مهام دور المسجد في الاسلام قديما وحديثا

المسجد يمثل حجر الزاوية في تكامل الشخصية المؤمنة المتكاملة، يجد فيه العبد نفسه، ويلقي بين يدي مولاه أحماله وآلامه وأحزانه، وكيف لا وهي خير البقاع مهبط البركات والرحمات، فيه تتلاشى الفوارق الدنيوية والاجتماعية، فيصطف المسلمون قدما بقدم ومنكبا بمنكب ويتوجهون إلى خالقهم لا فضل لأحد على أحد إلا بما قدمت الأيدي، وكلهم توبة وإنابة استمطارا للرحمة واستنزالا للنصر والتمكين. والمتأمل في حال مساجد المسلمين يدرك كم هي الهوة سحيقة بين الدور المنوط بالمسجد والواقع الذي يعيشه اليوم، فأضحى في حكم الواجب على جند الله في أفق الخلافة أن يحرروا المسجد من ربقة الاستكبار والأهواء والنزوات الفردية والجماعية حتى يكون منارا للهدى والإرشاد
المسجد المدرسة
المسجد مدرسة عملية يومية متكررة متجددة، يتعلم فيها المسلم النظافة والطهارة، والتنزهَ عن اللغو، والفرائضَ والسننَ، فيه تغشاه روحانيته ويتطلع إلى معالي الأمور دينا ودنيا، ولهذه الأهمية البالغة كان أول ما بناه النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته مسجد قباء
إقامة ذكر الله
وهذه الوظيفة هي أم الوظائف، وما شيدت إلا لهذه الغاية قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ . يرابط المؤمنون راكعين ساجدين، تالين مسبحين مهللين، تسمو أرواحهم وتتنور قلوبهم فيشعون نورا على الأمة ومن مناراته تأتي نسائم النصر والتمكين. الذكر دستور المحبة، ومن أحبه الله تولاه، وكتب له القبول في الأرض فسارت دعوته على رؤوس الأشهاد. والفراغ القلبي والغفلة البعيدة عن المسجد وروحه وعن الله داء عضال يكبل العزائم.
التربية والتعليم
كلها وظائف قام بها المسجد من خلال حلق الذكر والعلم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن، ويعلمه أصحابه، ويفسر لهم أحكامه ومضامينه، وكل ذلك في صور شتى كالقراءة في الصلاة وخطب الجمع والأعياد وصلوات الكسوف والاستسقاء والدروس الأخرى بعد الصلوات والمواعظ، وإجابته صلى الله علية وسلم على أسئلة الصحابة، وتعبير الرؤى التي كان يعرضها الصحابة على النبي صلى الله علية وسلم، وكان رسول الله دائما معهم مرشدا وموجها.
الوظيفة الاجتماعية
المسجد ملتقى جميع المسلمين، ومن غاب سألوا عنه، فإن علموه مريضا عادوه، وإن كان له ميت عزوه وواسوه، الجائع والعاري هناك يعرف، وما وجود أهل الصفة فيه إلا دليل على مدى تكافل المسلمين فيما بينهم، فيحمل إليهم الطعام، ويتسابق إليهم أهل المسجد أهل البر والإحسان، وربما جاء الرجل فاصطحب واحدا أو أكثر يستضيفه لبعض الوقت، وجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الصفة وآكلهم.
الوظيفة القضائية
وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يفصل بين الخصومات ويقضي بين المتخاصمين في مسجده صلى الله عليه وسلم. ومضى الحال على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين من بعده. في المسجد يحكم القرآن ويعرف القول الفصل في الأحكام والحدود، والشهادة بأهميتها.

المسجد مكان التقاء المسلمين وتقوية الأواصر بينهم.
قل لي بالله عليك، لو لم تكن منتظمًا في صلاة الجماعة بالمسجد: كم تعرف ممن يصلون معك الجمعة؟!
إنك لا تكاد تراه إلا مرّة كل أسبوع أو كل شهر، وهذا الأمر لا يقوي إطلاقًا الأواصر أو الروابط بين المسلمين، ويختلف الأمر كثيرًا إذا كنت محافظًا على الصلوات خمس مرات في اليوم، وستكون -بلا شك- علاقاتك على أقوى مستوى بكل من حولك، كيف تكون علاقتك بأخيك الذي تراه خمس مرات في اليوم في كل صلاة؟ لا شك أنها ستكون قوية، وإذا حدثت له أي مشكلة أو مرض أو نحو ذلك، سوف تعرف بها سريعًا، في حين أنك إذا لم تكن تلتقي معه إلا كل أسبوع أو أسبوعين أو شهر فربما لا تعرف ما يحدث له إلا قَدَرًا.
المسجد إذن يقوي وينمي الروابط والأواصر بين المسلمين، ويذيب الفوارق بينهم، فالحاكم يصلي بجوار المحكوم، والوزير بجوار الغفير. المسجد يتعاون فيه المسلمون على البرّ والتقوى دون النظر إلى الفوارق الطبقية التي بينهم.
- المسجد يُعدّ مدرسة لتعليم المسلمين كل أمور حياتهم.
- المسجد مكان لقيادة الأمة، فزعماء الأمة الإسلاميّة كانوا دائمًا في زمان ازدهار الأمة الإسلاميّة، سواء أيام الرسول عليه الصلاة والسلام أو في أيام الخلفاء الراشدين، أو في أي عصر من عصور النهضة والحضارة الإسلاميّة كانوا دائمًا يرتبطون بالمسجد ارتباطًا قويًّا، إنها مأساة حقيقية ألا يدخل زعماءُ الأمة المساجد إلا في المناسبات.


وظائف المسجد في الماضي
إن أول عمل قام به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بعد دخول المدينة هو بناء المسجد. وكأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد التذكير بأن قوام الدين لا يتحقق إلا بعد بناء موقع للدين. أما أهم وظائف المسجد في صدر الإسلام فعبارة عن:
1ـ محل للعبادة
المسجد هو أفضل الأماكن للعبادة: ﴿مَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا﴾ والمسجد هو محل العبادة الخالصة: ﴿أَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾.
2ـ أفضل مدرسة لتعليم الدين
كان الفقهاء في فترة زمنية معينة يبحثون حول جواز أو عدم جواز بناء المدارس، وهذا يعني: هل من الجائز بناء المدارس مع وجود المساجد وهي مراكز ومواقع مباركة وقيمة.
3ـ مركزاً عسكرياً
كانت البرامج المتعلقة بالاستعداد للحرب في زمن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تنطلق من المسجد.

4ـ مركزاً لجمع وتوزيع الزكاة
ربط الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم النشاط الاقتصادي بالمسجد أيضاً. وهذا يعني أن
الناس عندما كانوا ينظرون إلى المسجد كانوا لا يشاهدونه مركزاً للعبادة فقط بل مركزاً لحل المسائل الاقتصادية أيضاً: لذلك كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بجمع وتوزيع الزكاة عن طريق المسجد.

وظائفنا اليوم
2ـ حل مشاكل الناس
المسجد هو واحد من الأماكن التي يمكن استخدامها لحل مشاكل الناس، حيث يجب على إمام المسجد ومعاونيه القيام بهذه المهمة. هنا ينبغي أن يشعر الناس بأن المسجد ليس مكاناً للصلاة فقط، بل هو مكان تطرح فيه مسائل ومشاكل الناس للوصول إلى حلول مناسبة.

3ـ المشاورة
ينبغي أن يتخذ إمام المسجد مكاناً خاصاً في المسجد أو إلى جانبه يحضر إليه في أوقات محددة حيث يتوافد الناس إليه للاستشارة والمشاورة في أمور حياتهم وقضاياهم الدينية. والزواج من جملة الأمور التي يمكن الاستشارة والبحث حولها مع إمام المسجد، حتى أن الاستخارة التي يقوم بها إمام المسجد واحدة من أساليب الارتباط مع الناس.

4ـ رفع الاختلافات
العدالة من جملة شروط إمام الجماعة. والشخص العادل يمكنه العمل بشكل جدي لرفع الاختلافات بين الناس.

5ـ مركز خير للحكومة الإسلامية
لعب المسجد في القديم دوراً كبيراً في مسألة مواجهة الظلم. وهناك جزء كبير من الانجاز الكبير الذي تحقق في الوقت الحاضر والذي تمثل بانتصار الثورة الإسلامية، مرهون للمسجد. فالمسجد كان مركزاً لمواجهة الظلم الذي أدى إلى انتصار الثورة لذلك يجب أن يكون مركز خيرٍ للحكومة الإسلامية. ومن هنا ينبغي أن يبقى المسجد محلاً لمصارحة الآخرين بالأخطاء والاشكالات وتذكير البعض بما ينبغي عليهم القيام به والعمل بشكل مجموعي للدفاع عن الحكومة الإسلامية.

Post a Comment

Previous Post Next Post