المراهقة:
(تعريفها, مراحلها, اهمية دراستها, التغيرات الجسمية)
معاني المراهقة:
تعني المراهقة لغوياً "الاقتراب من الحلم, والمراهق بهذا المعنى هو الفتى الذي يدنو من الحلم واقتراب الرشد. وتقابل المراهقة الكلمة الانكليزية (Adolescence) ومعناها الاقتراب المتدرج من النضج البدني والجنسي والعقلي والانفعالي والاجتماعي.
وبهذا المعنى فالمراهقة تختلف عن البلوغ (Puberty) الذي يعني نضج الغدد الجنسية واكتساب الفرد معالم جنسية جديدة اي ان الفرد ينتقل من كائن غير ناضج جنسياً" الى كائن قادر على التكاثر والمحافظة على النوع, ولا يمكن تحديد المراهقة بفترة معينة من السنين بصورة دقيقة الا انه يمكن القول بأنها تمتد خلال العقد الثاني من العمر اي تقع ما بين نهاية الطفولة المتأخرة وبداية مرحلة الرشد وبذلك فالمراهق لم يعد طفلاً" وراشداً" بعد , وانما يقع ضمن المنطقة المتداخلة بين مرحلتي الطفولة والمراهقة والراشد فهي بداية التحول من الوضع البيولوجي للفرد كما يعرفها العالم أوسبل(Ausbel):-



اما ستانلي هول (Stanley Hall) فيعرفها بأنها:
(مرحلة من العمر تتميز فيها تصرفات الفرد بالعواصف والانفعالات الحادة والتوترات العنيفة.)
ويعرفها هوروكس (Horrock) بأنها الفترة التي يكسر فيها المراهق شرنقة الطفولة ليخرج الى العالم الخارجي ويبدأ في التفاعل معه والاندماج فيه.
وفي ضوء جوانب النمو فالمراهقة من الناحية البييولوجية للفترة التي تتميز بتغيرات جسمية في الطول والوزن والمظاهر الجسمية الخارجية وتغيرات فسيولوجية تطرأ على الاعضاء الداخلية وبشكل خاص على الغدد الجنسية حيث يتم خلالها النضج الجنسي. والمراهقة من الناحية النفسية: هي مرحلة الانتقال من الطفولة التي تعتمد كل الاعتماد على الآخرين الى مرحلة الرشد المستقلة المكتفية بذاتها وهذا الانتقال يتطلب تحقيق تكيف جديد ترفضه ضرورات التميز بين سلوك الطفل وسلوك الراشد.
اما من الجانب الاجتماعي هي فترة تحمل المسؤوليات الاجتماعية وتكوين الافكار الاجتماعية في الاسرة والزواج والواجبات كمواطنين.

مراحل المراهقة وتقسيماتها:
1- التقسيم الثنائي:
أ- المراهقة المبكرة: (12-15-16) سنة وتمتد منذ بدء النمو السريع الي يصاحب البلوغ حتى بعد البلوغ بسنة تقريباً" عند استقرار التغيرات البيولوجية الجديدة ويتميز سلوك المراهق خلال هذه الفترة بالسعي الى الاستقلال والرغبة في التخلص من القيود والسيطرة ويستيقظ لديه الاحساس بالذات.
ب-المراهقة المتأخرة: (17-21) سنة ويتميز منذ استقرار التغيرات البيولوجية حتى ابتداء سنة الرشد والنضج وتتميز هذه المرحلة بتكيف المراهق مع المجتمع الي يعيش فيه وكذلك ضبط النفس والابتعاد عن العزلة والانطواء تحت لواء الجماعة فتقل نزعته الفردية وتتحدد اتجاهاته نحو الشؤون الاجتماعية.
2-التقسم الثلاثي:
أ- ما قبل المراهقة: (10-12) سنة وتظهر حالة التحفز التي تدفع بها الطبيعة تمهيداً للأنتقال الى المرحلة التالية من النمو وتكون هذه المرحلة مشوبة بالقلق نتيجة بداية ظهور الخصائص الجنسية الثانوية.
ب-المراهقة المبكرة: (13-16) سنة وفيها تبدأ الغدد الجنسية وظيفتها وان كان المراهقلم يحقق بعد النضج الجنسي وخلالها تبدأ بوادر الحيض عند الفتيات وعمليات القذف عند الفتيان.
ج-المراهقة المتأخرة: (17-21)سنة ويطلق عليها ما بعد البلوغ حيث يمكن للفرد ان يؤدي وظائفه التناسلية بشكل كامل , وتتصف هذه المرحلةبمشاعر الذنب والاثم بسبب سعي المراهق الى اشباع دافعه الجنسي بطرق غير طبيعية.


3- التقسيم الرباعي:
        البنات  البنين
أ- مشارف المراهقة  11-12       13-14
ب- المراهقة المبكرة  12-14       15-16
ج- المراهقة الوسطى 14-16       17-18
د- المراهقة المتأخرة  17-20       19-20

4- تقسيمات اخرى على اساس طبيعة المراهقة:
أ- المراهقة المتوافقة
ب- المراهقة الانسحابية المنطوية
ج- المراهقة العدوانية المتمردة
د- المراهقة المنحرفة
وبشكل عام يمكن استخلاص التقسيمات الأخيرة الى: مراهقة هادئة ومراهقة عاصفة وتوصف من تسمياتها.
من خلال مشاكل المراهقة تبرز اهمية دراستها واليك بعض المشاكل السائدة في جوانبها الانمائية المختلفة:
1- بعض المشكلات الانفعالية:
ــ عدم تناسب حجم انفعال المراهق مع سبب الانفعال.
ــ التذبذب في التعبير الانفعالي.
ــ المواقف الحرجة والخجل.
ــ الاحساس بالذنب والخطيئة.
ــ الخيال واحلام اليقظة.
2- بعض المشكلات الاجتماعية:
ــ التحرر من السلطة (البيت)
ــ الاهتمام بالجنس الآخر.
ــ تكوين الشلل والأندماج معها.
ــ التقليد.
ــ هبوط في الأنانية.
ــ ادراك المسؤوليات الاجتماعية (عالم الكبار).
ــ الرغبة في المشاركة الجماعية.
ــ تقبل التوجيه المهني.
ــ الأهتمام بالمظهر الخارجي.

3- الحيــاة العقليــة:
ــ بلوغ الخيال وكذلك التفكير كعمليات عقلية.
ــ وعي المراهق بالأفكار المجردة كدفاعه عن الحق والعدالة.
ــ القدرة على تقبل النصح.
ــ وصول الذكاء الى قمة نضحه.
ــ الرغبة في تفسير الحقائق.
4- الحياة الجنسية:
ــ زيادة الانفعالات الجنسية.
ــ الاكثار من القراءات الجنسية.
ــ اهتمامه بالزي لأستقطاب الجنس الآخر.
ــ زيادة ارتباط الجنسين ببعضهما.
ــ الحب المتعدد.
وعلى اساس المشكلات والخصائص اعلاه تقدم لنا دراسة فترة المراهقة اهمية لكل من: الاب, المدرس. المطلوب استنتاجها من خلال تقديرك لمنافذ الخلاص والتطبيق التربوي. على ان تعتبر الخصائص من الموضوعات الارشادية يضعها المدرس نصب عينيه عند مزاولته الارشاد التربوي والنفسي لطلبته ويمكن تلخيص اهمية دراسة هذه الفترة بالآتي:

اهمية دراسة فترة المراهقة:
            استأثرت دراسة فترة المراهقة باهتمام كبير من الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاكاديمية والعمرية فهي تهم المراهق نفسه لمعرفة خصائصه الحياتية واكتشاف حقائق جسمه المجهولة, كما تهم الآباء لمعرفة ما يعصف بحياة اولادهم النفسية والجسمية. وتهم المدرسين للوقوف على مميزات هذه الفترة لغرض توجيه المراهقين واتباع اسلم الطرق التربوية المؤثرة مؤمنين ان على المراهق ان يحقق الآتي:-
1- التهيئ للأستقلال من الابوين والاسرة.
2- ان يبدأ على الاقل في وضع حل لمشكلته العاطفية.
3- ان يعد نفسه لأتخاذ مستقبل مهني.
4- عليه ان يتحمل مسؤوليات نضجه الاجتماعي والانفعالي والبيولوجي.
وقد تطرقنا على ذلك وبشكل عام في دراستنا لأهداف علم النفس النمو بأعتبار ان المراهقة جانب مهم من جوانبه واهتماماته.
العوامل التي تؤدي الى تأخير وتبكير فترة المراهقة:
1- حالة النشاط الغددي.
2- الحالة الصحية العامة.
3- الذكاء.
4- العوامل للبيئة النفسية والبواعث.
5- الجنس.
الخصائص الجنسية الثانوية: هي خصائص لا تعني الوصول الى البلوغ وانما اشارات جسمية تنذر الدخول في هذه المرحلة وهذه الخصائص هي:
1- الانثى/ نمو الاعضاء التناسلية وقناتي البويضات والرحم, اتساع الحوض والارداف, نمو الصدر والغدد اللبنية, ظهور الشعر في بعض المناطق, انخفاض الصوت وعمقه, حب الشباب.
2- الذكر/ نمو الشعر بشكل عام, اتساع الصدر وضيق الحوض, تغير الصوت ونمو الحنجرة بشكل واضح, ظهور حب الشباب.

التغيرات الجسمية عند المراهق:
          مرحلة المراهقة احدى المرحلتين التين ينمو فيهما الجسم نمواً سريعاً الاولى هي المرحلة الجنينية اذ ينمو الجنين فيها من خلية واحدة الى وليد يزن حوالي (3,5 كيلو غرام) ويبلغ طوله حوالي (45 سم) عند الميلاد. اما المرحلة الثانية فتبدأعادة قبل دور البلوغ الجنسي بسنة والنمو الجسمي السريع في فترة المراهقة يستمر عامين عند الفتاة من (10-12) تقريباً وعند الفتى تستمر ثلاث سنوات تقريباً (12-15) سنة على ان يستمر النمو حتى سن (18 سنة) عند الفتاة و (20 سنة) عند الفتى, والمسؤول عن ظاهرة النمو السريع في دور البلوغ هو افرازات الغدد النخامية من الهرمونات (هرمون النمو).
ونتيجة للنمو السريع خاصة في الفترة الاولى من المراهقة يميل المراهق الى الخمول والكسل والتراخي, مصحوبة بحركات غير دقيقة, اذ يطلق على هذه الفترة (مرحلة عدم التوفق بين اجزاء الجهاز الحركي) وهي على العكس مما كان عليه طفلاً نشيطاً كثير الحركة قليل القابلية للتعب وسبب ذلك يعود الى ان النمو في هذه الفترة يسير بخطوات معتدلة نسبياً.
اما في (15-16) سنة حيث يكون المراهق قد وصل الى درجة من النضج الجنسي فنلاحظ ان حركات المراهق تصبح اكثر توافقاً ويأخذ نشاط المراهق في الزيادة ويكون هذا النشاط من النوع الباء الذي يرمي الى تحقيق هدف معين على العكس من النشاط الزائد غير الموجه الذي يقوم به الطفل.



اتجاهات النمو في فترة المراهقة:
ت/                 النمو من النمو الى
1)في النضج الاجتماعي وسلطة البيت
1- التقليد المباشر للكبار      1- التحرر من التقليد
2- الارتباك الاجتماعي      2- التسامح اجتماعياً
3- الاعتماد على الوالدين من اجل الامن    3- الاعتماد على النفس
4-التوحد مع الوالدين كمثال ونموذج        4- الاتجاه نحو الوالدين كأصدقاء
5- الشعور بعدم التأكد من قبول الآخرين   5- الشعور بالأمن وقبول الآخرين له
2)في النضج العقلي
1- القبول الاعمى للحقائق   1- طلب الدليل قبل القبول
2- الرغبة في معرفة الحقائق        2- الرغبة في معرفة وتفسير الحقائق
3- ميول واتجاهات كثيرة    3- ميول ثابتة وقليلة
3)في النضج المهني ووقت الفراغ
1- الاهتمام بالمهن البراقة   1- الاهتمام بالمهن العلمية
2-الاهتمام بالمهن الكثيرة    2- الاهتمام بمهنة واحدة
3- عدم مناسبة الميل للقدرات       3- مناسبة الميل للقدرات
4- الاهتمام بالأنشطة الغير منظمة  4- الاهتمام بالألعاب الجماعية الموضوعية
5- الاهتمام الفردي   5- الاهتمام بنجاح الآخرين
6- الأشتراك العقلي بالألعاب 6- الاشتراك والاهتمام بمشاهدة الالعاب
7- الاهتمام بهويات كثيرة    7- الاهتمام بهوية واحدة او اثنين
4)في النضج الانفعالي
1- تعبير انفعالي غير واضح        1- تعبير انفعالي واضح
2- انفعال غير متناسب مع السبب   2- الاعتدال في التعبير الانفعالي
3- التفسير الذاتي للمواقف   3- التفسير الموضوعي للمواقف
4- الخوف من الصراعات   4- مواجهة الصراعات
5)في النضج الجنسي
1- الاهتمام بنفس الجنس     1- الاهتمام بالجنس الآخر
2- خبرات مع رفاقه 2- اختيار رفيق واحد
3- ظهور الصفات الجنسية الثانوية 3- البلوغ الى الجنس الحقيقي









شخصية كبار السن ـــ ماهيتها وسماتها البارزة.
ان من الصعوبة معرفة كنه الشخصية وماهيتها الا ان من الممكن التعرف عليها من خلال مكوناتها وسماتها البارزه. فالشخصية هي حصيلة تفاعل عاملين هما: المحددات الوراثية ــ وهي كثيرة, والعوامل البيئية ــ الطبيعية والاجتماعي ــ وهي متنوعة. والعلاقة بين الوراثة والبيئة في تكوين الشخصية ونموها علاقة ضرب لا علاقة جمع. وعندما نتكلم عن الشخصية نتكلم عن الصفات الجسمية والعقلية والعاطفية في سياق من التكامل والشمول. فالنمو الجسمي والنمو العقلي والنمو العاطفي والوجداني يتأثر كل منه بالآخر ويتفاعل معه. وتقسيم نمو الفرد الى مراحل الطفولة والمراهقة والرشد والكهولة والشيخوخة واضفاء سمات وصفات على كل مرحلة من مراحل النمو لدورة الحياة لا يعني التعميم والاطلاق , وقد يلجأ العلماء الى الى النظرة العمومية بصورة عامة لأن من الخطورة اطلاق التعميمات في الامور النفسية والاجتماعية.
واذا كانت الفروق الفردية قائمة واثبتها العلم الحديث في المراحل المبكرة من النمو (مرحلة الطفولة) فأن الفروق الفردية تكون اوسع واوضح في كل صفات الشخصية في المرحلة المتأخرة من دورة الحياة.
ــ في كبار السن. فكبار السن لهم شخصياتهم المتميزة ذات الصفات البارزة التي هي حصيلة الوراثة والظروف البيئية مضروبة بعدد السنين والعمر الزمني لحياة الكبير. فالكبار لديهم خبرة اكثر كما وخبرة اكثر تنوعاً وتنظيماً بأشكال مختلفة, مما يمكنهم من توظيفها في عملية التعلم. وتسمى مرحلة الشيخوخة مرحلة الحكمة. ويرى مؤلف علم نفس الكبار ليدفورد بيسكوف انه لا توجد نظرية تتناول في حسابها شخصية المسن ولا يوجد اجماع في الرأي لتعريف شخصية المسن... وما يعرف عن شخصية الكبير قليل جداً... وان مجال علم نفس الكبير وشخصية الكبير مازالا غير شائعين وغير معروفين بين علماء النفس... وان اكثر نظريات الشخصية والنظريات الاجتماعية للمسنين هي التي طورت الشباب وطبقت على الكبار.







النظريات التي فسرت الشيخوخة


هناك العديد من النظريات العلمية التي تناولت الشيخوخة بالدراسة والتحليل وقد اعطت بعض التفسيرات الواضحة لماهية الشيخوخة والتي منها:
1- نظرية تطور الذات Ego development theory
تعد نظرية اريكسون (Ericson) من اهم النظريات التي حاولت تفسير الشيخوخة بوصفها المرحلة الاخيرة من تطور الشخصية. حيث يرى اريكسون ان الانسان في اثناء حياته يتعرض لعدد كبير ومتلاحق من الضغوط الاجتماعية التي تفرضها عليه المؤسسات الاجتماعية المختلفة وتشكل هذه الضغوط الاجتماعية مشكلات وازمات يتوجب على الانسان حلها, ويقسم اريكسون حياة الفرد الى  ثماني مراحل تبدأ بالولادة وهي اولها وتنتهي بالشيخوخة وهي المرحلة الاخيرة اي الثامنة.
وتفسر هذه النظرية الشيخوخة من خلال تطور شعور الفرد بتكامل الذات والتغلب على مشاعر اليأس والقنوط. وهنا يقف الانسان موقف المتأمل من حياته السابقة وكأنه ينظر الى الوراء فأذا رأى ان حياته كانت منظمة وتحققت اهدافها واحداً تلو الآخر يشعر بالسعادة والبهجة والهدوء والاستقرار ويزهو بالفخر لأنه قد حقق ذاته وأن هذه المرحلة مكملة لسابقها والعكس صحيح تماماً اي انه اذا رأى ان حياته مجرد احداث متناثرة لا يربطها نظام ولم يكن فيها اهداف يسعى الى تحقيقها وانما كانت حياة تتصف بالفوضى وعدم الأنتظام, ادراكه اليأس واعتراه القنوط وشعر ان حياته كانت عبثاً ولم يكن يستحق العيش. وهنا تظهر اضطرابات السلوكية.
2- نظرية النشاط Acting Theory:
تؤكد هذه النظرية ان الافراد حينما يتحركون من الاعمار المتوسطة في دورة حياتهم الى الاعمار المتقدمة يقل نشاطهم الحركي والاجتماعي والحسي والمعرفي وتقل درجة تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين. وتؤكد هذه النظرية على اهمية اشباع الحاجات البيولوجية للمسن والحاجات السيكولوجية وان الحاجات النفسية والاجتماعية للشخص المسن هي نفس حاجات الافراد الناضجين او الافراد في مقتبل العمر. وتؤكد هذه النظرية على ان درجة تفاعل الفرد مع الآخرين تقل, وذلك بسبب انسحاب المجتمع منه اكثر من انسحابه من المجتمع.
حيث يرى كل من (فريدمان وهافيجرست) مؤسسا هذه النظرية انه يجب الاهتمام بالأنشطة البديلة عند فقد المسن لوظيفته, تلك الانشطة هي التي تساعد في اعادة توافق المسن بينما اهتم (ميلر Miller) بالأنشطة البديلة التي تمثل مصادر جديدة للدخل, وكأنما نظر الى المسنين نظرة قائمة على الجانب الاقتصادي حيث يرى في ذلك اعتبارين اولهما ان الانشطة تعد البديل الذي وجده المسن عوضاً عن العمل المفقود, وثانياً تعد هذه الانشطة مصادر جديدة لدخل الاسرة.
والواقع ان هذه النظرية قد لا تلائم جميع المسنين بل نسبة قليلة منهم وخاصة اولئك الذين كانوا مشغولين فوق الطاقة في عملهم, ولم يكن لديهم الوقت الكافي لتنميةاهتمامات وانشطة متعددة سواء كانت ترويحية ام اقتصادية لن يجدوا مكاناً لهم في هذه النظرية.
1-     نظرية التحرر من العمل Disengagement Theory:
نالت هذه النظرية الكثير من الاهتمام من قبل العلماء , ويتفق (Botwinik) بأنها ذات طبيعة اجتماعية, وان جزءاً كبيراً من البحث اجراه علماء الاجتماع (Botwinik,1984,B.61) تعتبر هذه النظرية نظرية وظيفية حيث تقصد ان المسن يجب ان يمر بمراحل يبعد فيها تدريجياً من الادوار الاجتماعية الوظيفية المهمة وبهذا لا يشكل موتهم عبئاً او عائقاً وظيفياً.
يؤكد اصحاب هذه النظرية بان عملية التحرر هي: عملية محتومة, ولكن الاختلافات فيها تحدث بسبب الاختلافات الصحية والشخصية, كما انهم يعتقدون بأن المستوى العالي من الاقتناع بالحياة يترافق مع تناقص دور المسنين الوظيفي.
ان التحرر هو العملية التي ينفصل من خلالها الفرد والمجتمع عن بعظهما, وان هذه العملية محتومة من حيث ان مفهوم التحرر وعملية حدوثه هي جزء من التركيبة الاجتماعية للمجتمع, وبما ان كل فرد يكمل دورة حياته يمر بهه التجربة. وان عملية التحرر تعد مبدأ او قاعدة حسب منظور اصحاب هذه النظرية فهذه الحقيقة تظهر بوضوح من خلال قوانين التقاعد الالزامي وقواعد العمر فيما يتعلق بالتصرفات.
يشعر اصحاب هذه النظرية بأن التدهور المستمر في حياة المسن يكون منطقياً وطبيعياً, ويدعى بالتحرر. ومع تقدم العمر فأن الفرد يكون اكثر خياراً يتقلد الادوار , حيث انه يحتفظ بالأدوار التي توفر له القناعة والمكافأة, كما يوجد كثير من المسنين لا يتحررون من العمل, ولا يبدوا انهم يعانون من التحرر. ويرى اصحاب النظرية بأن التحرر هو نتيجة نقص الفرص عند المسن اضافة الى انها نتيجة الرغبة للتحرر.
وتشير بعض الدراسات بأنه ليس العمر فقط هو السبب للتحرر بل اضافة اليه ما يتعلق بتقدم العمر كسوء الحالة الصحية, فقدان الاخلاء والاصدقاء وقلة الدخل.
هنالك نوع من النقد يوجه الى اصحاب هذه النظرية وهو انها لا تنطبق على جميع الافراد وخاصة اولئك الذين يمارسون بعض الاعمال الادبية والفنية واساتذة الجامعات ورجال الدين والعاملين بالسلك السياسي والدبلوماسي.
ومن الباحثين من وجدوا ادلة كافية لدعم النظرية كدراسات تالمر وكوتنر (Taltmar & Kutner,1969) حيث توصلا بأن العمر ليس هو الذي ينتج التحرر من العمل, وانما اثر التوتر الجسمي والاجتماعي, والذي يتوقع بأن يزداد بزيادة العمر, وبدخول الانسان العقود المتأخرة من حياته, فأن التحرر من العمل ينمو.
وبعبارة اخرى فأن تدهور الصحة وفقدان احد الاقران , وموت احد المحبين والانكماش عن العالم الاجتماعي كلها تسبب الانسحاب الاجتماعي الذي يعرف بالتحرر من العمل.
2-     نظرية الساعة البيولوجية في حياة الانسان:
ترى هذه النظرية بان الكبر مرحلة مقررة من مراحل الحياة ولا مهرب للكائن الحي من الوصول اليها اذا طال العمر وتستمر الادوار الحياتية بالتتابع وحتى نهايتها الطبيعية. والذي يقرر هذا التتابع في مراحل الحياة وفتراته وسرعته هو عامل مقرر اشبه ما يكون بالساعة البيولوجية في حياة الانسان. وتفترض هذه النظرية بان لكل فرد ساعته البيولوجية التي تقرر امكانياته البيولوجية وتنظيم عملية التعبير الفعلي عنها في الحياة وذلك وفقاً لبرمجة خاصة تحملها وراثته البيولوجية عن طريق الذاكرة التي تحملها مادة (D.N.A) (حامض الرايبو النووي المختزل) في جينات الخلايا.
وهذه الذاكرة هي التي تقرر الوظائف الحيوية لخلايا الجسم وطول حياتها. كما ان هذه العملية البيولوجية تقرر النمط الذي ينمو عليه الفرد ويسير نحو الكبر والشيخوخة ومعالم هذه المسيرة. والمفروض ان هذه المسيرة تظل مطابقة لبرمجتها المقدرة في الامكانيات البيولوجية لكل فرد غير ان هذه المسيرة يمكن لها ان تتأثر بعوامل محيطية مادية وغيرها, مما قد يسارع او يبطئ هذه المسيرة ويعجل عملية الشيخوخة.
3-     نظرية المناعة الذاتية:
هذه النظرية تفسر الكبر وعجز الشيخوخة على اساس نظريات المناعة, وتبعاً لهذا التفسير فأن جهاز المناعة هو بمثابة عملية دفاعية اساسية وضرورية للمحافظة على الحياة, غير ان هذا الجهاز يمكن له ان يلعب دوراً هاماً بصورة ايجابية او سلبية في عملية الشيخوخة او انهاء الحياة... وبتقدم العمر فأن الامكانيات الدفاعية لهذا الجهاز المناعي تنحط تدريجياً كما ان خلايا الجسم تصبح متشعبة من حيث سماتها الوراثية مع مرور الزمن وبذلك تصبح مضادة التكوين (Antigenic) وتحفز على صنع (اجسام مضادة) في الجسم مما يؤدي الى قيام امراض ذات (مناعة ذاتية) تسبب ضرراً لخلايا الجسم تؤدي الى اتلافها بدون تعويض.
ان كثرة الاصابة بأمراض المناعة الذاتية في سن الشيخوخة جعلت (بيرنت) وبعض العلماء يظنون بأن تفاعلات المناعة الذاتية هي السبب ايضاً تغيرات الشيخوخة التي تصيب الانسان.
وقد اكدت هذه النظرية مختبرياً من خلال عمل العالم (اوكسلر) علم 1981 عندما وضع هذا الجهاز تحت السيطرة المختبرية.

4-     نظرية الدورات Hans Selye:
نشكل الحياة عالماً تتوائم فيه الافكار او تتصارع فتشكل بذلك واقعاً تجريبياً للأنسان وفي ضوء نظرية (سيلاي) يمر الانسان بثلاث دورات في مراحل حياته هي:-
ــ دورة الصدمة والمقاومة والانهيار وتنطوي نظريته على تسلسل ثلاثي منطقي, يتمثل بدورة الصدمة التي تتحدد بالولادة والحياة المبكرة, ويكون الكائن الحي خلال هذه الدورة سلبياً في حياته معتمداً على الآخرين حتى يدخل الدورة الثانية.
ــ الدورة الثانية وهي المقاومة , اي فترة المراهقة والرشد المبكر وان الشيخوخة تمثل الانهيار.
ويقول بصددها سيلاي (ان الحياة تتألف من عدد من الصدمات او الاحداث المؤلمة والتي قد تكون نفسية او بيولوجية ومهما كانت طبيعتها , فأنها تهز كيان الانسان وقد تؤدي الى التكيف او الاذى).
وتكاد تتبلور الشخصية الانسانية خلال هذه الدورة من خلال ما تتمتع به من عمر زمني اطول يتعرض فيها الانسان للصدمات, فيخرج بتجربة حياتية تمنحه شيئاً من القوة تمكنه من مقاومة الصدمات. ان الاحداث النفسية خلال هذه الدورة تكون اكثر بروزاً من وجودها في دورة الصدمة حيث لا يعي الانسان خلال هذه الدورة الابعاد السيكولوجية للأحداث المؤلمة التي تواجهه بقدر ما يدركه الانسان في المرحلة السابقة, وقد منح الوحي لطبيعة الاحداث في دورة المقاومة, القدرة على التكيف الاجتماعي الذي يزداد وضوحاً كلما تعرض الانسان لحوادث اكثر.
ــ ويؤكد سيلاي بدورة الانهيار الثالثة في تسلسله لسلم الحياة على فكرة الفناء الانساني ويعتقد سيلاي ان النسيج الحي كله وخاصة نسيج الانسان لديه ما يكفي من الطاقة والقوة المخزونين رصيداً احتياطياً هما اللتان تمكنانه من الثبات والمقاومة بعد اجتياز مرحلة الصدمة.


Post a Comment

Previous Post Next Post