نظريات بيداغوجية
    بيداغوجيا الأهداف أولا ، وذلك كأرضية ضرورية للتمثل المقارن والنقدي ، قبل التعرف على بيداغوجيا الكفايات ، كبيداغوجيا حديثة أصبحت بديلا لبيداغوجيا الأهداف في بعض الدول بما فيها المغرب كما هو معروف.

1-      بيداغوجيا الأهداف:
  إذا كانت الأدبيات البيداغوجية الحديثة تعتبر المنهاج التعليمي (Curriculum) خطة تنظيمية شاملة تشكل نسقا تترابط فيه جميع المكونات وتتفاعل فيما بينها بشكل جدلي ، يفضي في الأخير إلى تحقيق أغراض العملية التعليمية التعلمية ومقاصدها ، فإن مكون الأهداف بإعتبار موقعه ضمن السيرورة  المنهاجية ، يمثل نقطة بدء توجه كل نشاط تعليمي تعلمي ، ومن هنا تأتي أهمية الهدف كمفهوم عقلاني تنظيمي .
        تعريف الهدف : ينتمي الهدف في الأصل إلى المعجم العسكري ، حيث يعني حسب معجم روبيرالصغير :" تلك النقطة التي تتجه نحوها العملية العسكرية سواء أكانت هذه العملية استراتيجية أو تاكتيكية " .أما في البيداغوجيا فنجد بعض التعارف ،نذكر منها تعريف ماجر Mager الذي يعرف الهدف كمجموعة من السلوكات والانجازات التي سيبرهن المتعلم من خلال القيام بها على قدرته.كما نجد بيرزيا Biréza  يعتبر الهدف كتخطيط للنوايا البيداغوجية وتحديد لنتائج  سيرورة التعليم .أما الدريج فيعرف الهدف كسلوك مرغوب فيه يتحقق لدى المتعلم نتيجة نشاط يزاوله كل من المدرس و المتعلمين  و هو سلوك قابل لأن يكون موضع ملا حظة و قياس و تقويم.إذن ،إن الهدف البيداغوجي يلعب دورا كبيرا في تحديد السلوك الإنساني وتطويره،وذلك بالانتقال من التعديل العفوي إلى التعديل المنظم، وذلك بعقلنة العمل البيداغوجي من خلال تحديد المحتويات والطرائق والوسائل والتقنيات البيداغوجية وضبط النتائج وتقويمها .
        المرتكزات الأساسية لبيداغوجيا الأهداف:
يمكن اعتبار تيلر Tyler هو أول من وضع اللبنات الأولى لمقاربة الأهداف منذ 1934. ويمكننا تحديد المرتكزات النظرية الأساسية ليبداغوجيا الأهداف فيما يأتي :
       الفلسفة البرجمانية : من أبرز ممثلي هذه الفلسفة جون ديوي J.Dewey (1859-1952) وهي فلسفة نفعية وعملية وأداتية (المعرفة كأدات لتحقيق غايات نافعة) وتجريبية (قيمة التجربة في اكتساب المعرفة) .وهذه الفلسفة تتلاءم مع نوع التعليم الذي يريد أن يكون عمليا ونفعيا.
       التطور الصناعي بالمجتمع الأمريكي : نتيجة للتطور التكنولوجي الهائل للمجتمع الغربي وخاصة الأ مريكي  في الميدان الصناعي،حيت تم الإنتقال في ميدان الصناعة و الادارة إلى ما يسمى مرحلة العقلانية الكلاسيكية، التي تجلت بالخصوص مع تايلور الذي دعا إلى تجزئ عملية الإنتاج إلى وحدات أو مهام صغرى وفق مبدأي الفعالية والاإنتاجية. وقد ثم نقل مبدأ التسيير العقلاني والنفعية والمرد ودية وتجزئ العمل إلى المؤسسة المدرسية.
       النظرية السلوكية في التعليم : من أهم  منطلقات هذه النظرية/ المدرسة والتي وظفتها بيداغوجيا الأهداف ، نجد التركيز على المظاهر الخارجية للسلوك القابلة للملاحظة والقياس والضبط والاهتمام بالسلوكات الإجرائية والجزئية  .


        المبادئ الأساسية لبيداغوجيا الأهداف
قامت بيداغوجيا الأهداف على ثلاثة مبادئ أساسية: العقلنة Rationalisation  والأجرأة Opérationalisation  والبرمجة Programmation ، فالعقلنة هي تجاوز العفوية والارتجال إلى تبني مقتضيات العقل والمنطق وذلك بالانطلاق من مقدمات معينة للوصول إلى نتائج معينة مع تركيز الضبط الفكري في كل مرحلة من مراحل الإنجاز؛ أما الأجرأة  فهي تجزيء العمل إلى عناصر صغيرة تحدد تحديدا إجرائيا، و ذلك من خلال التحديد الدقيق، و الصارم أحيانا لمجموع  العناصر المكونة للإنجاز (تحديد المفاهيم والمهام المقصودة ـ الشروط والظروف التي سيتم فيها الفعل ـ معايير التقويم وإصدار الأحكام )؛ أما البرمجة فهي تقوم أساسا على مبدأ العقلنة وتعني بصفة عامة تنظيم مصادر العمل أو الإنجاز وفق تصور منطقي يقود إلى الهدف .
        أنواع  الأهداف ومستوياتها :
           لتحديد أنواع الأهداف ومستوياتهم سنعتمد على خطاطة Birzéa وهي الأكثر استعمالا وشيوعا حيث نجده يحدد أنواع ومستويات الأهداف كالتالي أولا الغايات : مضمونها يعبر عن فلسفة التربية وتوجهات السياسة التعلمية، ومصدرها الأحزاب السياسية والقادة السياسيون والهيئات المنتخبة، وتصاغ على شكل مبادئ  وقيم عليا ورغبات وتطلعات وهي تعكس السياسة التربوية بصفة عامة: ثانيا ، المرامي : مضمونها يعبر عن نوايا المؤسسة التربوية ونظامها التعليمي ـ ومصدرها مسير والتعليم من إداريين ومؤطرين، وتصاغ على شكل أهداف البرامج مضمونها أنماط شخصية المتعلم العقلية والوجدانية والمهارية ، ومصدرها المؤطرون و المدرسون ، وصيغتها عبارة عن قدرات ومهارات وتغيرات نريد إحداثها واكتسابها من طرف المتعلم ، وهي تعبر عن البرامج التعليمية والتوجيهات التربوية؛ رابعا، الهدف الخاص: مضمونه يعبر عن محتوى درس خاص ومصدره هو المدرس ، ويصاغ على الشكل أفعال أو أنشطة يقوم بها المتعلم وترتبط بمحتوى درس معين، وهذه الأهداف الخاصة هي ما يشكل وحداث البرامج وموضوعاته.
كما تجدر الإشارة هنا ، إلى أهم المعايير الأساسية المعتمدة في تحديد مجالات الأهداف البيداغوجية ، والتي يمكن حصرها في : الاقتصار فقط على الأهداف الواضحة والقابلة للملاحظة والقياس ؛ الاقتصار فقط على ما يهم سلوك المتعلم ؛ الارتكاز على التقسيم الثلاثي الكلاسيكي للشخصية (المجال العقليـ المعرفي ، المجال العاطفي الوجداني ، المجال السيكوـ حركي).
        الصياغة الإجرائية للهدف البيداغوجي :
هناك اختلاف في تحديد أسس وشكل الصياغة الإجرائية للهدف البيداغوجي ، حيث هناك اتجاه يركز على القدرة ،كحمولة أو استعداد ، بها يصير الإنجاز ممكنا ، وأهم من يمثل هذا الاتجاه نجد عالم النفس جيلفورد J.P Guilford  ، وهنا اتجاه آخر يعتمد السلوك كأداء خارجي قابل للملاحظة والرصد ، ويمثل هذا الاتجاه ماجر R.F.Mager .
غير أن المنظور الدينامي للشخصية يقتضي التفاعل والترابط بين القدرة والسلوك، حيث يمكن التركيز على الفعل الذي يتعين أن يقوم به الفرد ، سواء كان فعلا إنجازيا أو فعل حالة يعكس شعورا أو موقفا داخليا .
ويمكن تحديد عناصر الصيانة الإجرائية للهدف البيداغوجي في : وصف السلوك النهائي (تحديد الفعل)،وصف الإنجاز ، وصف ظروف وشروط الإنجاز ، وصف معايير التقويم ، وتعيين المستهدف(المتعلم) .كما أن الهدف الإجرائي لن يكون دقيقا وسليما على مستوى الصياغة إلا إذا ألتزم بشطرين أساسين : الدقة، أي توفر العناصر السالفة بشكل دقيق وواضح غير قابل للتأويل ؛ المنطق: أي أن تكزن الصياغة مقبولة موضوعيا ومنسجمة ومتسقة حيث يمكن اختيار منطق صياغة الهدف الإجرائي من حيث الإمكان والقدرة (قابلية التحقيق) ومن حيث اتساق عناصر الصياغة فيما بينها ،أي أن يسمح كل عنصر بإمكانية تحقيق العناصر الأخرى بصورة يقبلها العقل.
        نقد وتقويم بيداغوجيا الأهداف :
وجهت عدة انتقادات لبيداغوجيا الأهداف ، حيث حاول كل من فيفيان وجيلبر دولاندشير [Deland sheere] أن يجمعا عددا منها وحدداها في 14 مؤاخدة : هناك تبسيط وهمي للأهداف ، أغلب الأهداف يكون تافها وينتمي إلى المراقي والرتب الدنيا ، النجاح في الأداء ليس مرادفا دائما للفهم ، التخصيص يؤدي إلى التعدد والكثرة  التشخيص يؤدي إلى التعقيد ، هناك هيمنة على الأنشطة التعلمية الأخرى والتركيز فقط على الأهداف المعرفية، ليست كل الأهداف قابلة لأن تكون صريحة ، العمل التربوي مهدد بخطر المكننة، لأنستطيع دائما لأن نقوم بشكل صارم ، بعض المدرسون جيدون ولايحددون إجرائيا أهدافهم ، هناك اهتمام بالطريقة أكثر من الاهتمام بالمحتوى ، هناك انفصال بين الأهداف وعدم وجود ، وفي الأخير من الصعوبة بمكان توقع جميع السلوكات .
كما نجد انتقادات مهمة لبيداغوجية الأهداف لبلبل P.pelpel  (1991 pelpel   ) حيث رأى بأن تركيز بيداغوجي الأهداف على المقاربة السلوكية تجعل منها تنحو نحو الجمود  والتشكيلة في العملية التعلمية .مما يعرض هذه الأخيرة إلى الاصطناعات (فعل اصطناعي)؛كما أن التعليم المعتمد على هذه البيداغوجية لايأخذ بعين الاعتبار المتعلم ومطالبه وحاجياته...كما أن هذه المقاربة البيداغوجية تعمل على تهميش كفاءات المدرس وتحد من حريته ومبادراته.
2-      بيداغوجية الكفايات :
 لقد اعتمدت لجنة الاختيارات والتوجهات التربوية ثلاث أبعاد للتدخل البيداغوجي، وذلك من أجل بناء وتجديد المنهاج التعليمي للمدرسة المغربية : هناك بعد مقاربة العمل  بالكفايات، وبعد التربية على القيم ، وبعد التربية على الاختيار واتخاذ القرار (مقاربة الكفايات في المناهج التربوية خلاف) وما يهمنا حاليا هو الاعتماد الرسمي لمدخل أو مقارب الكفايات في مدرستنا المغربية، وذلك على أنقاض مقاربة بيداغوجيا الأهداف، حيث تتحدد المبررات الرسمية لاعتماد هذا الاختيار البيداغوجي في : الرغبة في الارتقاء بالمتعلم إلى أسمى درجات التربية والتكوين لأن الكفايات نظام متكامل من المعارف و الأداءات  والمهارات المنظمة التي تتيح للمتعلم ضمن وضعية تعلمية القيام  بالإنجازات والأداءات الملائمة التي تتطلبها تلك الوضعية؛ تركيز الأنشطة على المتعلم كفاعل أساسي من خلال اعتبار المتعلم محورا فاعلا لأنه يبني المعرفة ذاتيا، وتوفير شروط التعلم الذاتي ، واعتبار المدرس مسهل لعمليات التعلم الذاتي .وهذه القواعد المعتمدة على التدريس الفعال المرتكز على فعالية المتعلم لم تكم حاضرة في بيداغوجيا الأهداف ،حيث ثم تغيب المتعلم عند هندسة وتخطيط الأهداف التعليمية والتعلمية ، ثم الاهتمام فقط بقياس الرجع التعليمي وإغفال نمو شخصية المتعلم ، وعدم  اختيار عدة بيداغوجية مفتوحة وغير مسبقة، وحيث ثم اعتماد مقاييس تقويمية ودعمية مسبقة وكان المدرس هو الفاعل الأساسي والمحوري ، ونتيجة لما سبق جعلت بيداغوجيا الأهداف المتعلم عنصرا سلبيا ومنفعلا ، من خلال تعلم محدود ومشروط، يتميز بخاصية التجزيئية وخاصة الغيرية( بيداغوجيا الكفايات ، مصوغة تكوينية).
وفيما يلي سنحاول إلقاء بعض الأضواء على بيداغوجيا الكفايات.من خلال تقديم بعض التعاريف، كنمادج للكفايات، ثم التعرف على أنواع الكفايات وخصائصها ،وبعد ذلك، سنتقدم مقارنة بين بيداغوجيا الأهداف وبيداغوجيا الكفايات ، ثم سنرى كيف ندرس باعتماد مقاربة الكفايات.
* نماذج من تعريف الكفايات :
  حسب مديرية الدراسات والإستراتيجيات التربوية (أنظر مرجع رقم 24) فإن " الكفاية معرفة التعبئة (Savoir mobiliset ) ، إنها القدرة على تعبئة مجموعة من الموارد (معارف ، معرفة الفعل (Savoir Faire ) ، خطاطات للتقويم والفعل ، أدوات ، مواقف...) وذلك من أجل مجابهة وضعيات جديدة ومعقدة وبطريقة فعالة ... وتطويرها يتم عبر عملية دمج وثناعم هذه الموارد /المصادر في وضعية معينة،وهذا يتعلم" (عن فليب بيرونو،1996) .أما بيرجيلي (P.gillet) ومركز CEPEC ،فالكفاية هي " نظام /نسق من المعارف المفاهيمية (الذهنية) والمهارية (العملية)،التي تنتظم في خطاطات إجرائية تمكن داخل فئة من الوضعيات (المواقف) من التعرف على المهمةـ الإشكالية وحدها بنشاط وفعالية (من خلال إنجاز أداء ملائم" ( الكفايات في التعليم، الدريج) أما الكفاية، فهي بالنسبة رمانفيل (Romainville) " تفيذ الإدماج الوظيفي للدرايات (Savoirs) والإتقان (Savoir-Faire) وحسن التواصل مع الغير(S.être) بحيث أن الفرد في مواجهة لمجموعة من الوضعيات ،فإن الكفاية تمكنه من التكيف ،ومن خلال المشاكل ،كما تمكنه من إنجاز المشاريع التي ينوي تحقيقها في المستقبل" (عبد الكريم غريب، بيداغوجيا الكفايات...) أما برنارري B.Rey ، فيري بأنه هناك ثلاث طرق في التفكير في الكفايات : هناك المقاربة السلوكية وهي مقاربة موضوعية  مستلهمة من رغبة علمية أو ببساطة من الحاجة لأى شرح الأهداف البيداغوجية ، وهنا نعرف الكفاية بواسطة السلوكات ، على أنها الكفاية ـ السلوك"، وهناك المقاربة الوظيفية :حيث إذا أردنا أن نعطي للكفايات معناها التصرفي ، يجب أن تحال الكفاية إلى غايتها التقنوـ إجتماعية .ومن هنا سنضطر إلى تعريفها بوظيفتها وعلى أنها " الكفاية الوظيفية" وهناك المقاربة التي تعتمد على المنظور التشومسكي ،إذا أرادنا أن نضمن في مفهوم الكفاية  تلك القدرة التي للإنسان على مواءمة تصرفاته وأقواله مع الوضعيات اللانهائية ،غير المسبوقة، مثل الكفاية اللسانية التي وصفها تشومسكي يجب أن نعرفها كقوة على إحداث مواءمات للتصرف ، أي : أنها الكفاية كقوة للدراية( الكفاية كقوة توليدية أو«كمعلم للدراية» Science de l’escient ) (اللحية، شرياط، ما هي الكفايات...).كما أن محمد الدريج، وجد بأن الكفايات تتراجع بين الفهم السلوكي) البيهافيوري ) كأنشطة قابلة للملاحظة و القياس.. ) نموذج بيداغوجيا الأهداف، المجال الثاني من الأهداف (من جهة، و بين الفهم الذهني. المعرفي) cognitiviste (، حيث الكفاية كإمكانية و كاستعداد داخلي ذهني غير مرئي، من طبيعة ذاتية و شخصية... إذ تتطلب لكي تتجسد و تظهر عددا من الإنجازات) الدريج، الكفايات في التعليم (.
        خصائص الكفايات:
أهم خصائص الكفايات حسب CEPEC  ) مركز الدراسات البيداغوجية للتجريب و الإرشاد ( تتلخص في كونها : محطة نهائية ) Terminale ( لسلك دراسي أو لمرحلة أو لتكوين ، إنها شاملة )  Globale ( و مدمجة )  Integratrice (،أي تقتضي اكتساب تعلمات في المجالات الثلاث) المعرفية و الوجدانية واكس- حركية ( ، كما أنه يمكن حصرها و تقويمها انطلاقا من سلوكات قابلة للملاحظة في وضعية ما، و ذلك من خلال مؤشرات و معايير التقويم )  الدريج، الكفايات في التعليم(. أما بالنسبة لكزافيي ر وجرس
) Xavier Rogers (فإن الكفايات يمكن تحديدها في خمسة مميزات أساسية : خاصية الحشد لمجموعة من الموارد المدمجة، خاصية الغائية، خاصية قابلية التقويم) بيداغوجيا الكفايات، مصوغة تكوينية (.
        أنواع الكفايات:
يمكن تحديد أنواع الكفايات في: الكفايات النوعية) (Compétences spécifiques: وهي مرتبطة بمادة دراسية معينة أو مجال تربوي أو مهني معين؛ الكفايات المستعرضة أو الممتدة )  (C. Tranversales : وهي الكفاية العامة التي لا ترتبط بمجال محدد أو مادة دراسية معينة، وإنما يمتد توظيفها في مجالات عدة أو مواد مختلفة. و إن هذا النوع من الكفايات يمثل درجة عليا من الضبط و الإتقان و لذلك تسمى كفايات قصوى أو ختامية، لأنها أقصى ما يمكن أن يحرزه الفرد.
) بيداغوجيا الكفايات مصوغة تكوينية (. كما يمكن تعريف الكفايات الممتدة، حسب الدريج، بأنها اتجاهات و خطوات عقلية و منهاجية إجرائية مشتركة بين مختلف المواد الدراسية و تكتسب و توظف خلال عملية إنشاء المعرفة و المهارات) الدريج، الكفايات في التعليم (. كما نجد الكفايات الدنيا، وهي حسب دولاندشير، القدرة على القيام بمهمة ما بشكل ملائم و مقبول، و ذلك قصد تحقيق المساواة و محاربة الفشل، كحد أدنى من الكفايات المقبولة. و يقدم لنا الدريج، بعض الأمثلة التي تخص الكفايات النوعية و الكفايات المستعرضة أو الممتدة. مثلا، في مجال تعلم اللغة العربية، في مستوى التعليم الابتدائي:
الكفايات النوعية أو الخاصة المستهدفة: القدرة على قراءة رسالة؛ القدرة على قراءة صحيفة يومية؛ القدرة على استخدام القاموس؛ القدرة على كتابة رسالة؛ القدرة على كتابة مقالة صغيرة؛ الميل التلقائي نحو المطالعة؛ فهم الكلمات في سياقها اللغوي؛ الإلمام بمبادئ الخط... أما الكفايات الممتدة أو المستعرضة المستهدفة؛ فيمكن أن تتلخص في: القدرة على التحليل؛ القدرة على التركيب؛ القدرة على التقويم الذاتي؛ القدرة على التركيز و الانتباه؛ القدرة على الانضباط و احترام القواعد؛ الاندماج في مجموعة عمل و اكتساب روح العمل الجماعي؛ معرفة الحقوق و الواجبات؛ القدرة على الحوار و اتخاذ المبادرة... ( الدريج، الكفايات في التعليم).
كما تجدر الإشارة هنا، إلى أن وزارة التربية الوطنية، في إطار الاختيارات و التوجهات التربوية العامة المعتمدة في مراجعة المناهج التربوية، و المتضمنة في الكتاب الأبيض، اعتمدت على بنية من الكفايات، منها ما هو مرتبط بتنمية الذات، و منها ما هو قابل للاستثمار في التحول الاجتماعي، و ما هو قابل للتصريف في القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية؛ و من ثم حددت خمسة أنواع من الكفابات التي يجب العمل على اكتسابها و تنميتها و تطويرها. وهي على التوالي:
الكفايات الاستراتيجية: و تستوجب معرفة الذات، و التموقع في الزمان و المكان، و التموقع بالنسبة للأخر و بالنسبة للمؤسسات الاجتماعية و التكيف معها ومع البيئة بصفة عامة، و تعديل المنتظرات و الاتجاهات و السلوكات الفردية وفق ما يفرضه تطور المعرفة و العقليات و المجتمع.
الكفايات التواصلية: التي يجب أن تؤدي إلى إتقان اللغة العربية و تخصيص الحيز المناسب للغة الأمازيغية و التمكن من اللغات الأجنبية، و التمكن من مختلف أنواع التواصل داخل المؤسسة التعليمية و خارجها في مختلف مجالات تعلم المواد الدراسية، و التمكن من مختلف أنواع الخطاب( الأدبي، العلمي، الفني...) المتداولة في المؤسسة التعليمية و في محبط المجتمع و البيئة.
الكفايات المنهجية: و تستهدف إكساب المتعلم منهجية للتفكير و تطوير مد ارجه العقلية، و منهجية للعمل في الفصل و خارجه، و منهجية لتنظيم ذاته و شؤونه و وقته و تدبير تكوينه الذاتي و مشاريعه، الشخصية.
الكفايات الثقافية: و تشتمل على شق رمزي يرتبط بتنمية الرصيد الثقافي للمتعلم، و توسيع دائرة إحساسا ته و تصوراته و رؤيته للعالم و للحضارة البشرية بتناغم مع تفتح شخصيته بكل مكوناتها، و بترسيخ هويته كمواطن مغربي و كإنسان منسجم مع ذاته و مع بيئته و مع العالم، و تشتمل (الكفايات الثقافية) على شق موسوعي مرتبط بالمعرفة بصفة عامة.
و أخيرا الكفايات التكنولوجية: حيث أن تنميتها تعتمد على القدرة على رسم و تصور و إبداع و إنتاج المنتجات التقنية، و التمكن من تقنيات التحليل و التقدير و المعايرة و القياس و تقنيات و معايير مراقبة الجودة و التقنيات المرتبطة بالتوقعات و الاستشراف، و التمكن من وسائل العمل اللازمة لتطوير تلك المنتجات و تكييفها مع الحاجيات الجديدة و المتطلبات المتجددة، و استدماج أخلاقيات المهن و الحرف و الأخلاقيات المرتبطة بالتطور العلمي و التكنولوجي بارتباط مع منظومة القيم الدينية و الحضارية و قيم المواطنة و قيم حقوق الإنسان و مبادئها الكونية ( الكتاب الأبيض، الجزء الأول).
كما نجد بأن الوزارة قد اعتمدت على أربعة أنواع من الكفايات المهنية يجب على المدرسين اكتسابها و تنميتها، خصوصا أثناء تكوينهم ( أو خلال عملهم الميداني)، و هي: الكفايات المرتبطة بأسس مهنة التدريس: بحيث على المدرس أن يتدخل بصفته مسؤولا عن تبليغ إرث معرفي و ثقافي و ناقدا يتصرف في تأويل عناصر المعرفة أو الثقافة في مزاولة مهمة التدريس، و أن يتواصل بوضوح و بدون أخطاء بلغة التدريس شفويا و كتابيا في مختلف المجالات و الظروف المرتبطة بمهمة التدريس؛ الكفايات المرتبطة بالفعل البيداغوجي المحض: إذ يجب على المدرس أن يحد الوضعيات التعليمية التعلمية الملائمة للمضامين موضوع التعلم حسب – و التلاميذ و الكفايات المهنية المراد تنميتها لديهم، و أن يقيم تدرج التعلم و مستوى مكتسبات المتعلمين في المضامين موضوع التعلم، و أن يخطط و ينظم كيفية توظيف القسم و يراقبها بهدف تيسير التعلم و التنشئة الاجتماعية للمتعلمين؛ الكفايات المرتبطة بالفضاء المدرسي و المحيط الاجتماعي للعمل البيداغوجي: حيث على المدرس أن يكيف مختلف تدخلا ته لحاجات و خاصيات المتعلمين الذين يلاقون صعوبات في التعلم أو في الاندماج أو الذين تظهر عليهم إعاقة معينة، و أن يدمج تكنولوجيات الإعلام و الاتصال بهدف إعداد أو تأطير الوضعيات التعليمية التعلمية و تدبير التدريس و التنمية المهنية، و أن يتعاون مع مجموع أطر مؤسسته و مع الآباء و الأمهات و أولياء التلاميذ و مختلف الشركاء الاجتماعيين و مع المتعلمين من أجل تحقيق الأهداف التربوية لمؤسسته، و أن يعمل مع أعضاء الفريق لمؤسسته على تحقيق العمليات التي تمكن من تنمية و تقييم الكفايات المهنية المخطط لها حسب المتعلمين المعنيين؟ و أخيرا، الكفايات المهنية المرتبطة بالهوية المهنية للمدرس و أخلاقيات المهنة: حيث يجب على المدرس أن يندمج في سيرورة فردية و جماعية للتنمية المهنية، و أن يزاول مهامه بمسؤولية مع الالتزام باحترام أخلاقيات مهنة التدريس ( مقاربة الكفايات...خلاف)



مقارنة التعليم/ التعلم باعتماد مداخل الكفايات    المقاربة بالأهداف       مستويات
المقارنة
الكفاية ملكة تجنيد الموارد المعرفية
( معارف+ قدرات+ مهارات...)
لحل مشكلة معينة، في و ضعيات مختلفة.
 إذن فهي سلوكيات إرادية يتم التعبير عنها
 بأنشطة قابلة للملاحظة لكنها متنوعة و مندمجة في عمل مفيد.
         قدرة مكتسبة باعتبارها سلسلة من الاستجابات لمنبهات محددة. إذن فحصول كفاية فى مادة معينة، كالرسم أو اللغة ... يرجع إ لى مفعول التأ ثيرات الخارجية.         
مفهوم الكفايات
يوازن بين دور المدرس و دور المتعلم و تفاعلهما مع البرنامج 
متمركز حول البرامج الدراسية
نوع التخطيط
معيار القدرة و الكفاية: و صف و تحديد ما ينبغي على المتعلم، عمله وإنجازه لحل مشكلة الكفاية؛ هي وسيلة لتحقيق أ هداف تتميز ب: الديمومة، الشمولية والتحويل و التعميم. لذلك على المدرس أن يحدد في الصياغة، لإنجاز المعايير.    معيار الإنجاز ز: و صف و تحديد أفعا ل سلوكية آنية و عاجلة و جزئية مع تحديد شروط إ نجازها و الحد الأدنى للنجاح       
معيار صياغة
الأهداف الإجرائية
تنظيم محتويات البرامج و فق التداخل بين المواد. إن هذا المبدأ يفرض على المدرس﴿ة﴾ اعتماد منطق حل المشكلات و إنجاز المهام. تجعل المتعلم في و ضعيات تدفعه إلى تجنيد إرثه المعرفي لحل مشكلة و مرتبطة بسياقات جديدة و متنوعة ﴿كفايات ممتدة﴾. عبارة عن مفاهيم متدرجة و متصلة، تقدم مجزأة و مرتبة و فق تسلسل خطى و مرتبط بوضعية تعليمية محددة مسبقا ﴿التنميط و التطابق﴾    
تنظيم و تقديم المحتويات
طرائق متنوعة، مرنة و متفتحة، تستهدف تنمية شخصية المتعلم من جميع جوانبها، طرائق تحتاج إلى وسائل متنوعة يشارك في اختيارها المدرس و المتعلم و من أهم هذه الطرائق نجد ظرفية حل المشكلات و طرقية المشروع. نجاعة و فعالية الطرق تقاس بمدى تحقيق أو تطوير الكفاية المستهدفة. الطريقة سواء كانت حوارا أو مهام... يغلب عليها الطابع التوجيهي. أما الوسائل فهي مختارة و محددة من طرف المدرس فقط. 
الطرائق و السائل التعليمية
مقارنة بين تبنى التعليم و التعلم بمدخل الأهداف و مدخل الكفايات

يلعب دور الوسيط و المدرب و المرشد و الفاعل المنشط و المتعاون مع جماعة القسم... انطلاقا من تعاقد مرن في بنوده التي تجعل كلا من المدرس (ة) و المتعلم(ة) مسؤولين عن مهامهما.
أما على مستوى الكفايات فإن المدرس يجند بشكل متوازن بين مجموعة من الكفايات أهمها:
 كفاية في الهندسة البيداغوجية.
 القدرة على ملاحظة و تنشيط و ضبط تعلمات المتعلمين.
   معرفة بناء و تدبير وضعيات مشكلات.
 معرفة تقويم كفايات في طريق البناء.
        
التوجيه المعتمد على التدخلات المباشرة و المستمرة و المقننة سلفا، اعتمادا على تعاقد بيداغوجي يلزم المدرس بالإعلان عن أهداف الدرس و المتعلمين ببلوغها. أما أهم الكفايات التي يتوفر عليها، فتتمثل في الكفايات التقنية التي تطغى على باقي الكفايات الأخرى.       



أدوار المدرس
و كفاياته

  * المتعلم ملزم و منخرط و مشارك في تعلمات، و متعاون في الجهد الجماعي.
  * التلميذ الكفء هو الذي يجند قدراته و إرثه المعرفي للنجاح داخل المدرسة و خارجها.
        
بلوغ أهداف باعتبارها تعلمات لكنها مجزأة و منفصلة و التلميذ الكفء هو الذي يتحكم فيها بعد نهاية الوضعية.
أدوار المدرس الكفء

 التقويم، كيفما كان نوعه، يبنى على عملية تخصيص الكفايات و القدرات و المهارات المستهدفة في التدريس، من أجل المقارنة بين مستوى الكفاية قبل التعلم و بعد التعلم، مرورا بتتبع اكتساب الكفاية أثناء التعلم.
        
التقويم، كيفما كان نوعه، يبنى على مدى نجاح المطابقة بين الهدف و النتيجة السلوكية للتعلم. و الكلام ذاته ينطبق على الدعم.        

التقويم و
الدعم

 تدريس هادف متفتح و منصف.
 تربية البحث و الاكتشاف و الجدة......
             
 تدريس هادف و مغلق.....     
نموذج التدريس
           
        كيف ندرس حسب المقاربة بالكفايات؟
هذا التساؤل حاول د. عبد اللطيف الفرابي الإجابة عنه في مساهمته القيمة: ˝ المقاربة بالكفايات: المفاهيم و الممارسات" ( الفرابي، الصباح)، حيث بالانطلاق من تعريف الكفاية ك « بيات مندمجة يبنيها المتعلم و يشيدها بواسطة تفاعله و جهده، و التي تجعله يشغل تعلما ته كي يقوم بالمهام التي تتطلبها وضعيات/ مشكل مطروحة عليه.».
يرى الفرابي بأن نموذج التدريس بالكفايات يستند على المفاهيم التالية: مفهوم البنية الاندماجية: و التي تعني اندماج المحتويات و المعرفة و عدم تجزيئها؛ مفهوم النشاط: حيث أن بناء الكفاية عبارة عن أنشطة تعليمية تعلمية منفتحة على المتعلم؛  مفهوم المهمة: إذ التعلم يتمحور حول أنشطة و مهام ينجزها المتعلم؛ مفهوم الوضعية: أي موضعة المتعلم خلال التقويم في وضعيات ينجز فيها عملا. و لتفعيل هذه المفاهيم ثم اعتماد مفهوم محوري ألا و هو مفهوم الوضعيات- المشكل ( سنتطرق إليه لاحقا ). و الكفاية، يقول الفرابي، تستند إلى مبادئ عامة ( كتلك السابقة ) و التي تقوم على مشاركة المتعلم بفعالية في بناء الكفايات من خلال تفاعله مع موضوع المعرفة و المحيط. و لبلورة هذا الموقف البنائي، نجعل المتعلم يقطع مسارا ذا محطات ثلاث: الأولى: محطة يستخدم فيها تعلما ته و تمثلا ته السابقة لفهم وضعية مشكل ومعالجتها
الثانية: يكتسب فيها تعلمات جديدة من خلال الفعل الذي يقوم به.
الثالثة: يشغل فيها تلك التعلمات في وضعيات ذات علاقة بمحيطه، و من الأحسن أن تكون تلك الوضعيات وضعيات اندماجية، حيث يمكن للمدرس أن يخطط لوضعيته الاندماجية ( حسب كزافيي روجرز) على الشكل الآتي: تحديد الكفاية المستهدفة؛ التمييز من خلالها نوع التعلمات المحتاجة للتحكم في الكفاية ( أهداف نوعية تترجم الكفاية )؛ اختيار الوضعية الاندماجية التي ستمكن التلاميذ من الإدماج بين تلك التعلمات كل مشكل مرتبط بالكفاية؛ تحديد المقتضيات العملية التي ستمكن المتعلم من أداء المهام الموكلة إليه أو إنجاز الأنشطة المقررة ( طريقة التعلم، مهام المدرس، الوسائل المساعدة )؛ و أخيرا، اقتراح وضعيات اندماجية لتقويم كيفية اندماج التعلمات.
***  أساليب التدريس بالأهداف و الكفايات ***
التدريس بالكفايات       التدريس بالأهداف       بعض متغيرات فعل التدريس
متمركز أساسا على المهارات والقدرات متمركز أساسا على المعارف  

            التعلم
تعلم شمولي بواسطة أهداف نوعية إلى عامة    التحديد الدقيق والإجرائي لأهداف التعلم         
تعلم مندمج( معاريف ، مهارات ،مواقف..)     تجزئ التعلم (أهداف غير مندمجة)     
تعلم بمرجعية علم النفس المعرفي ـ التكويني    تعلم بمرجعية علم النفس السلوكي      
تعلم بواسطة أنشطة تطبيقية     تعلم عبر تمارين نظرية         
يلاحظ بصعوبة النتائج المتوخاة يلاحظ بسهولة النتائج المتوخاة 
التلميذ
إثارة بتحفيز داخلي      إثارة بتحفيز خارج     
متمركز على المبادرة التي تولد تخوفات في بداية التعلم          متمركز على أنشطة تؤمن التعلم        
تعليم تفاعلي متمركز حول التقويم التكويني      تعليم إلقائي ثم تنشيط    التعليم
مقاربة شمولية نسقية    مقاربة تحليلية
تخطيط الأنشطة حسب الكفايات ثم حسب المحتويات    تخطيط الأنشطة حسب المحتويات والأهداف   
تقويم متشدد نسبيا        تقويم سهل نسبيا         التقويم
قياس نسبي يتضمن أحكام قيمة قياس موضوعي        
البحث عن اندماج التعليم والتعلم والتقويم        تقاطع بين أهداف التدريس  وأهداف التقويم     
تقويم عبر مهام مندمجة          تقويم بواسطة الأسئلة وأحيانا بواسطة مشاريع  
تقويم كيفي      تقويم كمي      
اختيار عناصر المحتوي والبحث عن اندماج الكفايات   البحث عن صلاحية المحتوى باعتبار مجموع وحداثه  
صعوبة قياس صدق النتائج      سهولة قياس  صدق النتائج     
يعطي نتائج حسب درجة التحكم في الكفايات واستراتيجيات التعلم.       يعطي نتائج حسب الأهداف    

و الآن سنتطرق إلى بعض المفاهيم و المقاربات البيداغوجية التي توظف في إطار بيداغوجيا الكفايات و تعتبر ضرورية لتفعيل و تحقيق و ظائفها و أهدافها البيداغوجية المرتقبة؛ و منها على الخصوص مفهوم الوضعية المسألة/ المشكل، البيداغوحيا الفارقية، بيداغوجيا المشروع.

Post a Comment

Previous Post Next Post