** أثر الإنتاج في الصناع_ة والانتاج في تقدم البشرية:

 وجوب الإنتاج في الدولة الإسلامية  يعتبر من مستلزمات  العبادة لله تعالى، ومن مستلزمات نشر الدعوة الإسلامية في أرجاء المعمورة، وذلك بإعداد القوة في كل الميادين المنتجة، لتتمكن الأمة الإسلامية من تقوية نفسها لتقوم بالتالي تعلن الجهاد لتحرير الإنسان من عبودية أخيه الإنسان.
وحتى يظل الإنسان في أي مكان وزمان يتجه إلى الله وحده دون من سواه، ويتاح للبشرية أن تتقدم على أسس قوية منبثقة من كتاب الله وسنة رسوله، لأن تعاليم الإسلام تراعي جانب الروح، والجسد، بحيث لا يتفوق جانب على حساب الآخر.
فجانب الروح- عن طريق العقيدة والعبادات. وجانب الجسد- بضمان الحاجات الأساسية والدعوة للإنتاج المثمر في شتى الميادين المباحة(1).
وبذلك تتقدم البشرية وتسعد بالدنيا والآخرة. فهل من المعقول ونحن بأيدينا هذا الدواء الشافي أن نترك البشرية يمزقها الظلم والاستبداد والجوع، والعري بسبب تحكم الأنظمة البشرية من رأسمالية ظالمة إلى شيوعية حاقدة.
فأي تقدم للبشرية يرجى إن لم تعد الأمور إلى نصابها، ويعود المسلمون إلى عقيدتهم ويخرجوا إلى العالم بنور الإسلام وهديه في شؤون الدين والدنيا (2).
وبعد:
فهذا الإنتاج الذي دعا إليه الإسلام وبين أنه وسيلة لغاية من أشرف الغايات وأنبلها.
هل يقوم بنفسه أم بغيره؟
الصحيح أنه يقوم بغيره. من مزاولة العمل ووجود رأس المال، وذلك أن الإنتاج في أغلب أحواله يعتمد على ركنين أساسيين: عمل ورأس مال، حتى يستثمر الإنتاج وتزداد ا لثروات.
 * فما موقف الإسلام من العمل ورأس المال؟
 هذا ما سأتحدث عنه في الفصول القادمة.


** العمل ودوره في عملية الإنتاج:
تمهيد: لا شك أن العنصر البشري حصيلته الجهد الذي يقوم به الإنسان ويسمى العمل.

ورأس المال: حصيلته الربح الذي ينتج من تحريك رأس المال. ولا يمكن للإنتاجأن يأخذ

الطابع الجدي ويثمر الثمرة المرجوة إلا بعد أن يسير العمل على أحسن ما يرام، من حيث إقرار مبدأ العمل وصيانة حقوق العامل، ودعم الخبرة. وبعد وجود رأس المال وصيانته عما يعرضه للتلف والضياع.
ولقد أعطى الإسلام العناية الكاملة لجهد الإنسان، إذا اقترن هذا الجهد بالنية الصالحة لوجه الله تعالى، واعتنى بما يدفع هذا الجهد إلى الأمام، حيث وضع القيود لتكوين رأس المال حتى يصب في القنوات الشرعية جمعاً وتفريقاً، كما سيأتي تفصيله في مكانه إن شاء الله.
والإسلام كمنهج شامل للحياة، أولى عناية كبيرة للعمل والمال، حيث جعل العمل بشتى صوره وأشكاله طريقاً لكسب المال، ويعتبر المال وسيلة للحصول على المطالب المباحة والواجبة.
ولقد وضع الإسلام للعمل قواعد وأصولاً توجهه وجهة السداد وتصونه عن الانحراف.
كما وضع الإسلام لشؤون المال قواعد تنظمه في الاكتساب والاستثمار والاستخدام ليكون المال والعمل وسيلتي إسعاد في الدنيا والآخرة، حيث هما الدعامتان اللتان تقوم عليهما الأمم والشعوب.
وإن هذه التعاليم التي وضعها الإسلام لتنظيم العمل والمال، لم يأت بها منعزلة عن غيرها من التعاليم.
بل كان دائماً يؤسسها على تعاليم سابقة عليها، من تعاليم عقائدية إلى تعاليم خلقية تستقر في وجدان المسلم، وتجعله يذعن للتعاليم الاقتصادية بكل طواعية خوفاً من الله تعالى، ثم يأتي دور تدخل ولي الأمر لمن لم يهتم بهذه التوجيهات الإلهية.
وإن العمل وطلب الاكتساب أمر مهم، ولا بد منه، لكل فرد من أفراد الدولة الإسلامية،
متى كان قادراً على العمل والاكتساب.
صحيح أن المستفيد الأول من العمل والاكتساب هو الفرد نفسه لكنه بالتالي يصب في حقل الإنتاج الكبير في الدولة الإسلامية.
وإن طبيعة الإنسان على هذه الكرة الأرضية تقتضي عنه السعي للكسب والعمل المباح، ليكفل نفسه من الجوع والعري، ويكفل من يمونه من الأقارب، الذين أوجب الله عليه نفقتهم، وذلك حتى يتقووا على طاعة الله والقيام بأوامره واجتناب نواهيه. قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )(1).
وبالتالي تتحقق خلافة الله لهذا الإنسان على هذه الكرة الأرضية.
وبعد هذا التمهيد ننتقل للحديث عن تعريف العمل وأدلة مشروعيته من الكتاب والسنة وفعل الصحابة وأقوال العلماء في ذلك، حسب المباحث الآتية:
المبحث الأول
ـ  تعريف العمل
جاء في المعجم الوسيط : ( عمل ) – عملاً – فعل فعلاً عن قصد .
وفي القرآن : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } (1).
ومنه والي السلطان : أي عامله .
واعتمل فلان ، عمل لنفسه وتصرف في العمل . ومنه ( العامل ) : من يعمل في مهنة أو صنعة . ومنه ( المعاملة ) : التي تستعمل في الحرث والدياسة والسقي من البقر والإبل .
ومنه ( العمالة ) : وهي أجرة العامل .
ومنه ( العملة ) : أي الأجرة – أعني النقد - .
ومنه ( العمولة ) : أي المبلغ الذي يأخذه السمسار أجراً له على عمل .
ومنه ( المعاملات ) : الأحكام الشرعية المتعلقة بأمر الدنيا ، كالبيع ونحوه (2).
فالعمل : هو فعل شيء عن قصد من فاعله .
**  موقف القرآن من العمل والاكتساب .
**  موقف السُّنَّة من العمل والاكتساب .
**  آراء العلماء في العمل والاكتساب .
**  هل التكسب ينافي التوكل على الله .
**  آراء العلماء والفقهاء في فضل الكسب والعمل :
استناداً إلى ما سبق سرده من الآيات والأحاديث وفعل الصحابة فقد عني الفقهاء والعلماء المسلمون في بحث مسائل العمل والكسب واستنبطوا من الأحكام ما يتسع لكل زمان ومكان .
*  ومن هؤلاء الفقهاء :
أولاً : محمد بن الحسن الشيباني :
حيث ألّف كتابه ( الاكتساب في الرزق المستطاب ) ، وبين فيه أن طلب الكسب واجب على كل مسلم ، وبين أنواع المكاسب وحصرها - في التجارة والزراعة والإجارة .
ثانياً : أبو حامد الغزالي :
حيث عقد في كتابه ( إحياء علوم الدين ) - باباً في آداب الكسب والمعاش ، استدل فيه من القرآن والسُّنَّة ، مؤيداً فيه رأيه .
ثالثاً : ابن خلدون - في مقدمته :
حيث خصص الباب الخامس من الكتاب الأول - وضمنّه ثلاثة وثلاثين باباً كلها في المعاش ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض لذلك من الأحوال .
رابعاً :
اسمع إلى زين الدين بن عبد العزيز - تلميذ ابن حجر - الهيثمي الشافعي ماذا يقول بشأن أفضل المكاسب : ( حيث إن أفضلها الزراعة ثم الصناعة ثم التجارة ) (1).
**  تفصيل أقوال العلماء في المسألة :
أولاً : رأى أحمد بن حنبل رحمه الله في الكسب والعمل :
يقول : ( ونحن نختار العمل ونطلب الرزق ونستغني عن المسألة وعن الناس ) (2). وجاء رجل إلى أحمد - رحمه الله تعالى - فقال : ( ما ترى في مكاسب الناس ؟ قال : انظر إلى هذا يريد أن يفسد على الناس معاشهم ، قال الرجل : أنا متوكل ، فقال له أحمد : تدخل البادية وحدك أم مع الناس ؟ قال : مع الناس : قال أنت متوكل على جرب الناس ) (1).
**  وقد سأل رجل أحمدَ بن حنبل فقال له : ترى أن أعمل ؟ قال : نعم ، وتصدق بالفضل على قرابتك (2).
**  ويقول ابن رجب الحنبلي في القواعد :
( القدرة على اكتساب المال بالصناعات غنى بالنسبة إلى نفقة النفس ومن تلزم نفقته من زوجة وخادم ) .
ثم يقول : ( إنَّ القوي المكتسب لا يباح له أخذ الزكاة بحجة الفقر ، فإنَّه غني بالاكتساب ) . ومن عليه دين ، يجبر على الكسب لوفائه ، ومنها وجوب الحج على القوي المكتسب . والقدرة على الكسب بالحرفة يمنع وجوب نفقته على أقاربه (3).
ثانياً :
يقول محمد بن الحسن الشيباني : إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " طلب الكسب فريضةعلى كل مسلم كما أن طلب العلم فريضة " (4).
ثم قال تعليقاً على هذا الحديث : ( طلب الكسب يمكّن من أداء الفرائض بقوة البدن ، لأنّ الكسب يجلب القوت ، وإن لتحصيل القوت طرقاً منها : الاكتساب ، أو التغالب، أو الانتهاب . وبالانتهاب يستوجب الإنسان العقاب . وفي التغالب : فساد . وعلى هذا ففي الكسب نظام العالم ، وفي تركه تخريب نظامه ) .

ثم يقول : ( يتم الاكتساب بالكد والتعب ، وهنا تأتي منافع الكسب عامة ، فالزارع يكتسب لنفسه ولكنه يفيد بإنتاجه الجماعة والصانع يفعل نفس الشيء ) .(1)
ثم يقول محمد بن الحسن الشيباني في فضل الكسب والعمل : ( إنَّ الكسب فيه معنى المعاونة على القرب والطاعات أيّاً كان نوع الكسب ما دام حلالاً . حتى إن كسب فتال الحبال ، ومتخذ الكيزان والجرار ، ففي ذلك معاونة على الطاعات فإنَّه لا يتمكن من أداء الصلاة إلا بالطهارة ، ويحتاج ذلك إلى كوز يستقي به الماء ، وإلى دلو ورشاء ينزح به الماء ، ويحتاج إلى ستر العورة لأداء الصلاة وإنما يتمكن من ذلك بعمل الحركة.
وقد أشار علي بن أبي طالب ، إلى ذلك في قوله : ( لا تسبوا الدنيا ، فنعم مطية المؤمن الدنيا إلى الآخرة ) (2).
*  يقول محمد بن الحسن الشيباني : ( وحجتنا في وجوب السعي للعمل والإنتاج ، قوله تعالى : { يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد } (3).
والأمر حقيقة للوجوب ، ولا يتصور الإنفاق من المكسوب إلا بعد الكسب . وما لا يتوصل إلى إقامة العبادة إلا به يكون فرضاً .
وقوله تعالى : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } (4). يعني للكسب ، وظاهر الأمر للوجوب (5).
**  ضرورة الكسب عقلاً :
يقول محمد بن الحسن : ( إنَّ العقل يشهد بضرورة الكسب ، لأنَّه بقاء نظام العالم ، والله تعالى حكم ببقاء العالم إلى حين فنائه ، وجعل سبب البقاء والنظام كسب العباد ، وفي تركه تخريب نظامه وذلك ممنوع منه ، وحتى لا يجتمع الناس على ترك الكد والسعي جعله الله ابتداءً فرضاً (1).
ثالثاً : جاء في مجمع الأنهر : ( إنَّ طلب الكسب من الحلال فريضة - وهو الذي يقيم نفسه وعياله وديونه ، ونفقة من تجب عليه نفقته ، ثم بعد ذلك هو في سعة إن أراد أن يدخر ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم " ادّخر قوت عياله سنة " (2).
ومن الكسب ما هو مستحب وهو الزيادة على قدر الكفاية ليواسي به الفقراء ويصل به الأقرباء ، فإن ذلك أفضل من التخلي للنفل من العبادة .
ومن الكسب ما هو مباح : وهو الزيادة للتجمل والتنعم ، قال صلى الله عليه وسلم : " نعم المال الصالح للرجل الصالح " (3).
رابعاً : رأي ابن الحاج في التكسب والعمل :
يقول : ( إنَّه زعم بعض الناس أنَّ التكسب هو من الأمور الدنيوية ، وقد ورد في الحديث " حبّ الدنيا رأس كل خطيئة " (4).
وقد رد عليهم : بأنَّ الذم إنما ورد في نفس الحب لها ، لا في نفس التكسب فكم من مكتسب زاهد ، وكم من تارك راغب . على أنَ مقدار الضرورة ليس من الدنيا بل هو من الاشتغال بأمور الآخرة . فلو تكسب الإنسان بنية أن يكفي إخوانه المسلمين لكان في أجلّ الأعمال ، لأنه جمع بين فرض ونفل (5).
خامساً : رأي الإمام النووي من الشافعية :
        قوله صلى الله عليه وسلم : " لأن يغدو أحدكم فيحطب على ظهره فيتصدق به ويستغني به عن النسا خيرٌ من أن يسأل رجلاً ، أعطاه أو منعه ذلك ، فإن اليد العليا أفضل من اليد السفلى ، وابدأ بمّنْ تعول " . - رواه مسلم - .
يقول النووي بشرح مسلم : إنَّ في الحديث حثاً على الصدقة والأكل من عمل يده والاكتساب بالمباحات ، كالحطب والحشيش النابتين في موات (1).
**  في عدم منافاة التكسب والعمل للتوكل على الله :
قال صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " (1). فمتى كانت نية الإنسان سليمة ، متجهة إلى الله بطلب الرزق من مظانّه ، فليس هناك ما ينافي التوكل على الله تعالى .
**  يقول الخلال في معنى التوكل :
( إنَّ المتوكل : هو الذي تحل بقلبه الكفاية من الله عز وجل ، فيصدق الله عز وجل فيما ضمن ) .
ويقول : ( إنَّ توكل العبد على ربه أن يعلم أنَّ الله هو ثقته ) - روي عن الحسن (2).
**  الرد على الذين يقولون نتوكل على الله ولا نعمل :
أخبرنا أبو بكر المروزي : قال : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : هؤلاء المتوكلة الذين لا يتجرون ولا يعملون ، يحتجون بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على سورة من القرآن ، فهل كان معه شيء من الدنيا ؟
قال : وما علمهم أنَّه كان لا يعمل ؟ قال : قلت : يقولون نقعد وأرزاقنا على الله عزّ وجلّ ، قال : ذا قول رديء خبيث . الله تبارك وتعالى يقول : { يا أيها الذين ءامنوا إذا نوديَ للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } (3). ونهيهم عن البيع بعد النداء دليل على إباحته قبل النداء (4).
**  وأخبرنا عبد الله بن أحمد : قال : سألت أبي عن قومٍ يقولون : " نتوكل على الله ولا نكتسب " ، فقال : ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله ويكن يعودون على أنفسهم بالكسب . قال الله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } (5).
**  وعن محمد بن علي حدثنا صالح : أنَّه سأل أباه - أحمد بن حنبل - عن التوكل فقال : ( التوكل حسن ، ولكن ينبغي للرجل ألا يكون عيالاً على الناس ، ينبغي أن يعمل حتى يغني نفسه وعياله ، ولا يترك العمل ) .
وقال : وسئل أبي - رحمه الله - وأنا شاهد عن قوم لا يعملون ويقولون نحن متوكلون فقال : ( هؤلاء مبتدعة ) (1).
وإنَّ التكسب المفروض لا شك أفضل من عبادة النفل ، ويؤيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو : " ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟ " قال : بلى يا رسول الله ، قال : " فلا تفعل ، صم وأفطر وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقاً وإن لعينك عليك حقاً ، وإن لزوجك عليك حقاً "(1) . متفق عليه (2).
**  ويقول ابن تيمية حول طلب الكسب :
وذكر الفقهاء أنَّ العدالة هي الصلاح في الدين والمروءة - وفسروا المروءة : باستعمال ما يجمله ويزينه - وتجنب ما يدنسه ويشينه .
وكان أبو الدرداء يقول : إني لأستجم نفسي بالشيء من المباح لأستعين به على الحق .
ولهذا من استعان بالمباح الجميل على الحق ، فهذا من الأعمال الصالحة وورد أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " في بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر ؟ ، قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أما كان عليه وزر ؟ قالوا : بلى ، قال : فلم تحتسبون بالحرام ولا تحتسبون بالحلال ؟ "(3) (*).
**  خلاصة ما سبق ( وهو رأيي في المسألة ) :
لا يحل للمسلم أن يكسل عن طلب رزقه باسم التفرغ للعبادة أو التوكل على الله ، فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة .
كما لا يحل له أن يعتمد على صدقة يمنحها ، وهو يملك من أسباب القوة ما يسعى به على نفسه ويغني به مَنْ يعول . قال صلى الله عليه وسلم : " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرّة سويّ " (1).
وفي معناه حديث : " لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب " (2).
وبناء على ذلك تبرز لنا عظمة الشريعة الإسلامية ، حيث رأينا الأدلة من الكتاب ومن السُّنَّة ومن فعل الصحابة ، وأقوال العلماء ، في دعوة الإسلام إلى الكسب والعمل المثمر حيث يصبح كل فرد من أفراد الدولة المسلمة يقدم جهداً تنعكس آثاره على المجتمع بزيادة الإنتاج ، وبتحريك دولاب الاقتصاد ، ويقضي على البطالة والعجز . وتتحول الدولة المسلمة إلى خلية نحل ، كلٌ يعمل لما يسر له .
فتضمن الحاجات الأساسية لكل فرد من أفرادها ، ويزيد دخل الفرد بحيث تقوى الأمة، وتكون بحق خير أُمة أُخرجت للناس ، تحمل المشعل الروحي والمادي لإنقاذ البشرية ، وإخراجها من الظلمات إلى النور .
وإليك التفصيل عن أهم الوسائل التي وضعتها الشريعة لدرء مشاكل البطالة من المجتمع الإسلامي


(1) ينظر حول هذا الموضوع الكتب التالية:
ا- الإنسان بين المادية والإسلام، محمد قطب، ص 69 وما بعدها، ط دار الشروق.
2- الإنسان الروح والجسد، أنور الجندي وهي من ضمن. سلسلة الإسلام، رقم 7، ط دار حراء، القاهرة.
3- الإسلام ومشكلات الحضارة، سيد قطب، ص 22 وما بعدها.
(2) ينظر حول هذا المعنى: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن الندوي، ص 123، 143، 231، 277، 297، ط: التاسعة، 1396 هـ. وكذلك ينظر: كتاب الإسلام قوة الغد العالمية، باول شمينز، ترجمة: محمد شامة، ص/ 1 3 1، 79 1، 5 1 2، 3 1 2، ط : أولى- الناشر: مكتبة وهبة.

(1) سورة الذاريات، آية 56.

(1) سورة التوبة ، آية 60 .
(2) المعجم الوسيط ، ص 628 ، ج2 ، ط : الثانية .
(1) فتح المعين ، بشرح قرة العين ، ص 65 ، دار إحياء الكتب العربية .
(2) أبو بكر الخلال ، في الحث على الزراعة والصناعة والعلم ، ص 30 .
(1) أبو بكر الخلال ، في الحث على الزراعة والصناعة والعمل ، ص24 .
        ومعنى جرب الناس : الأكياس التي يوضع فيها الطعام .
(2) الحث على التجارة والصناعة والعمل ، لأبي بكر الخلال ، ص 6 ، 8 .
(3) القواعد ، ابن رجب ، ص 297 ، الناشر : دار المعرفة - بيروت .
(4) روى في معنى هذا الحديث : ( طلب الحلال واجب على كل مسلم ) . ورمز له المناوي في فيض القدير          ج4 ، ص 270 بالحسن .
(1) الكسب ، محمد بن الحسن الشيباني ، ص 19 و 34 .
(2) الكسب ، محمد بن الحسن الشيباني ، ص 34 .
(3) سورة البقرة ، آية 267 .
(4) سورة الجمعة ، آية 10 .
(5) الكسب ، للشيباني ، ص 47 .
(1) الكسب ، للشيباني ، ص 47 .
(2) الحديث رواه البخاري وفي فتح الباري ، ج9 ، ص501-502 . ورواه مسلم في صحيحه ج5 ، ص 151 ، في باب الجهاد ، ج5 .
(3) رواه أحمد في مسنده ، ج4 ، ص 197 . والطبراني .
(**) ينظر مجمع الأنهر وملتقى الأبحر ، عبد الله الشيخ ، ج2 ، ص 528 .
(4) عده المناوي في فيض القدير ج3 ، ص 368 بأنه ضعيف .
(5) المدخل ، لابن الحاج ، ج4 ، ص 316 .
(1) ينظر ، صحيح مسلم - بشرح النووء ، ج7 ، ص 131 .
(1) الحديث في فتح الباري شرح صحيح البخاري ، كتاب بدء الوحي ، الباب الأول ، (ج1 ، ص9) .
وكذلك رواه مسلم في كتاب الإمارة -ح- 155 ، ج6 ، ص48 . ط : دار المعرفة ، بيروت - لبنان .
(2) الحث على التجارة والزراعة والعمل ، الخلال ، ص 34 .
(3) سورة الجمعة ، آية 9 .
(4) الخلال ، الحث على التجارة والصناعة والعمل ، ص 28 وما بعدها .
(5) سورة الجمعة ، آية 9 .
(1) الحث على التجارة والزراعة والعمل ، أبو بكر الخلال ، ص 30 .
(2) البخاري ، كتاب الصوم / الباب : 55 ، فتح الباري ، ج4 ، ص 217 .
(3) مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، ج2 ، ص 82 . وفي مسند أحمد ، ج5 ، ص 167 .
(*) ينظر ، نظريات ابن تيمية في السياسة والاجتماع ، لاوست ، ص 402 .
(1) الحديث رواه أبو داود في كاب الزكاة ، الباب 24 . ورواه الترمذي ، كتاب الزكاة ، الباب23.والنسائي ، كتاب الزكاة ، الباب 90 . وابن ماجه ، كتاب الزكاة ، الباب 26 . وفي مسند أحمد ، ج4 ، ص 62 .
(2) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وقال النووي فيه : إن هذا الحديث صحيح ، ينظر : المجموع ، ج6 ، ص 189 . رواية أبو داود ، كتاب الزكاة ، 91 . وعند أحمد في مسنده ، ج4 ، ص 224 .

Post a Comment

Previous Post Next Post