أعمال اينشتاين:
في عام 1905 نشر اينشتاين أربعة أبحاث علمية الأولى في تفسير الظاهرة الكهروضوئية والبحث الثاني للحركة الابروانية للجزيءات والثالثة لطبيعة المكان والزمان والرابعة لديناميكا حركة الأجسام الفردية.  كان البحثين الأخيرين الأساس للنظرية النسبية الخاصة والتي نتج عنها معادلة الطاقة 2E=mc وبتحويل كتلة متناهية في الصغر أمكن الحصول على طاقة هائلة (الطاقة النووية)..
في العام 1921 حصل آينشتاين على جائزة نوبل لأكشتافه قانون الظاهرة الكهروضوئية التي حيرت هذه الظاهرة علماء عصره.
وضع اينشتاين الأسس العلمية للعديد من المجالات الحديثة في الفيزياء هي:
·         النظرية النسيبة الخاصة
·         النظرية النسبية العامة
·         ميكانيكا الكم
·         نظرية المجال الموحد
وحتى يومنا هذا يقف العلماء عاجزين عن تخيل كيف توصل اينشتاين لهذا النظريات ولا سيما وأن التجارب التي تجرى حتى الآن تؤكد صحة نظريات اينشتاين وينشر ما يقارب 1000 بحث سنوياً حول النظرية النسبية..
قال عنه زميله في برلين العالم الفيزيائي لندتبورغ ((كان يوجد في برلين نوعان من الفيزيائيين: النوع الأول آينشتاين، والنوع الآخر سائر الفيزيائيين)). 
مع اندلاع الحرب العالمية ظل آينشتاين يتابع أعماله العلمية في برلين وركز نشاطه على التوسع في نظرية الجاذبية التي نشرها في العام 1916 وهو في الثامنة والثلاثين من عمره.  حاول الكثير من الأحزاب السياسية زجه في نشاطاتهم ولكنه كان دائما يقول إنني لم اخلق للسياسة وفضل الانعزال والوحدة قائلاً ((إن الفرد المنعزل هو وحده الذي يستطيع أن يفكر وبالتالي أن يخلق قيما جديدة تتكامل بها الجماعة)) هذا أدى إلى دفع معارضيه للنيل منه. أحيكت له المؤامرات والدسائس مما ذاع صيته في مختلف أنحاء العالم ووجهت له الدعوات من العديد من الجامعات للتعرف عليه وسافر إلى ليدن بهولندا وعين أستاذا في جامعتها. وأسف الكثيرون في ألمانيا رحيله لأن شهرته العظيمة في الخارج من شأنها أن تعيد إلى ألمانيا هيبتها التي فقدتها في الحرب. وتلقى كتب ودعوات من وزير التربية ليعود إلى بلده فعاد وحصل على الجنسية الألمانية لأنه في ذلك الوقت كان لا يزال محتفظاً بجنسيته السويسرية.
كثرت الدعوات التي تلقاها اينشتاين بسبب شهرة نظريته النسبية وكان يقابل في كل مرة يلقي فيها محاضرة باحتفال هائل يحضره عامة الناس ليتعرفوا على هذا الرجل بالرغم من عدم إلمامهم بفحوى النظرية النسبية ولكن اهتمام الناس به لم يسبق لعالم إن حظي به من قبل فكان يستقبل استقبال المعجبين لفنان مشهور. لقد كان تقرير صادر عن البعثة الفلكية الإنجليزية عام 1919 الذي تؤيد فيه صحة نبوءة آينشتاين عن انحراف الضوء عند مروره بالجو ألجاذبي من أهم دواعي شهرته العالمية.  ولكن لكونه ألماني الجنسية كان صيته في انجلترا قليل وبدعوة من اللورد هالدين توجه آينشتاين إلى انجلترا وقدمه هالدين قائلا ((إن ما صنعه نيوتن بالنسبة إلى القرن الثامن عشر يصنعه آينشتاين بالنسبة إلى القرن العشرين)).
يروى أنه تم الإعلان عن جائزة قدرها خمسة آلاف دولار لكاتب أحسن ملخص للنظرية النسبية في حدود ثلاثة آلاف كلمة فتقدم ثلاثمائة شخص وحصل على الجائزة رجل من محبي الفيزياء ايرلندي الجنسية عمره 61 عاماً في 1921. 
ظل آينشتاين يسافر بين بلدان العالم من فرنسا إلى أسبانيا إلى فلسطين وإلى الصين واليابان وحصل على جائزة نوبل في 1923 وسلمه إياها ملك السويد وبعدها استقر في برلين وكان الزوار من مختلف أنحاء العالم يأتون له ويستمتعون بحديثه ولقاءه حتى عام 1929 والتي فيها بلغ من العمر الخمسين عاماً قرر الاختفاء عن الأنظار ولم يكن احد يعلم أين يقيم.
كان آينشتاين محبا للسلم ويكره الحرب وفي نداء تلفزيوني إلى تورمان رئيس الولايات المتحدة الأسبق قال ((لقد كان من المفروض أول الأمر أن يكون سباق التسلح من قبيل التدابير الدفاعية. ولكنه أصبح اليوم ذا طابع جنوني. لأنه لو سارت الأمور على هذا المنوال فسيأتي يوم يزول فيه كل أثر للحياة على وجه البسيطة)).
في 18 ابريل من العام 1955 وفي مدينة برنستون مات ذلك العبقري وأخذ الناس يتحدثون عن آينشتاين من جديد وتنافست الجامعات للاستئثار بدماغ ذلك الرجل عساها تقف من فحصها على أسرار عبقريته..  كان آينشتاين يعيش بخياله في عالم آخر له فيه الشطحات والسبحات وكانت الموسيقى سبيله الوحيد للتنفيس عن ثورته العارمة وكان الكون بالنسبة له مسرحا ينتزع منه الحكمة فغاص في أبعاده السحيقة.   


النظرية النسبية الخاصة
 الأبعاد الأربعة ( المكانية والزمانية )
نحتاج قبل الدخول إلى مفاهيم النظرية النسبية تعريف مفهوم الأبعاد المكانية والزمنية حيث أن كثيرا ما تعرف النظرية النسبية على إنها نظرية البعد الرابع.  فما هي هذا الأبعاد الأربعة وكيف نستخدمها ولماذا اينشتاين العالم الأول الذي أكد على ضرورة استخدام البعد الرابع (الزمن) بالإضافة إلى الأبعاد الثلاثة التي اعتمد عليها جميع العلماء من قبله...
تطور مفهوم الأبعاد مع تطور الإنسان واقصد هنا تطوره في الحياة ففي الزمن الأول كان الإنسان يتعامل مع بعد واحد في حياته هذا جاء من احتياجه للبحث عن طعامه فكان يستخدم رمحه لاصطياد فريسته وبالتالي كان يقذف رمحه في اتجاه الفريسة حيث ينطلق الرمح في خط مستقيم وحركة الرمح هنا تكون في بعد واحد وسنرمز له بالرمز x.  ومن ثم احتاج الإنسان ليزرع الأرض وبالتالي احتاج إلى التعامل مع مساحة من الأرض تحدد بالطول والعرض وهذا يعد استخدام بعدين هما x و y لأنه بدونهما لا يستطيع تقدير مساحة الأرض المزروعة. وعندما احتاج الإنسان للبناء أخذ يفكر ويحسب في البعد الثالث وهو الارتفاع.  وهذه هي الأبعاد الثلاثة x,y,z  والتي كانت الأساس في حسابات الإنسان الهندسية، وحتى مطلع القرن العشرين اعتبرها الإنسان كافية لحل كل المسائل التي تقابله على سطح الكرة الأرضية. وحتى يومنا هذا نعتمد على الأبعاد الثلاثة في تنقلاتنا وسفرنا وحساباتنا.
آينشتاين هو العالم الوحيد الذي فكر في البعد الرابع (الزمن) وقال إن الكون الذي نعيشه ذو أربعة أبعاد وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن. وادخل البعد الرابع في جميع حساباته. يستطيع الإنسان تخيل البعد الواحد والبعدين ويمكن رسمهما ولكن البعد الثالث يحتاج منه إلى قدرات تخيلية إضافية ولكن من الصعب التفكير والتخيل بالأبعاد الأربعة معا وخصوصا أن البعد الرابع وهو الزمن لا يمكن رؤيته ولكننا نعيشه وندركه كمسلمة من مسلمات الوجود.  فإذا اعتبرنا أن هندسة الكون تعتمد على أربعة أبعاد فإن حساباتها ستكون غاية في التعقيد ونتائجها غير متوقعة وهذا ما فعله آينشتاين في نظريته النسبية.
تمهيد: إن المقاييس من مساحات وحجوم وكتل وتحديد المكان والزمان والسرعة هي مقاييس معروفة في نظر الفيزياء الكلاسيكية (فيزياء جاليلو ونيوتن) فكلنا نقيس المسافات والزمن بنفس الطريقة والكيفية ولا يختلف في ذلك اثنان إذا كانت مقايسهما معايرة بدقة وهذا يعني أننا سلمنا بأن هذه المقاييس مطلقة ولكن هذا يخالف النظرية النسبية التي تقوم على أنه لا وجود لشيء مطلق في كل هذه الأشياء أنما هي نسبية، فالدقيقة (60 ثانية) التي نقيسها بساعاتنا يمكن أن يقيسها آخر على إنها أقل من دقيقة أو أكثر، وكذلك المتر ألعياري طوله متر بالنسبة للشخص الذي يحمله ولكن بالنسبة لآخر يتحرك بسرعة كبيرة بالنسبة لذلك الشخص يجد المتر 80 سنتمتر وكلما زادت سرعته كلما قل طول المتر ليصبح طول المتر صفر إذا تحرك الشخص بسرعة الضوء (سنجد انه من الاستحالة الوصول لسرعة الضوء) وهذا لا يعود لخطأ في القياسات بين الشخصين أو خلل في آلات الرصد التي يستخدمونها فكل منهما يكون صحيحا ولكن بالنسبة له. ولهذا سميت بالنظرية النسبية والكثير من الأمور المسلم بها في حياتنا والتي نعتبرها مطلقة تصبح نسبية في عالم النسبية.
بمفهوم اينشتاين والتعامل مع الزمن على أنه بعد من الأبعاد يصبح كل شيء نسبياً فمثلاً نعرف أن الكتلة هي كمية المادة الموجودة في حجم معين مثل كتلة الماء في حجم سنتيمتر مكعب هي واحد جرام وكتلة الماء هذه ثابتة ولكن وزنها هو الذي يتغير تغيرا طفيفا نتيجة لتأثير الجاذبية عليها فيقل الوزن قليلا في المرتفعات ويزيد في المنخفضات نتيجة لتغير تأثير الجاذبية حسب بعدنا أو قربنا من مركز الأرض وهذا التغير يكون في حدود جرام واحد فقط، ولكن آينشتاين يبين أن الكتلة تتخلى عن تأثير الجاذبية وتتغير في حدود أكبر بكثير قد تصل إلى الآلاف ولا علاقة لتغير الكتلة بالجاذبية.  إن ثبوت المقاييس والأبعاد عند آينشتاين في الكون لا وجود له حسب نظريته النسبية.
المكان في النسبية
إذا سألت نفسك في هذه اللحظة هل أنت ثابت أم متحرك، فستنظر حولك بكل تأكيد وتقول أنا لست متحرك فأنا ثابت أمام جهاز الكمبيوتر مثلاً وعلى الأرض وهذا صحيح فأنت ثابت بالنسبة للكمبيوتر والأرض (أي الكرة الأرضية) ولكن هذا ليس صحيح بالنسبة للكون فأنت والكمبيوتر والأرض التي تقف عليها تتحركوا وهذه الحركة عبارة عن مجموعة من الحركات منها حركة الأرض حول نفسها وحركة الأرض حول الشمس وهناك حركة للشمس والأرض داخل مجرة درب التبانة ومجرة درب التبانة تتحرك بالنسبة إلى الكون.. إذا عندما اعتقدت انك ثابت فهذا بالنسبة للأشياء حولك ولكن بالنسبة للكون فكل شيء متحرك.  وخذ على سبيل المثال هذه الأرقام ......
سرعة دوران الأرض حول نفسها ربع ميل في الثانية وسرعة دوران الأرض حول الشمس 18 ميل في الثانية والشمس والكواكب تسير بالنسبة لجيرانها النجوم بسرعة 120 ميل في الثانية ومجرة درب التبانة منطلقة في الفضاء بسرعة تصل إلى 40000 ميل في الثانية. تخيل الآن كم هي سرعتك وعدد الحركات التي تتحركها بالنسبة للكون. وقدر المسافة التي قطعتها منذ بدء قراءة هذه المحاضرة حتى الآن.
لا احد يستطيع أن يحدد هل مجرة درب التبانة هي التي تبتعد عن المجرات الأخرى بسرعة 40000 ميل في الثانية أم إن المجرات هي التي تبتعد عنا بهذه السرعة. فعلى سبيل المثال إذا أراد شخص أن يصف لنا سفره من مطار بغداد إلى مطار دبي الدولي فإنه يقول غادرت الطائرة مطار بغداد في الساعة الثالثة ظهرا واتجهت جنوباً لتهبط في مطار دبي الدولي الساعة السادسة مساءً..  ولكن لشخص آخر في مكان ما في الكون يرى إن الطائرة ارتفعت عن سطح الأرض في بغداد وأخذت تتباطأ حتى وصلت مطار دبي لتهبط فيه.  أو إن الطائرة ومطار دبي تحركا في اتجاهات مختلفة ليلتقيا في نقطة الهبوط.. وهنا يكون من المستحيل في الكون الواسع تحديد من الذي تحرك الطائرة أم المطار.
كذلك يجب أن نؤكد إن الاتجاهات الأربعة شمال وجنوب وشرق وغرب والكلمات فوق وتحت ويمين وشمال هي اصطلاحات لا وجود لها في الكون فلا يوجد تحت أو فوق ولا شمال أو جنوب.
إن التعامل بهذه المفاهيم الجديدة والنظرة الشاملة للكون بلا شك أمر محير ولاسيما إذا أدخلنا البعد الرابع في حساباتنا فكل شيء يصبح نسبي.
 
 
مما سبق تبين أن نسبية المكان تخالف كل ما هو مألوف لنا وقد يتسائل القارئ ما أهمية ذلك بالنسبة لنا ونحن نعيش على سطح الأرض وأمورنا كلها مضبوطة على نسق واحد؟  ولماذا هذا الخلط بين ما يحدث على الأرض والكون؟ وما فائدة النسبية لنا كل هذه الأسئلة سيأتي الإجابة عليها من خلال هذه المحاضرات المتتابعة عن النظرية النسبية ولكن قبل ذلك يجب الخوض في نسبية الزمان وهذا سيوضح لنا أن مفهوم الماضي والحاضر والمستقبل هي من الأمور النسيبة أيضا.....
 الزمان في النسبية
لم يكتف آينشتاين بأن أثبت أن المكان نسبي ولكن عمم نسبية المكان على الزمان (البعد الرابع) حيث أنه قال طالما أننا نعيش في عالم ذو أربعة أبعاد ووجد أن الأبعاد المكانية الثلاثة التي تحدد بـ x,y,z هي نسبية لا بد وان يكون الزمان (البعد الرابع) نسبياً أيضا هذا هو آينشتاين الذي يفكر ويضع النظريات ويحلل النتائج في عقله ويخرج للناس بمفاهيم جديدة لم يستطيع احد أن ينفيها ولا أن يبطلها ولا أن يصدقها ولكن كانت نسبية المكان والزمان منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا تبرهن على صحتها من خلال تفسيرها للعديد من الظواهر الفيزيائية التي حيرت العلماء ولم يكن أمامهم إلا تطبيق نظرية اينشتاين ليجدوها تفسر تلك الظواهر وسيأتي شرح تفصيلي لهذه الظواهر..
اعتبر العلماء ومن بينهم العالم نيوتن أن الزمن مطلق ويجري بالتساوي دون أية علاقة بأي مؤثر خارجي. ولكن اينشتاين لم يتقيد بما سبقه من العلماء وفكر بالأمر من وجهة نظر مختلفة تشمل الكون الفسيح  ....  كيف ذلك؟؟...
تعودنا نحن سكان الكرة الأرضية على تقدير الزمن من خلال اليوم وأجزائه (الساعة والدقيقة والثانية) ومضاعفاته (الأسبوع والشهر والسنة والقرن) ويومنا هو مقدار الزمن اللازم للأرض لتدور حول نفسها دورة كاملة والسنة هي مقدار الزمن اللازم للأرض لإكمال دورة كاملة حول الشمس وتساوي 365 يوم وربع اليوم.  ولكن ماذا عن اليوم والسنة على كوكب عطارد أو كوكب بلوتو لا شك أن ذلك سيكون مختلف بالنسبة لمقاييسنا فالسنة على كوكب عطارد ثلاثة أشهر من الوقت الذي نقيسه على الأرض بينما السنة على كوكب بلوتو فهي اكبر من ذلك بكثير وتساوي 248 سنة من سنوات الأرض.. الأمر عند هذا الحد معقول ولكن ماذا عن المجرات الأخرى كيف تقدر اليوم والسنة عندها؟ وهل يمكن استخدام الأزمنة الأرضية كمقياس للزمن على أرجاء هذا الكون الفسيح ؟
ان هذا الكون يحتاج إلى طريقة جديدة لتقدير المسافات بين مجراته ونجومه لأن استخدام وحدة المتر أو الميل ستقودنا إلى أرقام كبيرة جدا لا يمكن تخيلها ولهذا فإن العلماء يستخدمون سرعة الضوء لقياس المسافة حيث أن سرعة الضوء 300 ألف كيلومتر في الثانية (الضوء يدور حول الأرض 7 مرات  في الثانية أي عندما تقول كلمة واحدة يكون الضوء قد لف حول الأرض سبع مرات) وإذا حسبنا المسافة التي يقطعها الضوء في السنة نجد أنها مسافة كبيرة جدا (الأرقام الفلكية) فمثلا نعلم أن أشعة الشمس تصلنا خلال ثمانية دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا ثماني دقائق ضوئية وهنا استخدمنا وحدة الزمن لقياس المسافة.  مثال آخر على اقرب نجم إلى المجموعة الشمسية يسمى ألفا قنطورس يبعد عنا أربعة سنوات ضوئية والنجوم البعيدة في مجرتنا تبعد عنا آلاف السنوات الضوئية ويقدر قطر درب التبانة بـ 80 ألف سنة ضوئية (تخيل أن الضوء الذي يصدر عند احد أطرافها يصل إلى الطرف الآخر بعد ثمانين ألف سنة) كل هذا في مجرتنا وبعض التلسكوبات رصدت مجرات تبعد عشرة ألف مليون سنة ضوئية ذلك يعني أنه إذا وقع حدث ما في طرف الكون فإنه لا يصل إلى الطرف الآخر قبل مرور عشرة آلاف مليون سنة!!! وسنعلم أيضا أن الكون لا زال يتمدد وبسرعات هائلة... سبحان الله ولا نملك إلا أن نقول ذلك..
الأرقام والأبعاد الفلكية السابقة ضرورية لشرح الموضوع التالي والذي من خلاله سنوضح مفهوم نسبية الزمن لدى آينشتاين.
افترض انك في غرفة مظلمة تماماً وتحرك جسم من مكان إلى مكان آخر في هذه الغرفة فإنك لا تعلم بذلك (على افتراض انك لا تعتمد على حاسة السمع) ولكن في وجود الضوء فإن انتقال الجسم أو حركته ترصدها من خلال انعكاس الضوء من على الجسم المتحرك إلى العين.  الضوء هو الوسيلة الوحيدة التي نعلم من خلالها حدوث حدث ما في الكون وهو أسرع وسيلة لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات فحدث ما على الشمس نعلم به على الأرض بعد ثمانية دقائق من وقوعه، وانفجار نجم ألفا قنطورس يصلنا خبره بعد أربعة سنوات لان الضوء القادم منه سيصل الأرض بعد أربعة سنوات وكذلك النجوم التي نراها في الليل قد لا تكون موجودة الآن ولكننا نرى الضوء الذي صدر عنها منذ سنوات أو آلاف السنوات حسب بعدها عنا أما التي تبعد عنا ألف مليون سنة ضوئية فإن ضوءها الذي يصلنا الآن يعطينا معلومات عنها قبل ظهور الحياة على الأرض!! هذا يقودنا إلى أن كلمة الآن لا وجود لها إلا على الأرض هذا كله يدركه الناس ولا غرابة فيه لأننا نعلم كم هذا الكون واسع وفسيح.. لم تقف النظرية النسبية عند هذا الحديث فقط بل تعدته إلى القول أن الزمن نفسه لا يجري في الكون بشكل متساوي بل يقصر ويطول حسب سرعتنا ومكاننا بالنسبة للحدث. وليس المقصود هنا أن ذلك مجرد شعورنا بان الزمن يمر ببطء أو أنه يمر بسرعة حسب مشاعرنا بالسعادة أو التعاسة عندما نقوم بعمل ما. فنسبية الزمن لا تعتمد على شعورنا ومزاجيتنا إنما المقصود في النظرية النسبية أن الساعة الزمنية التي تدل على فترة معينة من الزمن هي التي تطول أو تقصر حسب السرعة والمكان.
لتوضيح هذا الفكرة نفرض أن شخصين لديهما ساعات متماثلة تم ضبطها بدقة، احد الشخصين قرر البقاء على الأرض والشخص الآخر سافر في مركبة فضائية تسير بسرعة كبيرة، فإذا وفرت للشخص الأرضي مرصدا يراقب من خلاله ساعة الشخص الفضائي فإنه كلما زادت سرعة الشخص الفضائي كلما تباطأت حركة عقارب ساعته بالنسبة للشخص الأرضي وإذا ما وصلت سرعة المركبة الفضائية إلى سرعة الضوء فإن الشخص الأرضي سوف يجد أن عقارب ساعة الشخص الفضائي توقفت عن الحركة أي أن الزمن توقف وأصبح صفراً (لا يمكن الوصول بسرعة جسم إلى سرعة الضوء وسنعرف ذلك قريباً) وهذا التباطؤ في ساعة الفضائي ليس بسبب خلل في الساعة إنما نتيجة لسرعته..
إن الأمر لا يقف عند هذا الحد في النظرية النسبية لأن ذلك انعكس على مفهومنا للماضي والحاضر والمستقبل فمثلا انفجار نجم ما قد يكون ماضي بالنسبة لشخص في هذا الكون ويكون حاضر لشخص آخر في مكان آخر وقد يكون مستقبلا بالنسبة لشخص ثالث في مكان ثالث. وهذا بسبب تباطؤ الزمن. حسب سرعة كل شخص بالنسبة للحدث ومكانه. ولها لا معني للماضي والحاضر والمستقبل إلا على الأرض لان الشريط الزمني المعروف لنا يتباطأ بدرجة معينة في مكان معين في الكون ويتباطأ بدرجة مختلفة في مكان آخر وهكذا..

بعيدا عن النسبية
اننا نعيش الزمن من خلال تقسيمه إلى ماضي  وحاضر ومستقبل وكلنا يستطيع أن يسبح بخياله في أحداث الماضي ويعيش اللحظات الحاضرة بحلوها ومرها ولكن المستقبل فلا قدرة لنا عليه وعلى توقع ماذا سيحدث فيه وذلك لأننا كمخلوقات لله سبحانه وتعالي حجب عنا أحداث المستقبل (كما حجب عنا رؤية الأشعة تحت الحمراء والفوق بنفسجية وحجب عن سمعنا ترددات معينا يمكن لمخلوقات أخرى سماعها لأننا بشر محدودين لكوننا مخلوقات) أما الله سبحانه وتعالى فالأزمنة والأحداث عنده كالكتاب المفتوح.  الله يعلم بالماضي والحاضر والمستقبل فهو يعلم ماذا فعلنا وماذا نفعل وماذا سنفعل   في أي وقت وفي أي لحظة.
كل ما ذكر في نسبية المكان ونسبية الزمان هو توضيح لمفاهيم وضعها آينشتاين لتكون تمهيدا للدخول إلى النظرية النسبية وفهم مضمونها وعندها ستكون الصورة أوضح.
بعد أن تكلمنا عن نسبية المكان ونسبية الزمان أصبحنا اقرب ما يكون لفرضيات النظرية النسبية ولكن من الضروري المرور عبر الملابسات التي سبقت ظهور النظرية النسبية وتوضيح التخبط الذي أحاط بالعلماء الفيزيائيين عند عجزهم عن الوصول إلى تفسير مقنع للتجارب التي اعتمدت على الضوء وسنركز على التجربة الشهيرة المعروفة بتجربة ميكلسون مورلي.
سرعة الضوء:
ذكرنا سابقاً أن سرعة الضوء تبلغ 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة وهذا يعني أنه يمكن للشعاع الضوئي أن يدور سبع مرات حول الكرة الأرضية في الثانية ولذلك لا نستغرب حين نشاهد في إحدى المحطات الفضائية برنامجاً تلفزيونيا ويشاهده في نفس اللحظة أناس آخرون على الطرف الثاني من الكرة الأرضية لأن الإشارات التلفازية تنتقل بسرعة الضوء (لأنها أشعة كهرومغناطيسية مثل الضوء).  وبالطبع نحن نسمع صوت الرعد بعد لحظات من رؤية ضوء البرق أو نرى ضوء انفجار قذيفة قبل لحظات من سماع صوتها وهذا يعود إلى الاختلاف الكبير بين سرعة الضوء وسرعة الصوت  (تبلغ سرعة الصوت 330 متر في الثانية)
أجرى العلماء العديد من التجارب لقياس سرعة الضوء ووصلوا إلى القيمة التي ذكرناه سابقاً (300 ألف كيلومتر في الثانية) وهذه السرعة الكبيرة للضوء استخدمت في تقدير المسافات الفلكية بين النجوم والمجرات لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد على وحدة المتر ومضاعفاته، ولذلك إذا قرأت في كتب الفلك ستجد أن وحدة قياس المسافة هي السنة الضوئية وهي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة والتي تساوي 9460000000000 كيلومتر. لاحظ هنا أن السنة الضوئية هي وحدة زمن ولكن استخدمت لتقدير المسافة أي أن الزمن بعد يضاف إلى الأبعاد الثلاثة x,y,z ولهذا سمي بالبعد الرابع.
 الأثير: نعلم أن الصوت ينتقل من خلال موجات اهتزازية تحدث اضطراب في الهواء وبهذا فإن الصوت ينتقل خلال وسط الهواء كما أن الأمواج التي يحدثها حجر اسقط في بركة ماء فإن الاضطراب الذي أحدثه الحجر ينتقل في صورة أمواج اهتزازية خلال جزيئات الماء. الآن ماذا عن الضوء؟ وما هو الوسط الذي ينقله؟ وما هو ذلك الشيء المكون لأمواج الضوء؟.. هذه أسئلة حيرت العلماء وقادتهم أفكارهم إلى افتراض وسط سموه الأثير يملأ فراغ الكون وقد أعطى العلماء خصائص للأثير بما يناسب تجاربهم، فالأثير له من الخصائص الكثير فمثلا الأثير يخترق جميع الأجسام والنجوم والكواكب التي تسبح فيه. الأثير ينسحب خلف الأجسام الصلبة وازدادت خصائص الأثير مع كل تجربة لا تتفق نتائجها العملية مع المتوقع من الأثيربذلك اعتبر العلماء الأثير هو الشيء الثابت والمطلق الذي ينقل الضوء من خلاله وان كل جسم متحرك فهو متحرك بالنسبة للأثير (حتى الضوء) أي أن سرعة الأرض مثلا هي سرعتها بالنسبة للأثير وسرعة الضوء هي سرعته بالنسبة للأثير.

تجربة ميكلسون مورلي:
لم يكن العلماء بحاجة إلى تجارب لإثبات فرضية وجود الأثير ولكن تجربة بسيطة تثبت وجود الأثير سيزيد من تثبيت أركان علم الفيزياءتعتمد فكرة التجربة التي أجراها كلاً من العالمين ميكلسون ومورلي على قياس الفرق في سرعة الضوء بالنسبة للأثير وذلك من خلال جهاز يسير فيه الضوء مسافة معلومة  مرة مع تيار الأثير ثم ينعكس على سطح مرآة ويعود ليتداخل مع شعاع ضوئي أخر قد انعكس عن مرآة تبعد نفس المسافة بحيث أن الشعاع الثاني يسير عموديا على اتجاه الأثير.  وهذا سوف يحدث تداخل للشعاعين مما ينتج للمشاهد أهداب تداخل عبارة عن مناطق مضيئة ومناطق معتمة تتغير بتغير سرعة الضوء. وبإجراء حسابات بسيطة (سيأتي ذكرها بالتفصيل من خلال محاضرات في النظرية النسبية) نجد أن الشعاع الضوئي الموازي للأثير يستغرق زمن أطول لإكمال رحلة الذهاب والإياب من الزمن اللازم للشعاع الذي يسير عمودي على الأثير. هذا الاختلاف يتغير إذا أديرت الطاولة التي تحمل التجربة بحيث يصبح الشعاع الموازي للأثير عموديا والشعاع الذي كان عمودي يصبح موازيا للأثير. ما الفائدة من ذلك؟ توقع العلماء عند دوران التجربة بالنسبة للأثير أن يحدث تغيير في الأهداب المتكونة نتيجة للتداخل بين الشعاعين الضوئيين (للاختلاف في الزمن بينهما) بحيث تحل الهدبة المضيئة مكان الهدبة المعتمة وهكذا.. إن الفارق الزمني لرحلة الذهاب والعودة للشعاعين يعود إلى فرضية أن الضوء ينتقل في وسط الأثير وبالتالي فإن سرعة الضوء سوف تعتمد على سرعة الأرض بالنسبة للأثير وعلى اعتبار أن الأرض تسير بالنسبة للأثير بسرعة مقدارها 30 كيلو متر في الثانية. وعليه يكون من المتوقع أن تختلف سرعة شعاع الضوء الذي يوازي اتجاه الأثير عن الشعاع العمودي عليه...
كانت نتيجة التجربة على غير المتوقع ولم يحدث تغيير في مواقع أهداب التداخل. وأعيدت التجربة مرات عديدة في مناطق مختلفة على الأرض وفي أوقات مختلفة ولكن دائما لم يكن هناك تغيير في مواقع الأهداب الذي كان يتوقعه العالمين من نتائج التجربة أو العلماء الآخرون الذين حاولوا تكرار التجربة.
هذه النتيجة السلبية (عدم اتفاق النتائج العملية مع النظرية تسمى نتيجة سلبية) صدمت العلماء في صحة نظرياتهم الكلاسيكية وتمسك العلماء بفرضية الأثير وجعلتهم يقولون تارة أن الأثير ولا بد وانه يسير مع الأرض وتارة يقولون أن الأجسام تنكمش في اتجاه حركتها خلال الأثير وغيره من الاعتقادات وذلك لرفضهم فكرة فشل فرضية الأثير وكل ما بني عليها لسنوات...
وهنا جاء آينشتاين وهو في الخامسة والعشرين من عمره ليبني أسس جديدة للفيزياء سماها النظرية النسبية.....
الآن يمكن الشروع في استعراض مفاهيم النظرية النسبية التي وضعها العالم آينشتاين في عام 1904 وسماها النظرية النسبية الخاصة وفي العام 1916 نشر آينشتاين نظريته النسبية العامة وهنا يجب أن نوضح أن كلا النظريتين هما نظرية واحدة ولكن النظرية النسبية الخاصة تتعامل مع الأجسام المتحركة بسرعة منتظمة (بدون عجلة)، والنظرية النسبية العامة تعالج حركة الأجسام المتسارعة وهي تشمل حركة كافة مكونات الكون من نجوم ومجرات لأنها تتحرك في مسارات دائرية وهذا يعني أن تلك الأجسام لها عجلة تغير من اتجاه مسارها.. ولهذا فإن النظرية النسبية العامة أشمل وأعم وسنتعرض لها بشيء من التفصيل بعد استعراض النظرية النسبية الخاصة..
النظرية النسبية الخاصة
بمحاولة آينشتاين تفسير نتائج تجربة ميكلسون مورلي وضع نظريته النسبية الخاصة في العام 1904.  بهذه النظرية غير آينشتاين مفاهيم النظرية الكلاسيكية ليأتي بمفاهيم غاية في الغرابة لم يكن احد من العلماء قد فكر بها وفتح بذلك الأبواب للعلماء لعصر جديد من العلوم الفيزيائية سميت بالعصر الذري وهو الذي نعيشه الآن.   فسرت النظرية النسبية  العديد من الظواهر الطبيعية في الكون وشكلت قاعدة صلبة راسخة متماسكة.. وحتى يومنا هذا لازالت التجارب المختلفة التي يجريها العلماء تثبت صحة النظرية النسبية.  إن النظرية النسبية غيرت مفاهيم كل شيء فخلطت المكان والزمان وجعلت من المطلق نسبي والمستقيم محدب كما كان لها نتائج فلسفية عديدة ولكن سنحاول التركيز على الأمور العلمية.
فروض النظرية النسبية
قلنا في موضع سابق أن آينشتاين استخدم عقله وتفكيره بشكل شمولي للكون وأمعن التفكير والتأمل ليبني الفرضيات ويجري التحليلات الرياضية بشكل مجرد ويظهرها للعلماء لتطبيقها وهكذا هو الحال بالنسبة للنظرية النسبية حيث وضع آينشتاين فرضيتين لتكون أساسا للنظرية النسبية وطلب من الكل باعتبارها من المسلمات أو البديهيات وهذا ما جعل العلماء رفض الاقتناع بصحة تلك النظرية ولكن هذه النظرية أوجدت تفسيرات وقوانين للعديد من الظواهر الكونية وفي كل مرة عقدت تجربة لإبطال صحة النظرية النسبية كانت النتائج تؤكد صحتها وتعطي دليلا جديدا على دقتها وشموليتها..
فروض النظرية النسبية هما فرضيتان الأولى متعلقة بالأثير والفرضية الثانية متعلقة بالضوء.
الفرضية الأولى تنفي وجود الأثير لأن حسب نسبية آينشتاين لا يوجد مطلق يمكن إسناد كل شيء إليه مثل ما فعل العلماء بفرضية الأثير.
الفرضية الثانية تقول أن سرعة الضوء في الفراغ ثابتة ولا تعتمد على سرعة المشاهد.
شرح الفرضية الأولى
توضح الفرضية الأولى للنظرية النسبية أن لا وجود للأثير وكان هذا مخالف لكافة العلماء ذلك الوقت... وبفرضية أن الأثير غير موجود فأن المكان المطلق لا وجود له ولا يوجد إلا المكان النسبي والسرعة النسبية. ويوضح اينشتاين ذلك بمثال مركبتين فضائيتين في الكون فلا يستطيع رواد المركبة الأولى من تحديد سرعة مركبتهم إلا بمقارنتها بالنسبة للأجرام المتناثرة حولها أو بالنسبة للمركبة الثانية إذا مرت بالجوار وكذلك الحال بالنسبة للمركبة الثانية وأي شخص يحاول إيجاد سرعة المركبة فإنه سيجدها بالنسبة لسرعة أخرى. وحيث أن كل شيء في الكون يتحرك حركة دائمة ومعقدة فإن أي سرعة تحدد على أساس مقارنتها بسرعة أخرى..
مثال: إذا كنت في سفينة فضائية تسير بسرعة 10 ألاف كيلومتر في الساعة بالنسبة للأرض ولاحظت أن سفينة أخرى تقترب منك وتجاوزت سفينتك فإن أجهزة الرصد لديك سوف تقدر سرعة السفينة التي مرت بقربك على أنها 2000 كيلو متر في الساعة وبما أن سرعتك بالنسبة للأرض معروفة (10 ألاف كيلومتر في الساعة) فإن سرعة السفينة الفضائية الأخرى بالنسبة للأرض ستكون 12 ألف كيلو متر في الساعة.
لاحظ هنا أننا أرجعنا قياساتنا للسرعات بالنسبة للأرض فما بالك لو أننا أصبحنا لا نرى الأرض في هذا الكون الفسيح وان السرعة التي انطلقنا بها تغيرت فكل ما نستطيع قوله هو أن سرعة السفينة الأخرى هو 2000 كيلو متر في الساعة.  ولكن هذا الرقم يعبر عن احتمالات عديدة كأن تكون أنت واقف والسفينة مرت عنك بسرعة 2000 كيلو متر في الساعة أو أن تكون أنت متحرك بسرعة 1000 كيلو متر في الساعة وهي بسرعة 3000 كيلو متر في الساعة أو أن تكون تلك السفينة واقفة وأنت متحرك في اتجاه الأرض بسرعة 2000 كيلو متر في الساعة وهكذا . وهذا يعني أنك بحاجة إلى شيء ثابت ليرشدك على من هو المتحرك وكم هي سرعتك واتجاهك ولهذا اسند العلماء كل ذلك إلى الأثير ليهربوا من حقيقة النسبية.. ولكن آينشتاين لم يهرب من الاعتراف بأن الأثير وَهم .... واقر بأن كل حركة نسبية.
ماذا عن السرعة على الأرض؟ نذكر هنا ما قاله العالم نيوتن بأننا لا نعرف سفينة تتحرك في البحر أم واقفة بأي اختبار نجريه داخل السفينة ويجب علينا أن نلجأ لاختبارات تصلنا بخارج السفينة. كأن نراقب من على سطحها حركة الماء أو حركة الجبال لنحدد ما إذا كانت متحركة أم ثابتة أو هل هي تقترب من الشاطئ أم تبتعد عنه.
كما أننا عندما نقول أن سرعة السيارة 100 كيلو متر في الساعة فهذا يكون بالنسبة للأرض فإذا لم نجد ما الشيء الذي نقيس بالنسبة له فحديثنا عن السرعة لا معنى له كما لا يمكننا باستخدام كل وسائل التكنولوجيان معرفة ما إذا كنا نتحرك أو لا.. لأن كل حركة نسبية ولا يمكن أن نتكلم عن حركة مطلقة.

شرح الفرضية الثانية
لم يكن من الصعب فهم المقصود بالفرضية الأولى للنظرية النسبية بالرغم من صعوبة قبول هذه الفرضية من قبل العلماء في ذلك الوقت لأن العديد من الظواهر التي قابلت العلماء فسرت على أساس وجود الأثير ونسب كل شيء إليه، ولهذا كان من الصعب الاعتراف بفشل فرضية الأثير وهدم كل استنتاجاتهم، فحاول الكثير من العلماء إثبات خطأ النظرية النسبية.  أما الفرضية الثانية والمتعلقة بثبات سرعة الضوء ثابتة في الفراغ مهما تغير مكان المشاهد أو الراصد لسرعة الضوء.
لتوضيح الجملة الأخير سوف نضرب مثالين من واقع الحياة اليومية.

عندما نكون في سيارة سرعتها 100 كم/ساعة فإننا نرى الأجسام الثابتة وكأنها هي التي تتحرك بنفس السرعة وفي الاتجاه المعاكس. ولكن عندما تأتي سيارة من الاتجاه المعاكس تسير بسرعة 100 كم/ساعة فإن سرعتها بالنسبة لنا تكون 200 كم/ساعة (لا حظ هنا أننا جمعنا السرعتين في حالة اقتراب السيارة منا)، وإذا تجاوزنا سيارة سرعتها 80 كم/ساعة نقيس سرعتنا بالنسبة لهذه السيارة على أنها 20 كم/ساعة (لاحظ هنا أننا طرحنا السرعتين في حالة ابتعادنا عن السيارة الأخرى). وإذا كانت السيارة الأخرى تسير بنفس سرعة سيارتنا فإننا نقيس سرعة تلك السيارة بالنسبة لنا على أنها صفر أي أنها ثابتة بالنسبة لنا.
لنفرض سيارة تسير بسرعة 100 كم/ساعة كما في الشكل وقام شخص بإطلاق رصاصة من مسدس في اتجاه حركة السيارة علماً بأن سرعة الرصاصة بالنسبة للمسدس هي 1000 كم/ساعة ثم استدار نفس الشخص وأطلق رصاصة أخرى في اتجاه معاكس لحركة السيارة.

فإذا ما قام شخص على الطريق وقاس سرعة الرصاصة في الحالة الأولى سيجد أنها 1100 كم/ساعة وفي الحالة الثانية سيجد سرعة الرصاصة 900كم/ساعة.  وهذا يعود إلى أن سرعة السيارة تجمع مع سرعة الرصاصة في الحالة الأولى وتطرح منها في الحالة الثانية.

هذا التسلسل المنطقي للموضوع محسوس لنا ونعرفه جيداً ولا غرابة في ذلك ولكن ماذا يحدث إذا استبدل المسدس بمصدر ضوئي هنا يتدخل آينشتاين ويقول أن الوضع مختلف فسرعة الضوء تبقى ثابتة في كلا الحالتين وتساوي 300 ألف كم / الثانية وهذا لا يتغير مهما بلغت سرعة السيارة ولو فرضنا جدلاً أن السيارة تسير بسرعة الضوء فإن الضوء المنبعث من المصباح سينطلق أيضا بنفس سرعة الضوء.
بالطبع هذا غريب على مفاهيمنا ويتحدى آينشتاين بذلك مفاهيم العلماء السابقين ويقول لهم عندما سألوه كيف يمكن تصديق هذا ((ما العمل إذا كان هذا هو من قوانين الكون الأساسية؟))  لم يتوصل آينشتاين لهذه الفرضية بإجراء التجارب وتحليل النتائج أنما توصل إليها بعد طرح أسئلة لنفسه حول ثبات الكون والتفكير فيه ليصل إلى هذه الفرضية التي طلب من العلماء التسليم بها ليبنوا عليها العديد من التفسيرات للظواهر الكونية.  ولكن العلماء كانوا بحاجة إلى أدلة وبراهين للاقتناع بهذه الفرضية فقام الفلكيون برصد الضوء الواصل إلى الأرض من أحد النجوم في الفضاء وكان الهدف من هذه التجربة إثبات خطأ فرضية ثبات سرعة الضوء.  وذلك بالاعتماد على أن النجم عندما يدور حول مركزه يكون مرة مبتعد عنا ومرة أخرى يكون النجم مقترب منا.  وعلى هذا الأساس توقع العلماء أن يرصدوا سرعتين مختلفتين للضوء في حالة اقتراب النجم وابتعاده (توقع العلماء أن تكون سرعة الضوء وهو مقترب أكبر منها وهو مبتعد).  ولكن المراصد الفلكية لم تقيس أي تغير في سرعة الضوء.

Post a Comment

Previous Post Next Post