الأحلام تصبح حقيقة

العنصر الخامس لعملية قوة الخطوات الخمس هو الإدراك، أي أن تبلغ أهدافك حقًا، وتلمس أمانيك تتحقق.
وهذا هو الجزء الأهم من العملية. ولكن لابد أ تنتبه إلى أن كل هدف يلزمه مقدار محدد من الوقت ليتجسد. فبعض الأهداف يمكن تحقيقها بسرعة. وبعضها يقتضي أسابيع، وبل وشهوراُ من الصبر والعمل الشاق. وهناك أهداف أخرى تعتبر بعيدة المدى، وتتطلب عدة أعوام لكي تثمر. ولسلوكك تجاه الوقت اللازم لبلوغ الهدف أثر كبير حول ما إذا كنت ستحقق هدفك.
في مرحلة الإدراك للمقصد، وبعد أن تكون قد مارست الخطوات الأربع الأولى، ما عليك سوى أن تسترخي وتدع العملية تنطلق. دع هدفك يظهر في التوقيت الخاص به. فإن ما تنشده وتحتاج إليه من أشياء سوف يظهر لك بالضبط حينما تكون مستعدُا تمامًا له.
يكتسب الناجحون في نهاية الأمر سلوكًا هادئًا وتوقعات واثقة. إنهم أبداُ لا يندفعون أو يهرولون. إنهم مسترخون ومطمئنون، وهم مؤمنون تمامُا بأن كل شيء يتوافق لك يحقق لهم ما يرغبون بالضبط، وفي الوقت المناسب لهم. تماماً. ولابد أن يكون هذا سلوكك أنت أيضًا.

ضاعف قواك

يمكنك أن تحظى بمنافع أعظم قدراُ من عملية الخطوات الخمس هذه من أجل تحقيق أهدافك عن طريق استخدم تقنيات خاصة في الاستجابة لما يحدث لك من أمور بشكل يومي.
بادئ ذي بدء، ومهما يحدث، تطلع نحو الجانب المشرق في كل موقف أو ظرف. تحر عن الدرس القيم بداخل الأمر. وابحث عما يمكن لك ربحه من أي عائق أو عقبة مؤقتة.
قام "نابليون هيل" بدراسة النجاح، وعقد لقاءات مع رجال ونساء من الناجحين على مدى 25 عامًا. فوجد أن بينهم سمة مشتركة. فقد اكتسب كل منهم عادة النظر إلى كل مشقة أو عائق باعتباره بذره لمنفعة أو ميزة تساويها في المقدار، أو حتى أعظم قدراُ. فقد اعتادوا على البحث دائمًا عن الخيط الفضي حتى في أحلك الغمام.
وعندما تبحث عن الأمر الطيب الذي تخرج به من كل موقف يمثل معضلة، فسوف تستجيب للعوائق بطريقة تتحلى بقد أعلى من الإيجابيات، والقدرة على الإبداع، اي بطريقة بناءة، ستصبح أكثر تفاؤلاُ وثقة بنفسك. فإذا ما اعتقدت أنك سوف تنتفع بأي شيء يحدث لك، سوف تنمي بداخلك اتجاه المفكرين في الاحتمالات. وبناء عليه فآيا كان ما يحدث، فسوف تجد على الدوام تقريباُ أمراُ طيباُ يمكن لك تحويله لمنفعة أو ميزة.

امتلك دفة يومك

بالضبط كما تتحدد طبيعة جسدك بما تأكله، فإن طبيعة نفسك تتحدد بما تتغذي به عقلك. يمكون عقلك أكثر حساسية وترحيبُا بالأفكار الجديدة كأول شيء في كل نها. ويمكن لك التسريع من وتيرة عملية تغيير تفكيرك بافتتاح كل نهار بالقراءة لمدة 30 إلى 60 دقيقة في شيء رافع لمعنوياتك وملهم لك.
بالضبط كما أن التمرينات البدينة القوية في الصباح من شأنها أن تهيئك لتكون أقوى وأكثر قدرة على التحمل بدنيا خلال اليوم، فإن التمرينات العقلية الإيجابية في شكل القراءة من شأنها أن تهيئك لتكون أكثر لياقة عقليًا على مدار اليوم.
إن الساعة الأولى من النهار تسمى بـ "دفة اليوم". فمهما كان ما تضعه بداخل عقلك في هذه الساعة الذهبية" فإنه يضبط نبرة تفكيرك على مدار بقية اليوم. حينما تستيقظ في الصباح، وبدلاُ من قراءة الجريدة أو مشاهدة التلفاز فإنك تقرأ شيئًا إيجابياُ وملهماُ، فإنك تبرمج عقلك لساعات اليوم المقبلة كلها.
فعلى مدار النهار، ستعمل كل الأشياء لصالحك. ستكون أهدأ، وأكثر قدرة على الإبداع، وأكثر يقظة وانتباهًا. ستكون أكثر تحملاً في مواجهة المصاعب. وسوف تستجيب استجابة أكثر فعالية عندما تواجه تقلبات حياتك اليومية. إن قراءة الصباح الباكر الخاصة بك سوف تهيئك عقلياُ لك تقدم أفضل أداء لك.

لا تترك أي شيء للمصادفة

يمكنك أن تصير شخصًا أكثر تفاؤلاُ عن طريق التخطيط لكل يوم مسبقًا. وهذا التمرين يحرر عقلك من الضغوط الناجمة عن محاولة تذكر ما يجب عليك القيام به. فهو يمنحك شعوراُ بالسيطرة على عملك وحياتك. ويسلمك زمام الأمور، وتصير مبادراُ بالفعل، وليس منفعلاُ أو مفعولاُ به. وكل ما يتطلبه الأمر هو كتابة قائمة!
والوقت الأمثل لتقوم بالتخطيط هو الليلة السابقة. أعد قائمة بكل ما ترغب في إنجازه خلال اليوم التالي. تفحص بنود القائمة، ورتب عملك تبعًا للأولويات. اختر أهم المهام بحيث يمكنك أن تبدأ بها كأول شيء. وستنتابك الدهشة من مدى تحسن نومك، ومدى ارتياحك عند يقظتك إذا ما كنت قد خططت مسبقاً ليومك، بحيث تكون على علم بما سوف تقم به وبأي ترتيب.

فلتبدأ يومك بداية صحيحة

إلى جانب التغذية البدنية والعقلية السليمة، فإنك بحاجة إلى مقدار وفير من الراحة. قال ذات مرة "فينس لومباردي " المدرب الأسطوري لفريق" دريب باي باكرز" لكرة القدم: إن الإرهاق بوسعه أن ينزع شجاعتنا جميعًا". فحين لا تحصل على ما يكفي من الراحة فغالباُ جداُ ما تميل لأن تكون شخصًا سلبياُ، سهل التهيج، وتفتقد الثقة بالنفس.
ولكن حيث تكون مستريحاُ تمامُا و متغذياُ جيدُا، وحين تحرص على تغذية عقلك بالرسائل الإيجابية باستمرار، وحين تقرأ باستمرار وتتخيل أهدافك كحقائق بشكل متواصل، ستصبح شخًصاً أكثر إيجابية، وأكثر تفاؤلً، وابتهاجًا.
ولسوف تستيقظ في الصباح شاعراً أنه لا يوجد شيء يمكنك القيام به إلا غذا عزمت على القيام به. وإذا تشبثت بهذه الفكرة بقوة كافية ولوقت كاف، ستصير حقيقة في حياتك. سوف تبدأ في الشعور بأنك مكتسح.

أنشطة عملية

1.   فلتقرر اليوم أن يتسم حديثك إلى نفسك بالإيجابية، وأن تستخدم العبارات المثبتة والمؤكدة في صيغة الإيجاب والزمن المضارع وبضمير المتكلم. كن أنت المشجع والمحمس لنفسك.
2.   اعد مجموعة من بطاقات الفهرسة ( من الورق المقوى ) بأبعاد 3 × 5 سم، على كل منها اكتب هدفًا في اهدافك، في صيغة عبارة من العبارات المثبتة والمؤكدة. راجع تلك البطاقات مرتين يوميًا، كل صباح وكل مساء.
3.   ابحث عن الأمر الإيجابي في كل مشكلة أو صعوبة تواجهها. تمرن على أن يصيبك هوس الاضطهاد؛ ولكن بطريقة معكوسة، فلتقتنع بان هناك مؤامرة هائلة لكي تصير ناجحًا.
4.   اصنع صورة عقلية لأهم أهدافك، بالضبط كما لو أنها قد أصبحت حقيقة بالفعل. وإذا أمكن، قص صوراً تعرض هدفك من المجلات، وتفحصها بانتظام؛ لكي تبرمجها إلى داخل عقلك الباطن.
5.   تمثل ذلك الشعور الذي سيصاحب النجاح، أو بلوغ الهدف المنشود. تخيل أنه يتعين عليك التظاهر بانفعالات البهجة، والسعادة، أو الرض في أحد اختبارات الترشح للقيام بفيلم من الأفلام. تظاهر بالأمر حتى تحققه بالفعل!
6.   تخيل أن حياتك على خير حال في ناحية بعينها. فما الذي سيبدو عليه الأمر؟ كيف ستشعر؟ كيف ستصف الحال؟
7.   قبيل أن تستلم للنعاس كل ليلة، تدرب عقلياُ على الأحداث الرئيسية اليوم التالي. تخيلها بصريًا، وتمثل المشاعر المصاحبة لها وكأنها تجري على أفضل حال لها من كل وجه. ثم استسلم للنوم وعلى وجهك ابتسامة مطمئنة.

اصنع مستقبلك الخاص

إن المعجزة، أو القوة، التي تعمل على سمو قلة قليلة من الأشخاص تكمن في مجال تخصصهم، وطرق تطبيقهم، ومثابرتهم النابعة من محفزات روح مصممة وجسورة.
-         " مارك توين "
ليس من الممكن ان توجد شجاعة عظيمة حيث تنعدم الثقة بالنفس أو الأمان، وتنقضي نصف المعركة في اقتناعنا بان بوسعنا القيام بما نحن مقدمون على القيام به.
-         " أوريزون سويت ماردن "
لقد قابل كل شخص ناجح عدد لا يحصى من العوائق، والعقبات، بل ومن الهزائم التامة، على مدار حياته. ولكن المقدرة على الاستجابة استجابة إيجابية وبناءة لتلك الهزائم والقدرة على استرداد الهمة للوصول في نهاية الأمر هما ما تضمنان النجاح المؤكد. إن هذه السمة للمواصلة وليس الانكسار سوف تحدد نجاحك أنت أيضًا.
وضع د. " آبرهام زاليزنيك " من كلية هارفارد لإدارة الأعمال التجارية إحدى الدراسات منذ بضع سنوات حول الدور الذي لعبه الإحباط، أو خيبة الأمل في الحياة. كما بحث كثيرون وكتبوا حول التحفيز وعلاقته بالنجاح. لكن " زاليزينك " كان أو شخص ينظر إلى الوجه الاخر للعملة.

التفكير مسبقًا

إذا كنت شخصًا طبيعيًا وذكيًا، فسوف تنظم كل جانب من جوانب حياتك بحيث تتجنب الفشل وخيبة الأمل قدر الإمكان. فسوف تفكر مسبقًا وتتنبأ بقا قد يسوء حالة. ومن ثم فسوف تتخذ الاحتياطات الضرورية لحمياتك ضد العوائق والمشكلات. سوف توازن ما بين الخيارات المختلفة. وسوف تنتقي مسار الأفكار التي تضمن أعظم قدر من احتمالات النجاح.
وعلى الرغم من ذلك كله، وبصرف النظر عن مدى براعتك في التفكير والتخطيط، فإن الأمور لن تسير على الدوام كما تتوقع لها بالضبط. يقوم قانون  " ميرفي " : أيا كان ما يمكن له أن يسوء فلسوف يسوء حالة. ومن بين جميع لتك الأمور التي يمكن لها أن تسوء فإن شرها على الإطلاق هو ما سيسوء حالة وفي أسوأ وقت ممكن ليكلف أعظم قدر من المال". ثم يضيف قانون " كوهين " قائلاً : " إن ميرفي " كان متفائلاً ! " .
ومع ذلك، فإن خيبة الأمل تلحق بناء على غير رغبة منا. فخيبة الأمل تلحق بك على الرغم من بذل أقصى جهودك لتجنبها. فهي أمر محتوم ولا يمكنك تجنبه. فكما هو مؤكد أن الشمس تشرق من الشرق وتغرب من الغرب فمن المؤكد أنك سوف تجرب إحباطات وخيبات في الحياة. وكلما زاد ما تحدده من أهداف وزاد ما تحاوله وتجربه من أشياء، زاد ما تلاقي من مصاعب ومشكلات.

الشيء الذي لك عليه سيطرة

لقد اكتشف د. "زالزنيك" أن الأشخاص الناجحين حين يستجيبون لخيبة الأمل استجابة مختلفة مقارنة بغير الناجحين. وكان استنتاجه الذي توصل إليه هو أن الطريقة التي يتعامل بها المرء مع خيبة الأمل هي مؤشر جيد لأقصى لأقصى حد عما إذا كان سوف يحقق نجاحًا في مجاله، أو في حياته على وجه العموم أم لا.
وبما أنك لا تستطيع تجنب الفشل على الدوام، أيا كان ما تقوم به، فإن الأمر الوحيد المهم هو طريقة تعاملك مع الفشل حين يلحق بك. عن غير رغبة منك، ودون توقع أيضًا. هل تسمح له بأن قهرك؟ هل تندفع غاضبًا، وتلقى باللوم على الآخرين من الناس وتهاجمهم ؟ أو تحسن التعامل مع الكبوات و المشكلات، وتستجيب لها استجابة فعالة ؟
يتعامل الناجحون مع الفشل عن طريق تقبله دون توتر. أما غير الناجحين فسيسمحون للفشل بأن يوقفهم. يتعافى الناجحون، ويواصلون المضي قدمًا للأمام. وغاباُ ما يتخلى غير الناجحين عن المحاولة ويتقهقرون. يقول المتحدث التحفيزي "شارلي جونز" : " مايهم ليس مقدار سقطتك؛ ولكن مقدار نهوضك من كبوتك هو ما يدخل في الحسبان ! "

الباعث على السلبية

إن التوقعات والآمال المحبطة هي ما تبعث على أغلب العواطف السلبية. فإنك تأمل وتتمنى أو تخطط أن يجري أمراُ ما بطرقة محددة، وحين لا يتحقق هذا يكون رد فعلك موسومًا بنفاد الصبر والغضب. وهو أمر عادي تمامًا إذا كنت متلهفًا وحريصًا على نتيجة سعيك، فسوف تتألم إن لم تحققها.
فالتحدي يتمثل في العواطف تستثار بشكل فوري ولحظي. ولهذا السبب، فقد لا تملك زمام عواطفك وردود أفعالك لحظة وقوع هذا الأمر لك.
فقد فات الأوان. فحين تقع الخيبة، ستقدم رد فعل على نحو غريزي واعتيادي بناء على خبراتك السابقة. عندما تسوء الأمور، يكون قد فات الأوان على أن تفكر أفكارًا نبيلة ونيرة. فأنت تقدم رد فعل وحسب.
كتب "إيبكتتوس " ذات مرة، وهو فيلسوف يوناني من المدرسة الرواقية: إن الظروف لا تصنع الإنسان ؛ إنها فقظ تظهر له حقيقته " وتظهرها للآخرين أيضًا، ولا تقتصر أهمية الموقف السلبي على بناء شخصيتك فحسب، بل تظهر لك حقيقة شخصيتك في موقف محدد.

فلتستعد مسبقًا

إحدى أفضل الطرق لتغير تفكيرك، ولتغير حياتك، أن تستعد لخيبة الأمل مسبقًا. أعد نفسك للنهوض من كبوتك على جناح السرعة من خلال ممارس الاستعداد العقلي.
إن الاستعداد العقلي يتيح لك أن تعد نفسك عقليًا من أجل الاحباطات المحتومة في الحياة وفي العمل، حتى ولو لم تكن تعرف ما هي تلك الإحباطات، وفي أي وقت ستلحق بك. هذه إحدى أقوى تقنيات التفكير على الإطلاق التي يمكن لك استخدامها لكي تكتسب السيطرة على عواطفك وتحتفظ بها، وللتأكد من أنها إيجابية في المقام الأول وبناءة كذلك، مهما يحدث لك.
عند الاستعداد العقلي، تبدأ بافتراض مفاده أنك سوف تواجه كل ألوان المشكلات والصعاب إذ تقرر أن تنجز أي شيء له قيمة في حياتك. والحق انك إذا حددت هدفًا كبيراُ، ويمثل تحديُا نصب عينيك، أي أنه هدف ينتزعك من نطاق الاطمئنان والراحة الخاصة بك، فلسوف تلقى مالا يحصى من عقبات وصعاب مما لا يمكن لك تخيله.
إن اختبار التحمل هذا يبدو متوافقًا مع نطاق حديثنا. ففي كل مرة تحاول فيها القيام بشيء مختلف أو بدرجة أكثر من المعتاد، سوف تظهر في طريقك جميع أصناف المشكلات. وإن لم تكن مستعدُا لها مسبقًا فبمقدورها أن تحبط وتثبط همتك، وتفعك للعودة لنطاق الراحة والأمان الخاص بك.
وبدلاُ من الانتظار إلى أن تقع المشكلات المحتومة، أعد نفسك عقلياُ لتلك الصعوبات المقدرة قبل أن تحدث. قل لنفسك: "سألاقي اليوم كل أنوع التقلبات بين السيئ والحميد، وكل أنواع العوائق والمصاعب، لكنني لن أسمح لها بأن تثبط من عزيمتي، فما إن أتحرك صوف هدفي، فلن يوقفني أي شيء بإذن الله !".

مارس التنبؤ بالأزمات

في مجال تقديم النصح والاستشارة للشركات التجارية، نقوم بتدريس إحدى طرق التفكير التي تسمى " التنبؤ بالأزمات" . إنني أشجع صانعي القرار على أن يتأملوا فترة من ستة شهور إلى عام كامل مستقبلاُ، ليطرحوا السؤال: "ما بعض الأمور السلبية التي قد تحدث لتخرج مخططنا عن مسارة المرسوم ؟ ومن بينها جميعُا، ما أسوأ الأمور التي قد تحدث على الإطلاق؟ ".
ثم نعد قائمة لكل العقبات المختلفة، أو الحالات الطارئة المفاجئة التي قد تقع وتهدد الاستثمار برمته. مثلاً: ظهور منافس يقدم منتجًا جديدًا أو خدمة جدية أفضل من منتجنا، أو أرخص سعراُ منه. أو ارتفاع معدلات الفائدة. أو أن تفرض الحكومة ضرائب جديدة أو قيودا على نشاطاتنا. أو ازدياد تكلفة الوقود أو المواد الخام. أو انسحاب شخص أو أكثر من الأساسيين بداخل المؤسسة لسبب أو لآخر. أو خسارة عميل أو أكثر من الأساسيين بداخل المؤسسة لسبب أو لآخر وتوجه نحو منافس آخر. أو أن يقوم بعض المنافسين بتقليل السعر لما هو أدنى من سعر التكلفة حتى ينجحوا في احتكار السوق لصالحهم. أو أن يمر الاقتصاد بكبوة فيتقلص السوق بكامله تقلصًا هائلاً.
في كل حالة من هذه الحالات، فإن ما يحدد استمرار الشركة وبقاءها هو قدرتها على الاستجابة في سرعة وفعالية. يجب التفكير مسبقًا بشأن كل تلك العوائق وتقلبات الظروف. والقاعدة المثلى هي: " لا للمفاجآت ! ".
إن شركة " رويال داتش / شيل " Roayal Dutch / shell " من هولندا لديها أكثر عمليات التخطيط المستقبلي اكتمالا أكثر من أي شركة في العالم كله. ولقد أعدت أكثر من 600 سيناريو محتمل للتعامل مع المشكلات التي قد تقع في أي جزء من العالم بالمناطق التي لها فيها عمليات لتشغيل البترول والغاز. ونتيجة لهذا، فنادراً ما كانت تفجأ الشركة بأي شيء يحدث. فلا تصير بلا حماية مطلقًا. فلديها على الدوام بديلة على استعداد للعمل بها. كما أنها قد صارت إحدى أنجح الشركات وأكثرها استقراراً ربحيا في العالم كله. فالتفكير المسبق له عوائده المجزية حقاً.

استشرف المستقبل

وما يؤتي ثماراُ مع كبرى وصغرى الشركات يمكن له أن يؤتي ثماراُ معك أنت كذلك. ينغي عليك ان تمارس التنبؤ بالأزمات بوتيرة منتظمة في كل ما تقوم به. ألق نظرة متفحصة على طول طريق حياتك شأنك شأن رحالة، وتخيل بعض الأمور السلبية التي قد تحدث، وكيف يمكن لك أن تستجيب لها. وسف تنتابك الدهشة لمدى ما ستشعر به من إيجابية وثقة بالنفس عندما يكون لديك بالفعل خطط بديلة للتحرك حيال بعض أسوأ الأمور التي قد تقع في ناحية بعينها.
فمثلاً، ماذا ستفعل إذا فقدت وظفتك اليوم؟ أن فكرة فقد المرء لوظيفته هي التخوف الأساسي لدى معظم الناس، وتؤثر على نسبة 37 % من السكان العاملين وفقًا لإحدى الدراسات. وقد تلقيت مؤخراُ رسالة من رجل مهذب أخبرني بأن خوفه من فقدانه لعمله، رغم إدراكه أنه خوف غير منطقي بالمرة، كان من الضخامة بحيث شله عن الحركة والتقدم للأمام. أي أنه كان في الواقع يعطله عن الاضطلاع بنمط العمل الذي يتوجب عليه من اجل أن يحتفظ بوظيفته. فإن خوفه جنباُ إلى جنب افتقاره للبدائل ساعدا على زيادة احتمال الاستغناء عنه فعلياُ.

وظيفتك الجديدة

أحياناُ أسأل الأشخاص الحاضرين في منتدياتي التدريبية: "ماذا ستكون وظيفتكم التالية؟" يكون هذا السؤال مفاجئًا لأغلب الأشخاص. فلم تكن لدي أي منهم أدنى فكرة عما ستكون وظيفتهم التالية. لكننا نعلم أن عالم العمل في تغير متسارع الوتيرة. والحقيقة أنك قد قمت بتغيير وظيفتك مرات عديدة. ومن المحتوم في الواقع أنك سوف تغير وظيفتك من جديد، وربما بأسرع مما تتوقع. فماذا ستكون غالباُ وظيفتك التالية؟
وحين أشرح أنه على كل شخص أن يتهيأ لوظيفته التالية، تكون فكرة جديدة على معظم الأشخاص. فإما أنهم لم يفكروا بشأن هذا، أو أنهم لا يرغبون في التفكير بشأنه. لكن السؤال الوحيد هو: " ما مستوى المعرفة، والمهارات، والمقدرة الذي ستطلبها وظيفتك التالية حتى تستمر في ربح مقدار المال الذي ترغب في ربحه في المستقبل؟ " .
إذا لم تفكر بشأن هذا التساؤل مسبقًا، فقد تضطر للتفكير فيه بعد أن ينفد الوقت المتوافر لذلك، ويكون السؤال عندها قد فرض عليك فرضًا.

مسارك المهني الجديد

وبعد أن يفكر بشأن ماذا ستكون وظيفتهم التالية، اطرح عليهم عندئذ السؤال الثاني: " ماذا سيكون مساركم المهني التالي . " ما الحقل أو المجال أو التجارة أو خط العمل الذي يتسم بالجدية التامة، والذي ستعمل به في غضون من 5 إلى 10 أعوام من الآن؟.
وفقًا لخبراء سوق العمل فإن الشخص الذي يبدأ اليوم بالعمل سوف يعمل في وظائف بدوام كامل تتراوح من 14 إلى 15 وظيفة، تستمر كل منها لعامين أو أكثر، على مدار حياته المهنية بكاملها. كما أنه سيخوض عدداُ كبيراُ من المجالات المهنية المختلفة تصل إلى خمسة مجالات، وهي تختلف عن بعضها البعض كل الاختلاف، بحيث يتطلب كل منها أنواعُا جديدة من المعرفة والمهارات.
فأغلب ما تعرفه حول عملك الحالي سيتم تجاوزه ونبذه في غضون خمسة أعوام. فنتيجة للتغير المتسارع الذي يحدث على كل المستويات، فإن مخزونك الحالي من المعرفة، والمعلومات، والأفكار، والمهارات ستقل قيمته، ولن يكون له صيلة وثيقة، أو تطبيق في سوق العمل، أو اقتصاد المستقبل. سوف تكون بحاجة إلى مهارات جديدة ومعرفة جيدة إذا أردت مواصلة الوجود والكفاح في مجتمع تشتد ضراوة المنافسة به.
لهذا قال " بيتر دراكر" " إن المهارة الوحيدة التي لن يتم الاستغناء عنها على مدى السنوات القادمة هي المقدرة على اكتساب مهارات جديدة " .

فكر مسبقًا بشكل متواصل

لعلك تتذكر التعليق الشهير الذي أبدأه نجم الهوكي " واين جرتسكي " . فحينما سئل من أحد الصحفيين عن سر نجاحه على الجليد، أجاب بقوله : " إن أغلب اللاعبين لا بأس ببراعتهم، لكنهم يمضون نحو المكان الذي به القرص المطاطي. أما أنا فأمضي نحو المكان الذي سيوجد به القرص".
إن هذه الملاحظة وثيقة الصلة بك. فأين سيوجد قرصك المطاطي بعد ثلاثة غلى خمسة أعوام من الآن؟ وأين سيوجد قرصك المطاطي بعد عشرة أعوام من الآن ؟ إن التحلي بمنظور بعيد المدى بشأن حياتك يتيح لك اتخاذ قرارات أفضل على المدى القريب. فكما يقوم المخطط الاستراتيجي. "مايكل كامي" : " إن هؤلاء الذين لا يفكرون بالمستقبل لا يمكن لهم أن يحظوا بمستقبل ما ".
تطلع إلى مستقبلك، وابدأ في تخيل وتوقع بعض التحولات والانعطافات التي قد تحدث. إذا فقدت عملك اليوم، فماذا سيكون رد فعلك؟ ما أول فكرة ستخطر لك؟ حين يفكر السواد الأعظم من الناس بشأن فقد وظائفهم تصيبهم نوبة من الذعر. ولا يدرون ماذا يفعلون.
ومع ذلك فخلال عملي مع الآلاف من الأشخاص الناجحين، وجدت أن بينهم سلوكُا مشتركُا. إنهم جميعُا يعرفون في طمأنينة راسخة أنه إذا ما فقدوا وظائفهم، فهما عليهم إلا عبور الشارع ليحصلوا على وظيفة أخرى صبيحة الغد. إنهم أكفاء جدًا فيما يقومون به، وهكذا فلديهم ثقة بقدراتهم، ففقدان الوظيفة بالنسبة لهم لن يكون أكثر من مضايقة عارضة. فإن أمامهم وفرة من الخيارات.
كما ذكرت أن ثمة وسيلة تحدد عبرها مدى كفاءتك في مجال عملك. ما عدد عروض العمل التي تحصل عليها بوتيرة منتظمة ؟ بالضبط كما يمكن لمتجر أو مطعم قياس نجاحه من خلال عدد العملاء أو الزبائن الذين يجذب إليه، يمكن لك قياس مقدار ما تحظى به من قيمة واحترام فيما تقوم به بإحصاء عدد الأشخاص الذين يرغبون في توظيفك واستغلال خدماتك. فما مدى كفاءتك؟

Post a Comment

Previous Post Next Post