الشهب والكويكبات والمذنبات

ثمة أجرام كثيرة تدور حول الشمس مبعثرة في جميع أرجاء النظام الشمسي وهي أصغر من الكواكب بكثير،تسمى الكويكبات والمذنبات. والكويكبات عموما أجرام صخرية في النظام الشمسي الداخلي. أما المذنبات فهي أجرام جليدية تقضي معظم عمرها في النظام الشمسي الخارجي. هذه العناصر الصغيرة من عائلة الشمس التي هي من مخلفات عملية تكون المنظومة الشمسية ذات أهمية كبرى لعلماء الفلك لأنها أفضل مصدر للمعلومات حول عمر الكواكب والظروف التي تكونت فيها. والواقع أن بعض الكويكبات والمذنبات قد تكون نوى كوكبية (وهي الأجسام الصلبة التي تكونت منها الكواكب) استمرت دون أن تطرأ عليها تغيرات تذكر منذ ولادة النظام الشمسي.
وبصرف النظر عن قيمتها العلمية فالكويكبات والمذنبات تستحق الدراسة بسبب جمالها الأخاذ وخطرها المميت في الوقت ذاته. فمنظر المذنب في السماء عند الفجر بذيله الذي يتخذ شكل ريشة براقة، منظر بديع حقاً. لكن ما نأمله فعلا هو أن لا يصطدم مذنب كبير أو كويكب بالأرض، فقد أفنى جزءا كبيرا من مظاهر الحياة القديمة عليها كما قد يكون له آثار مدمرة على الكائنات الأرضية الحية فيما لو حدث في المستقبل.
         سنرى في هذا الفصل سبب اعتقاد علماء الفلك بأن الكويكبات والمذنبات مرتبطة بنوى الكواكب. كما سنرى لماذا كانت الأحجار النيزكية التي هي شظايا الأجرام التي تسقط على غلافنا الجوي، هي مفاتيح مهمة لمعرفة زمن ولادة النظام الشمسي القديم وبنيته. وسندرس أخيرا كيف يتغير المذنب من كرة من الجليد قطرها 10كيلو مترات إلى راية من الضوء جميلة في السماء ليلا..

1.5 الشهب والأحجار النيزكية
         إذا أمضيت ساعة من الزمن تنظر إلى السماء ليلا فمن المحتمل أن تكون قد رأيت "شهابا" وهو شعاع من الضوء يظهر خلال جزء من الثانية ويختفي بسرعة. يسمى علماء الفلك هذه الظاهرة الطبيعية الجميلة بالشهب. والشهاب جسم صلب ارتفعت درجة حرارته حتى التوهج لدى عبوره الغلاف الجوي للأرض، ويحصل معظم هذا التسخين على مسافة تبلغ نحو من 100-50كيلو متر من الأطراف الخارجية للغلاف الجوي.
يسمى ذلك الجسم الصلب وهو في الفضاء وقبل أن يصل الغلاف الجوي بالنيزك meteoroid.

1.1.5 ارتفاع درجة حرارة الشهب
         ترتفع درجة حرارة الشهب عندما تدخل الغلاف الجوي لنفس السبب الذي تسخن بفعله مركبة الفضاء. فعندما يندفع جسم ما من الفضاء الخارجي داخلا إلى الطبقات العليا للغلاف الجوي الأرضي، فإنه يصطدم بالجزئيات والذرات الجوية، ومن شأن هذه الاصطدامات أن تحول بعضا من طاقة الجسم (أي الطاقة الحركية) إلى حرارة. ففي خلال ثوان تسخن الطبقة الخارجية للشهاب وتصل حرارتها آلاف الدرجات المطلقة وتتوهج. وبافتراض أن سرعات الدخول هي من رتبة 10كم/ث على الأقل وأنها كثيرا ما تصل إلى 30 أو 40كم/ث فإن الاصطدام بجزئيات الهواء يكون عنيفا للغاية ويسبب انفصال الذرات عن الجسم نتيجة تبخر الطبقات السطحية منه. يطلق ذيل المادة الحارة المتبخرة وكذلك الغاز الجوي ضوءا مسببا الوهج الذي نراه.
         وإذا كان حجم النيزك يزيد على بضع سنتميترات فإنه يولد كرة من الغاز المتوهج حوله وقد يترك ذيلا مضئيا أو دخان، تسمى هذه الجسيمات النيزكية الاستثنائية والمرئية أحيانا في وضح النهار "كرات النار".
         تصطدم النيازك بالأرض باستمرار وبحسب تقديرات علماء الفك فإن وزن تلك الجسيمات يبلغ مئات الأطنان من المادة يومياً ويحدث ذلك التصادم بين منتصف الليل والفجر أكثر مما يحصل في ساعات المساء، لذلك كان الصباح الباكر هو الوقت الأمثل لرصد الشهب. ويمكن تفسير هذه الظاهرة بمثال بسيط : فأنت إذا ركضت تحت المطر أصاب البلل صدرك أكثر مما يصيب ظهرك. هكذا يتقدم جانب الفجر من كوكبنا نحو الأنقاض النيزكية القريبة منا في الفضاء في حين يبتعد جانب الليل عنها.
         إن معظم الشهب التي نراها لا تدوم أكثر من بضع ثواب فقط، وهي مؤلفة من نيازك بحجم حبة عنب أو أصغر. ترتفع درجة حرارة هذه الأجرام الصغيرة إلى درجة عالية جدا بحيث تتبخر تماما. أما الأحجار الأكبر حجماً فلا تتبخر إلا جزئيات رغم سخونتها، ذلك أن مقاومة الهواء تبطئ من حركتها إلى حد بعيد بحيث تتحمل قسوة الظروف حتى تصل إلى الأرض. نسمي تلك الشظايا التي نجدها على الأرض بالأحجار النيزكية meteorites.

2.1.5 الأحجار النيزكية
يصنف علماء الفلك الأحجار النيزكية في ثلاث فئات كبيرة بحسب تركيبها : حديدية وحجرية (أي مكونة بشكل رئيسي من مركبات السيليكات) وحجرية حديدية. تتألف الأحجار النيزكية الحجرية غالبا من قطع صغيرة مستديرة متلاصقة من مادة صخرية. تسمى الحبيبات عقيدات chondrules وتسمى الأحجار النيزكية التي لها تلك البنية المتكتلة بالنيازك العقيدية chondritic ceteorites. يبدو أن العقيدات قد ذابت بسرعة ثم بردت في السديم الشمسي علما بأن سبب التسخين لا يزال مجهولاً. تحتوي العقيدات على آثار مواد مشعبة يمكن استخدامها لقياس عمر العقيدات، فهي قديمة جدا ترجع إلى 4.5 مليار سنة خلت، ويعتقد أنها أول المواد الصلبة التي تكثفت في السديم الشمسي، لكن كثيرا من العقيدات تحتوي على مواد أكثر قدما، وهي حبيبات غبارية بقيت منذ زمن يسبق ولادة النظام الشمسي، ومن هنا فإن النيازك العقيدية توفر لنا معلومات قيمة حول التاريخ القديم للنظام الشمسي.
ففي بعض الشهب العقيدية تكون العقيدات متوضعة داخل مادة سوداء غنية بالكربون تشبه الفحم، لذلك فهي تسمى بالعقيدات الكربونية carbonaceous chondrites. تحتوي هذه المادة الكربونية على مركبات عضوية بما فيها الأحماض الأمينية، وهي الجزئيات المعقدة ذاتها التي تستخدمها الأجسام الحية لبناء بروتينها وموادها الوراثية. إذا يدل وجود الأحماض الأمينية في مادة الأحجار النيزكية على أن المواد الرئيسية للحياة يمكن أن تتكون في الفضاء، وربما كانت متوفرة منذ البداية في النظام الشمسي نفسه. وبغض النظر عن وجود الأحماض الأمينية في الأحجار النيزكية فإن السؤال مازال مطروحا حول كيفية تكون تلك الأجرام ومكان تشكلها وسبب وصولها إلى الأرض، إذ يعتقد علماء الفلك بأن معظم تلك الأجرام ليس إلا شظايا كويكبات ومذنبات. ومع ذلك فإن بعضها قد يكون قطعاً صخرية من سطح القمر أو المريخ انطلقت في الفضاء بفعل ارتطام كويكب بهذه الأجرام.


2.5 الكويكبات
         الكويكبات asteroids أجرام صغيرة، صخرية عادة تدور حول الشمس. يقطن معظمها ضمن الطوق الكويكبي، وهو منطقة تقع بين مداري المريخ والمشتري وتبعد عن الشمس بحوالي 2 إلى 4 واحدات فلكية، ويعود اكتشاف أول جمهرة من هذه الأجرام إلى غيوسيب بيازي Piazzi عام 1810 أثناء بحثه عن "الكوكب المفقود" الذي توقع وجوده على بعد 2.8 وحدة فلكية من الشمس بمقتضى قانون بود. وقد أطلق على النجم الذي اكتشفه اسم سيريز Ceres تمجيداً لإلهة وطنه صقلية. وتلا ذلك العثور على آلاف الكويكبات إلا أن سيريز بقي أكبرها. وعلى الرغم من العدد الكبير من الكويكبات فإن مجموع كتلتها صغير جدا قد لا يصل 1/1000 من كتلة الأرض.

1.2.5 أحجام الكويكبات وأشكالها
         يصعب قياس أقطار الكويكبات لأن جميعها صغيرة جدا بحيث تبدو من خلال التلسكوبات الأرضية وكأنها نقاط ضوء، أضف إلى ذلك أن كمية الضوء المنعكسة من كويكب ما لا تكفي لمعرفة حجمه لأن درجة سطوع جرم كبير ضعيف العاكسية تبدو للناظر مساوية لدرجة سطوع جرم صغير ذوي عاكسية عالية. ولهذا السبب فإن الإشعاعات تحت الحمراء هي أفضل طريقة لقياس قطر الكويكب، إذ تطلق الأجسام الكبيرة إشعاعات تحت حمراء أكثر من الأجسام الصغيرة عند تماثل درجة الحرارة. فمن خلال تلك القياسات وجد العلماء أن الكويكبات تتفاوت كثيرا في قياس أقطارها بدءا من سيريز الذي يبلغ قطره حوالي 1000 كم (أي أقل من 1/10 قطر الأرض) وانتهاء بأجرام لا يتعدى قطرها كيلو مترا واحد وحتى أقل من ذلك. فمثلا، يبلغ قطر الكويكب الصغير BA 1991 الذي اقترب لمسافة 170000كم من الأرض (أي أقل من نصف المسافة إلى القمر) في شهر كانون الثاني عام 1991 أقل من تسعة أمتار.
         إن معظم الكويكبات ذات أشكال غير منتظمة مثل الكويكب غاسبرا والذي التقطت صورته مركبة الفضاء غاليلو أثناء رحلتها إلى كوكب المشتري، وهناك مثال آخر هو كويكب توتاتيس Toutatis الذي له شكل قطعتين منفصلتين قطرهما حوالي  4كم و2.5كم (حوالي 2.5 و 1.6ميل) مرتبطتين بفعل جاذبيتهما الضعيفة. وقد التقط الفلكيون صورة لهذا الكويكب بواسطة الرادار، عندما مر على بعد 3.5 مليون كيلومتر من الأرض.       وليس من بين الكويكبات سوى سيريز وبضعة كويكبات أخرى كبيرة هي ذات أشكال كروية تقريباً، لأن القوى الثقالية في هذه الأجرام الأكبر مرتفعة جدا بدرجة تكفي لسحق موادها، وإكسابها الشكل الكروي. أما في الأجرام الصغيرة فقوة الثقالة فيها ضعيفة لذلك تبقى غير منتظمة الشكل إضافة إلى أن الاصطدامات التي تتعرض لها هذه الكويكبات تدمر أجزاء منها وتجعلها كثيرة الحفر وتصبح الشظايا المنفصلة عنها كويكبات صغيرة بحد ذاتها.
وإذا كان الفلكيون لا يستطيعون التقاط صور مباشرة لمعظم الكويكبات فإنهم يستطيعون مع ذلك استنتاج أشكالها من خلال سطوع ضوء الشمس المنعكس عن سطحها، ومن خلال الإشعاعات تحت الحمراء التي تطلقها كذلك. ولدى دوران كويكب غير منتظم الشكل حول الشمس فإننا نرى نهايته الصغيرة تارة ونهايته الكبيرة تارة أخرى الأمر الذي يغير السطوع المنعكس عنه. أما الأجرام الكبيرة ذات الأشكال شبه الكروية فلا تبدى مثل تلك التموجات أثناء دورانها.

2.2.5 تركيب الكويكبات
         عندما يسقط ضوء الشمس على كويكب ما فإن المعادن الموجودة على سطحه تولد ملامح امتصاص في طيف الضوء المنعكس والذي نستطيع من خلاله تحديد وتركيب الكويكب. وتدل تلك الأطياف على أن الكويكبات تنتمي إلى ثلاث مجموعات رئيسية مماثلة لتركيب الأحجار النيزكية وهي: الأجسام الكربونية والأجسام السيليكاتية والأجسام المعدنية (حديد ونيكل) ولا تختلط هذه المجموعات مع بعضها بشكل عشوائي في كافة أرجاء الطوق الكويكبي، فكويكبات الطوق الداخلية غنية بالسيليكات في حين أن كويكبات الطوق الخارجية غنية بالكربون.

3.2.5 منشأ الكويكبات
         إن ما درسناه حتى الآن من خصائص الكويكبات (تركيبها وأحجامها ومكانها بين المريخ والمشترى) يعد بمنزلة معالم تقود إلى معرفة منشئها ويعزز فرضية السديم الشمسي في منشأ المنظومة الشمسية. وقد تقدم لنا أن الكويكبات هي على الأرجح شظايا نوى كوكبية، وهي الأجرام التي تكونت منها الكواكب فيما بعد.
         تقضي فرضية السديم الشمسي بأن تركيب الأجرام التي تكثفت داخل الطوق الكويكبي يختلف عن تركيب تلك التي تكثفت خارجة. فالطوق الداخلي بحكم حرارته أغنى بالسيليكات والمواد الحديدية (وهي مواد سهلة التكثف) ويحتوي على كميات أقل من المواد الغنية بالكربون (التي يصعب تكثفها) وهذا ما يلاحظ فعلا.
         وقد يتراءى للوهلة الأولى أن وجود كويكبات حجرية وحديدية دليل على عدم صحة فرضية السديم الشمسي، إذ كيف يمكن لكتلة دوامة من الغاز والغبار أن تنفصل لتكون أجساما بعضها صخري وبعضها حديدي؟ إن مثل عملية الانفصال هذه لتشبه تفكك قطعة من الكعك إلى مكوناته من البيض والدقيق والسكر واللبن بمجرد رجها. على أننا عرفنا في الفصل الثالث أن فصل العناصر الكيميائية بعضها عن بعض ممكن بعملية التفريق أو الفصل differentiation ويعتقد علماء الفلك أن قشرة الأرض الصخرية ولبها الحديدي قد تكونا نتيجة الأنصهار بحيث غاز الحديد فيما بعد إلى اللب على حين طفا الصخر، الأخف إلى السطح كذلك انفصلت الكويكبات ويبدو أن بعضها قد انتابته اندفاعات بركانية وهي نشاطات مع أنها اليوم هاجعة منذ زمن طويل يستدل عليها من دراسة الأطياف التي تظهر وجود البازلت وهو صخر بركاني. يعد الانفصال سبب التصادم مع الكويكبات المجاورة تفتت معظم الأجسام الكبيرة وإن ما نراه اليوم ليس إلا الشظايا التي تنتج عن حوادث التصادم تلك فتصبح أجزاء القشرة كويكبات حجرية، في حين تصبح الأجزاء الداخلية كويكبات حديدية. ولكن لكي نفصل جسما ما يجب أن يكون كبيرا جدا بحيث ينصهر بالحرارة المتحررة بداخله نتيجة النشاط الإشعاعي. وهكذا فإن وجود كويكبات حجرية وأخرى حديدية دليل قوي على أن النظام الشمسي البدائي قد احتوى على أجرام متوسطة الحجم أي نوى كواكب.
         تفيد فرضية السديم الشمسي في تقديم تفسير لتمركز الكويكبات بين المريخ والمشترى إذ يتعين على كل كوكب صغير هناك أن يتنافس في المادة مع كوكب المشترى ذي الثقالة التي من شأنها أن تسبب اضطرابا في عملية التنامي accretion وتحول دون نمو الكوكب.


4.2.5 الكويكبات غير الاعتيادية
         يؤثر المشتري حتى اليوم في طرق الكويكبات ويبين الشكل إحصاء جزئياً لعدد الكويكبات الموجودة ضمن الطوق وبعدها عن الشمس. ويمكن رؤية فجوة واضحة على بعد 2.5 واحد فلكية، ولكن التركيز يزداد على بعض 3.4 و 4.0 وحدة فلكية. أما المناطق التي تبدو فارغة في طرق الكويكبات فتسمى فجوات كيرك وود Kirkwood gaps التي تولدها العملية نفسها التي تولد الفجوات في حلقات كوكب زحل، وهي قوى ثقالية لجرم بعيد. فأقمار زحل (ولا سيما ميماس) هي التي تحدث الفجوات في حلقاته كما يحدث المشتري فجوات كيرك وود، فإذا كان لكويكب ما دور مداري يساوي دور المشتري (إذا ضرب بعدد صحيح) فإن الكويكب يصبح عرضة لقوة تراكمية تجعله ينزاح إلى مدار جديد. ويرجع سبب حدوث الفجوة التي تبعد 2.5 واحدة فلكية إلى أن الدور المداري لكويكب عند ذلك البعد ووفقا لقانون كلبر الثالث يكون مساويا لثلث الدور المداري للمشتري. وهذا يعني أن الكويكب عند كل دورة ثالثة له حول الشمس سيتلقى قوة الشد نفسها من المشتري. وبمرور الزمن ينزاح الكويكب نحو مدار جديد مخلفا فجوة. هذا ولا تتواجد جميع الكويكبات في الطوق الرئيسي، بل إن عدد قليلا منها وهي المسماة كويكبات طروادية تدور حول مدار المشتري في سربين بزاوية أمامية قدرها 60 درجة وخلفية قدرها 60 درجة أيضا كما يبينه الشكل. علما بأن لكوكب المريخ عائلة مشابهة أيضا.
         يوجد وراء الطوق الرئيسي كويكبات أبولو Apollo asteroids التي تنقلها مداراتها نحو المنظومة الشمسية الداخلية عبر مدار الأرض. ولحسن الحظ فليس ثمة إلا 700 جرم من هذا النوع، لذا فإن احتمال اصطدامها بالأرض ضعيف. ولكن تبين احصائيا أن جسما واحدا من ذلك النوع يصطدم بالأرض مرة كل 10000 عام.  يبلغ قطر كويكبات أبولو حوالي كيلو متر واحد أو أقل من ذلك، وفيما عدا الكويكبات "الميتة" منها، فقد تكون ذات صلة بالمذنبات التي انزاحت إلى مدارها الخاص بفعل القوى الثقالية التي يمارسها المشتري عليها، وجردت من الغاز والجليد بحكم دورانها المتكرر حول الشمس.
         شيرون Chiron كويكب آخر غريب الأطوار، يمتد مداره من داخل مدار زحل ويكاد يصل إلى أورانوس، أي أبعد بكثير من الطوق الكويكبي الرئيسي. وبالإضافة إلى مداره الغريب فإن سطوع شيرون يتغير أيضا تغيرا غريبا إذ إنه يتوهج أحيانا ويحرر غازا. هذا السلوك هو أشبه ما يكون بسلوك مذنب، وليس بسلوك كويكب "طبيعي" وإذا ما عد مذنبا فهو ليس مذنبا طبيعاً فقد استنتج علماء الفلك قطره من خلال ضوئه على أنه يساوي 180كم (أي حوالي 112 ميلا) وبذلك فهو أكبر حجما من معظم المذنبات التي تندرج في النظام الشمسي الداخلي. وأغلب الظن أن شيرون ليس كويكبا ولا مذنبا وإنما نواة كوكب جليدي بقي حيا.ً


3.5 المذنبات :
         إن مشهد مذنب مضيء لأمر مثير حقا كما يبينه الشكل. إلا أن مشاهد كهذه أصبحت وللأسف نادرة بسبب التلوث الضوئي الناتج عن مدننا والذي يحجب رؤيتها عن معظم الناس. وقد ارتبطت المذنبات منذ زمن طويل بمشاعر الرهبة والمهابة. وعزز غموضها ظهورها المفاجئ واختفاؤها بعد بضعة أيام بشكل مفاجئ أيضا. ومما يزعم أن البابا كاليكستوس الثالث أصدر "حرمانا كنسيا" لمذنب هالي في أعقاب تزامن ظهوره عام 1456 مع هجوم كبير شنه الأتراك على جنوب شرق أوروبا.

1.3.5 بنية المذنبات
         تتألف المذنبات من جزأين رئيسيين، الجزء الأكبر هو الذيل الطويل، وهو خط ضيق من الغبار والغاز داخل النظام الشمسي الداخلي قد يصل طوله إلى 100مليون كيلو متر (أي واحدة فلكية كاملة تقريباً). ينشأ الذيل عن سحابة من الغاز تسمى ذؤابة المذنب coma يبلغ قطرها نحوا من 100000كم، أي حوالي عشرة أضعاف قطر الأرض. وعلى الرغم من الحجم الهائل لذؤابة المذنب وذيله فإن الكتلة التي يحتويها هذان الجزءان من المذنب صغيرة جدا كما أن الغاز والغبار هما من الرقة والتخلخل بحيث أن سنتمترا واحدا من الغاز لا يحتوي على أكثر من بضعة آلاف من الذرات والجزئيات، وهذا يعد خواء مثاليا بالمعايير الأرضية. إن هذا الغاز المخلخل نتج عن تسخين الشمس لقلب المذنب أي لنواته حتى درجة الغليان. أما نواة المذنب فهي كتلة من الجليد والغازات تجمدت في جو من البرودة الشديدة للفضاء الواقع بين الكواكب السيارة، فتحولت إلى كتلة غير منتظمة يصل قطرها إلى 10كم تقريباً. وقد وصفت نواة المذنب على أنها "جبل جليدي" ضخم أو "كرة ثلجية ملونة" تحتوي على معظم كتلة المذنب. وقد استقينا أفضل معلوماتنا عن النواة من دراسات المذنب هالي، أنجزتها مركبة الفضاء غيوتو Giotto. وغيوتو مركبة فضاء أطلقتها جمعية الفضاء الأوروبية كجزء من دراسات دولية للمذنب هالي، وقد اقتربت هذه المركبة إلى مسافة 600كم من نواة هالي وبثت صورا لها إلى الأرض، وجرى من خلال تلك الصور قياس قطر المذنب، ومن ثم حساب كثافته عن طريق تقديرات كتلة نواته. وقد وجد أن كثافته تبلغ نحو 0.2جرام/سم  ولسوء الحظ فإن الحسابات التقديرية للكتلة ليست على درجة عالية من الدقة، ومن ثم فالكثافة التي نستنتجها منها غير أكيدة.
         وعلى الرغم من البنية الجليدية للمذنب فإن نواته عاتمة للغاية، كما يتبين لك من الشكل  الذي يمثل إحدى الصور التي التقطتها مركبة الفضاء غيوتو. ويظن الفلكيون أن اللون العاتم ناشيء من الغبار والمواد الغنية بالكربون التي تغطي سطح النواة (على غرار الحال في الأحجار النيزكية العقيدية الكربونية) ومن المظاهر المرئية الأخرى للنواة نذكر شكلها غير المنتظم واندفاعات الغاز المنطلقة من السطح المتجمد. وتتشكل تلك الإندفاعات نتيجة تسخين أشعة الشمس للمواد الجليدية ثم تبخرها. ومن المحتمل أن الشكل غير المنتظم ينتج عن الذوبان غير المتوازن للنواة خلال مرورها قريباً من الشمس في مدارات سابقة.

2.3.5 تركيب المذنبات
         يسمح الغاز المنطلق من المذنب من معرفة تركيبه، فأطياف الغاز في ذؤابه المذنب والذيل تدل على أن المذنبات غنية بالماء إضافة إلى كميات صغيرة من غازات أخرى تكثفت في السديم الشمسي البدائي. تتفكك المياه المتبخرة بفعل الاشعاعات الشمسية فوق البنفسجية فتولد غازي الأكسجين والهيدروجين. وتحيط بمعظم المذنبات سحابة كبيرة من الهيدروجين المتولد بتلك الطريقة.
         فإذا مر المذنب بالشمس مرات متكررة فإن الغاز المنطلق منه يؤدي إلى تآكله. كذلك فإن بعض المذنبات تسقط في الشمس فعلا. وبما أن هناك مذنبات جديدة تظهر كل بضع سنوات فلابد أن يكون هناك مصدر لتعويض المذنبات التي تبتلعها الشمس.

3.3.5 منشأ المذنبات
         يعتقد الفلكيون أن معظم المذنبات تأتي من سحابة أورت Oart cloud وهي جمهرة من تريليونات الأجرام الجليدية يظن أنها تقع بعيدا عن نطاق مدار بلوتو، وذكرنا أن علماء الفلك يعتقدون أن سحابة أورت تشكلت من نوى كوكبية كانت تدور أصلا قرب الكواكب العملاقة، ثم قذفتها القوى الثقالية لتلك الكواكب نحو الأجزاء الخارجية من المنظومة الشمسية.
         تتألف سحابة أورت من قسمين رئيسيين : الجزء الداخلي وهو قرص منبسط تقريباً يسمى نطاق كويبر Kuiper belt وسحابة كروية خارجية تحيط بكامل النظام الشمسي، يبدأ الجزء الداخلي حول مدار نبتون ثم يمتد من هناك إلى حوالي 10000وحدة فلكية عن الشمس حيث يتسع تدريجياً ليصبح على هيئة غلاف، في حين يبتعد الجزء الخارجي إلى مدى قد يبلغ 150000وحدة فلكية عن الشمس. تتحرك نواة كل مذنب على مسارها في سحابة أورت، وتستغرق ملايين السنين لتتم دورة واحدة. ولا تتلقى هذه الأجرام الجليدية حرارة الشمس بسبب بعد مداراتها عنها وتدل الحسابات على أن درجة حرارتها لا تتجاوز 3كلفن وهي درجات من شأنها أن تبقي الغازات والثلوج متجمدة بشكل كبير. هذه الأجرام الباردة والبعيدة غير مرئية لنا على الأرض. فلو جاز لنا رؤية المذنب يتعين تغيير مداره بشكل ما ليقترب منا ومن الشمس. ويظن علماء الفلك أن تلك التغييرات المدارية قد تنشأ من المرور العابر لنجم ما خارج أطراف النظام الشمسي أو من قوى المد والجزر التي تمارسها مجرة درب التبانة على سحابة أورت، إذ إن الآثار الثقالية تشوش مدارات نوى المذنب في سحابة أورت مغيرة بذلك طريقها ومسببة لها الاقتراب من النظام الشمسي الداخلي، فاضطراب واحد قد يزيح عدداً من المدارات يكفي لتزويد النظام الشمسي الداخلي بالمذنبات لعشرات آلاف السنين. وعندما يسقط المذنب نحو الداخل باتجاه النظام الشمسي الداخلي، تبدأ أشعة الشمس بتسخينه وإذابة الجليد. وعلى مسافة حوالي 5 واحدات فلكية عن الشمس (مدار المشترى) تكفي الحرارة لتبخير الجليد وتشكيل غاز يتسرب لتشكيل الذؤابة حول نواة المذنب.يحمل الغاز المتسرب حبيبات دقيقة من الغبار كانت متجمدة معه داخل النواة.عندئذ يبدو المذنب من خلال المقراب مثل كرة عاتمة، وبسقوط المذنب على مقربة من الشمس يغلي غازه بسرعة أكبر، ولكن تبدأ الشمس الآن بتوفير قوى إضافية على غاز المذنب وغباره.

4.3.5 تكوين ذيل المذنب
         إن ضوء الشمس الذي يسقط على حبيبات الغبار يكسبها قوةً صغيرةً تسمى ضغط الإشعاع radiation pressure . ونحن لا نشعر بضغط الإشعاع هذا عندما تسقط أشعة الشمس علينا لضئآلة هذه القوة، ولأن الجسم البشري ممتلئ ومتماسك بحيث تعجز الفوتونات الشمسية عن تحريكه. ومع ذلك فإن حبات الغبار المجهرية في ذؤابة المذنب تستجيب لضغط الإشعاع مبتعدة عن الشمس. ولما كانت جميع الحبيبات تتحرك في الاتجاه نفسه، بعيداً عن الشمس ، فإن الذيل يبدأ بالتكون.
         يتألف الذيل المتكون بفعل ضغط الإشعاع من جسيمات غبارية. إن للمذنبات في الغالب ذيلاً ثانياً نتج عن تدفق غازي من الشمس نحو الفضاء. ويسمى هذا التدفق بالرياح الشمسية solar wind. تنطلق الرياح الشمسية من الشمس بسرعة 400 كم/ث، وهي ريح ضعيفة الكثافة تحتوي فقط على بضع ذرات في السنتمتر المكعب الواحد. إلا أن المواد الموجودة في ذؤابة المذنب ضعيفة الكثافة هي الأخرى، في حين أن الرياح الشمسية كثيفة بما يكفي لدفعها على شكل عمود طويل. تزيد الحقول المغنطيسية التي تحملها الرياح الشمسية من تأثيرها في ذيل المذنب، مسهمة بذلك في سحب المواد من ذؤابة المذنب وفي توجيه تدفقها، تماماً كما توجِه الحقول المغنطيسية في الغلاف الجوي للأرض الجسيمات لتشكل الشفق القطبي. وهكذا تؤثر قوتان هما ضغط الإشعاع والرياح الشمسية على المذنب لتكوين الذيل. ولما كانت هذه القوى موجهة بعيداً عن الشمس فإن ذيل المذنب يتجه دوماً بعيداً عن الشمس كذلك، وقد يتجه الذيل نحو الأمام أثناء ابتعاده عن الشمس.وهكذا فإن السرعة العالية للرياح الشمسية (400كم/ث مقابل حوالي 40كم/ث للمذنب ) توجه ذيل المذنب بعيداً عن الشمس بصرف النظر عن حركة المذنب .تضيء الشمسُ الغازاتِ والغبار المنجرف إلى الذيل وتعكس جزئيات الغبار ضوءَ الشمس. وتصدر الغازات الضوء من ذاتها بعملية تسمى التفلورfluorescence. تحصل عملية التفلور هذه عندما يتحول الضوء من طول موجي معين إلى ضوء ذي طول موجي آخر. 

5.3.5 ماهية تركيب المذنب.
- المذنبات قصيرة الدورة
         على الرغم من أن معظم المذنبات التي نراها من الأرض تدور قرب الشمس على مدارات تعيدها إلى النظام الشمسي الداخلي بعد ملايين السنين، فإن عدداً صغيرا ً منها يعود إلى الظهور في الفترات من الزمن لا تتجاوز 200 عام . وتضم المذنبات قصيرة الدورة –period comets short  مذنب هالي الذي يصل دوره إلى 76عاماً. ما زالت محاولة معرفة  منشأ المذنبات قيد الدراسة. فقد كان يظن في فترة ما أن أصل المذنبات هو من سحابة  أورت، لكنها عندما تحركت عبر منطقة النظام الشمسي، بما يحتويه من الكواكب العملاقة، انتقلت مداراتها إلى مدارات أصغر بأدوار تصل إلى مئات السنين بدلاً من آلاف السنين ، وحصل هذا الانتقال في المدارات نتيجة اقترابها الشديد من أحد الكواكب . ويعتقد الفلكيون الآن أن منشأ المذنبات قصيرة الدورة هي المجموعة الثانية من النوى الجليدية التي تدور خارج نطاق نبتون، لكنها مع ذلك تبقى ضمن الجزء الرئيسي من النظام الشمسي في المنطقة التي تسمى طوق كويبر. ومما يعزز فرضية طوق كويبر هذه هو الكشف الحديث عن عدة أجرام صغيرة، ربما كانت جليدية، تدور على مدارات أبعد من بلوتو.

- مصير المذنِبات قصيرة الدورة
         إن الدوران المتكرر لمذنب قصير الدورة بمحاذاة الشمس يجعله ينبري ويتصاغر تدريجياً، إذ تبخر جميع الثلوج والغازات، ولا يبقى إلا المقدار البسيط من المادة الصلبة والغبار والصخر الرملي. وهذا المصير مشابه لمصير كرة ثلجية جمعت من الطريق وقد احتوت على كميات صغيره من الحصى . فإذا ما تركت هذه الكره الثلجية فإنها تذوب وتتبخر. مخلفه وراءها الصخر الرملي الذي احتوته. وعلى المبدأ نفسه يخلف المذنب المتبخر وراءه في مداره الصخر الرملي الذي يستمر في الدوران حول الشمس ، علماً بأن المواد التي يخلفها المذنب ذات فائدة مثيرة فهي منبع للشهب.

4.5 وابلات الشهب
         إذا خرجت في ليله صافيه ترعى السماء فإنك ترى شهاباً كل 15 دقيقه تقريباً. إن معظم هذه الشهب هي شظايا تائهة لكويكبات تصل إلى الأرض بشكل عشوائي. وفي أوقات متفرقة من العام قد تشاهد شهاباً كل بضع دقائق بدلاً من كل ربع ساعة أو أكثر. وإذا راقبت تلك الشهب بدقة لاحظتً أنها جميعها تأتي من الاتجاه نفسه في السماء. تسمى الشهب من هذا النوع "وابلات الشهب"، وأشهر وابلات الشهب ما يحدث في منتصف شهر أغسطس من كل عام. ففي خلال الفترة مابين 11-13 منه تسقط الشهب في غلافنا الجوي من اتجاه يقع نحو كوكبة فرساوس. ولا علاقة للشهب في حد ذاتها بهذه الكوكبة، بل إنها تدور في مدارات حول الشمس تصادف وقوعها في ذلك الاتجاه، و كذلك عبور الأرض لمدراتها في منتصف شهر أغسطس. لذلك يكثر عدد النيازك الساقطة خلال تلك الفترة أكثر من المعتاد. فخلال الوقت الذي تعبر فيه الأرضٌ المسارَ الذي تتبعه النيازك يتراءى أنها تتباعد من نقطة مشتركة تسمى منبثق الشهب radiant. تسمى وابلات الشهب عموماً نسبة للكوكبة التي يتراءى أنها تتشعَب منها. وهكذا فكل وابلات هو بمنزلة إشارة إلى زمن عبور الأرض لمدار مذنب نشط أو منطفئ. وفيما يدور مذنب حول الشمس وتتبخر مواده الجليدية والغازية، فإنه يترك في مداره ذيلاً من الغبار وقطعاً صغيرة من المواد الصلبة التي لفظتها النواة. وعندما يعبر كوكبنا هذا الذيل أو يقترب منه، تصيبه هذه الأنقاض المجهرية التي تتساقط ضمن غلافنا الجوي وتحترق مولدة بذلك وابل شهب.
        
5.5 التصادمات العملاقة
         في كل بضعة آلاف من السنين يصطدم نيزك ضخم بالأرض، وهو جرم يبلغ قطره عشرات الأمتار أو أكثر. ولا تُحدِث هذه الأجرام وهجاً مدهشاً فحسب عندما تعبر الغلاف الجوي، وإنما أيضاً انفجاراً هائلاً عند تصادمها. وكما بيَنا سابقاً، يمكن أن يكون للنيازك طاقة حركية كبيرة جداً. فإذا لم يشتعل النيزك لدى مروره عبر الغلاف الجوي، فإن طاقته الحركية المتبقية تنطلق عندما يصطدم بالأرض أو عندما يتحطم في الغلاف الجوي.يمكن أن تكون الطاقة المتبقية المنطلقة كبيرة، كما يتبَين بسهولة من خلال عبارة الطاقة الحركية لجسم ما
E=mv² حيث تمثل m كتلة الجسم وv سرعته. ففي حالة نيزك يزن 100 كجم ويسقط بسرعة 30كم/ث (أي104×3م/ث ) تكون الطاقة الحركية للتصادم مساوية 4.5×1010=2/2(100×(3×104جول، وهي مساوية تقريباً للطاقة التي تنطلق بتفجير 100طن من الديناميت. وقد جرم كهذا حفرة قطرها 30 متراً. فإذا كان قطر الجرم 10 أمتار، أي بحجم منزل صغير، فإن قوته الانفجارية عند التصادم تساوي القوة الانفجارية لقنبلة نووية حرارية، ويخلف حفرة قطرها 1كم تقريباً. فلو صدم جرم كهذا منطقه مكتظة بالسكان لكانت نتائجه مأساويه فعلاً
ولحسن الحظ فإن مثل تلك الكوارث لم تقع حديثاً، ولكن حصلت بعض التصادمات المروعة من هذا النوع في الماضي البعيد.

فوهات الشهب العملاقة
         من أشهر حوادث الصدم التي تعرضت لها الأرض بشهاب حادثه أوجدت الفوهة الضخمة شمالي أريزونا في الولايات المتحدة. فمنذ حوالي 50000 عام ضرب نيزك ناهز قطره 50متراً الأرض على بعد حوالي 40 ميلاً شرقي فلاجستاف. ونتيجة لاصطدامه بالأرض تبحرت أطنان من الصخر، وانسلخت قشره الأرض مولده فجوه قطرها حوالي 1.2 كم وعمقها 200متر. ومنذ فترة أقرب في عام 1908، ضربت نواة مذنب منطقة غير مأهولة تقريباً في شمال وسط سيبيريا. هذه الحادثة، التي سميت بحاثه تنجوسكا نسبه للمنطقة التي ضربتها، سوت الأشجار بالأرض خارج نقطه الانفجار حتى مسافة 30كم. وقد سبق الانفجار كرة ناريه مضيئة في السماء تبعتها سحب من الغبار وهجاً غريباً للسماء ليلاً دام عده أيام، كما أصاب الانفجار شخصاً على بعد 110 كم من نقطه الاصطدام، ولكنه لم يتسبب في قتل أحد، والضحية الوحيدة كانت عدداً من أيائل الرنة ضمن قطيع. هذا ولم يتمكن العلماء من زيارة الموقع إلا بعد عقدين من الزمن بسبب الاضطرابات السياسية في روسيا آنذاك. وكانت الفوهة قد اندثرت بمرور السنين, فلم يجدوا من آثار ما حدث إلا الأشجار. ومن المثير أن الأشجار في مركز المنطقة المتضررة بقيت قائمه على أصولها، لكنها جردت من أغصانها، مما يدل على أن الانفجار حدث في الجو. إن حصول الانفجار في الهواء دون وجود فوهة أو شظايا نيزكيه قاد إلى الاعتقاد بأن مذنباً هو السبب. فعند دخوله الغلاف الجوي سخنت المواد الجليدية فيه وتمددت بصورة انفجارية. وإذا افترضنا أن أجزاء منه بقيت كي تصل إلى الأرض, فمن المؤكد أنها ذابت قبل أن يرود أي إنسان المنطقة بزمن طويل.
         قام بعض علماء الفلك مؤخراً بحسابات خلصوا منها إلى أن كويكباً حجرياً قطره حوالي10أمتار قد يدخل غلافنا الجوي بسرعه كبيرة بحيث أن قوة احتكاكه في الهواء قد تسبب تفتته إلى عدة أجزاء صغيرة. بعد ذلك تتبخر تلك الأجزاء مسببة أنفجاراً عنيفاً لا تبقى منه أيه شظية كي تصل إلى الأرض. ومن هنا لم يهتد الفلكيون حتى اليوم إلى معرفة السبب الذي أدى إلى وقوع حادثة تنغوسكا.
         وثمة آثار تصادمات أقدم وجدت في أماكن عديدة على كوكبنا؛ فبحيرة مانيكواغان الكبيرة الحلقية الشكل التي يبلغ قطرها نحو 70كم هي في الواقع فوهة شهاب. وكذا هو الحال بالنسبة لفوهة وولف كريك في شمال غرب استراليا.
كما وجد بعض علماء الفلك فوهات أكبر، إلا أنهم ليسوا على يقين من أنها تحمل ملامح  صدم؛ منها فوهتان على شكل قوس كبيرة (قطرها حوالي 500 كم )على الطرف الشرقي  لخليج هدسون، وحوض أخر قطره300 كم في أوربا الوسطى، أضف إلى ذلك احتمال وجود فوهات أخرى قد تكون محتجبة تحت رواسب الأرض أو تحت المحيطات.








الخلاصة
         يحتوي نظامنا الشمسي على عدد كبير من الأجرام صغيرة هي الكويكبات والشهب والمذنبات. هذه الأجرام مهمة من الناحية الفلكية، فهي تعطينا معلومات حول زمن النشوء و التركيب و الظروف الفيزيائية في السد يم الشمسي. فالكويكبات أجرام صخرية أو معدنية أو غنية بالكربون، وتوجد بشكل رئيسي في طوق الكويكبات بين مداري المشتري و المريخ. أما المذنَبات فهي أجسام جليدية توجد في المقام الأول في سحابة أورت بعيداً جداً عن مدار بلوتو.
         يصبح المذنب مرئياً إذا ما شوش مداره بنجم عابر أو نحوه، فيسقط باتجاه النظام الشمسي الداخلي، حيث تذيب أشعه الشمس النواة المتجمدة وتسبب تبخر الغاز. يدفع ضغط الإشعاع والريح الشمسية الغاز المنطلق والغبار على شكل ذيل. تنحصر بعض المذنبات ضمن مدارات قصيرة الدورة. حيث يمكن أن تنصهر لتكون تجمعاً من الغبار والصخر الرملي. فإذا عبرت الأرض مسار ذلك المذنب أو أقتربت منه فإن الأنقاض التي تسقط داخل الغلاف الجوي تسبب وابل الشهب.
         تصطدم الأرض بين حين وآخر أجرام ضخمه من كويكبات أو مذنبات تحدث فوهات، أو في حالات نادرة جداً – انقراضاً حيوانياً شاملاً.    






Post a Comment

Previous Post Next Post