الطلعات هذا اللون من الأغاني العربية الشعبية الفلسطينية شأنه شأن الكثير من الأغاني الشعبية الفلسطينية شائع على المستويين الشعبي والإبداعي في جميع أقطار بلاد الشام وفي الوقت ذاته هو متعدد الأشكال متنوعها, وهو بالتالي متعدد الأسماء, لكن تسميته ( بالطلعات ) هي التسمية الأكثر شيوعا في الضفة الغربية, وتنضوي تحتها جميع أشكاله, مع أنك قد تسمع من يسمي الطلعة ( زجلية ) ويجمعها على ( زجليات )أو من يسميها ( حداوية ) ويجمعها على ( حداوي )وقد سمعت في الجليل من يسمي لون الطلعة ذاته ( بالمرودحة ).

         وبالإضافة إلى ذلك فإن الكثير من الناس, ولا سيما  الفنانون الشعبيون, يسمون كل شكل من أشكال الطلعة باسم خاص به؛ يحمل دلالة فنية تشير إلى طبيعة الشكل المعنى, أو إلى عدد شطرات البيت الواحد من أبياته, مثال ( يا حلالي ) و ( المقسوم ) الذي يتقاسم الغناء فيه فنانان: يقول أحدهما بيتا من الشعر ويرد عليه الآخر بالبيت الثاني الذي يكمل الطلعة، و( القرادي ) والمربع والمخمس والمثمن, وهي تسميات واكبت التنوع الشديد في الأشكال البنائية للطلعات, وهو تنوع ناجم عن الحرية الفنية المتاحة للفنانين من المبدعين فيما يتعلق بالأوزان وبنظام القوافي المرن, وعدد أجزاء البيت الواحد من أبيات الطلعة .

نشأة الطلعات وتطورها

الأغاني الشعبية العربية على اختلاف أشكالها, والطلعات بالطبع واحدة من ألوانها, ليست وليدة هذا العصر, وإنما ترتبط ولادتها بنشأة اللهجات العامية كما أوضحنا في فقرة سابقة, ولعل من المفيد هنا أن نذكّر بأن بلاد الشام, موطن هذه الطلعات, هي في قلب المشرق العربي الذي امتزجت فيه ليس الدماء العربية بغير العربية فقط, وإنما أيضا امتزجت فيه الثقافة الفارسية والهندية والهلينستية (اليونانية) والتركية, وأثر ذلك كله على ظهور الأغاني العربية الشعبية بعامة, والأغاني وأغاني الطلعات منها بخاصة, وقد يلفت النظر بصورة واضحة في هذا الصدد أن شكل (الدوبيت = بيت الأغنية المكون من بيتي الشعر) في الأغاني الفارسية شائع في الكثير من أغانينا الشعبية مثل: العتابا والدلعونا وزريف الطول وغزيل وهويدلي ومشعل وليا بليا. ومما يلفت النظر, كذلك, التشابه الشديد بين ألحان الأغاني الفارسية وألحان الأغاني التركية وألحان أغانينا العربية الشعبية .

    ولأن الأصل في الغناء العربي هو الغناء بقصائد عربية فصيحة قصيرة أو طويلة منذ أن استقرت اللغة العربية الفصيحة على شكلها الأدبي الفصيح في القرن الميلادي السادس؛ فإن ألحان الغناء التي ترسخت في الذاكرة العربية الشعبية عبر الأجيال هي في الأصل ألحان وضعت للغناء بمقطوعات شعرية وقصائد مبنية على بحور الشعر الفصيح العمودي, وبعد أن ظهرت العاميات العربية واستحكمت في التعامل على المستويين الاجتماعي والفني؛ صار لا بد من نظم أشعار عامية توافق الألحان الموروثة عن أغاني الفصحى, أو توافق ألحان أغان فارسية أو رومية أو هندية, ولهذا السبب صرنا نجد  أغانينا الشعبية مبنية على بحور هي في معظمها من بحور الفصحى, أو في بعضها أوزان لم تعرف في أشعار العربية الفصحى, وإنما اقتبست عن ألحان لغات أخرى.

      وفي رأيي أن العوامل والحوافز المتعددة التي كانت تدفع باتجاه التحرر من قيود القصيدة العمودية المتمثلة أساسا في الالتزام ببحر واحد وقافية واحدة تطلبت ـ بالضرورة في بداية مرحلة الانتقال من الغناء بالفصحى إلى الغناء بالعامية ـ استمرار الغناء على نهج الفصحى, لكن بقصائد من الفصحى المكسرة؛ لأنهم أدخلوا عليها لازمة أو ردّة جماعية تتيح المشاركة للجمهور, كتلك التي ما زالت رائجة حتى هذا اليوم (1994) والمتمثلة في عبارة ( يا حلالي يا مالي ) بحيث صار المغني يهتف ببيت واحد من القصيدة, وترد عليه الجماعة بغناء لازمة ( يا حلالي يا مالي ) ثم راح هذا الاتجاه يتطور حتى أصبحت القصيدة الشعبية التي هي نظيرة القصيدة العمودية الفصيحة مقصورة على غناء الأمسيات, ومقيدة بلحن الربابة أي أن الفنانين الشعبيين تحرروا من قيودها, وأفادوا من ذلك التحرر في ابتداع أشكال مختلفة من الطلعات الشعبية التي تحتل في أيامنا هذه مكانة مرموقة بين مختلف أنواع الغناء الشعبي, وتتمتع بحظوة فائقة بين الجماهير الفلسطينية, بغض النظر عن أية فروق في المستويات الثقافية بين فئات تلك الجماهير, وبإيجاز شديد أرى أن القصيدة الشعبية هي الشكل الأقدم بين أشكال الغناء,  وأنها هي الجذع الذي نشأت عليه وتفرّعت عنه أنواع الأغاني جميعها، ولا سيما الطلعات، وبالمثل، فإنني أرى أيضا أن اللون المربّع من الطلعات هو الجذع الذي تفرعت عنه الأشكال الأخرى، كما سنبينه في الفقرات التالية.

أنواع الطلعات

أ ـ يا حلالي يا مالي :

هذا الشكل شاعت تسميته بلازمته التي هي عبارة يرد بها الجمهور على الحَدّاء، وهي ( يا حلالي يا مالي ) التي هي في الأصل تعبير شعبي فلسطيني يوضح المفاجأة الفرحة التي يهتف بها شخص لقي فجأة شيئا ثمينا من ممتلكاته كان قد ضاع منه, ويئس من العثور عليه, وكأنما استعمالها في الغناء هو رمز لفرحة لقاء العروسين, وفرحة لقاء الفنان بالجمهور, وفرحة لقاء الجميع بعضهم ببعض, هذا اللون من الطلعات يؤديه حَدّاء واحد أو اثنان, فيغني الحداء بيتا وترد عليه الجماعة بالردة, أي اللازمة المذكورة, وهكذا إلى آخر القصيدة, وفي رأيي أن هذا الشكل مر بثلاث مراحل متتالية في تطوره, فتحت ثالثتها الباب واسعا أمام تطورات أخرى كثيرة في بناء الطلعات, وفيما يلي مثال على هذا الشكل الذي اعتبرته الخطوة الأولى في اتجاه الخروج من قيود القصيدة العمودية الشعبية إلى الأشكال المختلفة في الطلعات :

الحداء:                   هي يا رايح بلدنا                      وقف خذ هالوصييي
الجمهور:                                      يا حلالي يا مالي
الحداء:                   تلفي عادار أبو أحمد                    راعي الدار الغربيي
الجمهور:                                      يا حلالي يا مالي
الحداء:                   تلقا الفراش امفرش                      تلقا المساند مركيي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   يا  مر عاناطور يدور                  ايدير القهوة احجازيي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   الطبخا من القهوة رطل                 والتبهيري وقم وقيي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   ما يذبح غير الحايل                                 والخروف ابو ليي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   بطلع المنسف مليان                               رز وما بي اشعيريي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   واللحم فوقه مرجوم                                اتقول بناية عليي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   يا يوم يصب السمن                                 ميّة عين الغربيي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   طوف يقعد طوف ايقوم                          واتظل احرافو مبنيي
يا حلالي يا مالي
الحداء:                   واختم وصلي عالزين                               امحمد خير البريي
يا حلالي يا مالي

وفي المرحلة الثانية تطور هذا الشكل بأن تحرر جزئيا من الالتزام بروي واحد في جميع قوافي القصيدة, فصار بالإمكان بناء مجموعة من أبياتها على روي معين, ثم بناء مجموعة أخرى على روي آخر وهكذا, حتى نهاية القصيدة . وفيما يلي مثال على هذا الشكل الذي لا يظهر فيه اهتمام بالتزام روي في نهايات الشطرات الأولى من أبياته أيضا:

الحدّاء                     الله يمسيكم بالخير                      امسيا تطرد امسيا
الجمهور                                        يا حلالي يا مالي
أول طوف للضيوف                  اوثاني طوف امحليّا
يا حلالي يا مالي
ثالث طوف للرعيان                 أهل لبشوت الملويا
يا حلالي يا مالي
وش هالثنتن الوافقات               وش هالثنتن الوافقات
يا حلالي يا مالي
ما بدري بنات العم                     ولّا هني سلفات
يا حلالي يا مالي
وحنا لثنين خوايا                   وحنا لثنين خوايا
يا حلالي يا مالي
واحد نزل عالكرك                والثاني راح الصرايا
يا حلالي يا مالي
يللي طاح الصرايا               كن شلفت عقلو الصبايا
يا حلالي يا مالي
واللي نزل عالكرك                    جاب العطر شلايا

         (قلنا في تحليل سريع للنصين السابقين إن الشاعر الشعبي المعاصر لم يحد كثيرا عما جرت عليه عادة الشعراء العرب قديما، لا سيما في العصر الجاهلي، من حديث عن الكرم والكرماء والمواصفات التي ترتقي بالإنسان إلى مصافّهم، من توطئة الفراش للضيف, والإكثار من السمن المستخلص من الزبد، وذبح الكبش السمين والحائل من النعم؛ وهي التي أخلفت فلم تعشّر، مما ينعكس عليها سمنا، وفي هذا ما ينسجم مع ما ذكرناه في بحثنا: القصيدة الجاهلية تتناسخ في الشعر الشعبي. كما ننبه إلى أن كثيرا من الشعراء، استجابة للتحولات الاجتماعية العميقة باتجاه الإسلام، يغيرون اللازمة فيقولون:
يا صلاة ع النبي
بل لعل هذه العبارة أصبحت أكثر حضورا من تلك . يحيى وعبير )

ب ـ المربع :

المرحلة الثالثة من تطور هذا الشكل أوصلتنا إلى شكل جديد صار يعرف باسم ( المربع ) الذي صارت ( الطلعة ) الواحدة منه عبارة عن قصيدة مبنية على وزن واحد, وتبدأ بمطلع أو بلازمة متكررة خلال الطلعة من بدايتها حتى نهايتها, وطلعة المربع مكونة من فقرات كل منها من بيتين من الشعر أي أربع شطرات ـ ومن هنا سمي هذا اللون بالمربع ـ تلتزم الثلاث الأولى منها بروي يتغير من بيت إلى آخر من بيوت المربع, وتنتهي الرابعة بروي مغاير تلتزم به الشطرات الرابعة في الطلعة كلها.  ويلاحظ أيضا أن لازمة ( يا حلالي يا مالي ) قد يستغنى عنها, وتحل محلها لازمة جديدة هي عبارة عن الفقرة الأولى من الطلعة أو بيت واحد من أبيات الفقرة أو ربما الشطرة الرابعة من شطراتها:
مثال أول :
احتفظ فيه باللازمة الموروثة ( يا حلالي يا مالي ) (10)

أهلا وسهلات ومرحبتين                        في جميع الزائرين
وجينا نغني من جنين                           أجمل أغاني الأفراح
يا حلالي يا مالي
واجينا نحيي الجمهور                          نورو علينا زايد نور
واللي لديرتنا يزور                             يلقا النشاما الملاح
يا حلالي يا مالي
يوم الفرح عنا عيد                            لما نشوف الأجاويد
من قريب ومن بعيد                          وصلونا والبدر لاح
يا حلالي يا مالي
عادتنا نحيي الزوار                       ونصب القهوي ببهار
ونشرّع ابواب الدار                    لهل الواجب والاصلاح
يا حلالي يا مالي

مثال ثان :
استبدلت فيه اللازمة ( يا حلالي يا مالي ) بلازمة جديدة هي مطلع الطلعة (11)أي ما يعادل ( القفل اللازمة ) في الموشح :

اللازمة     :                هدا البلبل عالرمان                ابداني سمعتو بغني
صوتو يطرب النعسان             اللي بمنامو متهني
****
يابلبل يا ابو الريش               غني لي عا ام الشليش
ابهواها رحت اطيش               صدق ورحت انجني
اللازمة
                           يا بلبل خد لي سلام                   للحلوة ام لوشام
طيفك شفتو في المنام                ابأحسن صورة حيرني
اللازمة
انتي حياتي وديني                     يا روحي يا نور عيني
حبك هاللي كاويني                    انتي فرضي والسني
اللازمة
لحظ عيونك رماني                   يا ام القمي الرناني
عاصدرك شفت ذهباني               تشبه لأحسن جني
اللازمة
ي ام عيون السودي                حني ووفي لي وعودي
مثلك ما في موجودي                   لا بانسي ولا بجني
اللازمة

مثال ثالث :
 البيضا والسمرا المطلع ( اللازمة ) هو بيت شعر واحد بني صدره وعجزه على الروي ذاته والتزمت الطلعة به في قافية الشطرة الرابعة من أبياتها ( 12)
هيمان القلب هيمان            البيضا والسمرا دشمان
*****
نزلت عالعين تملي                   شبه البيدر المنهلي
شايب تبلى بالعلي                اتلطف عاريم الغزلان
اللازمة
دونك عالسمرا وولي                  ما بتنفع ولا بملي
ريحتها شبه الخلي              ابتهرب منها افراخ الجان
اللازمة
يا سمرا ما تزعليش              روحي في حبك بخشيش
انتي اللي انشيتي الشليش       او رش السالف بالدهان
اللازمة
انتي اللي اجريتي الموضا                 لمقور والتقويضا
انتي العرفتي البيضا                 لبس المزلط عالذرعان
اللازمة
البيضا ست البنات                    وفيها نزلت الآيات
او منها الدوا والداءات                ريقها بشفي العيان
اللازمة
ريقها يشفي المسقوم               هاللي ما بقد رش ايقوم
عاوسط الصدر مرسوم             اسم الله وحكمة لقمان
اللازمة


وقد يتصرف الشعراء الشعبيون, تحت تأثير وحي الموقف أو المناسبة, فيزيدون شطرة على بيت  ( المربع ) فيصبح تلقائيا ( مخمسا ) أو يزيدون عليه بيتا أي شطرين فيصبح ( سداسيا )أو يضاعفون عدد أبيات(المربع ) فيصبح ( مثمنا ) أي أن بيته يتكون من ثماني شطرات بدلا من الأربع, ولكن المربع يبقى أكثر أنواع الطلعات انتشارا وشعبية بين الشعراء الشعبيين وجماهيرهم, ولعل سر حظوته بهذه المنـزلة يكمن في أنه ابتعد، بحكم نظام قوافيه، عن نمط القصيدة التقليدية ذات القافية الواحدة والنمط الواحد الذي لا يخلو من ملل، كما أن هذا النوع ( المربع ) أخف ظلا وأسهل تناولا وارتجالا على الشاعر الشعبي من  ( المخمس ) و ( السداسي ) و ( المثمن ) لا سيما إذا ما تذكرنا أن الشعراء الشعبيين غالبا ما يرتجلون هذه الطلعات بوحي الساعة، ويتحاورون بفقراتها أي أبياتها ارتجالا، فيقول الواحد فقرة يرد عليه الجمهور بعدها بلازمة وهكذا.

 وبالطبع فإن العرف السائد هو أن يجري هذا الحوار الفني بين اثنين من الشعراء، ولكن قد يجري بين ثلاثة أو أربعة أو أكثر حسب حجم الحفل وموقعه وشدة التنافس وعدد الموجودين من الشعراء؛ ولأن القدرة على الارتجال الجيد هي شهادة على قوة قريحة الشاعر الشعبي وإعلان عن تفوقه على منافسيه، فإن الشاعر المبدع كثيرا ما يخرج عن عدد الأبيات الشعرية في بيت الأغنية الواحد إظهارا لمقدرته وموهبته، وتحديا لمنافسيه، لكن يظل ملتزما بالوزن وبالروي الختامي لبيت الأغنية.

جـ ـ القرّادي

      هو شكل من أشكال الطلعات، أي أن البيت الواحد من أبياته يتكون من بيتين من الشعر، أي أربع شطرات، وتبنى الطلعة (فقرة لازمته) أي مطلعه على روي واحد في الشطرات الأولى والثانية والرابعة،  بينما تأتي الشطرة الثالثة على روي مغاير، كما يلتزم روي الشطرة الرابعة في بقية الشطرات الرابعة في الطلعة كلها، لكن تبنى بقية الفقرات على روي واحد تلتزم به الشطرات الثلاث الأول، وتظل الشطرة الرابعة في كل الفقرات ملتزمة بروي الشطرة الرابعة من اللازمة، مع استرعاء النظر إلى أن كل فقرة جديدة تختار رويا جديدا لشطرتها الثلاث الأول .
مثال أول:
المطلع ـ اللازمة    : يا دلوعا البلوادي                   حرقت قلب الصيادي
                         لو قالوا كافر بالحب                 بقول الحب عبادي
ما يكرر من اللازمة:
                        لو قالوا كافر بالحب                 بقول الحب عبادي

بعيونك سر الإلهام                للشاعر تعطي أنغام
صورة مبدعها الرسام            حتى يحرق فؤادي
                          
ما يكرر من اللازمة:
                         لو قالوا كافر بالحب                 بقول الحب عبادي

كلماتك عَ شفايفك همس                      صحيت الميت من الرمس
ما بدي أطّلع عَ الشمس                          نورك يا حـلوة زيادي

ما يكرر من اللازمة:
       لو قالوا كافر بالحب                 بقول الحب عبادي

وقد يستخدم الفنانون هذا الشكل مع إدخال تنويع محدد عليه؛ يتمثل في أن تنتج الشطرة الرابعة عن مقلوب الشطرة الثانية، مع الحفاظ على الالتزام بروي الرابعة في جميع فقرات الطلعة .
مثال ثان:
المطلع ـ اللازمة :
عاليادي عاليادي                           بدي غني لبلادي
قعدة تحت الزيتوني                          بتسوا المحيط الهادي
****
زيتونتنا الحوية                             شو حلوة وشلبية
من الوادي بتشرب ميه                   بتشرب ميه من الوادي
***
الجزء المكرر من اللازمة :
قعدة تحت الزيتوني                          بتسوا المحيط الهادي
****
الزيتوني لا تنسوها                           بالمجد زينوها
أجدادي زرعوها                             زرعوها أجدادي
****
الجزء المكرر من اللازمة :
قعدة تحت الزيتوني                          بتسوا المحيط الهادي
****
زيتوني ما أحسنها                            بالصيف وما أثمنها
الحصادي تحت منها                         تحت منها الحصادي

الجزء المكرر من اللازمة :
قعدة تحت الزيتوني                          بتسوا المحيط الهادي
****
                         النوم في فيـتـها                          بتسوا الدنيا وزهرتها
والمبادي بتربتها                            بتربتها المبادي

الجزء المكرر من اللازمة :
قعدة تحت الزيتوني                          بتسوا المحيط الهادي
****

وربما كان أكثر أشكال هذا اللون شيوعا هو الشكل الذي تبنى شطراته الثلاث الأول على روي يتغير من فقرة إلى أخرى؛ لكن شطرته الرابعة تبنى على روي لازمته، ويلتزم به في فقرات الطلعة جميعها.مثال ثالث:
المطلع ـ اللازمة :
طلت سمرا غياني وبثوب جديد                     مثل الطفل السكراني بمرجيحة العيد
****
            لما كبرت صرت ما إلك حد                   كيف عليي تـكبرت وبابك ينـسد
إتحكمت واتجبرت واحمرّ الخد                   وبخمر الحب أسكرت الحضر والبيد
اللازمة

يللي غزيت بقلبي السهم المسموم                 عذبتيني شو ذنبي اطير واحوم
الله ربي أعطاك السحر المرسوم                 وبهالجمال المتخبي حيرت الغيد
اللازمة

يا ام عيون خضرا ورموش طوال             أحلى من القهوة السمرا ممزوجة بهال
الله أعطاك خبرا وحكم وأمثال                 ولا تخلـي قلبك صخر بدها تنهيد
اللازمة

قضيت العمر استنا والموج يموج             أعملك من دمعي حنا بدمي ممزوج
وامضيت العمر اتمنى أبني لك لوج          وتتـصيري لمي كنه ويحلا التغريد
اللازمة

يللي شعرك عكتافك ومجدل جدل             حيرتيني بأوصافك وانجنوا الأهل
وردة وابقى قطافك من أرض السهل        تتقولي وباعترافك بو حافظ سيد
اللازمة

د ـ المُعَنّى

المعنى كالقرّادي  هو أيضا نوع من الطلعات المربعة أي أن بيته يتألف من بيتي شعر أي أربع شطرات تبنى الأولى والثانية والرابعة منها على روي واحد بينما تأتي الثالثة على روي مغاير. ومن الأمثلة المشهورة عليه البيت التالي الذي يتغنى به المطرب اللبناني المعاصر وديع الصافي :
أنا سيد المُعنّى والفصاحا                    بها الساحا العذبي وكل ساحا
وسيفي يمسح الأعدا بحد و                مثل ما بتمسح الأرض المساحا

وهذا مثال آخر للشاعر الفلسطيني المبدع موسى حافظ :
يَ ام العيون السود خلقة مكحلي               الله يعين اللي بغرامك مبتلي
الله أعطاك السحر تتداوي البشر                محتار فيك ليـش قتلي محللي

هـ ـ الفرعاوي
                 
هذا النوع أيضا كسابقيه؛ نوع من الطلعات المربعة؛ ويغنى أكثر ما يغنى به في الزفة عند المسير في موكب العريس؛ لأنه يتطلب الحركة والحماس، كما يتطلب ردة حماس قوية من الجمهور مصحوبة بضربات كف قوية، تتفق مع الإيقاع الذي يتطلبه الوزن الذي بنيت الطلعة عليه، والفرعاوي يتميز بلازمة هي عادة شطرة واحدة يكررها الجمهور بعد كل شطرة يتغنى بها الشاعر. وبيت الفرعاوي يتكون من بيتين من الشعر, أي أربع شطرات تلتزم الثلاث الأولى منها بروي واحد, وتأتي الرابعة على روي مغاير, هو روي اللازمة, ومن أمثلته :

وين درب الحبايب يا يما وين            ( اللازمة يكررها الجمهور بعد كل شطرة من الطلعة )   

طوّلوا علينا الغيبي أيام طوال                     حالي على فرقتهم ما هو حال
بلله يا طير ودي مني مرسال                     لحبابٍ سافـروا ما بدري وين
                                          *****
عا دروب الحبايب لامشي مشوار                لامشي عليهم ليلي ليلي ونهار
طوّلوا عليي الغيبي ما ادري شو صار            حملـوني جفـاهم عمر وسنين
                                              *****

و ـ المقسوم :

هو أيضا من الطلعات المربعة إلا أن شاعرين يقتسمان الطلعة بينهما في الغناء بحيث يغني أحدهما بيتا من الشعر أي نصف بيت من الطلعة أي شطرتين ويكمل الثاني البيت بغناء بيت الشعر الثاني أي الشطرتين الأخيرتين أما نظام القوافي في هذه الحالة فهو إلزام كل الشطرات بنفس الروي .

    وقد يكون الاقتسام بين الشاعرين على أساس أن يغني كل منهما بيتا من الأغنية أي بيتين من الشعر أو أربع شطرات وفي هذه الحالة يغلب أن تأتي الشطرتان الأولى والثالثة على روي بينما تأتي  الشطرتان الثانية والرابعة على روي آخر ومن أمثلة هذا النوع بين راجح غنيم السلفيتي وحمودي فرخة:

راجح : خذ مني تا مني اعطيك                  حمودي الله يخليك
حمودة : يا بو فرد التوماتيك                    هيك بدو المحفل هيك
راجح : بتسايني وبسليك                        يا صاحب الله يخليك
حمودة : عم ببرم من حواليك                    من هسا تيصيح الديك
راجح : لا تدخل جواة الشيك                  والعالم بتشفوا فيك

ومن أمثلة النوع الثاني:

حمودة : بدنا نغني عالمقسوم                       تع يا راجح جاوبني
اليوم ولا كل يوم                         ما انتش رايح تتعبني
راجح :ما إلك ولا خصوم              إن كان انا مجانبني
وفعلك معروف مش مذموم             ومش ممكن تحاربني

ز ـ المخمس :

هذا اللون هو تطوير للمربع بزيادة شطرة واحدة على شطرات المربع لتصبح خمسا .والغالب على هذا اللون أن يبدأ بمطلع هو عبارة عن بيت من المربع أي أربع شطرات؛ تلتزم الأولى والثانية والرابعة منها الروي ذاته، بينما تأتي الثالثة على روي مغاير، بعد ذلك تأتي الفقرات الخمس التي تتكون منها الطلعة مبنية على بحر المطلع، لكن نظام قوافيها ينشأ عن أخذ الشطرة الثالثة من المطلع لتصبح هي الشطرة الأولى للطلعة؛ تتبعها الشطرتان الثانية والثالثة على الروي نفسه، ثم تأتي الشطرة الرابعة من اللازمة، وتلتزم كل فقرات الطلعة التالية في الشطرة الخامسة منها بهذا الروي .

     أما الفقرات التي تلي الفقرة الأولى؛ فإن كلا منها تأخذ الشطرة الرابعة من سابقتها فتـجعلها شطرة أولى لها، وتستكمل بنية الفقرة الفنية ملتزمة بنظام الروي المذكور، أما لحن هذا اللون فهو عادة لحن المربع العادي المألوف، لكنه  يمكن أن يأتي على أي لحن يناسب الوزن الذي بنيت عليه طلعته، فالطلعة التالية، مثلا، بنيت على وزن يتطلب لحن الشروقي، فهي بذلك طلعة مخمسة شروقية:
مش عالأرض خالقنا خلقها                      جعلها بالسما و صبها ومشقها
أقلها انزلي عالأرض روحي                   وأبواب السما خلفها غلقها
****
أقلها انزلي عالأرض روحي                   أفي سر الجمال للناس بوحي
أوقفت عندما تمشي يَ روحي                 أبيحخل طولها رمح الرديني
نيته بان شو مفرح ورقها
****
بيحخل طولها رمح الرديني                      أهيي بعين والدنيا بعين
خحل من خدها ورد الجنيني                  ولها عيون سودا حربجيي
مدافع بس ما تسمع طلقها
****
والها عيون سودا حربجيي                مدافع والرموش الطبحيي
فيهن ألف قوة بطريي                         أسلك الكهربا لما تصوب
عَ لمبا من ألف شمعا حرقها
****
أسلك الكهربا لما تصوب                  أصاب الصخر قلب الصخر ذوب
أريقا ثلج بارد يا مشوب                   ألو مع نوح ركبت في السفيني
لنجت هالخليقا من غرقها
****
ألو مع نوح ركبت في السفيني              بالطوفان ما خربت مديني
دراري نطقها غالي ثميني                أوجه الصبح عمرو ما اتبسم
لولا بسمة اشفافا سرقها
****
أوجه الصبح عمرو ما اتبسم          هواها عندما عالروض نسم
أفتح فيه أزهار الخزيما               أسيف عيونها لو صاب علم
جبال شامخا هدها وخرقها
****

أسيف عيونها مسنون حدو                 جبل صوان عالنصفين قدو
عنق ما في عنق منظوم قدو               اتكرج مثل كرجات الغزالي
ما بين الآه لو قلبي عشقها
****
اتكرج مثل كرجات الغزالي                    إذا مرت بقبري وكنت بالي
اقالت قم يَ شاعرنا الخيالي                 بدي أشلح الأكفان عني
وامرق درب غيري ما مرقها
****
بدي أشلح الأكفان عني                       واقعد جمبها واصير اغني
خذوا يا ناس قول الصدق مني               خطيبٍ شافها لو كان عالم
مزق جبتو او ذقنو حلقها

وهذه طلعة أخرى على هذا الطراز ذاته:
طرقت الباب حتى كل متني                فلما كلمتني كل متني
اقالت مين قلت لها متيم                     غريب الدار وبلادي جفتني
****
اقالت مين قلت لها متيم                    غريب والجو بلآفات غيم
أقالت قبل ما تخش المخيم                   من اين لاوين من أيا قبيلي
قلت ما ابلومها مش عارفتني
****
من اين لاوين من أيا قبيلي                اجيت بالليل ما بتلقا نزيلي
طارق ليل يا حلوا افتحي لي             غريب ومهنتي شاعر خيالي
وعلى شعري الظروف امعاكستني
****

غريب أمهنتي شاعر خيالي            أمفطور عالقريض الارتجالي
قالت طل يا شاعر اقبالي               الما شفتها ظنيت بيدي
مفاتيح المجرا سلمتني
****
الما شفتها ظنيت بيدي                  زمام الملك واترنم قصيدي
دخلت او قلت ليلتنا سعيدي           قالت عالرحب أهلا وسهلا
عاسرير الرفاها أجلستني
****
قالت عالرحب أهلا وسهلا            أتومي بيدها وتقول مهلا
أخافت عند صوت الديك أهلا         ايفيقوا والهمس مني ومنها
عمل في دولة الأرواح فتني
****
ايفيقوا والهمس مني ومنها            حنين وعاطفي غالي ثمنها
أمها زدت بلإيضاح عنها             غريب أو بس روحي الشاعريي
عند حلوا المحيا قيدتني

ح ـ المثمن :

هذا اللون هو أيضا تطوير للمربع؛ بمضاعفة بيت المربع المكون من بيتي شعر، أي أربع شطرات ليصبح مكونا من أربعة أبيات، أي ثماني شطرات، وهو كالمربع، تلتزم الطلعة الأولى منه ببحر واحد لكنها تسير على أنظمة قواف تختلف من طلعة إلى أخرى، ولعل أكثر تلك الأنظمة شيوعا هو أن تبدأ طلعة المثمن بمطلع ( أو لازمة ) هو عبارة عن بيت مربع  ( أربع شطرات ) تلتزم شطرتاه الأولى والثالثة بروي واحد، بينما تلتزم شطرتاه الثانية والرابعة بروي آخر، بعد ذلك تتوالى فقرات طلعة المثمن على البحر ذاته، لكن تأتي الشطرات ذات الأرقام الفردية (1357) على روي يتغير من فقرة إلى أخرى بينما تأتي الشطرات الزوجية ( 2468) على روي مغاير، وتلتزم الشطرة الثامنة في كل فقرات الطلعة بروي الشطرة الرابعة من المطلع. من الأمثلة على ما تقدم هذه الطلعة من كتاب ( أغاني الجليل ) للأستاذ سعود الأسدي:

اللازمة :
لمي رموشك هيك شوي                         أو غفي عاقلبي وطيري
أو بعدو ازغير وما هي خطي                  وما بتنلامي يا ازغيري
بعدو ازغير وما هي خطي                   او لو يَ ازغيري بتشقيني
برضا لو تبقي في الفي                       او لو في الشمس بتبقيني
او لو بشرب من ايدك مي                    بحيا لما بتسقيني
ولو بشتلقوا أهل الحي                       اتبري من هالسيري
اللازمة

راح أبعثلك عصفورة                        من أزجالي تودي لك
واتشوفك يا فرفورة                          لما اتغُمي قنديلك
لو توخذ من حسنك صورة                أو تحملها في منديلك
واقرأ عالصورة سورة                     بسم الله وباسم الجيري
اللازمة

وتا اطفي نار الحرقة                      بحكي للصورة قصة
عالمحبة والفرقة                           بلكي فيكي ابتتوصا
ولما بمرق صوبك مرقه                  واغص بدمعي غصا
ابتسرقني الغيري سرقه                  عابيدر ياس وحيري
اللازمة

ولما تروحي شي مشوار           عالدرب بتلقي اظنوني
ابتفرش لك دربك ازهار           ابتجري فيها فنوني
ولو خذتي زهرة تذكار             ابتبقا الزهرة ممنوني
وفي الليل بتطلع أقمار           فوق سريرك واسريري
اللازمة

وقد تبنى فقرة طلعة المثمن على روي واحد في جميع شطراتها؛ صدورا وأعجازا باستثناء الشطرة الثامنة التي تأتي على روي مغاير تلتزم به كل الشطرات الثامنة في بقية فقرات الطلعة . مثال ذلك :

فلاح بلادي موجود                          يزرع في الأوطان ورود
بيعمل في أرضو وبيعود                   عَ بيتو وعزمو مشدود
ومراتو تربي المولود                       وتلم القمح المحصود
وتزين أرض العقود                        بالبشاشة والإيمان
****
يوم الفرح بوطني تشوف                     الكهال اصطفوا اصفوف
بدبكة ورقص ولعب سيوف                   ومشاعل الورد قطوف
والضيف الجايب خاروف                      بتركى عَ فرشة صوف
والنسوان على السقوف                          بزغرتن للشجعان
****

أعياد بلادي أعياد                             تعبوا وكتبوها الأجداد
حتى تورثها الأولاد                           وأولاد تورّثها أحفاد
أولاد يصيروا أسياد                            عَ التلة وكثبان الواد
ويخلوا الدنيا أمجاد                              تتغنى بحب ووجدان
****

بيوم الصلح يا ابن العم                    شيوخ العشاري تلتم
وكل الجيران بتنظم                         تيزيلوا الكربة والهم
والشيخ البالجامع أمّ                         بيساعد عَ شيل الغم
ولو كانت فضيحة دمّ                       بيحلوها عَ فنجان

Post a Comment

Previous Post Next Post