الهندسة الوراثية
الهندسة الوراثية

     هي إحدى الفروع التطبيقية لعلم الوراثة، و تختص بمعالجة المادة الوراثية بإستخدام تقنيات خاصة يمكن من خلالها قطع جزيئات حمض DNA في مكان محدد بدقة بالغة ، و وصلها مع قطع أخرى. (يمكن تسميتها بـ التطعيم الجيني).

إكتشافها:

     في السبعينات من القرن العشرين، وبعد دراسة مستفيضة لما أعلنه العالمان ( واطسون و كريك 1953م) من  إكتشافهما للطريقة التي كتبت بها المعلومات الوراثية، وبالتالي تمكن العلماء من دراسة الوراثة في المعامل دون إنتظار للتكاثر الطبيعي للكائن حتى يعطينا هذه المعلومات من نسله المتتابع الذي يستغرق سنوات عديدة.

دور الهندسة الوراثية:

     هو محاولة جمع  صفة (صفات) مفيدة تؤخذ  من كائن (كائنات) وتنقل إلى كائن آخر، وذلك بعزل الجينات المسئولة عنها و إضافتها للكائن الجديد مما يكسبه وظائف جديدة لم يسبق له أن إمتلكها سابقاً (أي القدرة على إعادة برمجة الكائن بمعلومات وراثية مأخوذة من كائن آخر).

    المفاهيم الأساسية في تقنية الهندسة الوراثية 

        *عرفنا أن الكروموسوم مكون من شريطين ملتفين بشكل حلزوني، وكل شريط مكون من وحدات كيميائية لها ما يقابلها على الشريط الآخر (كل A تقابل T و كل C تقابل G) ويرتبطان بروابط هيدروجينية ضعيفة.

        * عند إنقسام الخلية تنفصل الكروموسومات إلى شريطين بعد فتح الحلزون المزدوج، ويصبح كل شريط كقالب ينسخ نفسه فيتكون حلزونين جديدين.

        * في بعض الكائنات  مثل البكتيريا  يوجد جزيئ حلقي إضافي من مادة الـ DNA يسمى ”Plasmid“ يتحرك حول الكروموسوم الأساسي ويحمل جينات لبعض الصفات (مقاومة البكتيريا لبعض الأدوية كالبنسلين).

        * يمكن نقل جينات  البلازميد إلى كائن آخر.

     تعتبر البكتيريا الكائن الحي المفضل لدى علماء الهندسة الوراثية لإجراء تجاربهم

      وذلك للأسباب التالية:

        1- تنميتها سهلة ورخيصة.
        2- تنتج جيلاً جديداً كل نصف ساعة.
        3- لها سلالات متعددة بها تباين في الصفات الوراثية.
        * ركز العلماء في دراستهم على سلالة (إيشيريشيا كولاي) وبخاصة السلالة ”K12“ التي تعيش في قولون الإنسان وعلى الجروح والنسيج المحيط بالمخ.

تنقل الجينات في الطبيعة

1- التحول الوراثي  Transformation:

هو نوع من الإتحادات الوراثية يحدث في البكتيريا بسبب إضافة DNA غريب إلى بيئة نمو بكتيرية وهذا لا يتطلب عامل وسيط

تجربة العالم جريفث:

درس بكتيريا ذات الرئة ”السل (Diplococus pnemococus) التي لها سلالتين:

سلالة معدية مستعمراتها ملساء (يرمز لها S)، وسلالة غير معدية مستعمراتها خشنة (R).

     1- حقن خلايا S في فأر فمات الفأر.

     2- حقن خلايا R في فأر فلم يتأثر الفأر.

     3- حقن خلايا S بعد تسخينها بالحرارة (أصبحت ميتة) فلم يتأثر الفأر.

     4- سخن خلايا S و نمى معها خلايا R ، ثم حقن بها الفأر فمات الفأر.

التفسير:

فسر العلماء ”إفري ة مكلويد و مكارثي“ ما حدث بأن بعض خلايا السلالة R غير الممرضة تحولت إلى خلايا السلالة S الممرضة، و و أن DNA هو العامل المحول حيث استقبلت ”السلالة R“ DNA ”السلالة S“ فأصبحت معدية .

2- النقل Transduction:

      حيث يحقن الفيروس DNA الخاص به في بكتيريا ، ثم يتكاثر الفيروس في داخلها مستخدماً الـ DNA الخاص بها ، وبعد موت الخلية البكتيرية تهاجم الفيروسات الجديدة خلايا بكتيرية أخرى وتحقنها بـ DNA الخلية البكتيرية السابقة.

3- الإقتران Conjugation:

      حيث تقوم إحدى خلايا البكتيريا بإلصاق نتؤ صغير على سطح بكتيريا قريبة (عشوائياً) تم يمرر حمض DNA إليها (تحت سيطرة البلازميد و ليس الـ  DNA).

* استخدمت البلازميد والفيروسات كناقلات في الهندسة الوراثية تحت درجة من السيطرة على كل خطوات النقل.

وبرزت فكرة جعل كائن بسيط ”البكتيريا“ يقوم بوظائف راقية ”وظائف الخلايا البشرية“ ؛ ولكن كيف يعزل الجين و ينقل؟

    عندما إكتشف فريق من العلماء مجموعة من الإنزيمات الموجودة في البكتيريا لحمايتها ( حيث تقوم هذه الإنزيمات بقص أي DNA غريب يدخل في البكتيريا مما يجعله عديم الفاعلية) و سميت بـ ”إنزيمات القطع Restriction enzymes or Endonucleses“ التي عرف منها نحو 300 إنزيم كل منها يقص الـ DNA في موقع محدد (في تعاقب خاص من القواعد النيتروجينية مم يجعل أطراف القواعد المقصوصة في رغبة شديدة للبحث عن قواعد مكملة لتزدوج معها ولهذا تسمى ”نهايات لاصقة Sticky ends“.
    كما أن إكتشاف علماء آخرين لإنزيمات أخرى لها القدرة على ربط قطعتين مكسورتين من الـ DNA وسموها ”إنزيمات لاحمه Ligases“ تستخدم للإسراع في وصل ولحم قطع DNA المطلوب لحمها.

* وهكذا، تم إمتلاك العدة اللازمة لقطع الـDNA في مواقع خاصة ومن ثم إصلاحه وإعادة ربطه مع قطع أخرى غريبة (أي إعادة هندسة ال DNA حسب الرغبة).

التجربة الأساس في الهندسة الوراثية

إدخال قطع الDNA الغريبة إلى البكتيريا:

          في عام 1973م إستطاع كل من العالمين الأمريكيين ”Herbert Boyer“ و ”Stanly Cohen“ إجراء تجربة عدة الأساس فيما عرف بالهندسة الوراثية ، وملخصها كالتالي:

1- إستخدام إنزيمات القطع لكسر شريط الـ DNA إلى قطع صغيرة.

2- إختيار الحامل أو الناقل ”Vector“ المناسب لنقل الجين إلى الخلية الجديدة (غالباً ما يكون الـ  Plasmid).

3- فتح بلازميد الناقل بإستخدام إنزيمات القطع ”Restriction enzymes“.

4- خلط قطع الـ DNA المراد نقله مع DNA البلازميد.

5- لحم قطع الـ DNA المراد نقله مع DNA البلازميد بإستخدام إنزيمات اللحم ”Ligases“ لإنتاج   DNA متزاوج  Recombinant DNA.

6- السماح للناقل بإصابة مجموعة كبيرة من الخلايا المطلوب إدخال الـ DNA إليها (كالبكتيريا).

7- تنمى الخلايا في بيئة صناعية للكشف عن مدى نجاح التجربة.

بصمة الجينات

    * تمكن العالم ”إليك  جيفرس“ من جامعة  لستر في بريطانيا  من إكتشاف إختلافات  في الشفرة الوراثية  لمنطقة ”الإنترون Intron“ و ينفرد كل شخص بتركيب خاص (مثل بصمة الإصبع) بنسبة 1: 3000مليون عدا نوع نادر من التوائم المتطابقة، و تورث ”طبقاً لقوانين مندل“ للنسل بحيث يحصل الطفل على نصف هذه الإختلافات من الأم و النصف الآخر من الأب، فيتكون مزيج يجمع خصائص الوالدين. وتختلف بصمة الجينات بإختلاف الأنماط الجغرافية للجينات في شعوب العالم.

    * في عام 1997م تمكن  العالمان الأستراليان  ”رولند فان“ و  ”ماكسويل جونز“  من عزل الـ DNA من أشياء تم لمسها (مفاتيح – تليفون – كوب – عينة دم – عينة مني – شعيرات الجسم – جلد من تحت الأظافر ....) ثم عمل بصمة للجينات على فيلم أشعة كدليل جنائي في حالات قضايا إثبات البنوة  - الإغتصاب – جرائم السطو – ضحايا الكوارث، بنسبة نجاح تصل إلى 96%. و شجع هذا الدول المتقدمة على حفظ بصمة لجينات المواطنين مع بصمة الإصبع لدى الجهات المختصة.

بصمة الجينات

التلاعب المسيطر عليه بالمعلومات و الصفات الوراثية 

* بعد التوصل لكيفية عزل الجينات  و نقلها إلى خلايا مختلفة  عنها تماماً سميت هذه التقنية  بـ (تقنية DNA المتزاوج Recombinant DNA)، و اصبحت نظرة اعلماء للكائنات الحية على أنها أجهزة تتصرف مأمورة من قبل مورثاتها الموجهة ببرامج محمولة على الـ DNA ، و فكروا في معالجة هذه المعلومات وفق الحاجة.

* في نهاية السبعينات  من القرن 20م، أصبح  مسمى الهندسة الوراثية  يعني قمة التجارة  حيث لمعت سماء  شركات تعتمد على  هذه التقنية مثل : Transgene , Genex , Biogene , Genetech , Cell Tech..

* إن هندسة الجينات سلاح ذو  حدين، فكما يمكن إستخدامه في  العديد من المجالات المفيدة  للإنسان يمكن ‘إستخدامه لتدمير  الحياة على الأرض.

* أصبح الإنسان يمتلك  التقنيات المختلفة  لتطويع الأطقم  الوراثية في جميع  الكائنات الحية (سواءً كانت نباتات أو حيوانات أو كائنات دقيقة) للجراحة الوراثية لتغيير وظائفها الطبيعية قد تستغل لأغراض دنيئة و هو ما يعرف بـ ” قرصنة الجينات.


    تقييم السلامة البيولوجية:-

             نظراً لأن بعض  التعديلات الوراثية  يكون هدفها غير  نبيل، و ذلك  بإحداث تغيرات  قد تسبب أضرار  للإنسان أو للبيئة،  تم وضع نظم و  لوائح دولية، تحكم  نقل الجينات، يشترط  فيها القيام بإختبارات  ”تقييم السلامة، تراقبها ”الهيئة الأمريكية لحماية البيئة EPA“ خاصة و أن بعض العلماء و الشركات المشتغلين بالتعديل الوراثي يبالغون في دفاعهم بعدم وجود سلبيات محتملة.

             إذا ثبت بالإختبارات  أن المنتج المعدل  وراثياً مأمون  على الإنسان و  البيئة، يمكن أن  يستخدم مع التعريف  بالمنتج لأنه من  حق المستهلك، الذي  قد يتضرر من  أكله اللحوم و  مشتقاتها، و المنتجات  النباتية، أو  حتى من خلال  إستنشاقه للهواء  أو أكله للعسل  المحملين بحبوب  لقاح هذه النباتات.



بعض تطبيقات الهندسة الوراثية 

 I : في مجال الطب:

        * إنتاج الإنسولين البشري ”Humalin“ في عام 1982م و الذي كان ينتج من الأبقار و الخنازير مسبباً نوع من الحساسية لإختلاف بسيط في التركيب.
        * إنتاج مركبات الإنترفيرون المستخدمة في معالجة مرضى السرطان.
        *إنتاج هرمونات النمو البشري لمعالجة حالات الأقزمة الناتجة عن قلت إفرازها طبيعياً ممن الجسم.
        * إنتاج عامل التجلط رقم 8 الهام لمرضى ”سيولة الدم“ و إنتاج ” إنزيم يوروكينيز“ المذيب لجلطات الدم.
        * إنتاج بروتين غذائي بتنمية البكتيريا على نفايات المزارع و المصانع لتتغذى عليها.
        * إنتاج الفيتامينات مثل ”B2 – B12 – C – D etc“.
        * نقل جينات هرمونات النمو من سمك السلمون الرقط إلى عدد من أنواع الأسماك الأخرى.

  II: في مجال الزراعة:

     في عام 1982م تم إنتاج أول نبات مهجن جينياً، بتقنيات تعتمد على حذف أو إضافة مقاطع بهدف إعادة صياغة الشفرة الوراثية للخلية لإكسابها صفات لم تكن موجودة من قبل.

* إنتاج أنواع جديدة  من النباتات و  البذور القادرة  على مضاعفة الإنتاج،  و تحمل الظروف  البيئية (ملوحة –  جفاف – صقيع).

* تحسين صفات النبات  لإكسابه مناعة  ضد الأمراض و  القدرة على مقاومة  اللآفات للحد من  إستخدام المبيدات  و زيادة الإنتاج.

* تحوير النبات لينتج  البلاستيك في بلاستيداته  الخضراء.

* تعديل صفات الثمار  لتحسين القيمة  الغذائية، و تحمل  ظروف النقل و  التخزين.

* إنتاج مركبات الطعم  و النكهة و الأصباغ  من الطحالب

* ‘نتاج كائنات  دقيقة يمكنها تنظيف  بقع البترول، بإستخدام  تطبيقات إعادة  إتحاد المادة الوراثية.

    من المحاصيل المعدلة وراثياً:
    الذرة (40%) – فول الصويا (31%) – الكانولا (70%) – الكتان – القطن (40%) – البنجر – الباباي – الكوسة – الطماطم – البطاطس.

 III:في المجالات العسكرية:

* بعد ثورة إنتاج  القنابل الذرية،  تتسابق الدول الكبرى  لإنشاء مراكز ”ابحاث النظم الجينية“ تعتمد على جمع الكائنات الدقيقة من مصانع الأسلحة و مستودعات الذخيرة (بكتريا تحلل الديناميت – بكتيريا تدمير الهيدروكربونات) ثم تنميتها في المعامل لعزل و تحليل النظم الوراثية لها و كذا للكائنات البيولوجية (الممرضة - المدمرة - عوامل مطفرة سيئة....)، بإستخدام ”نظم الحاسبات“ و إنتاج قنابل بيولوجية تحمل على الصواريخ لتفتك بالبشر دون وازع من ضمير و تحقق بذلك بعض الدول مصالحها من خلال ما يعرف بـ (حرب الجينات).

* إنتاج  بكتيريا مطعمة بجينات من فيروسات  ممرضة، فتتكاثر البكتيريا مكونةً  أجيال ممرضة، يتم تحميلها داخ  كبسولات خاصة، ثم إطلاقها في  مجتمع ما فتخرج البكتيريا و  تتكاثر و تغزو أجسام الكائنات  الحية لتفتك بها (إحداث موت بطيء للمجتمع بأكمله).

* إنتاج  حبوب قمح مطعمة بجينات ممرضة  لإصابة الطاقم الوراثي البشري،  أو بجينات تسمح بإكثار الآفات .

* تطوير  أسلحة بيولوجية تستخدم لمهاجمة  جماعات عرقية محددة، أو لمهاجمة  جزء معين من جسد الإنسان.

* إنتاج  أدوية ذات تأثيرات سيئة.

Post a Comment

Previous Post Next Post