لا شك أن للغضب آثاراً وخيمة وأضراراً جسيمة يمكن أن نقسمها إلى ما يلي:
أ - الغضب يولد العداوة والبغضاء بين الناس، لأن الغاضب عند الانفعال لا يتحكم في أقواله وأفعاله التي تخرج غالبًا عن الآداب العامة، فيثير الطرف الآخر ويقابله بالمثل، مما يؤدي في النهاية إلى حقد دائم ونزاع مستمر بين الناس، فضلاً عن قطع الأرحام الذي يفكك الأسر ويمزقها.
ب - قد يصدر عن الغاضب عند غضبه تصرف يندم عليه طول عمره ولا ينفع الندم بعده، فإذا وقع الضرر فلن ترجع الحال كما كانت، والشواهد الواقعية المحزنة كثيرة على ذلك، فقد روي أن ولدًا أغضب أباه في محله التجاري بسلوكه الطفولي، فما كان من الأب أن أمسك به وربط رجليه وقدميه وتركه في المحل فترة الظهيرة، وأغلق المحل وذهب للغداء والراحة، وعند رجوعه من البيت بعد العصر، فتح باب المحل فوجد ابنه قد مات لانعدام الأوكسجين في المحل، فماذا ينفع الندم في مثل هذه الحالة؟ وكيف سيعيش الأب عمره الباقي وصورة ابنه الميت أمامه بفعله عند غضبه.
وآخر غضب على ابنيه الصغيرين نتيجة تخريبهما شيئًا من أثاث البيت فربط أيديهما من مفصل الكف بقوة حال غضبه وتركهما مدة ساعات ولم يجدي معه قوة الصراخ فتحجر الدم في أيديهما وآل الأمر إلى قطع أيديهما. فما شعور هذا الأب طوال حياته وهو يرى أيدي أبنائه مقطوعة نتيجة غضبه.
أما حوادث الطلاق فحدث ولا حرج، والسبب الغضب ثم بعد ذلك لا تسأل عن حال الأولاد وضياعهم ودخولهم عالم الفساد والمخدرات والجرائم.
أما القتل فلا يقل عما سبق وكم تسمع من ذلك ما يندى له الجبين؟!
والحوادث المؤلمة المشابهة لهذه الحوادث كثيرة جدًا، وكلها بسبب انفعال عصبي لا يملك فيه الإنسان نفسه، فيتصرف بدون حكمة أو وعي، وتكون النتيجة مرة وقاسية.
أثبتت الدراسات والوقائع أن الغضب يحدث ما يلي:
أ - جلطات دماغية، نتيجة الإفراز الزائد لهرمون الأدرينالين الذي يؤدي إلى زيادة ضربات القلب بشكل متكرر ودفع الدم بغزارة إلى الدماغ مما يحدث نزيفًا فيه.
ب - ترسب الدهون والشحوم في الشرايين مما يؤدي إلى تصلبها وعدم وصول الدم إلى الدماغ، فيحدث ذبحة صدرية.
ج - الغضب الزائد والانفعال المستمر يزيد من حموضة المعدة ويحدث فيها قرحة مزمنة قد لا تنفع معها الأدوية.
د - الغضب يحدث اضطرابًا في عمل الكليتين، لأنه يحدث اضطرابًا في توازن الأملاح فيهما.
هـ - يؤثر الغضب على الدورة الدموية الخاصة بالأعضاء التناسلية فيؤدي إلى نوع من العجز الجنسي لدى الرجل، وبرود جنسي لدى المرأة.
و - الغضب يحدث إمساكًا شديدًا ومزمنًا للأمعاء، لأنها في حالة الغضب تكون متقلصة لا تستطيع القيام بامتصاص المواد المفيد للجسم من الأطعمة والأشربة.
ز - تنتج عن الغضب الإصابة بمرض القولون العصبي، وقد تفشى هذا المرض بشكل هائل بين الناس، وكله بسبب الانفعالات العصبية الكثيرة. وهو من الأمراض المزمنة، وصاحبه يلازم الأدوية طوال حياته.
ح - الغضب المستمر يؤدي إلى الإصابة بالسكر، نتيجة زيادة هرمون الأدرينالين عند الغضب والذي يضعف مفعول هرمون (الأنسولين) الذي يفرزه البنكرياس لحرق السكر في الدم.
ط - أكدت الدراسات الحديثة أن المصابين بالانفعالات النفسية والعصبية عندهم قابلية أكثر للإصابة بالأمراض الخبيثة، لأن الغضب يحدث اضطرابًا في الهرمونات في الغدد الصماء وعدم استقرارها يهيئ جوًا مناسبًا داخل الجسم للأمراض الخبيثة.
ي - تظهر على الغضبان آثار وأمراض لا يعرف لها مصدرًا، وقد يعالج عند كثير من الأطباء ويعمل كثيرًا من الفحوص المخبرية والإشعاعية ولا يجدون شيئًا يعالجونه فيزداد قلقه وكدره، ويتضاعف حزنه واكتئابه فيستمر معه هذا المرض أزمانًا عديدة.
أ - التوتر والقلق المرافقين للإنسان الذي يغضب كثيرًا هذا في اليقظة، أما في حالة النوم فتكثر الكوابيس عليه والأحلام المزعجة التي لا تدعه ينام بالشكل الكافي، مع عدم الراحة في النوم.
ب - عدم القدرة على إنجاز الأعمال لعدم القدرة على التركيز، والشعور بالتعب بسرعة، وكذا الشعور بالملل دائمًا.
ج - عدم إدراك الأشياء على حقيقتها، فتختلط معه الحقيقة بالخيال، والواقع بالأحلام، فربما يتخيل شيئًا ويظنه حقيقة يسعى إليها.
د - قصور في التفكير الصحيح، فالغاضب قد ينصاع لأتفه فكرة، أو يقتنع بأسوأ عقيدة.
هـ - انشغال الفكر بأشياء تافهة أو غير مهمة والبعد عن الأشياء المهمة فينشغل مثلاً بأن فلان عمل معي كذا وكذا، وفلان وقف مني كذا.. وكلها أوهام لا حقيقة لها.
ز - يرتب الغضبان على الأشياء التافهة مواقف ضخمة قد تؤدي به إلى نتائج خطيرة فيصور له الشيطان أن هذه الصغائر كبائر فيتعامل معها كذلك.
ح - حدوث أمراض نفسية كثيرة - كما سبقت الإشارة إليه في الآثار الصحية - وهذه الأمراض النفسية إن لم يتداركها صاحبها ويعرف العلة الحقيقية تزداد مع الزمن زيادة تشغله عن المهمات في هذه الحياة فتكدرها عليه فلا يستطيع أن يعمل بالبناء السليم في هذه الحياة، وإنما ينشغل تفكيره في نفسه المهلهلة.



هنا تحت هذا العنوان وقفة تأمل تطبيقية لنفسية غضبان، لنحللها تحليلاً مبسطًا، فيتصور القارئ ماهية الغضب وحالة الغضبان، وتدرج حالته من سيء إلى أسوأ، وكيف كانت العاقبة والنتيجة؟! ولننطلق من الأمثلة الآتية:
امرأة لديها خادمة استقدمتها من بلادها البعيدة، فجاءت هذه الخادمة، ووصلت تاركة بلدها وأهلها وأطفالها وعاداتها وتقاليدها إلى بلد غريب وبيت غريب وأسرة غريبة. هل نتصور نفسية هذه الخادمة؟. بدأت العمل منذ الصباح الباكر وحتى منتصف الليل، عمل دؤوب، وجهد متواصل، ليس كأي موظف ست ساعات أو ثمان ساعات، بل جميع ساعات اليوم والليلة ما عدا ما تسرقه منها للنوم. هل يُتَصور من هذه المسكينة أن لا تخطئ في جزء من عملها المتقلب بين غسيل وكنس وكي وربما طبخ أو متابعة أطفال، فالويل كل الويل إن أخطأت، ولسان حال بعض (سيداتهن) يقول: أن المسكينة تأخذ راتبًا ولا تكمل عملها أو تخطئ وتقصر. هذا مستحيل.
إحداهن - أقصد الخادمات - أخطأت ذات مرة في كيّها لثياب زوج ربة البيت فأحرقت المكواة ثوبًا منها، هنا قامت قيامة ربة البيت فغضبت وزمجرت واحمر وجهها وانتفخت أوداجها فصار الشيطان يمشي في عروقها ويتحكم فيها حتى طغى على تفكيرها، فأسلمت نفسها للشيطان ووسوس لها فدلّها على أن تحرق يد الخادمة بالمكواة جزاءً لها وردعًا لأمثالها على هذا الخطأ الجسيم العظيم!! فكيف يتصور موقف تلك الخادمة؟ هذا فضلاً عن الكلمات المتلاحقة فاستحضرت ما لديها من قاموس الكلمات المشينة والشتم والسباب بأنها مستهترة، ولا تهتم وشيطانة ومريدة، فما موقف الخادمة؟ ماذا يتصور أن تعمل بعد هذا الكي بالنار جزاء هذا الفعل الشنيع في نظر ربة البيت؟ احترق قلبها، واشتعل، وغلا، ولكن لم تستطع أن تفعل شيئًا في تلك اللحظة فبقي القلب يغلي حتى جاء الصباح الباكر، وخرجت تلك الزوجة من بيتها إلى مدرستها وتركت ظفلها عند الخادمة، وظنت، بل قال لها الشيطان، إن الأمر عادي، حضرت إلى مدرستها وأصبحت تقص قصة خادمتها السيئة الجهولة التي لا تعرف الكيّ، وأخذت تندب حظها وتفكر في إبعادها وإبدالها بغيرها.. انتهى الدوام ورجعت إلى منزلها بعد أن شاركها عدد من الزميلات في مأساتها بوجود هذه الخادمة لديها، دخلت المنزل فماذا وجدت؟ إن تلك الخادمة التي لسع قلبها قبل أن تلسع يدها بالنار، أرادت أن تجرح - بدل أن تلسع - قلب تلك الزوجة الغضوب جرحًا عميقًا لا يبرأ إلا بعد موتها، فما هذا الجرح؟ لم تجد الخادمة إلا أن طبخت الغداء كالمعتاد، وجعلت إدامه هذا الطفل البريء فأحرقته حتى انشوى، فأصبح إدامًا متقطعًا، ولحمًا متفتتًا، وعظمًا متفرقًا، فما ردّ فعل الزوجة الغضوب؟ فما كان منها إلا أن أصيبت بصدمة نفسية عميقة بعد إغماء طويل، وليفعل بعد ذلك في الخادمة ما يفعل؟!!.
هنا نقف متأملين لنقول ما السبب؟ مهما حاولنا التحليل والاستقصاء لنقول في النهاية: إنه الغضب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «لا تغضب»، وحين قال عليه الصلاة والسلام: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، وصدق الله تعالى في بيانه العظيم صفات المتسابقين إلى الخيرات: ((الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)).
هكذا يؤدي الغضب، مات الطفل، احترق قلب الأم، انهارت، توالت عليها العلاجات، لا فائدة، تخلخل البيت، تعدى الضرر إلى الأب المسكين الذي لا حول له ولا قوة، وتعدى إلى أهل الزوجة ليعيشوا مأساتها، وأهل الزوج، فهل من عبرة؟!. لنعرف مؤدى الغضب.
للجار حق على جاره بالسلام والتحية، والزيارة والسؤال عن الحال، والهدية والعطية، والصدقة والإحسان، والنصيحة والتواصل وعلى أقل حال: عدم الإيذاء.
أحدهم لم يتنبه إلى تلك الحقوق، فغفل عنها، فترك أطفاله في الشارع يؤذون الجيران، وتمركز الإيذاء حول الجار القريب فصاروا يؤذونه عند بابه، وفي سيارته، حاول نصحهم ووعظهم وتنبيههم ولم يجدِ ذلك، وذات مرة مرت إحدى سيارات الشرطة فأوقفهم ليهيب بهم فأخبرهم بأمره وبقصده، فتفهّم أفراد الشرطة المراد فقاموا بدورهم، ووقف المشهد إلى هنا..
وبعد فترة ليست بالطويلة أخبر والد هؤلاء الأطفال المؤذين فغضب أشد الغضب وهدد وزمجر وصار (ينتخي) ويتوعد إن لم يفعل ويفعل، كيف يقوم هذا الجار بهذا الفعل، فوجد الشيطان بغيته فصار يزيده ويعيره بجبنه وذله، كيف يتعدى هذا الجار على أولاده؟ وبدأ التنفيذ، فجاء إلى جاره غاضبًا مستجمعًا قواه العقلية والجسدية ليقوم بدوره الشجاع المطلوب، فعتب على جاره بصوت مرتفع، حاول الجار أن يفهمه الموقف، وأنه متحمل طوال الوقت لهذا الإيذاء، وقد أخبره مرارًا، وحق الجار عظيم، والمسألة تهييب، لكن الجار أعماه الشيطان فزاد غضبه فوصل الأمر إلى التشاجر وارتفاع الأصوات، فاجتمع الناس، فأراد البطل الشجاع ليحسم الموقف بضربة قاضية من مسدس له، قضى بها على جاره، هكذا سوّل له الشيطان، ليرمى بعد ذلك في السجن، وكان ما كان.
مرة أخرى مهما حاول كل مفكر ومتأمل بهذه الحادثة المأساوية ليبحث عن السبب فسيجد السبب الأول والأخير لها؟ إنه الغضب..
حق من الحقوق العظيمة، وأكثر من ذلك محاولة لإيقاف الأذى بالطرق المشروعة، وأبلغ من ذلك إعانة على تربية هؤلاء الأولاد..
ردّ الفعل: غضب شديد، أشعله الشيطان، أثّر على عقل هذا الغضوب، نفخ فيه الشيطان من منطلق جاهلي، ليحوله بعد ذلك إلى صورة عملية تخلف وراءها مأساة عميقة. شجار ونزاع وخصومات، يتلوها كلام غير لائق، يتحول بعدها إلى جريمة شنعاء، قتل لبريء مظلوم، يدافع عن حق من حقوقه، بأسلوب شرعي متدرج، قابل الإساءة بإحسان، فجزاؤه أن يتحول قتيلاً، ليخلف وراءه أسرة مجروحة تيتم لأطفاله وتترمل زوجته، وربما يتحول الغنى فقرًا، والصحة مرضًا، والسعادة شقاء.
وهو: يتلبس بهذه الجريمة الشنعاء، يسجن، وعقوبة في الدنيا تنتظره، وما يقابله في الآخرة أشد والعياذ بالله.
وتتحول شجاعته إلى بيت يبتعد عنه، فيزداد أولاده بعدًا عن الأخلاق، ويبقى في مخيلتهم جريمة أبيهم، وينظر إليهم الناس نظرة كره وبغض.. إلى آخر ذلك من النتائج السيئة. والسبب الأول والأخير (الغضب).
البيوت في الإسلام مصانة، وأسرارها محفوظة، فيأتي الغضب ليعمل عمله في تفكيكها، وحل رباطها، أسرة من الأسر تنعم بالراحة والاستقرار، أب وأم وأولاد من بنين وبنات، حصلت مشكلة خفيفة في هذا البيت كعادة البيوت لا تخلو من مشكلات لكنها تزول إذا استوعبها الطرفان أو أحدهما، هنا دخل الشيطان بقوة، وأعمل جنده، واستخدم أسلحته الشيطانية في هذه الأسرة، هذه المشكلة في أمر يجب أن لا يتعدى تفهم وجهة النظر الأخرى وتبصر الحل الصحيح، ثم تزول كغيرها، استخدم الأب سلطته هذه المرة بكل ما يملك، حيث لم يستوعب ما حصل من زوجته وهو طلبها أن يخصص لهم وقتًا للجلوس، والمحادثة والحوار، وتتبع الأولاد، وألا يكون وقته كله بين العمل والنوم وسهرات الزملاء والأصدقاء، ظن الأب أن هذا تعدٍّ على شخصيته الاعتبارية، وقدح في أسلوب حياته، فنفخ فيه الشيطان فغضب على هذه الزوجة المسكينة، انبرى بكل ما لديه من قوة كلامية مجردًا نفسه من كل خطأ، مستعرضًا إنجازاته وأعماله، حاولت الزوجة تفهمه بمطلبها وعرضها، لم يكن هنا فائدة، حاولت مرة أخرى أن تسحب كلامها لتهدئته فظن أن الأمر استهتار بشخصيته الكريمة، حتى وصل الأمر إلى تشاد بينهما، تدخل الأطفال بصراخهم وعويلهم، فلم يجد ذلك حتى أطلق حكمه القاطع بطلاقها بالثلاث، أفهمه الشيطان أن هذه هي الرجولة والشهامة والشخصية العظيمة، تفرق كل منهما بغرفة، ما الذي حصل؟ أصحيح ما تمّ؟ هل ولم ولماذا.. أسئلة محيّرة! بدأ الرجل يعود إلى صوابه.. ما الحل؟ ذهب مسرعًا إلى أصدقائه ليسألهم أعندهم حل؟ والجواب معلوم أنه عند العلماء، أجابه العلماء أنها طالق ثلاثًا ويجب التفريق، ولا يجوز رجوعه إليها إلا بعد أن تتزوج رجلاً آخر، أمعقول كل هذا؟ تفرقا، تنازعا عند الأولاد، نشأ الأولاد أيتامًا ووالديهم أحياء، شخصيات متناقضة، خلاف حول المادة، الرعاية، الحقوق، انقلب البيت رأسًا على عقب، تغيّر أشخاصه، إلى غير ذلك من المآسي.. وبعد كل هذا ما السبب؟ نعود لنقول إنه (الغضب) ولا شيء غيره.
أقوله باختصار: أحدهم شاب في مقتبل عمره، يُرجى له مستقبل عامر بالعطاء، طلبت منه زوجته العروس أن تزور أهلها، وكان طلبًا في أصله عادي، لكنه هنا عنده غير عادي لتكرره قريبًا، غضب عليها منعها، اشتد غضبه، ثم بعد جهد وعناء أوصلها إلى أهلها، ثم ماذا حصل؟ دخل الشيطان بين هذه العروق المنتفخة وتمكن منه حتى أصابه بالوسوسة؟ فصار يفكر في الخلاص من المرأة، رغم أنه يريدها، فيحدث نفسه بالطلاق كثيرًا، يلجأ إلى العلماء، أظنني طلقت امرأتي، أحسب أني أجامعها زنى، استولى علي الوسواس بأني أعمل فواحش، وأن أعمل أعمالاً أخرى غير مقبولة عند الله، لا فائدة من العمل الصالح وأنا أعرف أنه غير مقبول، أنا أعيش في جحيم، الناس من حولي سعداء وأنا شقي أتعذب، هكذا في تفكير ووسواس لا ينتهي معذبًا نفسه هذا العذاب، السبب كله: (الغضب) وكيف تدرج به هذا الغضب إلى هذا المرض العضال عافانا الله وإياكم من كل سوء.
هذه نماذج مصدرها واحد ومنشؤها ومبدؤها: الغضب. نقف هنا لننظر بداية كل قصة منها لنجده: الغضب... هل هذا صحيح؟ والجواب: نعم.
وكيف؟ نرجع إلى نفسية هذا الشخص استسلم لحدث من الأحداث لم يقف منه الموقف الصحيح، ولجأ إلى البديل فغضب من التصرف ولم يكتف هنا! لماذا؟ لأنه فتح بابًا عظيمًا للشيطان، وناداه بأعلى صوته أن ادخل، فاستجاب سريعًا؛ بل كان يبحث عن هذا الباب، فدخل الشيطان، صار يزيده ويؤزه وينفخ فيه وهو يستجيب، ومن ثم يتقلب من سيء إلى أسوأ، تعاظم في نفسه فشجعه الشيطان، حتى أوقعه في الفعل المراد، فتقع الكارثة، ولتتوالى بعدها كوارث، أمراض، ونزاعات، وخصومات، وقطيعة، وطلاق، وضياع أولاد، واعتداء بالكلام، واعتداء بالأفعال، وضرب، وقتل، وسجن، وتشتت البيوت، والسبب: (الغضب).
فهل نعي ذلك؟ وندرك عظمة هذه الوصية العظيمة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب» لنقولها في أنفسنا: «لا تغضب»، لنقول لكل أب وأم، وزوج وزوجة «لا تغضب»، ولكل مسؤول وموظف، ولكل حاكم ومحكوم، ولكل عالم وداعية «لا تغضب»، ولكل مرب وموجه «لا تغضب»، وللجار والقريب، والبائع والمشتري «لا تغضب»، ولكل أحد «لا تغضب» «لا تغضب».

Post a Comment

Previous Post Next Post