البحث في علم النفس البيئي:
1. طريقة البحث التجريبي (Experimental Method) :
       هناك منهجية واحدة فقط تسمح للباحثين ان يحددوا بثقة المتغير الذي يسبب التأثيرات التي يلاحظوها في التجربة والتعرف على العلاقة السببية (السبب والنتيجة) بدرجة عالية من الضبط والتحكم، فمثلاً يُدرّس أثر مستوى الضوضاء على القدرة على الانتباه... في هذه الحالة فان مستوى الضوضاء هو المتغير المستقل... بينما القدرة على الانتباه هو التغير التابع.
مثلاً / يختبر الباحث مجموعة من المفحوصين ان يصححوا مقالة تحتوي على عدد من الاخطاء المطبعية فيستخدم عدة مستويات مختلفة من المتغير المستقل (الضوضاء). (ضابطة، 70 ، 80 ، 90، ديسبل) على المفحوصين ليحدد التغيرات في المتغير التابع (القدرة على الانتباه) ويتم الاعتماد على عدد الاخطاء باعتبارها مقياساً للمتغير التابع. ويمكن ان يستخدم المنهجيات التجريبية في كل من المختبر والميدان الذي يكون اكثر صعوبة ولكنه يعطي نتائج اكثر واقعية من دراستها في المختبر فقط...واحدى مشكلات هذا البحث هو ابتكار موقف اصطناعي وهذا يقلل من سلامة نتائج التجربة واقل قابلية للتعميم.
       لقد اصبح التجريب بمثابة القلب من علم النفس العلمي خلال القرن العشرين ففي التجربة يقوم الباحث بتغيير شيء ما بطريقة موجبة لايجاد ظروف وحالات من تلك التي يهتم بها الباحثون ببحثهم وهي طريقة بحث منهجية تسمح للباحثين ان يحددوا بثقة المتغير الذي يسبب التأثيرات التي يلاحظوها في التجربة والتعرف على العلاقة (السبب والنتيجة) بدرجة عالية من الضبط والتحكم والاساليب التجريبية نمط ايجابي تدخلي interventional لاجراء البحوث فالمجرب يعالج واحد او اكثر من المتغيرات المستقلة ليرى ما إذا كانت تؤثر في المتغير التابع او لا ويشير مارتن Martin 1985 الى انه من السهل التعرف على الفرق بين الاثنين اذا تذكرنا ان المتغير المستقل هو الذي يعالج بواسطة المجرب وانه مستقل عن سلوك المفحوص، بينما يعتمد المتغير التابع على المتغير المستقل وما يفعله المفحوص والمتغير التابع هودائماً ما نقوم بقياسه في التجربة ومن الممكن ان نتناول عدة متغيرات مستقلة في التجربة وهو ما نفعله عادةً لنرى ما اذا كانت تتفاعل مع بعضها البعض بطريقة ما هناك مثال فيه متغير مستقل واحد:
مثال/ اثر الازدحام على ضغط دم الانسان
اجراءات التجربة: الباحث هنا سوف يصمم التجربة التي يمر بها المفحوصون بخبرة مواجهة حالات مختلفة من الازدحام (المتغير المستقل) في احد هذه الظروف اما الحالات مفحوص واحد بمفرده في حجرة مساحتها 4×4 امتار لمدة ساعتين ويعمل في مهمة حل سلسلسة من المشكلات. وفي ظرف ثانٍ سيقضي ستة افراد ساعتين في نفس الحجرة يقومون بنفس المهام وفي الظرف الثالث سوف يقوم اثنا عشر مفحوصاً بنفس المهام في نفس الحجرةلمدة ساعتين والفرق المنتظم الاساسي بين المجموعات الثلاث هو عدد الافراد في الحجرة:
ض       (ضابطة)     فرد واحد     خ  (اختبار)   ب } المهمات لمدة ساعتين
تجـ 1     (تجريبية)      6 أفراد  خ     ب  }
تجـ 2 (تجريبية)     12 أفراد خ     ب   }
       لو كان هناك شيئاً آخر يختلف بين المجموعات (عدا افراد المجموعات) مثلاً طول الفترة الزمنية التي يقضونها في الحجرة او طبيعة المهام او اختيار افراد المجموعةمن الذكور او من الاناث فقط لكانت نتائج التجربة مضلة ففي كل هذه الحالات تمنعنا بأن نقول أن أي تغيرات تلاحظ ترجع الى المتغير المستقل (الازدحام) فالباحث يجب ان يضبط كل هذه الامور مثلاً تكون الفترة الزمنية هي نفسها للمجموعات الثلاث وايضاً طبيعة المهام تكون نفسها حتى نضمن ان لا تكون المهام أحدها سهلة والاخرى صعبة وان يختار الباحث الافراد عشوائياً حتى يتجنب التميز بالاختيار وتكون احدى المجاميع من الذكور ومثلاً الذكور يجيدون هذه المهمات او العكس او ان يختار مجموعة ذكية والاخرى اقل ذكاء بل عليه ان يتبع العشوائية التي تضمن له الاختيار المتشابه بين الافراد (نذكر عدة امثلة اضافية).
مزايا وعيوب المنهج التجريبي:
       من مزايا المنهج التجريبي ما يأتي :-
1.   ان التجربة تسمح عادةً بأعلى مستوى من الضبط للمتغيرات عما تتيحه اساليب البحث الأخرى.
2.   يمكن ان تختبر فروض شديدة التحديد.
3.   ان التجربة الصادقة تسمح للباحث بأن يخرج باستخلاصات عن طبيعة العلاقة السببية cause – effect بين المتغيرات المستقلة والتابعة.
عيوب المنهج التجريبي ما يأتي:
1.   تركيزالقيود عادةً حول مالتغير المستقل، وهو ما يحول دون استخدام الاساليب التجريبية لدراسة بعض المشكلات وقد تكون هذه القيوداخلاقية او عملية فعلى سبيل المثال قد يجد الباحث المهتم بدراسة كيفية استجابة الناس للمخاطر الطبيعية مثل العواصف او كيفية استجابة الناس لاغتصاب اوطانهم.
2.   التجربة في علم النفس البيئي مكلفة مادياً وغير كافية في بعض الاحيان لدرجة تجبر الباحث على استخدام اساليب وسائل اخرى.
3.   اجراء التجارب في علم النفس البيئي تحتاج عناية كبيرة للتأكد من صدق التجربة. وهناك نوعين من الصدق على الباحثين في علم النفس البيئي ان يهتموا بها هما:-
أ‌.      الصدق الداخلي Internal Validity : وهو يعكس مدى تحرر التجربة من الخلط بين المتغيرات البيئية وهنا يجب ضبط المتغير المستقل والسيطرة على المتغيرات الاخرى بحيث نضبط تأثيرها على المتغير التابع.
ب‌.  الصدق الخارجي External Validity  : يتعلق بمدى قدرة الباحث في علم النفس البيئي على تعميم نتائج تجربته على مواقف في العالم الواقعي.
مثال / اثر الحرارة على السلوك العدواني:
       هنا يتم وضع بعض الافراد (طلاب مثلاً) في حجرة تتدرج في الحرارة من درجة الحرارة المريحة الى درجة حرارة شديدة ويطلب منهم إعطاء بعض زملائهم صدمات كهربائية فإذا كانت التجربة مضبوطة تماماً وخالية من الخلط فستكون صادقة اي لا تتدخل متغيرات اخرى مع درجات الحرارة وتؤثر على سلوك الافراد (كان يختار الباحث طلبة لديهم خلل في إفراز الغدد وبالتالي يزداد السلوك العدواني عندهم بسبب زيادة إفراز الغدد وليس بسبب حرارة الغرفة او مجموعة الطلاب بينهم عدّاء أصلاً... الخ من المتغيرات الاخرى التي قد تؤثر على السلوك العدواني.
       اما الصدق فهو القدرة على التنبؤ بالعلاقة بين الحرارة واشكال شديدة الاختلاف من السلوك العدواني فيم واقف حقيقية في شوارع المدن او في المنازل.
       ولعل علماء النفس البيئيين – بتأكيدهم على حل مشكلات بيئية حقيقية يهتمون اكثر بالصدق الخارجي من زملائهم المهتمين بمجالات اخرى في علم النفس.
       وعادةً ما يستخدم الباحثين فيه الاختبار الثاني t-testلايجاد الفرق بين الاختبار القبلي والبعدي او بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة.
2- طريقة البحث الارتباطي  Correctional Methods:
       يقوم على أساس قياس العلاقة بين متغيرين او اكثر ذات الحدوث الطبيعي وبعض المتغيرات الاخرى من خلال الملاحظة الدقيقية لكليهما وتقييم نوعية العلاقة اذا كانت سالبة او موجبة... كأرتباط التحصيل العلمي بالذكاء والجريمة بالفقر والمرض بالتلوث... وهذا البحث لايكشف عن علاقة السبب بالنتيجة وانما يشير الى زيادة او نقصان المتغيرات معاً او احداهما...
-       وان ما يميز الطرق الارتباطية هي عدم امكانية معالجة العديد من الشروط البيئية المدروسة وتتيح للباحث استخدام البيئة اليومية الطبيعية كمختبر وهذا الموقف الاصطناعي ليس مشكلة والشدة على التعميم اكبر.
-       يمكن تحديد مجموعتين من الدراسات في طريقة البحث الارتباطي:
أ‌.       الاولى تحدد الترابط بين التغير البيئي ذي الحدوث الطبيعي مثلاً الكوارث الطبيعية وسلوك الافراد في هذا المحيط.
ب‌. تُقيم العلاقة بين الشروط البيئية والبيانات الارشيفية مثلاً العلاقة بين الكثافة السكانية ومعدل الجريمة.
       وهو قياس العلاقة بين متغيرين او اكثر ذات الحدوث الطبيعي وبعض المتغيرات الاخرى من خلال الملاحظة الدقيقة لكليهما او تقييم نوعية العلاقة اذا كانت سالبة او موجبة كأرتباط التحصيل العلمي بالذكاء، والجريمة بالفقر، والمرض بالتلوث.
   والبحث الارتباطي هو بديل للتجارب وشبه التجارب. ففي الدراسات الارتباطية يقيس الباحث اثنين او اكثر من المتغيرات الموجودة في الواقع كما هي وهو ليس تجريبياً ولا يتم فيه التدخل ولا يتم فيه معالجة المتغيرات ولا توزيع المفحوصين الى مجموعات تجريبية وهدف البحث هو رؤية ما اذا كانت هناك علاقة منتظمة بين المتغيرات المقاسة ام لا.
   لو نأخذ المثال السابق (أثر الازدحام على ضغط الدم) هنا سيكون (علاقةالازدحام بارتفاع ضغط دم الانسان) وفي هذه الحالة سيحدد الباحث مجموعة مستهدفة من المفحوصين للمشاركة في هذه الدراسة ويسجل لكل مفحوص نوعين من المعلومات (ضغط الدم، والكثافة المعيشية) للمفحوص وبعد جمع كل البيانات يتم فحصها للوقوف على ما اذا كانت هناك علاقة منسقة بين المتغيرات القائمة فاذا كان هناك ميل قوي لان تتصاحب قراءات ضغط الدم المرتفع ظروف الكثافة المعيشية المرتفعة فان العلاقة بين المتغيرين توصف بأنها ايجابية positive لانه عندما تميل درجة احد المتغيرين الى الارتفاع تميل الاخرى للارتفاع. اما اذا مالت قراءاتضغط الدم المرتفع لان تتصاحب مع ظروف الكثافة المعيشية املنخفضة تكون العلاقة سالبة negative لان الدرجة المرتفعة على متغير تشير عادةً الى ان الدرجة على المتغير الآخر ستكون منخفضة ويفحص الباحث هذه العلاقة باجراء احصائي يسمى معامل الارتباطCorrelation Coefficient وتتراوح قيمة معامل الارتباط بين -1 ، +1 وكلما اقترب المتغيرين وكلما اقترب الرقم من الصفر كانت العلاقة بين المتغيرين اكثر ضعفاً والعلاقة -  أو + تشير الى اتجاه العلاقة وليست قوة العلاقة.
مزايا المنهج الارتباطي وأوجه القصور فيه :
مزايا المنهج الاتباطي:
1.   تعد الدراسات الارتباطية مفيدة في عدد من المواقف التي يكون من الصعب فيها اجراء التجارب.
2.   اسرع واقل تكلفة من التجارب.
3.   تسمح للباحثين بدراسة اشياء مثل ردود الافعال للمخاطر الطبيعية والتي لا يمكن دراستها تجريبياً
اوجه القصور في المنهج الارتباطي:
1.   ضبط المتغيرات يعد ضئيلاً وهذا يجعل العلاقة السببية بين المتغيرات غامضة.
2.   لايمكن للباحث ان يحدد اي المتغيرات السبب وايهما النتيجة.
3.   لايمكن تفسير النتيجة تفسير واضح ففي المثال السابق قد نقول ان ظروف المعيشة المرتفعة الكثافة تؤدي الى ضغط الدم المرتفع وقد يكون مشروعاً لنا من الناحية الاحصائية ان نقول ان الاشخاص ذويضغط الدم المرتفع يبحثون عن المواقف او الاماكن المزدحمة.
وعلى الرغم من هذه العيوب او أوجه القصور للمنهج الاتباطي الا انه يستخدم عادةً في بحوث علو النفس البيئي لانه الافضل في مواجهة المشكلات التطبيقية المطروحة في المجال.
3- طريقة البحث الوصفي Descriptive Research M.:
       تسجل الدراسات الوصفية ردود الفعل التي تحدث فيم وقف معين كوصف تقرير السلوك او الانفعالات او ملاحظة بعض الخصائص والظواهر التي تحدث في الطبيعة او استجابة لحدث معين كوصف سلوك الناس في اوقات الحروب والكوارث او الافراح والمناسبات.
-       هذا البحث غير ملزم لاستنتاج السببية او الترابط ويكون ذو منهجية مرنة تماماً، وقياسات البحث يجب ان تكون صادقة وثابتة وبالتالي يكون هناك تمثيل دقيق للنتائج.
-       يتضمن البحث الوصفي دراسات عن تحركات الناس في المحيط المادي ودراسات عن الاساليب التي يدرك بها الناس المدن وعن كيفية قضاء الناس لاوقاتهم في محيطات مختلفة.
-       هناك نوعان من البحث الوصفي تتزايد اهميتهما:-
أ‌.       الاول / يتعلق بدراسات تقييم نوعية البيئة.
ب‌.  الثاني/ يتضمن دراسات عن رضا المستخدم للبيئة.

الادراك البيئي :-
       لكي نحصل على صورة واضحة لعملية الادراك البيئي
-        يجب ان نفهم مفهوم البيئة التي تزودنا بمعلومات تفوق في وفرتها القدر الذي يلزمنا لادراك الاشياء الموجودة فيها والعلاقات المكانية القائمة بينها كما انها محيطة بنا ولايوجد شيء او فرد ما يمكن عزلهُعنها او اعتبارهُ بعيداًعنها ... من هذا المنطلق لايتم إدراك البيئة كحدث مستقل بذاته انما جزءاً من الموقف الذي يحدث فيه.
-       يرتبط ادراك البيئة بدينامية نظام البيئة ذات المكونات المتفاعلة سواء أكانت تلك المكونات:
‌أ.       فيزيقية ... كعناصر طبيعية مثل الانهار والبحيرات والحرارة والرطوبة ... الخ. أو كعناصر مشيدة من قبل الانسان. مثل المباني والاصرفة والشوارع والحدائق... الخ.
‌ب. اجتماعية ... وتشمل الافراد او المدركين وصفاتهم وسلوكهم والعلاقات بينهم.
‌ج.   ثقافية... مؤسسة كالقوانين والسياسات والاديان والاحكام... الخ.
       وهذه المكونات البيئية ليست مستقلة عن بعضها بل هي متعاونة فيما بينها وأي تغيير يحدث في احداها ينتقل الى الاخرى بدرجات متفاوتة... مثلاً المواطن الذي تضرر من جرّاء فيضان ما (مكون فيزيقي او مادي) قد يساعدهُ اصدقاؤهُ وجيرانهُ (مكون اجتماعي)، كما يتأثر بعد ذلك بحضور حكومة دولتهِ التي تبادر للسيطرة على الفيضان وآثارهِ (مكون ثقافي – مؤسسي).
·       ان خبرة الفرد وسلوكه وهو كأحد مكونات هذه البيئة يؤثر بأستمرار على مكوناتها الاخرى.
·       وقد اشارت بعض البحوث الى ان مشاعرنا وافعالنا وحالتنا الصحية تتأثر بالعالم المحيط بنا كما ان سلوكنا القصير والبعيد المدى يؤثر بدوره على هذا العالم.
·       بشكل واقعي فإننا نغير البيئة بإدراكنا لها ... فالبيئة التي نعرفها هي نتاج ادراكنا لها وليست البيئة هي المتسببة فقط في هذا الإدراك.
يُعرّف أصحاب منظور العلاقات الدينامية المتبادلة مثل اتيلسون وآخرون 1974 الادراك البيئي :- هو العملية التي يقوم بواسطتها فرد معين ويسمى المدرك الفعّال باضفاء المغزى والمعنى على الموقف البيئي المباشر الموجود بهِ منظماً إياهُ ومفسراً له في ضوء ما جمعهُ من معلومات بتأثير تركيبة توقعاتهُ الناشئة من سياق هذا الموقف ومن خبراته السابقة وحاجاته واهدافه ودوافعهُ وانفعالاتهُ.
دور المدرك في الادراك البيئي:-
1- للمدرك القدرة على التمييز الكيفي لمكونات البيئة فكثير من المعلومات المتاحة تصبح هامشية بالنسبة لهُ بينما يهتم ببعضها الآخر وهي الهامة او الرئيسية بالنسبة لهُ. فالانسان قادر على اختيار معلوماته من خلال ما يهتم به ويسعى لتحقيقهُ ويتفق مع توقعاته ومعتقداته... وفي الوقت نفسه يكون الفرد المدرك معنياًبكلية المعلومات ووحدتها فهي موجودة سواء ارادها او اهتم بها ام لا... مهمة كانت او عديمة الاهمية... ولاتقتصر قدرة الفرد على التمييز الكيفي بل ان في قدرته تعلم انواع التداخلات التي يمكنه احداثها والتنبوء بالنتائج المترتبة والممكنة الحدوث لافعاله الآتية... ويستفيد المدرك من التغذية المرتدة البيئية في علاقتها باهدافهِ وتوقعاته وحاجاته ... وعندها يتم تعديل مسارات افعالهُ.
       ومثال على ذلك... ما نقوم به من استصلاح وزراعة بعض الاماكن الصحراوية او تحويل مجرى الانهار وإقامة السدود والخزانات والبحيرات الاصطناعية... الخ والشكل التالي يوضح هذا الاسهام المتبادل.
البيئة
دور المدرك نحو اسهام المعلومات البيئية:
- يختلف ادراك البيئة باختلاف الافراد المدركين لنفس البيئة تبعاً لخبراتهم المتنوعة واهدافهم وتركيباتهم الشخصية والاجتماعية والاقتصادية لانهم يستخرجون معلومات متشابهة كما ان البيئات المختلفة تمنحهم انواعاً متعددة من المعلومات... وتبدو هذه الفروق جلية بين السائح لبيئة ما فادراكه يكون منصباً على الجانب الجمالي وايضاً على اوجه القصور الموجودة فيها اما المقيم فان ادراكهُ يكون معقداً الذي يعد مطلعاً على امور بيئتهِ كما ان جوانب القصور والعيوب لم تعد مرئية لهُ او متكيف معها.
ادراك وتقييم البيئة :
اولاً / ادراك المسافة والحجم والموقع.
ثانياً/ ادراك الحركة والتعود والتغيير.
ثالثاً / ادراك المخاطر الطبيعية.
اولاً / ادراك المسافة والحجم والموقع:
* اذا كنت تقرأ كتاباً عن الاحساس والادراك ربما ستجد انه يوضح الادراك عن طريق التعامل مع كل شكل من اشكال الاحساس بصورة منفصلة ... فادراك الموقع على سبيل المثال قد يتم التعامل معهُ بصورة مستقلة من حيث البصر والسمع واللمس.
* ان علم النفس البيئي يأخذ منظور خاص فيما يتعلق بالادراك البيئي... فبالرغم من ان كل عضو حسي يتحسس لشكل مختلف عن الآخر للطاقة (على سبيل المثال العيون للضوء، والاذن للصوت) نجد ان الادراك البيئي يمكن تناولهبأفضل صورة عن طريق الاخذ بنظر الاعتبار لحل مشاكل الاحساس في وقت واحد.
*  وقد شعر علماء علم النفس البيئي انه من الافضل النظر الى الصورة ككل من اجل فهم الادراك البيئي... لكن هذا لايعني ان عزل او فصل كل شكل من اشكال الاحساس لاجل الدراسة هو اسلوب غير صادق في الوصول الى الفهم.
*  ان ادراك الحجم والموقع مرتبط بادراك المسافة او العمق ويعتقد ان ادراك المسافة او العمق هو عنصر حاسم في الادراك البيئي.
1- المسافة:
       كيف تخبرنا اشكال الاحساس المختلفة المسافة عن شيء ما؟
-       بالنسبة للافراد المبصرين ربما البصر هو الحاسة الاكثر اهمية في ادراك المسافة. وتتطلب بعض رموز المسافة البصرية استخدام كلا العينين وتسمى ثنائية العين... وتتطلباخرى عين واحدة فقط وتسمى احادية العين.
-       وهناك مسافة اخرى ثنائية العين تتعلق بالتباين او التفاوت الخاص بشبكية العين... بمعنى ان اية درجة تكون الصورة في كل شبيكية مختلفة عن الاخرى.
-       بصورة عامة كلما كان التفاوت اكبر كلما ادرك الفرد العمق من خلال منظارها.
-       من خلال التباين او التفاوت الشبكي تُمكننا (اداة الاستيريو سكوب... وهو اداة بصرية تبدي الصور مجسمة للعين)... ان ترى العمق بحيث ترى كل عين صورة مختلفة قليلاً.
2- الحجم :
       يمكن ان نكتشف حجم الاشياء في البيئة من خلال عدة اشكال من الاحساس... فلاشياء الكبيرة تأخذ حيز اكبر في الشبكية من الاشياء الصغيرة التي هي على نفس البعد... كذلك تحتفظ الاشياء الكبيرة بمنظور خطي بصورة افضل من الاشياء الصغيرة على بعد مسافة.
-       من حيث السمع تعكس الاشياء الكبيرة اصوات اكثر من الاشياء الصغيرة على المسافة نفسها.
-       اذا ما لمسنا الاشياء نجد ان الاشياء الكبيرة تثير اعضاء حس مستقبلة متحسسة للضغط في الجلد اكثر من الاشياء الصغيرة.
3- الموقع :
       يتم ادراك موقع الاشياء باسلوب مشابه جدا لادراك المسافة او العمق
- ويجب ان تعد المسافة على انها بُعد من ابعاد الموقع فعلياً.
- اما البعد الآخر للموقع فهو الاتجاه... على سبيل المثال (يمين ويسار فوق وتحت وهكذا) ويتم ادراك الاتجاه بطريقة مشابهة جداً لادراك المسافة ما عدا تحويل او توجيه المستقبلات الحسية نحو الشيء يساعدني اتجاههُ نحونا.
- المستقبلات الجلدية ماهرة جداً في اكتشاف الاتجاه نحو الجسم ... بمعنى ما اذا كان الشيء يؤثر على الجانب الايمن او الايسر على الذراع او الساق وهكذا.
يتم اكتشاف اتجاه الاشياء البعيدة عن الجسم في المقام الاول من خلال البصر والسمع والشم على سبيل المثال... الاشياء في المجال البصري الايسر يتم اكتشافها عن طريق الجانب الايمن من الشبكية وتسقط صورها في الجانب الايمن من الدماغ.
- اما بالنسبة للسمع فتستقبل الاذنان الموجات الصوتية يميناً ويساراً بأوقات مختلفة بصورة طفيفة .
- الاصوات على اليسار يتم سماعها بصورة اسرع من قبل الاذن اليسرى مما من قبل الاذن اليمنى.
- الاشخاص المصابين بالصمم بأذن واحدة ليسوا ماهرين في اكتشاف موقع الاصوات ولكن يمكنهم فعل ذلك عن طريق ادارة الرأس الى ان يصبح الصوت أعلى وبهذا تكون الاذن في اتجاه مصدر الصوت.
- بصورة مشابهة لذلك يمكننا تحديد مصد الروائح بإدارة الرأس الى ان نحصل على رائحة أقوى.

ثانياً/ ادراك الحركة والتعود والتغيير:
       اذا ما اخترنا الزمن بنظر الاعتبار كتغير في الادراك البيئي تنشأ ثلاث ظواهر مهمة هي: ادراك الحركة، ادراك التعود والتكيف وادراك التغير.
1- ادراك الحركة:-
       على مستوى المُستقبل الحسي يُثار ادراك الحركة بواسطة التنبيه المتتابع للمستقبلات الحسية المتجاورة.
-       بمعنى نشعر ان البعض يسير على جلدنا لانه يثير سلسلة من المستقبلات المتحسسة للضغط وترى الحركة... لان مثيرات حسية مختلفة في الشبكية تتم إثارتها عبر الزمن والشيء المتحرك يعبر مجالنا البصري.
-       نلاحظ ان اتجاه الاصوات يتم اكتشافهُ من خلال اوقات الوصول المختلفة قليلاً للصوتالى الاذن او من خلال شدة الاصوات المختلفة قليلاً بالنسبة للاذنين.
-       عندما يصدر الشيء او يعكس صوتاً ويعبر مجالنا السمعي... فإن هذه الاوقات المختلفة والشدة المختلفة تتغير ولذلك نكتشف الحركة.
2- ادراك التعود والتكيف:-
       ماذا يحدث اذا لم يتغير مثير قابل للادراك عبر الزمن؟ يتضمن الجواب ما يعرف بالتعود أو التكيف :
-       فإذا كان المثيرُ ثابتاً فإن الاستجابة له تصبح اضعف واضعف عبر الزمن.... وتميل تفسيرات التكيف والتعود لان تكون اما معرفية او فيزيولوجية ولذلك يكون هناك تميز بين الاثنين حيث يشير التعود الى عمليةفيزيولوجية ويشير التكيف الى عملية معرفية.
-       تؤكد التفسيرات فيزيولوجية للتعود على فكرة ان المستقبلات الحسية اقل استحقاقاً للانتباه بعد التقديم المتكرر... على سبيل المثال في المرة الاولى التي نسمع فيها ضوضاء عالية فإننا نعطيها انتباه كبير لنعرف ما هي ولكي نحدد ما اذا كانت مصدر محتمل للتهديد... وعندما تعرف انها سيارة او قطار مثلاً فاننا ربما نقيمها على انها غير مهددة لنا. ولذا ننتبه لها بالمرات القادمة بدرجة أقل.
-       هناك عامل مهم في التكيف هو (القدرة على التنبؤ او انتظام المثير)... فقد يكون من الصعب جداً التكيف للضوضاء غير المنتظمة مثلاً كثقب الصخور او رائحة الدخان. حيث ان الظهور المفاجيء للضوضاء او للروائح التي تأتي على فترات منتظمة او قابلة للتنبؤ يكون التكيف لهُ أسهل من المثيرات غير القابلة للتنبؤ واكثر صعوبة في التكيف لها من المثيرات الثابتة.
-       فعندما نتكيف لمثير ما ويتوقف هذا المثير... على سبيل المثال الفترات بين توقف وظهور الضوضاء فإن تكيفنا للمثير سيشتته... علاوة على ان المثيرات غير القابلة للتنبؤ تتطلب انتباه اكثر فيما يخصص لتقييم المثيرات ما اذا كانت مهددة او غير مهددة... لذا تعد القدرة على التنبؤ متغير مهم في عملية التكيف.



3- ادراك التغيير:-
       في اي وقت يطلب منا ان نغير اسلوب حياتنا من ؟؟؟؟ الحفاظ على البيئة ستكون هناك مقاومة لذلك:
-       لكن ماذا لو كان التغيير في اسلوب الحياة صغير جداًبحيث لاتتم ملاحظته؟ عندئذ يتمكن الفرد من اجراء تغييرات دقيقة ولها تأثير كبير على البيئة... بمعنى اذا كان التغيير القابل للادراك صغير سيكون الفرد اقل مقاومة لهُ مما لو كان كبيراً.
-       علاوة على ذلك فان التغيير السريع يكون اكتشافهُ اكثر سهولة من التغيير البطيء مثال الحالة الاولى الاحتراق، ومثال الحالة الثانية النمو.
ولسوء الحظ فإن الضرر القابل للمقارنة الذي يحدث ببطء على سبيل المثال، (عندما يقتل التلوث القادم من المدن القريبة الاشجار والمزروعات) مكون أقل قابلية للملاحظة ، هذا التمييز بين السريع والبطيء يصبح اكثر اهمية في ادراك الخطر.
التأثيرات الاجتماعية والثقافية على الادراك البيئي:-
-       تلعب الخبرة والتعلم دوراً في تنظيم ادراكات الفرد... فمن اجل الحصول على ادراك دقيق للموقع الجغرافي مثلاً... يجب معرفة شيئاً ما عن الجغرافية المحلية.
-       بما ان العوامل الاجتماعية والثقافية كالتعرض للتصميمات الهندسية الحديثة تؤثر على ما يتعلمهُ الفرد وعند توفر فرصة المرور بها، فإن مثل هذه العوامل تؤثر على كيفية تعلم الفرد لادراك البيئة.

Post a Comment

Previous Post Next Post