تكوين الاتجاه البيئي:
       عندما تدرك تلوث الهواء او الماء او اي جانب آخر من البيئة ، كيف نقرر ما إذا كنا نستحسنهُ او نستهجنهُ او نهمله او نزيله او نزيد منهُ؟
       واذا ما قررنا اننا لانرغب به هل يعني هذا اننا سنحاول عمل شيء يتعلق به؟ هذه هي القضايا المركزية في دراسة تكوين الاتجاه.وبصورة عامة يمكن تعريف:
الاتجاه:- على انه نزعة لتقييم شيء او فكرة بأسلوب ايجابي او سلبي وبمعنى ان الاتجاهات تتضمن شعور او انفعال، على سبيل المثال:(مشاعر السرور او الانزعاج، الرغبة او عدم الرغبة بشيء ما. ويضيف بعض المنظرين الان الاتجاهات تتضمن معارف او مجموعة من المعتقدات ايضاً التي تدعم وتبرر وتنشأ من المشاعر الوجدانية. في حين يضمن منظرون آخرون في تعريف الاتجاه:
الاتجاه:- مجموعة من السلوكيات او النزعات السلوكية المنسقة مع المشاعر والمعارف وكما في الادراك البيئي سنرى ان الخبرة لها علاقة قوية مع كيفية تنظيمنا لتقييماتنا ومعتقداتنا معرفياً حول البيئة. وكذلك كيفية تغييرنا لسلوكياتنا نحوها.
       ولاكثر من عقدين من الزمن، درس علماء النفس الاجتماعيون ونظروا بشأن العوامل المتضمنة فيتكوين الاتجاه، وبالرغم من ان البعض قد يستفهم عن مدى صدق تطبيق المعرفة النفسية الاجتماعية المتعلقة بالاتجاهات على علم النفس البيئي، فيعتقد ان ما تعلمه علماء النفس الاجتماعيون عن تكوين الاتجاه هو قابل جداً للتطبيق على الاتجاهات البيئية. وبصورة اساسية يتضمن تكوين الاتجاه مبادئ التعلم حيث ان اغلب الاتجاهات تبدوا انها متكونة من خلال الاشراط الكلاسيكية او الاشراط الاجرائي او التعلم الاجتماعي.

تكوين الاتجاهات :-
الاشراط الكلاسيكي للاتجاهات:
       في الاشراط الكلاسيكي او البافلوفي تبدأ مع استجابة اوتوماتيكية او غير شرطية مثال لمثير غير شرطي مثالعلى ذلك الاستجابة الوجدانية او الانفعالية السلبية للروائح القوية. بعد ذلك تقرن مثير محايد او شرطي مع المثير غير الشرطي في محاولات عديدة بمعنى:
-       نقدم المثير الشرطي ويتبعه المثير غير الشرطي ونلاحظ الاستجابة غير الشرطية (الطبيعية) وكمحاولات كافية يمكننا حذف المثير غير الشرطي وملاحظة نفس الاستجابة والتي تسمى الآن الاستجابة الشرطية للمثير المايد مسبقاً ولكنه الآن شرطياً.
-       بعبارة اخرى ومن وجهة النظر المتعلقة بالاتجاهات نتعلم الاتجاه غير المفضل نحو شيء ما او فكرة او شخص او غير ذلك لانه ارتبط مع شيء لانرغب به منذ المرة الاولى.
-       يتم تعلم الاتجاهات المفضلة بالطريقة نفسها من خلال الارتباط مع مثير مرغوب بهِ. لذا كوننا نرغب او لا نرغب بشيء معين يعتمد بدرجة كبيرة على الخبرات الايجابية والسلبية التي نمر بها.
يثير
روائح                                     انفعال سلبي(تقيؤ)
المثير غير الشرطي       استجابة غير شرطية (طبيعية)
مع
يقرن
يؤدي
                                           (سيلان اللعاب)
الى
مثير شرطي                           استجابة شرطية
 (سيلان اللعاب)


الاشراط الاجرائي للاتجاهات:-
       يمكن تعلم الاتجاهات من خلال الاشراط الاجرائي او السكنري حيث ان التعبير عن الاتجاه يؤدي الى نتائج ايجابية او سلبية وان الاتجاه الذي تتم مكافأتهُ ستتم ادامتهُ وتقويتهُ ، كذلك فإن الاتجاهات البيئية غالباً ما تتكون بالطريقة نفسها. فالمكافئات والعقوبات تشرط اتجاهاتنا نحو البيئة اجرائياً بصورة متكررة.
       ومن وجهة نظر الاشراط الاجرائي لتكوين الاتجاه فإن قطبية الاتجاه (مع أو ضد) تكون دالة على النتائج الايجابية والسلبية للاحتفاظ بهذا الاتجاه.
التعلم الاجتماعي للاتجاهات:-
       تتكون الاتجاهات من خلال التعلم الاجتماعي ايضاً وعلى وفق هذه النظرية اذا لاحظنا سلوك شخص ما (نموذج ) بأسلوب معين فإننا قد نقلد ذلك السلوك. وإذا شاهدنا هذا النموذج تتم مكافأته على ذلك السلوك واذا تمت مكافأتنا على التقليد ستكون اكثر احتمالاً لان نقوم بذلك السلوك. من ناحية اخرى اذا شاهدنا النموذج تتم معاقبتهُ او تمت معاقبتنا نحن ستكون اقل احتمالاً للقيام بالتقليد.
       ان عمليات تكوين الاتجاه ليس بالضرورة ان تكون مستقلة واحدة عن الاخرى في اي موقف معين، على سبيل المثال: يرى الاطفال والديهم يستخدمون دائماً مبيد الحشرات في الحدائق فيقلدونهم وقد يسكب هؤلاء الاطفال المبيد على انفسهم ويمرضون بسبب ذلك. وبسبب عدم استخدام هذا المبيد من المرات القادمة قد تتأثر المزروعات في الحديقة المنزلية.
       في هذا المثال يلعب الاشراط الكلاسيكي والاشراط الاجرائي والتعلم الاجتماعي دوراً في تكوين اتجاهات الاطفال نحو استخدام المبيد.
تغيير الاتجاهات نحو البيئة:-
       لاحظنا سابقاً كيفية تكوين الاتجاهات نحو البيئة وكيف يتم اجراء التقييمات ولكن ما الذي يمكن القيام به من اجل تغيير هذه الاتجاهات. سيتم تقديم بعض الاساليب التي وجدها علماء النفس الاجتماعيون بطريقة تبدو انها تثير الخوف ، مثال ذلك (انواع التلوث يسبب السرطانات).
       هل ان مثل هذا الخوف يغيرالاتجاهات او هل ان مثل هذه العبارات تكون مؤثرة بدون عنصر الخوف؟
       على وفق النظرية (خفض الدافع في تغيير الاتجاه) فإن الخوف يُعزز او يشجع فعلاً تغيير الاتجاه، وتفترض نظرية خفض الدافع ان اغلب الناس عندما تتم اثارتهم بسبب انفعال غير سار (الخوف مثلاً) سيتصرفون بطريقة تخفض هذه الاثارة. لذلك فان مصطلح خفض الدافع يفيد في وصف هذه العملية.
       واذا كانت العبارة التي تثير الخوف تحتوي ايضاً الى ما يشير الى تجنب النتائج الخطرة سيؤدي الى تجنب هذه النتائج.
       ويحتمل ان يغير الفرد اتجاهه باتجاه ما أشارت اليه العبارات من اجل تخفيض مستوى الاثارة. وعند تغيير الاتجاه باتجاه ما أشارت اليه العبارات ان خفض الاثارة يتعزز ويتقوى الاتجاه المتغير.
هل تتنبأ الاتجاهات البيئية بالسلوك البيئي؟
       ان سبب الرغبة في تغييرالاتجاهات الهدامة بيئياً هو اتخاذ اتجاهات تؤثر على السلوك ولكن ما مدى قوة ارتباط الاتجاه – السلوك؟
       قام الباحثين بمراجعة الادبيات التي تبحث العلاقة بين الاتجاهات البيئية والسلوك وتوصلوا الى ان اغلب الافراد في المدن الصناعية يعتقدون ان هناك نقصاً في الطاقة (اتجاه) وان القليل منهم يشترك فعلاً في فعاليات صيانة الطاقة (سلوك).


       هناك عدة بدائل تفسر هل هناك ارتباط فعلي بين الاتجاه – السلوك وهي:
1. يشير الى ان الاتجاهات احياناً تتبع السلوك بمعنى اذا غيرنا السلوكيات اولاً فإن الاتجاهات المتسقة مع هذه السلوكيات ستظهر وتتطور.
2. ان هناك بعض الدعم لهذا الموقف في الادبيات النفسية الاجتماعيةحيث يمكن القول ان الاتجاهات قد تسبق السلوكيات وقد تغيرها  .
3. بديل افترضهُ (فيشبن – 1967) يشير الى ان الاتجاهات التي يتم تعلمها عنها تتأثر بالمعايير الاجتماعية. وهذه المعايير سوية مع الاتجاهات تبني المقاصد السلوكية والتي بالمقابل تتنبأ بالسلوكيات الظاهرة.
4. بديل اقترحه (برومولد– 1973) يشير الى ان تجمع الاتجاهات يمتزج السلوكيات وبدائلها. فمن اجل تغيير السلوكيات البيئية يجب تغيير وتعديل الاتجاهات والسلوكيات في الوقت نفسهُ.
       ان طبيعة وقوة العلاقة بين الاتجاهات البيئية والسلوكيات البيئية قضية معقدة جداً تتطلب لكثير من البحوث والدراسات.

Post a Comment

Previous Post Next Post