في أصقاع الوطن الكبير المختلفة، وهي مبنية على عبارة افجاج الخلا أو الفلا، أو فجوج الخلا، جمع فج "عميق" وهي بمعنى الطرق البعيدة الواسعة. وهي غالباً ما ترد في معرض المباهاة بقطعها كناية عن المقدرة والصبر على العزّاء، أو كناية عن الرغبة في توسيع البال والتنزه على جهة الطرد والصيد أو الانتجاع ونحو ذلك. قال نمر بن عدوان(8):
من عقب ذا يا راكبا بكر عنـــس              قطّاع ل افجوج الفلا مطرشاني.
يريد أنه بعد أن يشتد عليه العمس (الهم) - وقد ذكره في الأبيات السابقة - يبادر إلى ارتحال ناقته ويقطع بها فجوج الفلا لتفريج الهم أو طلباً للأحبة.
ويقول الشاعر الليبي عبد المطلب الجماعي المتوفى سنة 1890م. قرب العقيلة من منطقة أجدابية على الساحل الشرقي من خليج سرت بليبيا- في الإبل وما تقدمه للإنسان من خدمة:
يجي بيه يبلع كان صار مغيره                         فجوج الخلا في ساعته يطويهــا
أي أنها تمكنه من قطع المسافات بسرعة لا سيما في الغارات. ومما نحفظ من شعر سمعناه في صبيخة قحطان في حاشية الربع الخالي الشمالية  الغربية على لسان خالد بن ذيب بن شفلوت قوله:
يا ليتنا يا الزين في الأريـاف                         نضرب فجاج الفلا يا مدعج عيونه
وهذا المعنى شبيه بقولهم "نضرب الفيافي" على نحو ما نجده في قول تركي بن ماضي(9):
كنى على لاماك بالليــن والقسـا                اصبر كما تصبر على الشيل الاجمالي
يضرب الفيافي والتجافي مع العنا          وزج المدامع فوق الاوجان نفسالـي

ومن استخدامهم الفجوج في مقام يناقض ما تقدم، أن الشاعر يعبر عن ضيقه وغمة باله بقوله أن الفجوج ضاقت عليه (بما رحبت)، ومن ذلك قول غريب الشلاجي واصفاً صبر ناقته ووفاءها(10):
يا راجب اللي بمشيـه تروجـي                    جدعية كطع الفرج من مناهــا
ليا روحت تبرى شنيع الخلوجي                      تدري تكل بيعرض فخذه بلاهـا
تلفي على ربعي  ميال الدعوجي                     قل لهم تريني بسهلة من خلاهــا
با قصى الزمك بيحد تل الفلوجي                   لا عاد يا يوم جرى لي وراهــا
من بعدهم ظاكت علي الفجوجـي                          والظبعة العرجا تبشر جراهـــا

وهذا ما عبّر عنه الشاعر الجبلي عيد عقل البنيان بقوله(11):
البارح القلـب يـا حيـزان                       وهموم بقعـــا تدالنه
والهجن ركابهن يا فــلان                         اليا ظاق بالك يفظنــه
والمعنى والخطاب لصديقه حيزان أن الهموم تداولت قلبه البارحة، ولذا فهو يذكر الإبل التي من شأنها أن توسع الخاطر وتفضي البال.

وفي الصورة التالية التي يقدمها الشاعر عبد المطلب الجماعي ما ينطبق على الصورة السابقة، ويتفق معها على الرغم من اتساع الشقة بين الشاعرين - هذا من مغرب الوطن وذلك من مشرقه. والأبيات في وصف الإبل ودورها في الترويح عن الإنسان إضافة للفوائد الأخرى التي تمكنه منها. يقول(12):
رقاب الرال وخشوش الفجــاوي                يا تــن بالفــرج للــي مشـى
دوا للحــي مــا كيفــه مـداوي                 ركـوب القود هزتهــا شفـا
تفضي البال لاجت في السـراوي                             وتصبح في ضحاضيحاً أخرى
مراكب مــو معدلهـا سطـاوي                   قصــوراً مــو معليهــا بنـا
...... إلى آخره ....

ولهذه الإبل رقاب كرقاب صغار النعام، وهي تقتحم البر، وتأتي بالفرج وتداوي الإنسان دواء لا مثيل له، وتشفي راكبها بخببها واهتزازها وتوسع البال عند السرى، وإذا كان الصباح تكون قد قطعت مسافة بعيدة فإذا بها في السباسب وقد لمع السراب فيها كأنه الماء الضحل، وهي تشبه السفن غير أنها لم تصنع بأيدي الأسطوات (جمع أسطة، وهي تركيّة بمعنى عامل فني) وهي قصور لكن لم تشد بأيدي البنائين.

والمقاطع الثلاثة الأخيرة شائعة في أشعار المشارقة، وهي من الصور القديمة التي تسلسلت في الشعر الشعبي حتى وصلت إلينا اليوم. وهي:
1-صورة السرى والسراب - الضحضاح، ونظفر بهذه الصورة في شعر محمد العبد الله     القاضي(13) إذ قال:
وكم ساري في تالي الليل منجــوم                أصبح بضحضاح بعيد المظامي
إذ نجد الصورة عند الشاعرين، على بعد هذا من ذاك، واحدة وبألفاظها نفسها تقريباً.        ومن الضحضاح في الشعر القديم قول المثقب العبدي وهو جاهلي من عبد القيس:
فراحت بهـا تعـــارض مبـــكراً           على ضحاضحه وعلى المتون(14)
أي على الأماكن المستوية التي يترقرق فيها السراب، وعلى الأماكن المرتفعة الممتدة.
وقال رؤبة بن العجاج التميمي، وهو أموي:
بــأرض حـر قــذف يبابـهـا              يجري بضحضاح الضحى سرابها(15)
أي بأرض واسعة خالية حارة يغمرها السراب ضحى.
2-والصورة الثانية هي تشبيه الإبل بالمراكب البحرية، وتلك لعمري صورة تراثية خالدة هي التي أغرت ذا الرمة في العهد الأموي بتسمية الناقة سفينة بر، مما مهد للتسمية   الحديثة سفينة الصحراء. وقد استعرضنا هذه المسألة بإسهاب في بحثنا عن الإبل الذي سبق نشره في هذه المجلة.
3-والثالثة تشبيه الناقة بالقصر، غير أنها لم تبن كما تبنى القصور. وهذه أيضا صورة          تراثية قديمة فكم شاعر وقف ناقته على الأطلال فكأنها فدن!! أي قصر.



القصيدة الشعبية والغريب:

ونعني بالغريب حوشي الألفاظ الذي كان يستخدم قديماً، ونادرها، إضافة إلى الألفاظ المألوفة في لغة الأدب القديم مما لم يعد مستخدماً في هذا العصر في النصوص الفصيحة، بينما ظل حياً لدلالاته القديمة في  الأدب الشعبي المعاصر سواء في مشرق الوطن ومغربه. ونستعرض في ما يلي طائفة من الألفاظ تؤكد ذلك.
1-أسماء بعض الحيوانات وما له علاقة بها وأسماء أعضائها وصفاتها:
ونذكر من ذلك الخَزَز - ذكر الأرانب، والخَشف، صغير الغزلان والجبَحَ، بمعنى خلية النحل، والقطا، العير، عوج العراقيب، والرأل لصغير النعام، والخرب؛ ذكر الحُبارى، والثِّلب، والظليم والشاهين(14)، وبعد الشأو(15) والقُطامي ونحو ذلك. ونورد في ما يلي أبياتاً تضمنت بعضاً من هذه المفردات. يقول عيد البنيان(16) في وصف عيني محبوبته:
عينها عين القطامــى                      وإلا شيخ الصيد شلّه
أي أنها تشبه عيني هذا الطائر، وهو من عائلة الصقور، وإلا فهي تشبه عيني الصقر الذي كنى عنه بشيخ الصيد. وقال خليف الهزاع(17) في امرأة يتغزل بها:
يا زول خشفة مطرق زينة السيرة سبحان الخالج مركوز الانهاد
والخشف هو صغير الظباء، وقد ورد في شعر امرئ القيس يصف ربيئة فقال:
فظل كمثل الخشف يرفع رأسه             وسائره مثل التراب المدقق
ويقول خالد رميلة في وصف الابل وألوانها(18):
والصفر كيف جمّاعة القير                   نحله مير والجبح طايب.
يصفها بمن يجمعون القير، أي أنها نشيطة دائبة الحركة، وهي تشبه النحل عندما يكون عسل الجبح قد طاب. والجبح هو أحجار متراكبة يتخذ النحل مثوى بينها ومعسل فيه. وقد ورد في أشعار هذيل وطرفة بن العبد البكري. وربما أوت إليه الضباع كما نجد في قول طرفة(19):
أبا لجرامق  ترجو أن تدين لكم             يا ابن الشديخ ضباع بين أجباح
وقال الطرِمّاح بن حكيم الطائي في أجباح العسل(20):
وان كنت عندي أنت أحلى من الجنى      جنى النحل أضحى واتناً بين أجباح
وهو في امرأة يصفها بأنها أحلى من عسل النحل وقد طاب بين الأجباح وهو نفس المعنى الذي أراده الشاعر خالد رميلة. وقال الجماعي(21) يصف فرسه:
وجت سابقه تصرد تقول نحيبه              بعيد شاوها شاشت يهدّي فيها
أي تجري بسرعة، وتقطع مسافة طويلة، والنحيبة هي الشاة التي تتقدم قطيع الغزال، وهذه الصورة نجدها، بمثل عبارتها في أشعار امرئ القيس. والخزز، ذكر الأرانب، قلما نجد له ذكراً في الشعر العربي القديم، ومما نحفظه قول امرئ القيس في عقاب تصيد الأرانب والثعالب:
تخطف خزان الشربة بالضحى               وقد جحرت ثعالب اورال
غير أن هذه الكلمة ما تزال حية لدلالتها القديمة، ففي قصيدة "حنا حقها نعطوه" لخالد رميلة يقول(22):
لاني خزز من وجه يرقد ع الوطا  ولا يهفني بالعيب صاحب نزيرها
يريد أن يقول انه شجاع وليس كذكر الأرانب إذ سمع طلقة نارية لطأ بالأرض خوفاً.

والخرب، ذكر الحبارى، لفظ قلما نظفر به في النصوص الأدبية القديمة، ونادراً ما تجد مثقفاً يستخدم هذه الكلمة، أو يعرفها لدلالتها، ولكنها وردت في الشعر الشعبي الليبي(23) حيث يقول الشاعر ابن رُويلة المعداني:
اليوم الحبارى يضربن في الحوزة   ونقب الصقورة ع الوطا عزّازه
وكم زغزغي منّه تخاف الحــــوزة   توطّى وصار الخرب في مركازه
والزغزيّ هو ذكر الصقر، والمعنى أن الحبارى والخربان التصقت بالأرض حينما رأت الصقور.

وخلاصة القول إن الإنسان العربي في بواديه شرقاً وغرباً ما زال يحيا حياة قوامها التواصل مع البيئة الطبيعية ويمثل الحيوان وما اتصل به أبرز مظاهرها لحركته وحاجة الإنسان اليه أو خوفه منه، فهو شريكه في التبدّي والعيش في الخلاء.

Post a Comment

Previous Post Next Post