الحرارة والعدوان :-
* تجارب دراسة تأثير الحرارة على العدوان:
تجربة (1):- تجربة بارون وبيل لدراسة تأثير الحرارة على العدوان.
تجربة (2):- تجربة بارون وبيل لدراسة تأثير الحرارة على العدوان بإضافة متغير.
ملاحظة:-
        لتحويل درجة الحرارة المئوية       الى فهرنهايتية
يعمل القانون التالي:-
1.8 ×درجة الحرارة المئوية + 32         درجة الحرارة الفهرنهايتي
1.8 ×0° + 32                32 F
1.8 ×10° + 32               50 F
1.8 ×35° + 32               95 F
1.8 ×32° + 32              73.5 F
 (منحني – العدوان – الشعور السلبي)
تجربة (1):( تجربة بارون وبيل لدراسة تأثير الحرارة على العدوان)
منحني الشعور السلبي – العدوان:-
        قدمت بحوث فسرت ان المشاعر الوجدانية السلبية قد تتوسط العلاقة بين الحرارة والعدوان – هذا ما يفسر الحصول على هذه النتائج لما تولده درجات الحرارة المريحة وغير المريحة ، وهذه العلاقة تأخذ شكل حرف (U) مقلوبة (منحني الشعور السلبي – العدوان) حيث ان الشعور السلبي يزيد السلوك العدواني من المشاعر السلبية الاقوى تقلل العدوان فعلياً لان الهرب او اي محاولة اخرى لتقليل عدم الراحة تكبح اكثر اهمية للفرد من السلوك العدواني.
تجربة (2):(تجربة بارون وبيل لدراسة تأثير الحرارة على العدوان بإضافة متغير)
علاقة تجربة (2) بمنحني الشعور السلبي – العدوان:-
        يشير اختبار منحني العدوان – الشعور السلبي ضمن هذه الشروط في هذه التجربة ان المفحوصين المثارين في الشروط الحارة ان يزداد مستوى عدوانهم وان مستويات عدوانهم من المتوقع ان تتناقص. وان المفحوصين الذين تمت مجاملتهم في الشروط الحارة والذين تناولوا عصير الليمون بارد سيشعرون براحةاكثر من الذين يتناولوا العصير، لذا ان مستويات عدوانهم من المتوقع ان تتناقص الى حدٍ ما وتدعم هذه النتائج التوقعات.
ثالثاً:- التأثيرات السلوكية لتلوث الهواء:-
        الكل يعلم ان تلوث الهواء اصبح واحدة من المشكلات البيئية المهمة خلال السنين الماضية بسبب الغازات المنبعثة من السيارات والمخلفات الصناعية والدخان، التي لها تأثيرات ضارة على الصحة . وبحث (روتون ومجموعة من الباحثين عام 1977) تأثيرات التعرض لكبريتيد الامونيوم ومركب كيمياوي آخر على العدوان.
        وباستخدام منهجية الصدمة المألوفة في بحوث العدوان... حيث سمح الباحثون للمفحوصين بإعطاء صدمة للتعاون مع الباحث... وقد توقع الباحثون ان التعرض لرائحة مزعجة بدرجة معتدلة سيزيد من العدوان ولكن التعرض لرائحة مزعجة اكثر مثل كبريتيد الامونيوم سينقص العدوان.
        وقد أشارت النتائج الى انه نسبة للمجموعة الضابطة ذات عدم التعرض للرائحة ، ان الرائحة المعتدلة زادت من العدوان بالاضافة الى ان هناك دليل يشير الى ان الرائحة الاقوى تنقص العدوان كما توقع الباحثون.
رابعاً:- التأثيرات السلوكية للرياح:
        في دراسة امبريقية (البحث الوصفي +البحث التجريبي) قام باحثان بقياس الاداء في مهمات متعددة.
        وكما هو متوقع كان الاداء اسوأ في الايام التي كانت فيها رياح نسبةً للايام ذات الرياح الاقل.
        بالاضافة الى ان هذين الباحثين وباحثين آخرين سجلوا ان معدلات الحوادث تزداد قبل واثناء اقتراب الرياح. وفيما اذا كانت هذه التأثيرات يمكن تُنسب مباشرة للرياح او لتغيرات ضغط الهواء او لتغيرات اخرى فانها تخضع للمناقشة.وهذه الظروف الجوية تزيد الضغوط التي يمر بها الفرد وهذه الضغوط المضاعفة تؤدي الى العديد من التأثيرات النفسية.
الازدحام (الكثافة السكانية):-
أولاً/ تأثير الكثافة المرتفعة على الانسان:-
- ان التقنية البحثية المتبعة في دراسة تأثيرالكثافة المرتفعة على الانسان هو البحث الاجتماعي – الارتباطي والمستخدم اولاً من قبل علماء الاجتماع والمتضمن مؤشرات ارتباط بقعة الارض – الاحصاء لكثافة السكان مع تكرار السلوكيات الشاذة.
- نظرت هذه الدراسات بصورة عامة الى الارتباطات بين نتائج السلوكيات الشاذة ، ومؤشرين للكثافة احدهما الكثافة الداخلية والآخر هو الكثافة الخارجية.
- ان الدراسات الاجتماعية –الارتباطية المبكرة اخفقت في السيطرة على عدد من المتغيرات التي قد تتباين مع الكثافة مثل الدخل والثقافة وغيرها.
- المجموعة الاخرى من الدراسات قد سيطرت احصائياً على هذه المتغيرات وبالرغم من انها تمثل تحسناً عن الدراسات السابقة الا انهُ بقي جانبين للقصور.
الأول:- هناك مؤشرات مختلفة عديدة جداً للكثافة الداخلية والخارجية المستخدمة بحث ان المقارنة ذات المعنى بين الدراسات تصبح صعبة.
الثاني:- تخبرنا هذه الدراسات ما إذا كانت الاضطرابات السلوكية مرتبطة بالكثافة لكنها ما زالت تعطينا معلومات قليلة جداً عن الاسباب المحددة للاضطرابات.
تأثير الكثافة المرتفعة على الشعور والإثارة والمرض:-
1-الشعور:-
        في دراسة ميدانية ادى المفحوصون سلسلة من المهمات في محيطات مزدحمة وغير مزدحمة... ولوحظ ان المفحوصين سجلوا قلقاً في الظروف المزدحمة اكثر مما في الظروف غير المزدحمة... لذلك وجدت دراسة ان مجرد توقع وجود الفرد في ازدحام يثير مزاج سلبي.
        وتم قياس الفروق في الشعور كدالة على عدد الاشخاص الآخرين الذين يعتقد المفحوصون انهم سيكونون معهم في نفس المكان عندما تبدأ التجربة.
        هناك ثلاث متغيرات متعلقة بالكثافة المرتفعة (الازدحام) بوجود الشعور:
1. المتغيرات الموقفية/ تتضمن عوامل متعلقة بالمكان، كعدد الناس في مكان ومعين.
2. المتجددات الشخصية / كقدرة الشخص على التحكم بتفاعلاته مع الغير او تجنب التعامل معهم.
3. العوامل النفسية / صفات الشخص الذاتية وخبراته واهميتها في تحديد اذا كان الشخص يشعر بالازدحام او لا.
        فالافراد الذين اعتقدوا انه سيكون هناك ازدحام (عشرة اشخاص آخرين معهم) سجلوا عدم ارتياح اكثر من الذين اعتقدوا انهُ ستكون معهم مجموعة صغيرة فقط (اربعة اشخاص آخرين).
2- الإثارة الفسيولوجية :-
        في احدى الدراسات شارك المفحوصون لمدة ثلاث ساعات ونصف اما في غرفة كبيرة او غرفة صغيرة وتم تسجيل معدل ضربات القلب وضغط الدم للمفحوصين قبل بدء التجربة.
        وبعد ثلاث ساعات اشارت النتائج الى ان المفحوصين في شرط الكثافة المرتفعة اظهروا تسجيلات لمعدل ضربات القلب والضغط الدم أعلى مما لدى المفحوصين في الشروط الفسيحة.
        وفي دراسة اخرى تمت مقارنة مستويات الكوليسترول (كمؤشر على الضغوط) لدى طلبة امضوا يوماً في منطقة مزدحمة مع طلبة بقوا في منطقة أقل ازدحاماً نسبياً...وعند المقارنة مع المجموعة الضابطة... كان الذكور في الشروط المزدحمة لديهم مستويات كوليسترول مرتفعة ولم يسجل لدى الاناث هذا الفرق.
3- المرض :-
        اشارت احدى الدراسات الى ان هناك ارتباط بين تسجيلات الازدحام وزيادات الافراد الى المراكز الصحية ... ووجدت دراسة اخرى ان الزيارات الى المراكز الصحية في مناطق الكثافة المرتفعة تكون اكثر مما في مناطق الكثافة الاجتماعية الاقل...
-       وقد قدم دعم اضافي للعلاقة بين الكثافة المرتفعة والمرض من قبل الدراسات الاجتماعية والارتباطية وعلى وجه التحديد وجد الدليل على الربط بين الكثافة الداخلية والمرض وليس بينالكثافة الخارجية والمرض.
-       على سبيل المثال الارتباط بين الكثافة الداخلية والاعراض الفيزيولوجية... اما فيما يتعلق الكثافة الخارجية فقد وجد العديد من الباحثين انهُ لا يوجد لها علاقة مع الصحة.
ثانياً / تأثير الكثافة المرتفعة على السلوك الاجتماعي:-
1- المساعدة:-
        سلوك اجتماعي ايجابي وان هناك سلسلةمن الدراسات:
-       كشفت عن ان المساعدة هي دالة على الكثافة في المبنى... حيث وجدت ان الكثافة الاكثر تؤدي الى مساعدة اقل من خلال مقارنة السلوكيات الاجتماعية الايجابية في المناطق ذات كثافة مرتفعة والمتوسطة ومنخفضة ... حيث تم القاء ظروف عليها طوابع وعناوين في مناطق هذه الكثافات... وتم قياس المساعدة عن طريق عدد من الظروف التي التقطت ووضعت في البريد...
-       اشارت النتائج الى ان 58% تم ارسالها في البريد في شرط الكثافة المرتفعة و 79% في شرط الكثافة المتوسطة و 88% في شرط الكثافة المنخفضة.
2- العدوان :-
        اشارت بعض الدراسات الى ان الكثافة المتزايدة تؤدي الى عدوان اكثر في حين وجدت دراسات اخرى عكس ذلك ... ووجدت مجموعة ثالثة انهُ لايوجد تأثير. وتوصلت دراسة اخرى الى ان الكثافة المرتفعة بصورة معتدلة ادت الى عدوان متزايد لدى الذكور... وادت الكثافة المرتفعة جداً الى عدوان متناقص لدى الاطفال.
        واكتشف مجموعة اخرى من البحوث تأثيرات الكثافة على عدوان البالغين وأظهرت تأثيرات اكثر اتساقاً.
        وعلى العموم يبدوان الكثافة المتزايدة تؤدي الى العدوان لدى الذكور البالغين وليس لدى الاناث وهو نموذج مألوف في بحوث الكثافة المرتفعة... وفي إحدى الدراسات ضمت كل مجموعة ثمانية افراد إما ذكور او اناث واما في غرفة صغيرة او غرفة كبيرة... ووجدت ان الذكور قدروا انفسهم اكثر عدواناً في شرط الغرفة الصغيرة بينما كان العكس صحيحاً لدى الاناث.
3- الانسحاب:-
        وجدت مجموعة من الدراسات ان الانسحاب قد يعمل كاستجابة توقعية للكثافة المرتفعة وكوسيلة للتعامل مع الكثافة المرتفعة المستمرة وكنتيجة بعدية لها...
        وعلى سبيل المثال... فان مجرد توقع كثافة اجتماعية مرتفعة يثير استجابات الانسحاب ... ويحدث الانسحاب ايضاً اثناء التفاعلات في الكثافة المرتفعة المستمرة حيث يكون الافراد اكثر رغبة في مناقشة مواضيع اساسية تحت ظروف الكثافة المنخفضة.
        كذلك يتفاعل الاطفال والمرضى النفسيين بدرجة اقل كلما ازدادت كثافة الغرفة واخيراً يبدو ان الانسحاب يمكن ان يشكل نتيجة بعدية للتعرض للكثافة.
ثالثاً / تأثير الكثافة المرتفعة على أداء المهمة:-
-       واحد من الاسئلة المهمة جداً الذي يمكن ان يطرح عن الكثافة المرتفعة هو ما إذا كانت تؤثر على اداء المهمة او لا؟ ... والجواب لهُ تطبيقات مهمة بالنسبة لتصميم كل انواع اماكن المعيشة والعمل... على سببيل المثال المصانع والمدارس وغيرها.
-       فقد استخدمت الدراسات المبكرة جداً مهمات بسيطة وكانت متسقة فيما بينها في عدم ايجاد ضعف في الاداء تحت ظروف الكثافة المرتفعة المكانية والاجتماعية.
-       اما الدراسات الاحدث فقد استخدمت مهمات كاثر تعقيداً ودعمت نتائج مختلفة نوعاً ما .. فقد وجدت ان كل من الكثافة المكانية والاجتماعية المرتفعة أدت الى ضعف في اداء مهمة متاهة معقدة.
-       ووجدت دراسة اخرى ضعف في اداء مهمة معقدة عبر الزمن في غرف مزدحمة جداً مقارنة بالغرف الاقل ازدحاماً... وهناك تساؤل آخر مهم جداً حول ما اذا كانت الكثافة المرتفعة تؤثر تأثيرات بعدية او فورية مباشرة على الأداء.
-       وقد اقترحت دراسات عديدة ان هذه قد تكون هي الحالة على سبيل المثال وجد ان المفحوصين الذين تعرضوا لكثافة مرتفعة اظهروا بعد ذلك استمرار او اصرار اقل في جل الغاز غير قابلة للحل مقارنة بالمفحوصين الذين تعرضوا لكثافة قليلة.
-       وفي محاولة لتحديد ما اذا كانت السيطرة المدركة تقلل من التأثيرات البعدية فقد اعطى (شيرود عام 1974) بعض المفحوصين الاختيار في ترك الغرفة المزدحمة لاكمال المهمة في محيط واسع ، أظهرت هذه المجموعة تأثيرات بعدية أقل من المجموعة التي لم تقدم لها الفرصة في ترك الغرفة المزدحمة.
التكيف للمألوف وغير المألوف:-
        اذا ادركنا البيئة على انها تقع ضمن المدى الامثل للاثارة اي على مستوى تكيفنا او تقترب منهُ... فان هذا يؤدي بنا الى عدم المرور بالاثارة وبالضغوط ويعكس سلوكنا هذه الحالة المتزنة.
        ومثل هذه الظروف تكون نموذجية في البيئات التي اعتدنا عليها او الفناها من ناحية اخرى اذا ما ادركنا بيئتنا على انها تقع خارج المدى الامثل للاثارة والتي هي نموذج للبيئات غير المألوفة او المعتادة... فإن الاثارة الناتجة والضغوط تؤدي الى تعديل السلوك لمواجهة ستراتيجيات تعامُل متنوعة.
        وبالرغم من ان هذه الستراتيجيات قد تكون بعض الاحيان غير ناجحة ومؤدية الى عدد من الامراض... الا ان هناك بعض السلوكيات المتضمنة في نجاح التعامل التي تقلل الحالات الداخلية للاثارة والضغوط وغيرها.
        وبصورة عامة تتضمن ستراتيجيات التعامل الناجحة اما تكيف والذي نغير فيه سلوكنا ليلائم المتطلبات البيئية او التوافق الذي نغير فيه البيئة لتلائم سلوكنا.
السلوك السيء التكيف كحالة خاصة من التكيف:-
        ان التكيف هو نتيجة للتعامل الناجح والسلوك الانسحابي الذي يصنف على انه شكل غير مرغوب اجتماعياً من السلوك.
        وبالرغم من الانسحاب الاجتماعي يمكن ان يتغلب على بعض اشكال الضغوط لكنه شكل غبر مرغوب اجتماعياً من وجهة نظر الصحة النفسية ويمكن النظر اليه كشكل من اشكال التكيف.
        ويشار بعض الاحيان الى مثل هذا السلوك على انهُ سلوك سيء التكيف اي انهُ غير مرغوب... ولكن يمكن ان يكون تعامل ناجح الى درجة انهُ يقلل او يخفض الحالة الداخلية للاثارة والضغوط.
        ولأن السلوكيات السيئة التكيف ناجحة من حيث هذا المعنى فان بعض وجهات النظر في الصحة النفسية تعتقد ان الانسحاب الاجتماعي والاعراض العصابية والنهائية ليست شاذة وانما سلوك طبيعي لمواجهة الظروف الشاذة.
        لذلك فبالرغم من ان السلوك السيء هو غير مرغوب فانهُ ما زال جزء من عملية التكيف.
التكيف كدالة على الألفة مع البيئة :-
        يمكن النظر لمستوى التكيف على انه ألفة... فالخبرة الاكثر في بيئة معينة اي الاكثر ألفة لنا تكون الاكثر احتمالاً في ان تقع ضمن ما تعتبرهُ المدى الامثل للاثارة.
        فاذا كانت بيئة ما في اي بعد الاثارة تقع في نقطة بعيدة من ما ألفناهً واعتدنا عليه فيمكن القول ان هذه البيئة بدرجة ما غير مألوفة لنا. اما المنزل فهو عادةً ما يكون مألوف جداً بالنسبة لنا ونتيجة لذلك نتكيف معه لانه يفقد قدرتهِ على التنبيه لتكرره دون تغير يطرأ على مستوى شدة استثارتهِ.
        من المحتمل ان تتباين سلوكيات التكيف المحددة كدالة على الالفة مع البيئة على سبيل المثال، عندما ننتقل من غرفة لاخرى في المنزل فان التكيف للغرفة الجديدة لا يتطلب جهداً اكثر لاننا معتادين جداً على كل غرف المنزل.
        اما اذا بقي الفرد في فندق في وسط مدينة غير مألوفة فان هذا يتطلب جهداً اكثر للتكيف لكل غرفة يدخلها ويتطلب التكيف للظروف البيئية غير المألوفة جهداً اكثر على سبيل المثال ، التكيف للنبضات او لأي كارثة طبيعية اخرى.
التكيف للبيئة السكنية:-
        ان المكان الذي نعيش فيه هو احد البيئات الاكثر ألفة التي نعرفها، وان احد اسباب تكيفنا للمنزل اننا قد اصبحنا متوجهين نحوهُ ونعني بالتوجه : ليس فقط الاطلاع على المحيط ولكن التعامل ايضاً مع المحيط. ويمزج التوجه السؤال (أين انا) مع السؤال (ماذا سأفعل) فكلما كنا متوجهين اكثر لبيئة ما كلما امكننا ذلك من الاجابة بسهولة عن هذين السؤالين، وكلما كنا اكثر ألفة مع تلك البيئة.
        وبما اننا متوجهين بصورة جيدة لمنازلنا فاننا نادراً ما نكون واعين لكيفية عمل هذين السؤالين في ذاكرتنا... وبتحديد اين نحن وماذا سنفعل... نحدد موقعنا فيما يتعلق ببيئتنا ونتكيف لها جزئياً على الاقل.
        يتضمن التكيف للمنزل التوجه للجيران وكذلك لداخل المنزل نفسهُ ... ويأتي التكيف للمنزل جزئياً من معرفة اي الوظائف يجب ان تقوم بها كل غرفة... كذلك يأتي نقص التكيف للمحيط جزئياً من عدم معرفة كيفية التصرف او ماذا سيفعل الفرد.
        لان الفرد قد تكيف لمنزله المألوف فإنهُ يشعر عادةً بارتياح في اداء سلوكيات مختلفة في مواقع معينة... وعند اداء مهمات معينة في المكان نفسه يتم التكيف ويصبح الفرد معتاداً على منزلهِ.
        عند التكيف لبيئة المنزل تتم تنمية رضا اكثر واكثر مع القدرة على اداء مهمات منزلية اساسية مثل رعاية الاطفال وإعداد الطعام وغيرها.
وكلما أمكن اداء هذه الفعاليات بسهولة وبصورة ملائمة كلما كان الفرد اكثر رضا عن محيط منزلهِ.
تشكيل السلوك لملائمة البيئة:-
        ان الملائمة او المواءمة هي نتاج المواجهة السلوكية الناجحة للبيئة فاذا كان ادراكنا لبيئتنا داخل النطاق الامثل للاستشارة... أي في مستوى مواءمتنا او قريباً منهُ فإننا لا نتعرض للضغوط او الشدة من قبل البيئة ويعكس سلوكنا بالتالي حالة من التوازن النسبي.
السلوك التواؤمي :-
        ((يحدث الكثير من تعديل السلوك مواءمة للبيئة وخاصةً في إطار من التوجه البنائي مرتبطاً بالاثابة المعززة لهذا النمط السلوكي... ويطلق على هذه الظاهرة السلوكية مصطلح السلوك التواؤمي)).
        فعلى سبيل المثال يمكننا ان نلاحظ ان انماطاً من السلوك التواؤمي عند الطلبة في الصف الدراسي مثل، تركيز الانتباه والمشاركة الفعّالة في مواقف التعلم قد تدعم وتعزز بواسطة الاستشارة الذهنية والمعرفة الجديدة وتقدير المواظبة والاهتمام والحصول على تقديرات جيدة وتحقيق مستويات عالية من التحصيل والنجاح والتطلع الى عمل او مهنة يطمح اليها الطالب ... وتسمى هذه العملية (بالتعزيز الايجابي) ويشمل التعزيز المادي او المعنوي للفرد على اثر قيامه بالسلوك المرغوب فيه والى تدعيم هذا السلوك وثبوتهِ.
        ويطلق على توجيه السلوك بطريقة تمكن الفرد من تجنب مثير غير سار او خبرة مؤلمة كالإخفاق مثلاً مصطلح (التعزيز السلبي)... وهكذا يكون تعديل السلوك مواءمة للبيئة اما بهدف تحقيق غاية ايجابية او تجنباً لمثيرات سلبية.
        وتتضمنالمواءمة البيئية تعديلاً للسلوك للتغلب على حالة الاستثارة او الضغط والشدة وصولاً الى حالة من الارتياح في البيئة... ويتوقف البديل التواؤمي الذي نختارهُ على الاثابة النسبية وعلى ادراك التكاليف التي ندفعها ثمناً لذلك .
السلوك التواؤمي في البيئات الطبقية:-
        تتصف البيئات الطبقية كالمستشفيات والملاجئ ومؤسسات رعاية الاحداث والسجون وغيرها بخاصيتين عامتين هما:-
1. انها تحدد او تقيد من السلوك والنشاط ومن النزعة للانفراد عند نزلائها .
2. غالباً ما يؤدي نظام هذه المؤسسات الى الانعزال عن الحياة اليومية في البيئة والى انخفاض مستوى الاثارة والذي يؤدي الى الملل وغيرها من العوامل التي ترتبط بالسلوك الذي يتصف بسوء التواؤم... وفي ذلك تحدد بعض الدراسات عدة مظاهر لسوء التواؤم في هذه البيئات وهي (السلوك الانسحابي ، والسلوك المضاد للمجتمع، والامراض السايكوسوماتية).
التفاعل الدينامي بين الانسان والبيئة:-
        يولي علم النفس البيئي اهتماماً كبيراً لدراسة الفرد والبيئة في تفاعلهما معاً، وان البحث البيئي يتطلب ان يضع في الاعتبار كلاً من خصائص الفرد والبيئة وبنية الاماكن البيئية والعمليات التي يمكن ان تحدث داخلها.
        يمكن ان نميز ثلاثة ابعاد رئيسية تحدد التفاعل الدينامي بين الانسان والبيئة:-
البعد الاول / السلوك الانساني :
        ويشمل مجموعة الافتراضات القتالية:
أ. الانسان نظام دينامي التنظيم.
ب. طبيعة الانسان ككائن معرفي.
ج. طبيعة الخبرة الانسانية وكيفية تكونها.
د. المحددات الوجدانية للسلوك.
ه. عمليات الدافعية والسلوك.
و. العلاقة بين التعلم والسلوك.
        ان سلوك الانسان يعب عن نواتج العلاقات المتبادلة بين عملياتهِ ووظائفهِ المتفاعلة مع بعضها البعض... وهذه الوظائف ذات طبيعة فريدة تتمثل في قدرتهِ على التفكير والاحساس والشعور والتفسير واصدار الافعال والادراكات والتعبيرات الانفعالية (حب ، غضب ، كُره ، خجل ، ....الخ)
        ويتفق معظم علماء النفس البيئي على تمييز سلوك الانسان بتوجيهه نحو الهدف وتعمل صفة التوجه هذه على توحيد ودمج النشاط الانساني.
        ويعبر عن طبيعة سلوك الانسان الموجه نحو الهدف بالدوافع والرغبات والحوافز.
        ولا يقتصر دور الانسان على مجرد استقبال مثيرات البيئة من خلال حواسهُ المختلفة بل انهُ يقوم بتسجيلها وتفسيرها والاستدلال منها وتخيلها... وهي تعد بمثابة تمثيلات لواقعه الخارجي والداخلي تؤدي الى تراكم خبراته وتعينهُ على التفكير والتوقع والتنبؤ.
        كما تسهم الخبرات السابقة والقدرات والميول والمهارات المعرفية والسلوكية للفرد من التنفيذ الناجح لسلوك معين.
        انما يميز الانسان عن باقي الكائنات الحية هي قدرتهُ غير العادية على التعلم هذه القدرة ساعدتهُ في بناء بيئتهُ الخاصة به  بل لتعديل والتحكم في بيئتهِ الطبيعية ايضاً.
البعد الثاني / العلاقات المتفاعلة المتبادلة بين الانسان وبيئتهِ:-
وتشمل:-
أ. الانماط السلوكية في علاقتها بالمواضع الفيزيقية.
ب. بقاء او استمرارية السلوك.
ج. الوعي بالبيئة الفيزيقية والتكيف معها.
- المواضع الفيزيقية كالمكتبات وصفوف الدراسة وعيادات الاطباء وغيرها تحدد وتنبى انماط مميزة من السلوك تجاهها... ولا تنشأ هذه الخاصية كمجرد استجابة فورية للمثيرات الحسية للموضع... انما تنبعث من خلال طبيعة الانسان المعرفية كمدرك لكل الخواص الرمزية للموضع الفيزيقي والدور الذي يقوم به فيه...
- البيئة الفيزيقية ليست مجرد بيئة سلوكية فحسب بل بيئة اجتماعية ومؤسساتية وثقافية ايضاً وهي بذلك لا تُعد نظاماً مغلقاً ذا حدود زمنية او مكانية ثابتة حيث بالامكان إحداث التغيير في الانماط السلوكية تيعاً لتغيير النظم الفيزيقية والاجتماعية والتنظيمية للموضع... وتبعاً لذلك يُعد تنوع الاساليب السلوكية عبر الزمان والمكان صفة بيئية هامة.
- يمكن القول ان سلوك الفرد وخبرته لا ينجم عن الصفات الفيزيقية لبيئته فقط ... انما ثمرة التفاعل المتبادل بين جميع الاحداث الموضوعية المدركة في البيئة الكلية .
البعد الثالث / العمليات النفسية في التفاعل الدينامي بين الانسان والبيئة:-
        وهي تتعلق باستجابة الفرد للمواضع الفيزيقية خاصة عند احداث تغييرات جوهرية بهذه المواضيع او عندما تكون مألوفة لهُ (كانتقاله الى السكن في حي جديد من احياء المدينة)...
        وتظهر هناك ستة مستويات أساسية من الاستجابات ذات علاقات قوية متبادلة ومتداخلة فيما بينها يمكن ان نميزها:-
(المعرفة / التوجه / التصنيف / التنظيم / معالجة البيئة / الاستجابة الوجدانية)
1. المعرفة  Cognition  :-
        هي العملية النفسية الاكثر حسماً في في التفاعل الانساني – البيئي وهي الوظيفة العقلية وما يرتبط بها من عملية ادراكية تمكننا من تحويل العالم الخارجي المشوش الذي ندركه بحواسنا الى عالم داخلي متماسك يمكننا التحكم فيه.
        ومن مظاهر تعلم الواقع وادراكه ما يعرف (الخريطة المعرفية)... التي تصف كيف تتكون الصور الذهنية لدينا عن بيئة ما ... وتحويل الواقع المدرك الى صورة معرفية.
        والفهم المعرفي للواقع يتميز بالتراكمية اي انهُ يتجمع ويتراكم بحيث يعطي المتغيرات البيئية نمطاً جديداً من الادراك الحسي للواقع لنعرف كيفية سنتعامل معهُ (مثلاً لا نحتاج الى لمس الاشياء الساخنة جداً مباشرة لنعرف در فعلنا تجاهها).
2. التوجه  Orientation :-
        يعب عن رغبة الفرد في معرفة مكانه الفيزيقي بالنسبة للوسط الكلي المحيط بهِ مثلاً... التوجه للطرق المؤدية من المنزل الى اماكن انتظار سيارات الأجرة او الطرق الى محلات التسوق المنزلي او الطرق المؤدية الى مواقع الجوانب الجمالية في الحي السكني كالحدائق ومواقع المشاهد السيئة فيه كأماكن تراكم المخلفات في بعض مساحات الارض الخالية .
        ويحدث التوجه ايضاً في اماكن اصغر من هذه كأروقة المستشفيات ومؤسسات العمل غير المألوفة للفرد وغيرها.
3. التصنيف  Categorizing:-
        يقوم الفرد بتقويم الجوانب المختلفة للأماكن الجديدة ويصيغ معانيها الفريدة الخاصة بهِ... ويربط الجوانب المختلفة للموضع الفيزيقي ربطاً وظيفياً بحاجاتهِ وقيمهِ وميولهِ...
        مثلاً يتسم سلوك الجار القاطن في الجهة الامامية من منزله نحوه بالصداقة والمودة في حين لا يعيرهُ جارهُ القاطن في الجهة الخلفية من منزلهِ أدنى اهتمام .
        ومثلاً هناك طريقان يؤديان الى موقف انتظار سيارات الاجرة احدهما طويل ذو ناحية جمالية تصطف الاشجار عل جانبيه ويبعث البهجة لمن يعبرهُ والآخر اقص منه ولكنه خالٍ من اي ناحية جمالية إلا انه يعتبر اكثر فائدة لمعظم الافراد من الطريق الاطول والاكثر جمالاً.
4. التنظيم  Systemization:-
        وهي عملية متميزة في استجابات الفرد نحو المكان الفيزيقي الجديد... فينظم الفرد ما حددهُ وصنفهُ من جوانب المكان المختلفة في شكل بُنى اكثر تعقيداً ومعزى...
        فمثلاً القادم الجديد الى الحي السكني يُبنى بشكل ذاتي الجوار الخاص به ويربط كل خبراته الموجبة من وجود (شوارع آمنة وجيدة الرصف، اماكن توفر الخدمات ، جامع قريب من المنزل ، حديقة عامة).
        وتلك البُنى لاتعد مجرد تصور لأبعاد الحي السكني التقريبية وما بهِ من اماكن بل انها تحقق للفرد ادراك الجوار وفهمه ايضاً... بحيث يتنبأ به ويجعلهُ يعمل لصالحه ... مثلاً اذا كان منزلهُ بالقرب من مركز تجاري مهم عندها سيدرك الفرد بأنهُ لا يجد بسهولة موضعاً لسيارتهِ في موقف انتظار السيارات المجاور لهذا المركز خلال فترات ذروة العمل.

Post a Comment

Previous Post Next Post