تطور الاستيطان الصهيوني في فلسطين وقطاع غزة:           
علاقة السياسة بالعمارة والعمران:
الاستعمار الاستيطاني ينشأ من الاحتلال العسكري من قبل دولة لدولة أخرى, والاحتلال العسكري نتيجة طبيعية للحرب, والحرب تنشأ من استخدام القوة العسكرية والتي هي من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للدولة. وتؤثر الاتجاهات السياسية داخل أي دولة على العمارة والعمران فيها[1]. و"الظروف السياسية، تؤثرعلى وجود بعض العناصر المعمارية أو اختفاؤها مثل السور في مدينة بغداد[2]. والأحداث التي تمر بها المدينة سواء تاريخية أو سياسيةتؤثر على تشكيلها أيضاً". والدولة مسئولة عن عملية التخطيط والتنظيم فهي تقوم بتحديد الأماكن المصرح بالبناء عليها وقادرة على إيقاف البناء فـي الأماكن غير المخططة[3]. ومدينة غزة كباقي مدن فلسطين شهدت تغيرات سياسية متعددة تمثلت بظروف الانتداب البريطاني، وفترة الحكم المصري والاحتلال الإسرائيلي إلى أن جاءت السلطة الفلسطينية في عام 1994م. وفي كل مرحلة سنت قوانين وتنظيمات وتشريعات عمرانية جديدة وأهملت وجمدت أخرى، وأثرت جميعها علـى الطابع المعماري والعمراني لمدينة غزة. وفيها كان المشرع إما بريطانيا أو إسرائيل وكلاهما وجـه القوانين والنظم والتشريعات بما يتوافق مـع سياساته الاستعمارية. وهكذا فإن تشريعات وقوانين الانتداب البريطاني هدفت أولا إلى تقسيم فلسطين عامة لتقسيمات إدارية لأهداف سياسية لإحكام القبضة على جميع أراضيها لتمكين اليهود تدريجياً من السيطرة عليها"[4].

2- 2 أهمية الاستيطان في الفكر الصهيوني:
تشكل التوراة بأسفارها الخمسة مجمل الادعاءات التي تستند إليها الصهيونية لتبرير الاستيلاء على فلسطين, وتبدأ عند الوعد التوراتي بأن الرب قطعه مع "إبراهيم": "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى نهر الفرات",[5] وتتمثل أسطورة الاستيطان في أن فلسطين هي إسرائيل أو صهيون("تسيون" يشير إلى جبل صهيون الذي يقع جنوب غرب القدس والذي يحج إليه اليهود, ويقال أن الملك داود قد دفن فيه, وبعض العلماء يرون أن جبل صهيون الحقيقي هو الجبل المعروف باسم"أوفيل".)وحولت الصهيونية ممارستها العملية لاستعمارها في فلسطين إلى مفهوم توراتي "عودة الشعب إلى أرض الميعاد"[6]، وتستند إستراتيجية التوسع الصهيوني لفكر "هرتزل" مؤسس الصهيونية السياسية[7].

2-3 الاستيطان الصهيوني في فلسطين في العهد العثماني وفي عهد الانتداب البريطاني:
بدأ الاستيطان اليهودي في فلسطين في النصف الأخير من القرن 19 ووصل عدد المستوطنات في نهاية العهد العثماني 40 مستوطنة يسكنها 12 ألف مستوطن, وعدد المهاجرين اليهود من  1982-1904م حوالي 25 ألف مهاجر, وبلغ 40 ألفاً من 1904-1914م, وكانت المستوطنة الأولى هي "بيتاح تكفا" ومعناها بوابة الأمل, ثم مستعمرة "ريشون ليتسيون" في 1882/8/1م ومعناها "الأولى لصهيون", ثم مستوطنة "روش بينا" ومعناها رأس الزاوية , ثم مستوطنة "زخرون يعقوب" جنوب حيفا. وفي 1884-83م أسست 4 مستوطنات: يسود "هامعليه": قرب بحيرة الحولة 1883م, و"نحلات رؤوفين" في وادي حنين 1883م, و"عكرون" جنوب الرملة 1883م, و"غديرة" على أرض القطرة 1884م. وفي 1890م أقيم 3 مستوطنات هي: "رحوفوت" جنوب يافا, "حدايرة" الخضيرة و"مشمار هايردين".
صدر تصريح بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين, واستطاعت الصهيونية خلال الانتداب أن تهجر مئات الألوف من يهود أوروبا وأن يغتصب %5.5 من فلسطين, مما يؤكد أن الغزو الصهيوني هو غزو أوروبي.

2-4 الوضع الديموغرافي للسكان في فلسطين في فترة الانتداب البريطاني:
-  أول تقدير لسكان فلسطين في القرن ال 20 هو التقدير العثماني عام 1914م. حيث بلغ السكان 689,275 نسمة منهم %8 من اليهود. وأول تعداد رسمي كان عام 1922م حيث بلغ 757,182 نسمة بينهم 83,794 يهودياً بنسبة %11.1, والباقي عرب[8]. وفي الإحصاء الثاني للانتداب عام 1931م بلغ  السكان 1,035,821 نسمة, بينهم 174,610 يهودي, بنسبة %16.86 من السكان[9]. وفي تقديرات بريطانية عام 1944م بلغ السكان 1,739,624 نسمة منهم 528,702 يهودي ونسبتهم إلى المجموع %30.4 [10] أي زيادة في عدد السكان ما بين 1931, 1944 مقداره 662,149 نسمة بزيادة سنوية 51 ألف نسمة. وتدل التقديرات الرسمية عام 1947م أن عدد السكان بلغ 1,977,626 نسمة, بينهم 614,239 يهودياً, بنسبة %31.1, أي زاد بنسبة 2.86 مرة بين 1914 و1947م, وتضاعف اليهود بنسبة 11.1 مرة, والعرب بنسبة 2.1 مرة, بسبب الزيادة الطبيعية للعرب والهجرة اليهودية لفلسطين[11]. وساهم صافي الهجرة بنسبة %74 من الزيادة العددية لليهود, وهجرة اليهود أثناء الانتداب انتظمت في أفواج أربع بلغ مجموع أفرادها 482,857 نسمة, وبإضافة هجرة اليهود بين عامي 1882-1914م وعددهم 55 ألف مهاجر يكون قد هاجر من اليهود إلى فلسطين من عام 1914-1948م حوالي 537,857 يهودياً, بمعدل 17 ألف مهاجر سنويا, وبلغت المستوطنات عام 1947م 206 مستوطنة.

2-5 الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين من عام 1948-1967م:
نتيجة تولى إسرائيل الإشراف المباشر على تنظيم الهجرة تزايد عدد المهاجرين وتوسع الاستيطان المدني والقروي لاستيعابهم، وبلغت الهجرة بين ( 1948م -1967م) حوالي (1,300,000) يهودي شكلوا الأساس البشرى لإسرائيل.
ونتيجة لحرب 1967م احتلت إسرائيل سيناء والقطاع والضفة والجولان واقترح نائب رئيس الوزراء آنذاك يغئال آلون خطة للاستيطان في الأراضي المحتلة عرفت باسم "خطة آلون", وعليه تم بلورة البرنامج الاستيطاني في الضفة والقطاع[12]. وقامت إسرائيل باختيار أماكن المستوطنات بناءاً على إستراتيجيتها السابقة المتمثلة في إعطاء الأولوية للأمن وتأمين العمق الإستراتيجي المتمثل بحماية الحدود  القابلة للتوسع[13].

3- المستوطنات الإسرائيلية الصهيونية في قطاع غزة:
قبل تناول المستوطنات بالدراسة لابد من ذكر الملاحظات التالية:
     - إقامة كل مستوطنة في قطاع غزة مر بعدة مراحل وهي: الاستيلاء على الأرض المراد إقامة المستوطنة عليها بوسيلة من الوسائل - تسوير الأرض بالأسلاك الشائكة وإنشاء برج للمراقبة ونصب الخيام أو الكرافانات وحفر الخنادق, وتسمى هذه الطريقة "البرج والسور" حيث ابتدعها "موشيه ديان" لإقامة المستعمرات - إقامة موقع عسكري على نفس الأرض- إسكان مجندين ذكوراً وإناثاً من "الناحال" لإقامة البنية التحتية لاستقبال المزيد - إسكان مستوطنين مع الناحال (الشبيبة الطلائعية المحاربة) وإعلان الموقع نقطة عسكرية ثم استيطانية - الاحتفال بتدشين المستوطنة وعمل هياكلها الإدارية - الاعتراف الحكومي بالمستوطنة كمستوطنة دائمة. وهناك أساليب أخرى مثل: وضع عمود كهرباء على قطعة الأرض, أو نقطة تجميعية لخطوط المياه, أوبعض المعدات, وبحجة حماية ما سبق يتم تسوير الأرض بالأسلاك الشائكة, وبحجة الأمن يتم وضع جنود للحراسة ولخدمة النقطة العسكرية تقام الخيام والكرافانات وتزود بالخدمات .. إلخ, ثم تنفذ المراحل الذي سبق ذكرها. وقد تمتد الفترة الزمنية بين بداية ونهاية كل مرحلة عدة أشهر أو سنوات وأحياناً تتوقف المستوطنة عند مرحلة معينة وأحيانا تبدأ بإحدى المراحل المتأخرة وليس بأول مرحلة. و يوضح شكل (1) المستوطنات الاسرائيلية الصهيونية في قطاع غزة
           
شكل (1): مواقع المستوطنات الإسرائيلية في
 قطاع غزة
المصدر: وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

3-1 المستوطنات المقامة على أراضي محافظة شمال غزة: أقيمت على أراضي المحافظة أربعة مستوطنات هي:
3-1-1 مستوطنة إيرزErez: سميت نسبة إلى القائد الإسرائيلي "شايكي إيرز" رئيس الإدارة المدنية للحكم العسكري للقطاع, أنشئت كنقطة عسكرية وتحولت لمستوطنة عام 1970م, وعوملت كمنطقة صناعية وتطويرية "أ" عام 1972م[14], وأقيمت على أرض تابعة لقرى بيت حانون وبيت لاهيا بالقرب من معبر بيت حانون الذي يربط القطاع بفلسطين المحتلة عام 1948م, بدأت المستوطنة بمساحة 400 دونم سنة 1969م وبلغت عام 1996م حوالي 1200 دونم[15] . يحدها من الشمال خط الهدنة والشارع الواصل بين معبر بيت حانون وشاطئ البحر, ومن الجنوب أراضي قرية بيت لاهيا, ومن الغرب مستوطنة "إيلي سيناي", ومن الشرق امتداد شارع صلاح الدين, وتبعد عن البحر 6 كم وعن مدينة غزة 12كم, وعن بيت حانون 2 كم, وفي الانتفاضة الأولى 1987م تم نقل الإدارة المدنية الإسرائيلية إليها وبها: مكاتب الارتباط العسكري والمدني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية – مكاتب لعمل بطاقات ممغنطة وتصاريح  لدخول الفلسطينيين إلى إسرائيل والبطاقات الشخصية – مركز قيادة الحكم العسكري والمحكمة العسكرية – مكاتب فحص السيارات الفلسطينية وأوامر السماح بمرورها لإسرائيل – منطقة آمنة للتجار اليهود والمؤسسات المدنية الإسرائيلية التي تتعامل مع القطاع, وتشرف سلطات الاحتلال على المستوطنة وهي عضو في المجلس الإقليمي لمستوطنات القطاع. وعمل فيها أكثر من 3000 عامل في 39 مصنعاً بينها ورش الحديد والصلب والباطون ولوازم الدفيئات الزراعية وتجهيزات الأسفلت وورشة مركزية لباصات شركة "ايجد" إسرائيل.
3-1-2 مستوطنة نيسانيت Nissanit: (شكل2), في 1982/4/15م سكنها الناحال, وفي 1984/10/3م إقيمت المستوطنة مكان موقع الناحال[16], وفي 15 نيسان 1984م احتفل بتدشينها, أقيمت المستوطنة على أراضي قرى بيت لاهيا وبيت حانون, ومساحتها عام 1996م حوالي 3925 دونماً, وهي المستوطنة الأكبر في التجمع الاستيطاني الشمالي مساحةً وسكاناً, يحدها من الشمال والشرق الخط الأخضر ومن الغرب مستوطنة إيرز, ومن الجنوب أراضي بيت حانون, وأنشئت لأهداف منها: استيعاب مستوطنين مستوطنة يميت في سيناء 1982م – الجانب الأمني حيث تشرف على بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا وشمال مدينة غزة – وعسكرياً حيث أنها موقع عسكري متقدم في شمال القطاع ويعلو عن سطح البحر 50 م, وفي عام 1995م وصلت القوة الموجودة فيها إلى ما بين 400 - 500 جندي, والنواة السكانية لها تنتمي لحركة "غوش ايمونيم", ثم أصبح أغلب سكانها من اليهود الشرقيين القدماء[17],  وتصنف على أنها علمانية تشرف عليها حركة "هبوعيل مزراحي", وبلغ عدد سكانها سنة 1996م حوالي 415 مستوطن وعدد الوحدات السكنية المتنقلة والثابتة حوالي 163 مسكناً, وبلغت مساحتها العمرانية 42 دونماً, وأغلب أراضيها زراعية, وبها كنيس وعيادة صحية, ومحل أمريكي "ماكدونالدز", وتعتمد المستوطنة في الخدمات على مدينة "نتيف هعسراة" المجاورة. [18]
3-1-3مستوطنة إيلي سيناي Ely Sinai: (شكل3), وينسب الاسم إلى سيناء, وفي 1982/10/7م وضع حجر الأساس لها, وفي 1982/12/22م اعترفت بها اللجنة الإدارية لشئون الاستيطان وأقرتها الحكومة كمستوطنة دائمة, وتطورت مساحتها عام1993 م إلى 763 دونماً[19], ووصلت حدودها إلى شاطئ بيت لاهيا والمقام عليه النقطة العسكرية المسماة "شاطئ شكما" ليكون جزءاً من المستوطنة, وتبعد 7كم تقريباً شمال مدينة غزة, ويحدها من الشمال خط الهدنة مباشرة والشارع المؤدي إلى شاطئ البحر, ومن الجنوب أراضي بيت لاهيا, ومن الشرق مستوطنة نيسانيت, ومن الغرب شاطئ البحر. وأقيمت لتحقيق أهداف أبرزها: إسكان مستوطنين مستوطنات سيناء –تحقيق أهداف أمنية وحماية الحدود البرية الشمالية لإسرائيل مع القطاع, والشواطئ المقابلة لها تحتوي على آبار الغاز الطبيعي, وأشرفت عليها "حركة رفض الانسحاب من سيناء" وبلغ سكانها عام 1995م حوالي 144 مستوطن وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة 60 وحدة, [20] ويعمل سكانها في السياحة والزراعة وفي صيد الأسماك ومياهها من أجود مياه فلسطين وأعذبها[21],ويعتمدون على المؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية للمدن الإسرائيلية المجاورة, ويعمل فيها عمال من تايلاند في مزارع النعام والطيور, وبها مطار لطائرات الهليوكبتر و دبابات[22].
             

3-1-4 مستوطنة دوغيت Dogit: (شكل4), وتعني مستوطنة الصيادين, كانت نقطة عسكرية عام 1970م على تلة "السودانية" شمال مخيم الشاطئ على شاطئ البحر, وفي 1984/12/4م قررت اللجنة الوزارية لشئون الاستيطان إقامة "دوغيت" بجوار مخيم الشاطئ, وفي 1989/3/8م تم إقرارها كمستوطنة دائمة[23]., أقيمت على أرض قرية بيت لاهيا, وفي عام 1993م قامت إسرائيل بمصادرة قطعة أرض بعرض 10م وبطول كيلومتر لربط المستوطنة بالموقع العسكري الواقع على الشاطئ من الجهة الشمالية للمستوطنة وفي سنة 1996م أصبحت مساحتها تزيد عن 950 دونماً[24]., ومساحتها العمرانية 258 دونماً تقريبا, [25]. وبها أحواض للسمك حوالي 100 دونما, [26]. ويحدها من الغرب شاطئ البحر والطريق المؤدي لمستوطنات الشمال, ومن الشرق الموقع العسكري الذي يفصل أراضي بيت لاهيا عن البحر ويحدها من الشمال مزارع سكان بيت لاهيا ومن الجنوب مناطق سباق الخيل, وتحقق المستوطنة أهداف منها: مراقبة الجزء الشمالي من مدينة غزة, ومخيم الشاطئ ومخيم جباليا, واقتصادياً يمكن استغلال المنطقة الغنية بالمياه العذبة وبيعها للعرب, وللزراعة الجيدة, وتحتوي على مزارع سمكية لتربية الأسماك في مياه مالحة, ويعتمد غالبية سكان المستوطنة على مهنة تربية الأسماك والصيد من البحر, ويعمل جزء منهم في شركة التنقيب عن النفط على شواطئها, وبها كنيس ومشاريع لاستخراج المياه العذبة ومقر سلاح البحرية الإسرائيلية.

3-2 المستوطنات المقامة على أراضي محافظة غزة:  توجد على أراضي محافظة غزة (72,471 دونم) مستوطنة واحدة هي نتساريمNezorim: وتعني بالعبرية "الجذور", أنشئت عام 1967م, وكان الموقع مقراً للشرطة العسكرية المصرية, وأقام عليه الإسرائيليون نقطة مراقبة عسكرية, وفي 1972/2/29م, أصبحت نقطة ناحال, ثم مستوطنة دائمة في 1984/7/22م, أقيمت على أراضي منطقة تل العجول وأبو مدين التابعتين لمدينة غزة, [27] وبلغت مساحتها حتى 1996م حوالي 4475 دونماً, ومساحتها العمرانية 858 دونماً, [28] ويحدها من الغرب أرض أبي مدين وشارع هارون الرشيد ومن الشرق أراضي السقا وموقع عسكري إسرائيلي على "مفرق الشهداء" تقاطع شارع صلاح الدين مع شارع المغراقة المنطار, ويحدها من الشمال أراضي الشيخ عجلين, ومن الجنوب قرية المغراقة. وتقلب عدد السكان فيها بين الزيادة والنقصان, ولكن بعد إغلاق طريق المستوطنة كلياً أمام العرب زاد عددهم إلى 207 مستوطناً, ودوافع المستوطنين في نتساريم دوافع دينية, وبانضمام المهاجرين اليهود الروس إليهم في بداية التسعينات ألغى اعتبارها كيبوتس ديني, وأصبح أعضاؤها يعملون في حقول مختلفة في الوظائف الحكومية والتدريس والصناعة وبها أكبر وأقدم كنيس يهودي في مستوطنات القطاع, وتضم المستوطنة: تحصينات عسكرية ضخمة, فبها كتيبة مدرعات يزيد عددها عن 350 جندياً, منها سرية ميكانيكية تضم 20 آلية عسكرية, وسرية إطلاق صواريخ مضادة للأفراد والدروع والطائرات, كما تضم مطاراً عسكرياً للطائرات العمودية محاطاً بدفيئات زراعية, ومدرسة دينية, وملاعب رياضية, رياض الأطفال, والمؤسسة الإقليمية للدراسات اليهودية, ومركزاً للتاريخ اليهودي, ومدرسة دينية يفصل فيها الذكور عن الإناث, ومصانع الألبان ومزارع تربية الحيوانات والطيور[29]. (شكل (5).
             
شكل (4) تخطيط موقع مستوطنة دوغيت وصورة جوية شكل (5) تخطيط موقع مستوطنة نيتساريم  وصورة جوية
مصدر المجموعة: وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

3-3 المستوطنات المقامة على أراضي محافظة دير البلح:
مستوطنة كفار داروم:( شكل6), تأسست عام 1946م, ودمرها الجنود المصريون سنة 1948م, وهي أول مستوطنة تقام في القطاع بعد عام 1967م تأسست في 1970/12/3م وسكنها الناحال حتى سنة 1975م ثم استوطنها مدنيون قاموا بنشاط زراعي بإشراف حركة "هبوعيل مزراحي"[30], وتزيد مساحتها عن 400 دونم "تضاعفت بعد انتفاضة الأقصى", حيث تم ضم 30 دونماً غربي شارع صلاح الدين, الشارع الرئيسي الوحيد الذي يربط جنوب وشمال القطاع أصبح يمر من وسط المستوطنة, وفي 1994م أنشئ جسر علوي يصل بين شطري المستوطنة وأقيم فوقه مراقبة عسكرية, وتبلغ المساحة العمرانية للمستوطنة 50 دونماً[31]. يحدها من الغرب أراضي حكر الجامع السكني في مدينة دير البلح, ومن الشرق أراضٍ زراعية للفلسطينيين, ومن الجنوب وادي السلقا, ومن الشمال مدرسة ابتدائية للاجئين, وبلغ  المستوطنين عام 1997م حوالي 93 مستوطن, والوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة حوالي 60 وحدة, [32] ويعمل مستوطنوها في الزراعة وبها مصنع لتغليف الخضار ومؤسسة "الأرض والتوراة", ودوافع مستوطنيها دينية, وبدأت كمستوطنة مجتمعية "ييشوف كهيلاتي, وتحولت عام 1978م إلى كيبوتس يشرف عليه "هبوعيل همزراحي" وبها مؤسسات ومعاهد دينية ومركز مجتمع يتكون من معبد ومكتبة ومركز لتعليم التوراة والتلمود وبها 6 نقاط مراقبة عسكرية وكتيبة مشاة وعدة دبابات وعربات مجنزرة وآليات مختلفة[33].

3-4 المستوطنات المقامة على أراضي محافظة خان يونس:  أقيم على أراضي محافظة خان يونس 7 مستوطنات هي من الشمال إلى الجنوب:
3-4-1مستوطنة نيتسر حزاني Netzar Hazzany: (شكل7) سميت نسبة إلى وزير إسرائيلي سابق "ميخائيل حزاني" كان له دور في إنشائها وسكن فيها, وهي أولى مستوطنات غوش قطيف, وكانت بدايتها موقع عسكري أقيم غرب مدينة القرارة الفلسطينية مقابل منطقة مواصي القرارة عام 1968م, وفي 1973م استوطنها مجموعة ناحال, وفي 1975/12/14م أعلنت حركة "هبوعيل همزراحي" عن ذلك الموقع كنقطة استيطانية وموشاف تابع لها, واعترفت الحكومة بها كمستوطنة دائمة في 1977/2/10م, وفي 1997م أصبحت مساحتها 2050 دونماً ومساحتها العمرانية 618 دونماً تقريباً "مضافاً إليها الدفيئات الزراعية للمستوطنة, يحدها من الغرب مواصي القرارة التي تحد المستوطنة من الجهة الشرقية مباشرة, ويحدها من الشمال الموقع العسكري الكبير المشرف على حماية الحدود الشمالية لغوش قطيف, ويحدها من الجنوب مستوطنة قطيف, وسكانها ينحدرون من أصول أشكنازية, [34] وتعتبر المستوطنة موشافاً دينياً, وفي عام 1997م بلغ سكانها 300 مستوطن, ووحداتها السكنية الثابتة والمتنقلة 100 وحدة, ويعمل غالبية المستوطنين فيها بالزراعة وفي وظائف حكومية, وبها عدة آبار مياه وحوالي 500 دفيئة زراعية [38] ,مصانع للمنتجات الزراعية والخياطة والكراسي, وبها منشآت أمنية, وسجن للتحقيق مع الفلسطينيين.
3-4-2مستوطنة قطيف Kateef: (شكل (8), نسبة لتل القطيفة القريب من المستوطنة, الذي مثل تاريخياً موقعاً عسكرياً لأغلب القوات العسكرية قبل الاحتلال الإسرائيلي, وفي عام 1988م تم اعتبارها مستوطنة دائمة وتسميتها "قطيف" وبعد عام 1990م حرص المجلس الإقليمي للمستوطنات "ييشاع" بالتعاون مع الوكالة اليهودية لجذب المتطوعين الأجانب للعمل فيها[35], وعام 1996م بلغت مساحتها 2050 دونماً, ومساحتها العمرانية 400 دونماً, يحدها من الغرب المواصي والشارع الغربي للمستوطنات, ومن الشرق حي الأمل وأراضي للفلسطينيين, ومن الشمال مستوطنة "نيتسر حزاني" ومن الجنوب مستوطنة "غان تال"[36], ويعيش المستوطنون داخلها على نظام الكيبوتس الذي يتبع حركة "هبوعيل مزراحي", وتعود أصولهم إلى أمريكا وفرنسا وهم من المتدينين, وفي عام 1995م بلغ سكانها حوالي 250 مستوطن, وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة 51 وحدة سكنية[37]. وبها: مزارع الدواجن والبقر والخيول ومقر لشركة "ميكوروت", وجامعة ومدرسة دينية ومقر لنشاط "الشاباك" في القطاع.

3-4-3مستوطنة غان تال GanTall: شكل (9), تعني جنة التل إشارة إلى تلة القطيفة الكبيرة والتي تحتل المستوطنة جزءاً منها, وتعود فكرة إنشاؤها إلى قرار الوكالة اليهودية سنة 1976م القاضي بإنشاء عدة نوى استيطانية لليهود المتدينين في منطقة خان يونس والتي بدأت بقطيف. وفي العام التالي قام عدد من نشطاء حركة "هبوعيل همزراحي" بإقامة نقطة استيطانية في منطقة الأحراش المجاورة لمستوطنة "قطيف", ثم تسلمها مجموعة من "الناحال" حيث دشنوا هذه المستوطنة بتاريخ 1978/11/16م[38], وتم الاعتراف بها من قبل الحكومة 1979/8/12م, وتحولت إلى موشاف يتبع حركة "هبوعيل همزراحي"[39], وفي عام 1986م بلغت مساحتها وما بجانبها من نقاط عسكرية لحمايتها ما يقرب من 2520 دونما[40], منها 750 دونماً مساحة عمرانية. يحدها من الشمال مستوطنة "قطيف", ومن الجنوب مستوطنة "نفيه ديكاليم" وجزء من مخيم خان يونس, ومن الغرب منطقة "المواصي", ومن الشرق أراضي "أبو هولي" والجزء الجنوبي الغربي من حي الأمل السكني, وهي قريبة جداً من الأحياء الفلسطينية السكنية مئات الأمتار فقط. [41] وأصل سكانها يرجع إلى أصول شرقية, وهم من مناصري الأحزاب المتطرفة في إسرائيل, ويسكن فيها رئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات "تسفي مندل", وتم جلب المستوطنين من الموشافات والكيبوتسات الواقعة داخل الخط الأخضر, وبلغ عدد سكانها عام 1995م حوالي 394 مستوطن وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة 92 وحدة [42], وفيها مركزاً استجمامياً لزوارها, وأبراج للمراقبة وموقع عسكري كبير تم ربطه بوسط المركز العمراني للمستوطنة عن طريق نفق ومطار عسكري بطول 1000م لهبوط الطائرات[43].
             
شكل(6) تخطيط موقع مستوطنة كفار داروم وصورة جوية          شكل(7) تخطيط موقع مستوطنة نيتسر حزاني وصورة جوية
             
شكل (8) تخطيط موقع مستوطنة قطيف وصورة جوية               شكل (9) تخطيط موقع مستوطنة غاني تال وصورة جوية
مصدر المجموعة: وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

3-4-4مستوطنة نفي دكاليم Nave Dakalim:(شكل10) وتعني واحة النخيل, وفي عام 1982م تم وضع عدة كرافانات بالقرب من الموقع العسكري جنوب مستوطنة "غان تال" وسكنها مدنيون, ثم تبعها إسكان مهاجرين من روسيا ومن شرق أوروبا, وفي أيار 1983م أعلن عنها مستوطنة جديدة وأقرتها اللجنة الوزارية للاستيطان في حكومة الليكود في آذار 1984م[44]. أقيمت على الأرض الواقعة غرب خان يونس, وفي عام 1996م أصبحت مساحتها حوالي 2321 دونماً تقريباً, وبلغت مساحتها العمرانية 300 دونم[45], ويحدها من الشرق "وعلى بعد 10 م" مخيم خان يونس, ومن الغرب الشارع العام لشريط المستوطنات, ومن الشمال المطار العسكري في مستوطنة "غان تال", ومن الجنوب حدود مستوطنة "غديد", وفي عام 1996م توسعت المستوطنة فانقسمت إلى 4 أحياء سكنية ومنطقة صناعية وهي: حي الأشكنازيين, حي السفارديم, حي اليمنيين, حي التونسيين, المنطقة الصناعية. وتعتبر المستوطنة مجتمعية "يشوف كهيلاتي" الأكثر كثافة بالسكان بين كل مستوطنات القطاع, وفي عام 1996م بلغ عدد مستوطنيها حوالي 1640 مستوطن, وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة حوالي 500 وحدة, [46] واعتبرت منذ 1984م  بمثابة المركز الحضري لكافة مستوطنات القطاع, لأنها تضم الهياكل الإدارية للمستوطنات, فيوجد فيها المجلس الإقليمي لمستوطنات القطاع, وقيادة الشرطة الإسرائيلية في القطاع, وجامعتين, ومدرسة للمتدينين, والمركز الصحي المركزي للمستوطنات, [47] وبرج الاتصالات الرئيسي ويعمل غالبية المستوطنين في الأعمال الإدارية داخل المؤسسات الحكومية, وفي مشروع برك السمك الكبير في المستوطنة كما أن شريحة الأشكنازيين يمتلكون المنشآت الصناعية في المنطقة الصناعية للمستوطنة والتي تضم: مصنع البيوت المتنقلة "الكرافانات" – مصانع الزجاج – مصانع تجفيف الخضار. ويعمل فيها أكثر من 200 عامل تايلاندي ومن جنوب لبنان. وفي عام 1990م أنشأت إسرائيل 3 مصانع كبيرة فيها لخلق 500 فرصة عمل لمستوطني القطاع[48], ويتمتع مستوطنوها بمستوى معيشة عالٍ وتستطيع التوسع بدون دعم حكومي حيث يمتلك مجلس المستوطنة شركات ومنشآت صناعية, وبها نقطة المراقبة البحرية للجيش والتي تقوم بإطلاق منطاد الاستكشاف في جنوب القطاع, كما تضم كتيبة مشاة تضم 5 دبابات وعدداً من ناقلات الجند وذلك لمهاجمة مدينة خان يونس, فموقع حاجز التفاح "غربي حدود معسكر خان يونس الغربي" يعتبر أقرب موقع عسكري إسرائيلي للتجمعات السكانية العربية في القطاع.

3-4-5مستوطنة غديد Gadid:( شكل11) وتعني بالعبرية "قطف التمر", في منطقة سوافي الرمل رقم "2", وفي 1980م احتفل رسمياً بإقامة المستوطنة, [49]وتشرف عليها حركة "هبوعيل همزراحي". تقع في الشمال الغربي من خان يونس,  ومساحتها حوالي 1470 دونماً, ومساحتها العمرانية 733 دونماً, يحدها من الشمال مستوطنة "نفي دكاليم", ومن الجهة الجنوبية الغربية مخيم خان يونس, ومن الجنوب مستوطنة "غان أور", ومن الغرب أراضي المواصي والشارع العام للمستوطنات, ومن الشرق مدينة خان يونس. أقيمت المستوطنة لأهداف منها: إيجاد حاجز بين مدينة خان يونس والمواصي على شاطئ البحر لعزل المدينة ومحاصرتها عسكرياً – منع التمدد العمراني لمدينة خان يونس– الضغط على اللاجئين في مخيم خان يونس من أجل هجر المخيم– قطع الاتصال بين المدن والتجمعات الفلسطينية. وهي مستوطنة علمانية, وأصل غالبية مستوطنيها من أوروبا وخاصة فرنسا, وبلغ عدد المستوطنين عام 1995م حوالي 332 مستوطن, وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة حوالي 109 وحدة [50].

3-4-6 مستوطنة غان أور Gan Or: (شكل12) وتعني بالعبرية مستوطنة النور, شمال غرب خان يونس, [51]-ووافقت اللجنة الوزارية لشئون الاستيطان على تحويلها إلى موشاف في 1981/6/28م, وأقيمت المستوطنة على سوافي الرمل رقم "2", وفي 1980م بلغت مساحتها 2000 دونم تقريباً, وتوسعت المستوطنة في السنوات 1993- 1997م بما يزيد عن 150 دونماً من أراضي الفلسطينيين[52], بلغت مساحتها العمرانية حوالي 175 دونماً تقريباً, يحدها من الجنوب مستوطنة "بدولح", ومن الشمال مستوطنة "غديد", ومن الغرب الشارع العام للمستوطنات ومواصي خان يونس, ومن الشرق حي الزعاربة الغربي الفلسطيني ويربط المستوطنة وشاطئ البحر طريق يصل بين المستوطنة والموقع العسكري الإسرائيلي على الشاطئ, وأقيمت المستوطنة لتحقيق أغراض منها: إسكان مستوطني سيناء, وسكان المستوطنة ينتمون إلى طبقة "السفارديم" الذين قدموا من شمال العراق والمغرب وتونس, وبلغ عدد المستوطنين فيها عام 1996م حوالي 300 مستوطن, كما بلغ عدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة 82 وحدة, ويعمل غالبية السكان في حقل الزراعة, ومزارع الطيور وتربية النحل, ومنها يمكن مهاجمة خان يونس من الجنوب, وبها 3 نقاط عسكرية شرق المستوطنة و3 أبراج للمراقبة, وفيها سرية من كتيبة مشاة تضم 6 دبابات, ويوجد ملجأ كبير, وهو على شكل حرف "U" ويصل إلى المباني العمرانية التابعة لمستوطنة بدولح المجاورة[53].

3-4-7 مستوطنة بدولح Bedoleh: (شكل13) وتعني بالعبرية الكريستال, دشنت في 1986/10/8م, بلغت مساحتها سنة 1991م حوالي 1456 دونماً تقريباً[54], وبني حي سكني جديد في الجهة الجنوبية للمستوطنة عام 1996م لاستيعاب مهاجرين جدد من فرنسا ولتكون المستوطنة قابلة للتمدد من اتجاه هذا الحي, ووصلت مساحتها العمرانية حوالي 150 دونماً[55], يحدها من الغرب الشارع العام للمستوطنات وبلوك 2360 من مواصي رفح, ومن الشرق حدود محافظة خان يونس مع أراضي رفح, ومن الشمال مستوطنة غان أور, ومن الجنوب الأحراش, وتعود أصول سكانها إلى دول أوربية وبلغ سكانها سنة 1995م حوالي 201 مستوطن, وتشرف عليها حركة "هبوعيل مزراحي", وتؤدي المستوطنة وظيفة أمنية تتمثل بالدفاع عن الحدود الجنوبية لتجمع غوش قطيف الاستيطاني لذا تكثر فيها أبراج المراقبة على تلك الحدود وبها موقعين كبيرين للجيش يحويان دبابات وآليات عسكرية.
             
شكل (10) تخطيط موقع مستوطنة نفيه ديكاليم وصورة جوية       شكل (11) تخطيط موقع مستوطنة غديد وصورة جوية
             
شكل (12) تخطيط موقع مستوطنة غان أور وصورة جوية          شكل (13) تخطيط موقع مستوطنة بدولح وصورة جوية
مصدر المجموعة : وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

3-4-8فندق البالم بيتش (كفار يام) (شكل14): البالم أعضاء في سلسلة فندق "Days Inn" الأمريكية, ويقع البالم بيتش المخصص لليهود الأرثوذكس على البحر على شواطئ غوش قطيف وبه 114 غرفة في مبنيين.

3-5 المستوطنات المقامة على أراضي محافظة رفح: أقيم في محافظة رفح أربع مستوطنات هي: بني عتصمونا, موراج, رفيح يام, بات سادية, حيث تضمن مشروع "آلون" في رفح العمل على ضم المنطقة إلى إسرائيل فيما بعد, وتضمنت خطة "ديان" إقامة خط من المستوطنات في منطقة رفح, كما دعت وثيقة "غاليلي" إلى استيطان المنطقة ثم ضمها لإقليم "أشكول" المقابل لمنطقة رفح ومساحتها 58,488 دونماً.
3-5-1مستوطنة عتصمونا Atsmonah: (شكل15) اسم توراتي, أقيمت نقطة عسكرية في منطقة رمال "الزعاربة", وفي 1982/7/6م تم تسليمها إلى جماعة "غوش ايمونيم" الذين أقاموا نقطة استيطانية مع بقاء قوة من الجيش لحمايتهم[56]-,وفي 1986/10/8م تم تدشين المستوطنة رسمياً, وبلغت مساحتها عام 1996م حوالي 1500 دونم وتبلغ مساحتها العمرانية 141 دونماً تقريباً,[57] ومستوطنوها من أصول شرقية ممن سبق إخلاؤهم من سيناء, وينتمي غالبيتهم لحركة "غوش ايمونيم" وللحزب السياسي "تسومت", وهم من المتدينين المتطرفين, والأكثر تديناً في مستوطنات جنوب القطاع. وفي عام 1995م بلغ سكان المستوطنة حوالي 476 مستوطن وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة 130 وحدة سكنية ويعمل سكانها في الزراعة, ويعمل عدد من سكانها في المدن الإسرائيلية عبر معبر "صوفا", وتضم المستوطنة: مدرسة تعليم التوراة وكنيس يهودي و بعض المصانع الخفيفة و مركز لتربية الكلاب و3أبراج للمراقبة[58].

3-5-2مستوطنة موراج Morag: (شكل16) أقيمت في شرق الطريق الواصل بين مدينتي خان يونس ورفح وبدأت كنقطة عسكرية ثم تحولت إلى كيبوتس سكنه مدنيون في 1972/5/17م, وفي عام 1978م أعلنت اللجنة الوزارية لشئون الاستيطان اعترافها بالمستوطنة, وبلغت مساحة المستوطنة عام 1996م حوالي 1600 دونم, كما بلغت المساحة العمرانية لها 50 دونماً[59] وتتميز المستوطنة بما يأتي: انعزال المستوطنة, حيث أن الوصول إليها يستدعي المرور بمناطق سكنية عربية – عدم شعور المستوطنين بالأمان بسبب أنها هدف دائم للمقاومة الفلسطينية –. يحد المستوطنة من الشرق معبر "صوفا" وخط الهدنة, ومن الغرب شارع صلاح الدين, ومن الشمال مواصي مدينة رفح, ومن الجنوب منطقة تل مصباح التابعة لأراضي خان يونس. وينحدر أصل المستوطنين فيها من أصول مغربية وعراقية, وبلغ سكانها عام 1984م حوالي 150 مستوطناً وعدد الوحدات السكنية 45 وحدة متنقلة, [60] ويتبع سكانها حركة "هبوعيل همزراحي", وأقيم فيها برجاً للاتصالاتالمدنية والعسكرية, وتنتشر الدفيئات الزراعية على الجانب الشرقي للمستوطنة وليس بها منشآت صناعية باستثناء مصنع للكرتون لتعبئة الخضروات, وهي بمثابة معسكر للجيش وتضم كتيبة مدرعات وسرية دبابات وناقلات جند ومصفحات عسكرية وسرية مدفعية وعدة راجمات صواريخ موجهة باتجاه خان يونس ورفح, [61]  وسبب تكدس هذه القوة فيها: أنها تشرف على منطقة غوش قطيف وتشكل حماية لهذا المجمع - انعزالها وإحاطة المناطق العربية لها من جميع النواحي يجعلها هدفاً للمقاومة.

3-5-3مستوطنة بات سادية Bat Sadih: (شكل17) وضع حجر الأساس لها في 1989/3/8م, وبعد شهرين وافقت اللجنة الوزارية لشئون الاستيطان على اعتبارها مستوطنة دائمة, ولم تسكن بالعائلات إلا في عام 1993م, تقع في منطقة رمال الزعاربة, وفي عام 1996م بلغت مساحة المستوطنة 1518 دونماً وبلغت المساحة العمرانية 41 دونماً [62] يحد المستوطنة من الشمال أقصى المنطقة الجنوبية للمواصي, ومن الجنوب الأحراش المؤدية لأحياء مدينة رفح, ومن الشرق الطريق الواصل بين مستوطنة موراج ومجمع غوش قطيف ومن الغرب وصلت حدود المستوطنة إلى شاطئ البحر, ويقطن المستوطنة مستوطنون متدينون, وفي عام 1996م بلغ عدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة حوالي 45 وحدة. ويعمل غالبية سكان المستوطنة في السياحة والخدمات في المستوطنات المجاورة وفي الزراعة, وتخلو المستوطنة من أي مصانع, وتضم منشآت عامة كالكنيس اليهودي وقاعة اجتماعات تخدم المستوطنات المجاورة, وملاعب رياضية شاسعة[63], تضم المستوطنة: موقع عسكري كبير – أبراج مراقبة – سرية سلاح مشاة – 3 دبابات وناقلات الجند والمصفحات – عدد كبير من الرشاشات الثقيلة[64].
             
شكل (14) تخطيط موقع مستوطنة البالم بيتش وصورة جوية        شكل (15) تخطيط موقع مستوطنة بني عتصمونا وصورة جوية
             
شكل (16) تخطيط موقع مستوطنة موراج وصورة جوية            شكل (17) تخطيط موقع مستوطنة بات ساديه وصورة جوية 
مصدر المجموعة: وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

3-5-4 مستوطنة رفيح يم Rafiah Iame: (شكل 18) أنشئت بعد الانسحاب من سيناء ضمن 11 مستوطنة أقيمت خلال 48 ساعة, وفي 1984/8/22م احتفل بإنشائها واعترفت بها اللجنة الوزارية لشئون الاستيطان. وبلغت مساحتها العمرانية عام 1996م حوالي 150 دونماً. [65] تقع في أقصى الزاوية الجنوبية للساحل الغربي للقطاع, يحدها من الغرب البحر, ومن الشرق كثبان تلة رفح وحي تل السلطان, ومن الجنوب حدود مصر, ومن الشمال طريق رفح البحر المؤدي إلى مستوطنة "بات ساديه", وهي الوحيدة التي يشرف عليها حزب العمل وليست مستوطنة دينية, ويعمل سكانها في الصيد والسياحة والصناعة والزراعة, وفيها مصانع الخياطة ومستوطنيها 108 مستوطن, وعدد الوحدات السكنية الثابتة والمتنقلة فيها 40 وحدة [66]-وبها أكثر من 300 جندي و 10 دبابات.


شكل (18) تخطيط موقع مستوطنة رفيح يام وصورة جوية-
المصدر: وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.

4- الدراسات التخطيطية للاستيطان الصهيوني في قطاع غزة:               
4-1 أنماط الاستيطان في قطاع غزة: ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنماط وهي:
4-1-1 النمط المكاني للتوزيع: المستوطنات تتركز في 3 محاور أو أحزمة رئيسية, اثنان منها داخل القطاع والآخر داخل الخط الأخضر ويبعد عن حدود القطاع الشرقية 500- 2000م: 
1- الحزام الأول: يمتد على طول شاطئ القطاع باستثناء شاطئ غزة وجباليا والنصيرات ودير البلح، ويضم 16 مستوطنة: نتساريم, إيلي سيناي, دوجيت, نتساريم, قطيف, ياكال, نيتسر حزاني, جاني طال, نفيه دكاليم, جديد, جان أور, بني عتصمونا, بيت سيدح, كفار يام, رافيح يام, بدولح. و 3 مواقع استيطانية: يغول, تل قطيف, سلاف.
2- الحزام الثاني: الأوسط ويقع على الطريق الرئيسي للقطاع، وهو طريق صلاح الدين رقم 4ويضم3  مستوطنات وهي: ايرز- كفار داروم- موراج.
3- الحزام الثالث: يقع داخل الخط الأخضر على بعد 500–2500م من الحدود ويضم 12 مستوطنة و3 مواقع استيطانية داخل أراضي القطاع وهي: المنطار, ميراف, دورون شوشان.
والحزام الأول يطوق التجمعات الفلسطينية من الغرب ويعزلها عن شاطئ البحر. والمناطق التي لم يشملها الطوق الاستيطاني على شاطئ غزة خضعت لرقابة السفن الحربية، الحزام الثاني جاء للإشراف والتحكم في طريق صلاح الدين أو طريق رقم 4. فمستوطنة إيرز تشرف على المدخل الشمالي بين القطاع وإسرائيل، وكفار داروم تفصل بين خان يونس ودير البلح، ومستوطنة موراج تتحكم في طريق رفح إلى خان يونس. ومنذ انتفاضة الأقصى في 2000/9/29م قام الاحتلال بتقسيم القطاع إلى 3 أو 4 أقسام مستخدما مستوطنات هذا الحزام. أما الحزام الثالث داخل الخط الأخضر فلتدعيم الحزامين الأول والثاني بتجميع قوات عسكرية قرب القطاع لاستعمالها عند الخطر.

4-1-2 النمط الوظيفي: تنقسم المستوطنات إلى 4 أقسام من الناحية الوظيفية: أ‌- المستوطنات المدنية "مواقع للسكن": وتشمل: دوجيت, رافيح يام, كفار يام, نتساريم, نيفي دكاليم, نيتسر حزاني, نيسانيت ب‌- المستوطنات الزراعية: إبلي سيناي, بيت سديه, بدولح, جاني طال, جديد, قطيف, جان أور. ج- الكيبوتسات (مستوطنات تعاونية): بني عتصمونا, موارج. د- المستوطنات الصناعية: إيرز, ياكال. وتحتل المستوطنات المدنية المركز الأول وعددها 8  ثم المستوطنات الزراعية وعددها 7 ثم مستوطنتان تعاونيتان ومستوطنتان صناعيتان.

4-1-3 النمط العقائدي: لعبت الحركات الدينية دوراً كبير في إقامة المستوطنات في فلسطين، وأشهرها: غوش قطيف, ييشع, أغودات إسرائيل, المزراحي, هبوعل مزراحي, كاخ, كهانا حي, الكيبوتس الديني. وكان لحركة المزراحي- هبوعيل مزراحي دوراً في إقامة 9 مستوطنات في القطاع، وهما حزبان اتحدا عام 1955م، تحت شعار أرض إسرائيل لشعب إسرائيل، وكونا حزب المفدال الديني الذي يسيطر على 9 مستوطنات وهي نيسانيت, نتساريم, كفار داروم, غوش قطيف, جاني طال, نيتسر حزاني, جان أور, جديد وموارج, أما غوش ايمونيم فقد ولدت عام 1974م وأعلنت كتنظيم جديد داخل المفدال، وتسيطر على مستوطنتين هما: بني عتصمونا وإيلي سيناي، ويسيطر مجلس مستوطنات القطاع على مستوطنتين علمانيتين هما: نيفي دكاليم، ورفيح يام. أما المتبقية وعددها 6 فهي مستوطنات مشتركة وعليه فتوزيع المستوطنات من الناحية العقائدية: 9 دينية 6 مشتركة 2 علمانية 2 أخرى.

4-2 الكتل الاستيطانية في القطاع:
4-2-1 مستوطنات الحزام الغربي: وبإمعان النظر في خريطة توزيع المستوطنات الصهيونية في القطاع، يتضح أن المستوطنات التي تقع ضمن هذا الحزام يمكن تقسيمها إلى ثلاث كتل استيطانية، تتصل بإسرائيل عبر طرق عرضية كي تضمن لها سهولة الاتصال، وهذه الكتل هي:
أ- الكتلة الشمالية: تضم 3 مستوطنات هي نيسانيت, ايلي سيناي, دوجيت. وتتصل ببعضها بطريق يحظر على الفلسطينيين المرور عليه، وخطورة هذه المستوطنات في اتصالها المباشر مع إسرائيل وقربها من التجمعات الفلسطينية فهي رأس حربة لمواجهة تجمعات الفلسطينيين خصوصا دوجيت وتبعد عشرات الأمتار عن بيت لاهيا.
ب- الكتلة الوسطى: بها مستوطنة واحدة، ونظرا لاتساع مساحتها وموقعها المتميز جنوبي مدينة غزة ، جعلت منها كتلة استيطانية قائمة بذاتها وهي مستوطنة نتساريم: أنشئت لتقسم القطاع إلى قسمين شمالي وجنوبي، وتقع على بعد 1 كم من شاطئ البحر، وعلى بعد 1 كم إلى الغرب من الطريق الرئيسي، وعلى بعد 4 كم جنوب غزة.
ج- كتلة مجمع مستوطنات غوش قطيف: ومستوطنات هذه الكتلة تمتد من الشمال إلى الجنوب لتستحوذ على معظم الأراضي القريبة من شاطئ البحر, وتطوق مدينة خان يونس من الشمال والغرب والجنوب لتعزلها عن دير البلح، وتعزل سكان مواصي خان يونس عن مدينة خان يونس ورفح. وعدد هذه الكتلة 12 مستوطنة.
4-2-2 مستوطنات الحزام الأوسط: أنشئ (3 مستوطنات: إيرز, كفار داروم, ومستوطنة موراج) ليشرف على طريق صلاح الدين رقم "4" الشريان الرئيسي الوحيد للقطاع، وجاء توزيعها على الطريق لتتحكم إسرائيل فيه.

4-3 الدراسات التخطيطية للمستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة:
 تشمل الدراسات التخطيطية للمستوطنات: الخصائص الطبيعية والخصائص العمرانية, وحيث إن خصائصها الطبيعية هي نفس خصائص القطاع الطبيعية فسيتم التركيز على دراسة الخصائص العمرانية والخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمستوطنات في القطاع, مع التنويه إلى أن مصادر المعلومات لم توفر البيانات الكافية لهذه الدراسة لأن المستوطنات تعتبر من المواقع ذات أهمية أمنية لإسرائيل, وسيتم الاعتماد في هذه الدراسة على: مراجع وكتب ومجلات وصحف حول موضوع المستوطنات ووسائل الإعلام الأخرى – المعلومات المتوفرة من الوزارات والأجهزة الأمنية – الإنترنت – المشاهدة والمقابلات الشخصية لبعض العمال الذين يعملون في هذه المستوطنات.
4-3-1الخصائص العمرانية للمستوطنات الإسرائيلية في القطاع: بعد قيام إسرائيل أصبح للصهيونية دولة ذات سيادة معترف بها دولياً وجيشاً قوياً وحكومة تسن القوانين والتشريعات, وتولت الحكومة الإسرائيلية مسئولية الإشراف على الاستيطان, مما ساهم في تزايد أعداد المهاجرين اليهود وبالتالي توسيع الاستيطان المدني والقروي.
4-3-1-1المستوطنات في القطاع والتخطيط القومي الإسرائيلي الشامل: أصبح الاستيطان من مهام الحكومات وبدأ يصبح أكثر تنظيماً بسبب إدراجه في المخطط القومي الإسرائيلي الشامل حيث قامت إسرائيل بالآتي:
 أولاً: التخطيط الاجتماعي للاستيطان: ويغطي مجال السكان وتخطيط الخدمات العامة مثل: التعليم, الصحة, الإسكان, الخدمات الاجتماعية الأخرى للمستوطنات وحركة الاستيطان.
ثانياً: التخطيط الاقتصادي للاستيطان: ويشمل تخطيط النشاط الزراعي والصناعي والسياحي وغيرها من الأنشطة الاقتصادية الأخرى الخاصة بالمستوطنات وحركة الاستيطان.
ثالثاً: التخطيط العمراني للاستيطان: حدد هذا التخطيط السياسة العامة لإسرائيل في الإسكان والتعليم والصحة والصناعة والزراعة.. إلخ, ووزع المجتمعات العمرانية الحضرية والريفية المركزية والفرعية ومنها الاستيطان وكذلك أحجامها ووظائفها وعلاقتها في شكل سياسة قومية إسرائيلية شاملة, ومما يؤكد خضوع الاستيطان للتخطيط القومي هو مشاريع الاستيطان الحكومية. ويعتبر رابين أول من دعا إلى عدم العشوائية في اختيار أماكن الاستيطان[67].
4-3-1-2المستوطنات في القطاع والتخطيط الإقليمي الإسرائيلي: التخطيط الإقليمي الإسرائيلي تناول بالدراسة والبحث وضع المخططات اللازمة لحركة الاستيطان في ضوء التخطيط القومي الإسرائيلي وتوجيهاته لكل إقليم على حدة, ويشمل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية على مستوى الإقليم, حيث يتعرض بدرجة أكثر تفصيلاً من التخطيط القومي لتوزيع المجتمعات العمرانية الحضرية والريفية ومن ضمنها المستوطنات وأحجامها ووظائفها, وتوزيع السكان واستعمالات الأرض حالياً ومستقبلاً في الإقليم كما تعرض لشبكة الطرق والنقل والمرور الإقليمي الذي يربط بين التجمعات العمرانية ومن ضمنها المستوطنات, وأحجام المرور الحالية والمتوقعة على الشبكة الإقليمية والقومية, ومما يؤكد ما سبق, المشاريع الحكومية وغيرها من المشاريع الأخرى للقادة الإسرائيليين, حيث ذكر في هذه المشاريع: أنه بعد فترة من إنشاء مستوطنات رفح سيتم ضمها إلى إقليم أشكول وسيتم ضم مستوطنة نيتساريم إلى إقليم النقب لتكون منفذاً لإقليم النقب على البحر المتوسط, كذلك ضم مستوطنات الشمال إلى إقليم أشكلون.
4-3-1-3 المستوطنات في القطاع والتخطيط العمراني الإسرائيلي: التخطيط العمراني وظيفة حكومية 100%, وإسرائيل قامت بعمل دراسات سابقة قبل إقامة المناطق الاستيطانية حول موقع المستوطنات الجغرافي, والنواحي الطبوغرافية والجيولوجية والمناخ والمياه والثروات الطبيعية المحيطة بالكتل الاستيطانية المزمع إنشائها.
* تخطيط المستوطنات الإسرائيلية في القطاع: لأن المستوطنات في المخطط القومي والإقليمي الإسرائيلي هي نواة لمدن مستقبلية, وهي مناطق جديدة لم يسبق فيها العمران فقد تم تخطيطها على أساس تخطيط المدن والأحياء والقرى الحديث, أي تخطيط شبكات الطرق والصرف الصحي والمياه والكهرباء للمناطق التي ستقام عليها المستوطنات أولاً, ثم تقوم المجالس المحلية بالتخطيط المحلي والتنفيذي أي تخطيط المستوطنات من الداخل.
* تخطيط شبكات طرق المستوطنات الإسرائيلية في القطاع: لقد واجه التخطيط الهيكلي للمستوطنات في القطاع مشاكل وصعوبات كثيرة, ووجد المخطط الإسرائيلي نفسه أمام معضلات لابد من مواجهتها بتخطيط يتميز بالمرونة والقدرة على التكيف مع واقع القطاع التخطيطي والعمراني والديموغرافي. فمع بداية الاحتلال الإسرائيلي للقطاع عام 1967م وضع الاحتلال يده على نحو 110,000 دونم من الأراضي الحكومية, وتعادل ثلث مساحة القطاع, وخصصت نحو 23,000 دونم منها للاستيطان, و 23,000 دونم أخرى خصصت كمحيط أمني للمستوطنات ولإقامة شبكات الطرق الخاصة بها, ولكن واقع القطاع وضع عراقيل أمام المخطط الإسرائيلي لاستغلال هذه الأراضي ومن هذه العراقيل: عدم وجود هذه المساحات في كتلة واحدة ووجودها موزعة في القطاع - وجود التجمعات العمرانية الفلسطينية (أكثر من 30) موزعة على القطاع بكثافة سكانية عالية  - بعض الأراضي الحكومية تقع ضمن الحدود الإدارية للمدن والمحافظات الفلسطينية - إحاطة التجمعات السكانية الفلسطينية بمعظم الأراضي الحكومية -صعوبة ملائمة شبكة طرق المستوطنات مع شبكة طرق القطاع بسبب عرض القطاع الضيق.
أ- النموذج الإسرائيلي لشبكة طرق المستوطنات في القطاع: وأمام هذه المشكلات اختار المخطط الإسرائيلي نموذج الأفرع والشبكة لتخطيط شبكة طرق المستوطنات (Road Network Patterns), فمن تحليل هذه الشبكة تم التعرف على هذا النموذج, ويوجد 3 نماذج لشبكات الطرق لتخطيط المناطق وهي: شكل (19)[68]:


شكل (19) نماذج شبكات الطرق

- نموذج الأفرع (Branching Patterns): ويشبه أفرع الشجرة التي لها أفرع غليظة تمثل الشوارع العريضة للكثافة المرورية العالية, وأفرع رفيعة تمثل الشوارع الأقل اتساعاً للكثافة المرورية الأقل, ويستعمل هذا النموذج للطرق ذات النهايات المغلقة (Dead End Branching Patterns) لتخطيط الخلايا السكنية للحد من حجم المرور فيها.
- نموذج الشبكة (Grid Pattern): وهو شبكة طرق ذات عروض مختلفة, وينشأ عن تقاطعها ميادين دائرية أو مربعة أو مستطيلة أو مثلثة تمهد لدخول السيارات أو المشاة في الطرق الأخرى الملتقية معها وعند تغيير المسار.

- نموذج الأفرع والشبكة (Branching And Grid Patterns): وهو خليط بين النموذجين السابقين,وتم تطبيق نموذج الأفرع والشبكة في مجمع مستوطنات غوش قطيف, ويظهر هذا التطبيق في وجود شارع رئيسي تتفرع منه شوارع مداخل المستوطنات المختلفة.
 ويستعمل لتنمية موقع كبير (أكثر من 500 منزل), فنموذج الأفرع للشوارع يسهل الوصول للتجمعات السكانية, والنموذج الشبكي يسهل دخول السيارات للتجمعات السكانية الرئيسية, ومزج النموذجين يحقق مزايا كل منهما لفائدة تصميم شبكة شوارع الموقع العام. ويتضح أن نموذج (الأفرع والشبكة) هو الأنسب لظروف وواقع القطاع وأشار إلى هذا فريد القيق[69]: " شبكة طرق المستوطنات تتبع التخطيط العنقودي الذي يتكون من شريان رئيسي تتدلى منه طرق فرعية تنتهي بالوحدات السكنية بشكل عنقودي ويوفر حماية أفضل للمستوطنة لأن إقامة نقطة تحكم واحدة عند مدخل المستوطنة المؤدي للتجمع السكني وعند التقائه بالشريان الرئيسي تكون كافية للمراقبة".

ب- أسباب اختيار نموذج الأفرع والشبكة في تخطيط طرق المستوطنات في القطاع:
مساحة الأراضي التي استولت عليها إسرائيل وخصصتها لإقامة المستوطنات هي مساحات كبيرة, ولكنها مبعثرة في مناطق محاطة بالتجمعات العمرانية الفلسطينية, وعليه فإن هذا النموذج يعطي أفضل حل لهذا الوضع لأنه عن طريق الفرع الرئيسي يستطيع أن يتجول داخل القطاع حتى إذا وجد منطقة يمكن إقامة مستوطنة عليها أخرج فرعاً ثانوياً لها ثم استمر في تجواله, ويشبه هذا الثعبان الذي يزحف حتى إذا وجد جحراً أو ثغرة دخل فيها وكون لنفسه بيتاً. وعليه يمكن استخلاص الأسباب التي أدت بالمخطط الإسرائيلي إلى اختيار نموذج الأفرع والشبكة:
- لأنه يوفر الحماية والأمن أكثر من الأنواع التخطيطية الأخرى ويسمح بوجود مدخل واحد للمستوطنة يتحكم في مداخلها ومخارجها مما يحقق الأمن والحماية لها- لأنه أكثر أنواع تخطيط الطرق مرونة وتكيف مع واقع القطاع الذي سبق ذكره- لأنه يقسم القطاع وسكانه ليصبح مجموعات سكانية متفرقة لإرغام سكانها على الهجرة إلى مناطق أخرى أو إلى الخارج ثم الاستيلاء على ممتلكاتهم وضمها للمستوطنات- لأنه يحقق تطويق التجمعات العمرانية الفلسطينية بشبكة لطرق لا يسمح للفلسطينيين باستخدامها, وبالتالي خنق هذه التجمعات والتحكم في نموها وامتدادها العمراني- لأنه يسمح بوجود شريان رئيسي واحد للوصول إلى كل المستوطنات مما يسهل الحركة وسهولة الحماية بتسيير دوريات الأمن لحراسته بكميات وأعداد أقل- لأنه يقلل عدد الحواجز العسكرية على الطرق لمراقبة مرور الفلسطينيين, وبالفعل تحقق هذا فبعد أن كان لمنطقة غوش قطيف 7مداخل أصبح لها مدخلان- لأنه يسهل توصيل الخدمات (شبكات المياه والكهرباء.. إلخ) وذلك بوضعها في محاذاة الطريق الرئيسي وبذلك يمكن حمايتها من الفلسطينيين- لأنه يقسم القطاع إلى أقسام أمنية يسهل السيطرة عليها في حالات اشتداد المقاومة, ويجعل من التجمعات الفلسطينية جيوباً معزولة عن بعضها- ربط طرق المستوطنات بشبكة الطرق الإسرائيلية لأن هذا النوع من تخطيط الطرق يمكنه تجاوز أي تجمع سكاني فلسطيني في امتداده للالتقاء بشبكة الطرق الإسرائيلية.
وتتصل المستوطنات فيما بينها بشبكة طرق داخلية, وثلاث طرق عرضية تربطها مع إسرائيل شكل(21،20)الطرق الداخلية في المنطقة الشمالية الطريق الساحلي ويمتد من الحدود الشمالية للقطاع حتى مدينة غزة, ويصل مستوطنات إيرز ونيسانيت وإيلي سيناي ودوغيت, ولا يوجد طريق عرضي يخدم هذا المجمع الاستيطاني نظراً لاتصاله المباشر بإسرائيل. أما في المنطقة الجنوبية, فبالإضافة إلى الطريق الساحلي الذي يمتد من دير البلح إلى رفح, يوجد الطريق الطولي الداخلي (حوالي 17 كم) وتتمحور حوله جميع مستوطنات غوش قطيف, وتقع معظم مستوطنات هذه المنطقة شرق هذا الطريق, حيث يبدأ من طريق رقم 4 طريق صلاح الدين عند مستوطنة موراج، ويتجه غربا مخترقاً المناطق الرملية إلى الجنوب من مستوطنة بني عتصمونا، ثم يتجه شمالا بين مستوطنتي بيت سيدح وبدولح وجان أور ويواصل اتجاهه شمالا، ثم إلى الشمال الشرقي، ليعود الاتصال على طريق رقم 4 "صلاح الدين". وهناك ثلاث طرق عرضية داخلية تربط بين الطريقين الرئيسين الطوليين هي: طريق رفح - البحر, طريق خان يونس- البحر, طريق السطر الغربي- البحر. وتخدم مستوطنات إسرائيل في القطاع 3 طرق عرضية تربطها بإسرائيل هي من الجنوب إلى الشمال: طريق معبر صوفا– غوش قطيف, وطريق كيسوفيم –غوش قطيف, وطريق المنطار (معبر كارني)– نيتساريم. والطرق الفرعية الداخلية: طريق متفرع جنوبا لمستوطنة رفيح يام - طريق متفرع للشرق ليتفرع لطريقين أحدهما - على بعد 2200 م يتفرع طريق يتجه إلى الشرق ثم يتفرع إلى فرعين: جنوباً إلى مستوطنة جان أور، وشمالاً إلى مستوطنة جديد- على بعد 1600 م إلى الشمال هناك شارع فرعي يتجه شرقا يؤدي إلى مستوطنة نيفيه ديكاليم - على بعد 3600 م من الطريق السابق إلى الشمال من الطريق العرضي السطر الغربي- البحر هناك طريق فرعي يؤدي لمستوطنات جاني طال،  قطيف وياكال.

شكل (20): الأحزمة الاستيطانية في قطاع غزة
المصدر: وزارة التخطيط والتعاون الدولي الفلسطينية

شكل (21)  التوزيع الوظيفي للمستعمرات - المصدر: وزارة التخطيط والتعاون الدولي الفلسطينية

Post a Comment

Previous Post Next Post