مفهوم التربية 

التربية هي عملية تنمية متكاملة ودينامية ، تستهدف مجموع إمكانات الفرد البشري الوجدانية والأخلاقية والعقلية والروحية والجسدية . (Legendre R,1988) .أما Leangفيعتبرها نشاط قصدي يهدف إلى تسهيل نمو الشخص الإنساني وإدماجه في الحياة والمجتمع .( Leang. M,1974) .والتربية بالنسبة ل leif   هي عبارة عن استعمال وسائل خاصة لتكوين وتنمية الطفل أو مراهق جسديا ووجدانيا وعقليا واجتماعيا وأخلاقيا  من خلال استغلال إمكاناته وتوجيهها وتقويمها .( Leif .J,1974) .أما بياجي  Piaget فيقول: أن نربي معناه  تكييف الطفل مع الوسط الاجتماعي للراشد،أي تحويل المكونات النفسية و البيولوجية للفرد وفق مجمل الحقائق المشتركة التي يعطيها الوعي الجمعي قيمة ما .وعليه ، فإن العلاقة بالتربية يحكمها معطيان : الفرد وهو صيرورة النمو من جهة ،والقيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية التي على المربي إيصالها لهذا الفرد، من جهة أخرى . (Piaget J,1969 ) وبالنسبة لبياجي ، لايمكن أن نفهم التربية (وخصوصا الجديدة ) من حيث طرقها وتطبيقاتها إلا إذا اعتنينا بالتحليل الدقيق لمبادئها ، وفحص صلاحيتها السيكولوجية من خلال أربع نقط على الأقل : مدلول الطفولة ، بنية فكر الطفل ، قوانين النمو ، وآلية الحياة الاجتماعية للطفولة.
2- البيداغوجيا : La pédagogie   
   غالبا في استعمالاتنا الترمونولوجية المتداولة ، ما يتم الخلط أو عدم التمييز بين مفهوم التربية ومفهوم البيداغوجيا ، ولملامسة الفرق الدلالي بينهما، إليكم بعض التعاريف لمفهوم البيداغوجيا : يعتبر Harion البيداغوجيا علم للتربية سواء كانت جسدية أ و عقلية أو أخلاقية ، ويرى أن عليها  أن تستفيد من معطيات حقول معرفية أخرى تهتم بالطفل .(Lalande R,1972) . أما Foulquié  فيرى أن البيداغوجيا أو علم التربية ذات بعد نظري ، وتهدف إلى تحقيق تراكم معرفي ، أي تجميع الحقائق حول المناهج والتقنيات والظواهر التربوية ؛ أما التربية فتحدد على المستوى التطبيقي لأنها تهتم ، قبل كل شئ ، بالنشاط    العملي الذي يهدف إلى تنشئة  الأطفال وتكوينهم . (الدريج ، 1990).               
         ومفهوم البيداغوجيا ، يشير غالبا إلى معنيين :                                                                               تستعمل للدلالة على الحقل المعرفي الذي يهتم بالممارسة التربوية في أبعادها المتنوعة...وبهذا المعنى نتحدث عن البيداغوجيا النظرية او البيداغوجيا التطبيقية أو البيداغوجيا التجريبية...
         وتستعمل للإشارة إلى توجه  orientation  أوإلى نظرية بذاتها ،تهتم بالتربية من الناحية المعيارية normative ومن الناحية التطبيقية ،وذلك باقتراح تقنيات و طرق للعمل التربوي ،وبهذا المعنى نستعمل المفاهيم التالية :البيداغوجيا المؤسساتية ،البيداغوجيا اللاتوجيهية ... )في طرق وتقنيات التعليم،1992).
ويمكننا أن نضيف كذالك ، للتميز بين التربية والبيداغوجيا، أن البيداغوجيا حسب اغلب تعريفاتها بحث نظري ،أما التربية فهي ممارسة وتطبيق.
3ـ الديداكتيك La didactique
الديداكتيك هي شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس ( 1972Lalande .A, ) وإنها،كذلك نهج ،أو بمعنى أدق ،أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية (Lacomb .D.1968).       
أما بالنسبة ل B.JASMIN فهي بالأساس تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها ، فهي تواجه نوعين من المشكلات : مشكلات تتعلق بالمادة ) الدراسية ( وبنيتها ومنطقها ...ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم، وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية ...        (JASMIN.B1973 )
ويمكن تعريف الديداكتيك أيضا حسب REUCHLIN كمجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي تساعد على تدريس مادة معينة ( Reuchlin.M.1974) 
      ويجب التميز في تعريفنا للديداكتيك، حسب.Legendre بين ثلاث مستويات :
*الديداكتيك العامة : وهي التي تسعى إلى تطبيق مبادئها وخلاصة نتائجها على مجموع المواد التعليمية وتنقسم إلى قسمين:القسم الأول يهتم بالوضعية البيداغوجية، حيت تقدم المعطيات القاعدية التي تعتبر أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية لمجموع التلاميذ ؛والقسم الثاني يهتم بالديداكتيك التي تدرس القوانين العامة للتدريس ، بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس.
*الديداكتيك الخاصة : وهي التي تهتم بتخطيط عملية التدريس أو التعلم لمادة دراسية معينة.
*الديداكتيك الأساسية : Didactique .Fondamentale . وهي جزء من الديداكتيك ، يتضمن مجموع النقط النظرية والأسس العامة التي تتعلق بتخطيط الوضعيات  البيداغوجية دون أي اعتبار ضروري لممارسات تطبيقية خاصة . وتقاباها عبارة الديداكتيك النظرية(Legendre.R.1988)
4 ـ الديداكسولوجياDidascologie
الديداكسولوجيا ، هي الميتودولوجيا العامة المؤسسة على البحث التجريبي، وهي تختلف عن الديداكتيك في مقاربتها للموضوع من حيث إنها تبني  أنظمة ديداكتيكية متناسقة وقابلة للفحص ، وتهتم بالبحث الأداتي والنظري ، وهي جزء من علم التدريس ، أي من الدراسة العلمية للبنيات والعمليات المتعلقة بحقل التدريس ، من أجل الوصول بها إلى الدرجة القصوى من المرودية . وتهتم الدراسة الديداكسولوجية بثلاث بنيات متناسقة وهي: البنيات الكبرىMacros structures المتعلقة بتنظيم التعليم في مختلف مستوياته ، والبنيات الوسطى structures المتعلقة بالتنظيم الداخلي لمدرسة أو مجموعة من المدارس ، البنيات الصغرى Micro structures المتعلقة بتنظيم العمليات الديداكتيكية الملموسة داخل القسم ، وهذه الأخيرة هي جوهر البحث الديداكسولوجي ) عن معجم علوم التربية ،2001(

5- الميتودلوجيا     Méthodologie

لغويا Métodos تعني الطريق إلى... و Logos تعني دراسة أو علم، وموضوعها هو الدراسة القبلية للطرائق، وبصفة خاصة الطرائق العملية، وهي تحليل للطرائق العلمية من حيث غاياتها ومبادئها وإجراءاتها وتقنياتها...) 1976Galisson. (وهي كذلك مجموعة من الخطوات أو المراحل المنظمة والمرتبة في سلسلة محددة ، يقوم المدرس بتنفيذها لكي يتمكن من إنجاز الدرس.
والميتودولوجيا في المجال البيداغوجي عموما ، هي عبارة عن جملة من العمليات المنظمة التي تهدف إلى تحليل طرائق بيداغوجية أو بلورة أخرى جديدة ، وتستمد هذه العمليات مبادئها أو فرضياتها من أسس نظرية تتعلق بالسيكولوجيا وحقل المادة والسوسيولوجيا وحقل البيداغوجيا وحقل التكنلوجيا ...) عن معجم علوم التربية،2001)

6-  المنهاج   Currriculum 

إنه تخطيط للعمل البيداغوجي و أكثر اتساع من المقرر التعليمي.فهو لا يتضمن فقط مقررات المواد،بل أيضا غايات التربية وأنشطة التعليم والتعلم ، وكذلك الكيفية التي سيتم بها تقييم التعليم والتعلم (D’Hainaut ,L.198).كما أن المنهاج يحدد من خلال الجوانب التالية : (1) تخطيط لعملية التعليم والتعلم ،  يتضمن الأهداف والمحتويات والأنشطة ووسائل التقويم . (2) مفهوم شامل لا يقتصر على محتوى المادة الدراسية ، بل ينطلق من أهداف لتحديد الطرق والأنشطة والوسائل . (3) بناء منطقي لعناصر المحتوى ، على شكل وحدات بحيث إن التحكم في وحدة يتطلب التحكم في الوحدات السابقة.(4) تنظيم لجملة من العناصر والمكونات ، بشكل يمكن من بلوغ الغايات والمرامي المتوخات من فعل التعليم والتعلم. ( سلسلة علوم التربية ع 4-1990) .كما يعبر مصطلح منهاج في استعماله الفرنسي الجاري عن النوايا أو عن الإجراءات المحددة سلفا لأجل تهيئ أعمال بيداغوجية مستقبلية .فهو، إذن، خطة عمل تتضمن الغايات والمقاصد والأهداف و المضامين و الأنشطة التعليمية،وكدا الأدوات الديداكتيكية،تم طرق التعليم و التعلم و أساليب التقييم،فهو مصاغ أيضا باعتباره خطة عمل أوسع من برنامج تعليمي ويتضمن أكتر من برنا مج في نفس الوقت. وعلى عكس الأدبيات التربوية الفرنسية،تميل الأدبيات الإنجليزية ا لي تعريف  المنهاج، ليس أولا كشيء مسبق عن العمل البيداغوجي، بل خاصة كشيء يعاش فعلا وواقعا من طرف المدرس وتلاميذه في القسم،بحيت يعد المنهاج تماثليا للسيرة الذاتية للقسمcurriculum vita (عن معجم علوم التربية2001) .      

الطرائق البيداغوجية

Les méthode pédagogiques


1: تعريف : يشير كلا من Champy و Etévé. إلى أن استعمال" طريقة بيداغوجية" يعد من الاستعمالات الواسعة في الأدبيات البيداغوجية ، حيث يمكن أن نميز بين ثلاث معان متداولة : المعنى الأول ، يشير إلى اعتبارها اتجاها  بيداغوجيا يبحث عن دعم بعض الغايات التربوية ، فيؤدي إلى مجموعة واضحة من الممارسات ، مثل: طرائق تقليدية ، حديثة، فعالة... وما يوحد بين هذه الطرائق هو كونها تعمل على توظيف وضعيات ووسائل مختلفة تكون تابعة لمشروع تربوي واضح، المعنى الثاني يستعمل للإشارة إلى نوع من الأنشطة التي تهدف إلى إتاحة بعض أنواع التعليم ، أو إلى تنمية بعض القدرات ) الطريقة الكلية، طريقة المشروع ، طريقة التعليم المبرمج...( والشيء الموحد في هذه الطرق هو طبيعة النشاط في خصوصيته البيداغوجية ، حيث يستدعي وضعيات ووسائل محددة ، أما المعنى الثالث فيستعمل للإشارة إلى وسائل خاصة ذات استعمالات مضبوطة ترتبط بأهداف محددة جدا ) الوضعية المشكلة ، مشاكل مفتوحة...     (
كما أن الطريقة البيداغوجية الحقيقية ، هي عبارة عن نموذج واضح، انطلاقا من الأسس المرجعية التي تستند إليها ،وانطلاقا من حرصها على تحقيق توازن بين متغيراتها الثلاث : الغايات، المرجعية العلمية ، الوسائل والأدوات    (  Champy,Etévé,1994) والطريقة حسب Leif   هي مجموع المبادئ والوسائل والخطوات وقواعد الفعل التربوي أو البيداغوجي قصد تحقيق الأغراض والأهداف والغايات التي نحددها ).1974Leif.J)  .
كما نجد بأن الطريقة حسب روكلان REUCHLIN هي مجموعة منظمة وواضحة من المقاصد والنتائج التربوية الموجهة نحو هد ف معلن بصفة ظاهرة أو ضمنية. بعد محاولتنا التعرف على معنى الطريقة ، سننقل الآن إلى تحديد أهم مكونات الطرائق البيداغوجية .              
2 ـ مكونات الطرائق البيداغوجية:

تتكون الطرائق ، بالنسبة لتنظيمها الداخلي ، من خمس مكونات أساسية

1ـ المستوى المنهجي  le degré de la didactisation ويشير إلى الوضع الذي تتحده المعارف المدرسية في علاقاتها بالمجالات الاجتماعية التي ستظهر فيها) البعد الوظيفي للمعرفة المدرسية ( :
2- الوضعيان المستعملة: ويمكن ترتيبها غي ثلاثة أنواع حسب بنية التواصل المقترحة من طرف كل واحدة: الوضعيان الجماعية المفروضة )  الدرس الإلقائي ...(،وضعيان النشاط المتداخل situations interactives وتتضمن جميع أشكال العمل بالمجموعات ، وأخيرا وضعيات فردانية ، وتشمل المقابلة مع وصيtuteur ... الدراسة بمساعدة الحاسوب ...
3- الوسائل المجندة :أي الوسائل المستعملة )نص ،صورة، أداة ...( وهنا يجب مراعاة ماأصبح يسمى بالجانبية البيداغوجية profile pédagogique، حيث أن كل متعلم يكون صورا ذهنية سمعية، أو بصرية أولها علاقة بالإحساس الحركي ، وعليه يمكننا أن نكيف أو نختار وسائلنا حسب المنحى البيداغوجي للمتعلم، الذي يمكن أن يفضل وسيلة على أخرى
4- العلاقة البيداغوجية : وهنا يتعلق الأمر بالتوجيهية أو اللا توجيهية ، أو التوجيهية الجديدة ، وفي هذا المجال ، يتحدث مثلا كورت لووين  Kurt lewin عن رئيس الجماعة السلطوي ، وعن اللاتوجيهي ، وعن التسيير الديمقراطي ) وهي مفاهيم مشتقات من علم النفس الإجتماعي ، وخاصة من الدراسات التي اهتمت بدينامية الجماعات (
5- أشكال التقويم :حيث نجد بأن أية طريقة بيداغوجية تتميز بشكل التقويم الذي نختاره)ويمكننا أن نلمس ذالك لاحقا ، حيث أن التقويم وفق نموذج بيداغوجيا الأهداف ليس نفسه في بيداغوجيا الكفايات )سلسلة التكوين التربوي العدد 4).
إذن، تلكم المكونات الخمس الأساسية للطرائق البيداغوجية وذالك حسب تنضيمها الداخلي ، كما أشرنا إلى ذالك سابقا ،وفي الخطوة التالية ،وقبل التطرق إلى  مسألة تصنيف الطرائق البيداغوجية نظرا لأهميته للتميز بين مختلف الطرائق المستعملة، لا بأس أن نميز مفهوم الطريقة عن بعض المفاهيم المتشابهة معها ،لتلاقي كل خلط محتمل .
3- تمييز الطريقة عن بعض المفاهيم المتقاربة معها:
وسنخص هنا بالذكر بعض المفاهيم التالية: النموذج التربوي، التقنيات التعليمية الأسلوب التعليمي، المنهجية :فالنموذج التعليمي يشير إلى نسق بأكمله ،وينطلق من السياسة التعليمية إلى الممارسة اليومية لعملية التعليم مرورا بالمناهج  وبتنظيمها وتخطيطها ، التنظيم الإداري والتأطير التربوي والموارد المادية والبشرية ، ويتسم بطابعه الدينامي في علاقته مع النسق الثقافي والاجتماعي وبتوضيحه لأساليب إيصالها وتبليغها ... أما الطريقة فهي شكل من أشكال العمل الديداكتيكي داخل الوضعية التعليمية التعلمية؛ التقنية التعليمية، تعني مهارة un savoir faire، وذالك في الاستعمال العام حسب le gendre، ومن بين هذه التقنيات مثلا تقنية السؤال ، تقنية جلب الانتباه ، تقنية التحفيز ... أما المنهجية )وكما رأينا سابقا (هي مجموعة من الخطوات أو المراحل المنظمة والمرتبة، يقوم المدرس بتنفيذها، حتى يمكن من إنجاز الدرس )سلسلة علوم التربية، عدد 7( . والآن ننتقل إلى تصنيف الطرائق البيداغوجية للتعرف على الطرائق
البيداغوجية المتداولة وخصائص كل واحدة منها على حدى
4-تصنيف الطرائق البيداغوجية
يشير reuchlinالي عدم وجود نظرية عامة تساعد على تقديم تصنيف وحيد وواضح لمجموع الطرق و التقنيات التربوية و التعليمية ، و يقترح اللسس التالية :
.طرائق حديثة مقابل طرائق تقليدية .
 الأسس السيكولوجية و الفلسفية المعتمدة مثلا كطريقة ديكولي /decroly  تعتمد أساسا على نظرية الجشطالت في اللدراك ،طريقة مونتيسوري /montessori  التي ل يمكن فهمها إلا بالرجوع إلى السيكولوجيا الحسية لكونداك ؛ طرائق سكينر) التعلم اإلجراءي ،التعليم المبرمج(  وهي كنتيجة لنظرية التعلم بالمثير والإ ستجابة؛طرائق Makarenko ( العمل بالمجموعات) وهي نتيجة لمواقفه الماركسية؛الطرائق الحديثة التي ترتكز على الإبستيمولوجيا التكوينية(Piaget، Wallon )؛الطرائق التقليدية التي تعتمد على الإلقاء...

·        حسب  موقف المربي: الطرائق الإ لقائيةأو الخطا بية ،الطريقة اللا توجيهية،وحسب دراسات كل من   Lewinو white وHippit ،نجد طريقة المدرس المتسلط أو المدرس الديمقراطي أو المدرس الفوضوي(اللا توجيهي).

·       نوع العمل الذي يقوم به المتعلم:الطرائق الجماعية،الطرائق الفردانية أو التفريدية،كما في التعليم المفردن أو في طريقة دالتون.

·         أ أشكال الإ لقاء،إضافة  إلى الوسائل المستعملة،التي قد تكون كلمة أو جسم ملموس أ و صورة،كما أن المسؤول عن الإيصال قد يكون إنسانا أو آلة، كالحاسوب...
·         نوع العمل الذي يطالب التلميذ إنجازه:مثلا،الطرائق التقليدية تطالب التلميذ بالتكراروالحفظ الآلي، بينما الطرائق الحديتة تدفعه إلى طرح الأسئلة و حل المشكلات و الاكتشاف  و الإ بداع و الإختراع)Reuchlin.M,1974) )
        وبصفة عامة،يمكن تصنيف الطرائق إلى مستووين أساسيين:هناك، من جهة،الطرائق التقليدية، التي صنفهاNot   ضمن ما أسماه بطرائق البناء الخارجي، وهي تعتمد أساسا على تلقين موضوع المعرفة، ومن جهة أخرى،هناك طرائق "البناء الذاتي"أو الطرائق الفعالةLes méthode actifs (سلسلة التكوين التربوي،ع4).
    ويمكننا أن نتعرف بتدقيق أكثر على أهم خصائص الطرائق الرائجة في الأدبيات التربوية، المتمثلة في الطرائق التقليدية والطرائق الحديثة والطرائق النشيطة أو الفعالة ،في الآتي: القاسم المشترك بين الطرائق التقليدية كونها قديمة ومتمحورة حول تبليغ المعارف وسلطة المدرس . ومبادؤها الأساسية تقوم على التبسيط والتحليل والتدرج من البسيط والجزئي إلى المركب والكلي من خلال تفريغ المادة وتجزيئها ، وتمتاز بالطابع الصوري ، حيث تعتمد على التسلسل المنطقي والتصنيف ، الاعتماد على الحفظ في التعلم وعلى التذكر عند التقويم ، الاعتماد على السلطة والعقاب ، والمنافسة للحصول على الجزاء ،التركيز على الحدس أي الاعتماد على أشياء مجسمة لإثارة الملاحظة والإدراك الحسي: كما أنها تنطلق من سيكولوجيا الملكات ، التي قوامها تنمية الملكات العقلية .
أما الطرائق الحديثة فتتمحور بصفة عامة حول نشاط الطفل وتعلمه الذاتي ، ومن أهم مبادئها : تكييف المدرسة حسب حاجيات الطفل ، واعتبار نمو الطفل ونضجه وتكييف التعليم حسب كفاءات وقدرات المتعلم، الانطلاق من حوافز المتعلم واهتماماته ، تعلم الطفل عن طريق الملاحظة والتفكير والتجريد والنشاط الذاتي ، وتعتمد أيضا على تنشئة الطفل انطلاقا من حياته الاجتماعية .أما الطرائق النشطة أو الفعالة (وهي بالطبع جزء من الطرائق الحديثة)فهي تتمحور حول نشاط المتعلم والفعل الذي يتعلم من خلاله المعارف ويكتشفها ، حيث يصبح مشاركا بنفسه في بناء المعارف مستعملا مبادرته الإبداعية، بدلا من تلقي المعارف (من الخرج جاهزة) حيث تعتمد على المبادرة الشخصية والإبداعية والاكتشاف... فالنشيط يعتبر جماعة القسم جماعة منتجة ومتعاونة ، غير أن هذا الإنتاج هو إنتاج شخصي وفردي والمعايير التي تستند إليها هذه الطرق هي : النشاط والحرية، وحق المبادرة والتربية الذاتية التي تعتمد على النشاط والقرار الشخصي والاستقلالية . ومن مؤسسي الطرق الفعالة نجد كل منPestalogie  و Dewy و Decroly  و  Ferrière  ... وهي بصفة عامة تقوم على المبادئ التالية : تسعى إلى تكوين أطر متعودة على اقتراح أشكال جديدة من العمل وميالة إلى التجديد، وتجعل التلميذ صانعا لمعرفته من خلال مشاركته ، وتجعل القسم كمجتمع صغير قادر على تسيير نفسه بنفسه وفق قوانينه ومعاييره الخاصة والعيش بشكل تعاوني ، وتدفع إلى تعلم التعليم ، وذلك بجعل التلميذ يستشعر إلى معرفة العالم الذي يحيط به (معجم علوم التربية،2001). إن كل طريقة تربوية تؤطرها مرجعيات إيديولوجية معينة، لنرى ما هي الخلفيات  الإيديولوجية والفكرية للطرائق .

5- الخلفيات والمرجعيات الفكرية والأيديولوجية  للطرائق :

 إنه لايمكن فهم أية طريقة إلا إذا ثم الرجوع إلى خلفياتها وأسسها الفلسفية و السوسيو- ثقافية بالإضافة إلى تمثلاتها السيكولوجية للطفل وللخصوصيات النمائية .   

لنبدأ أولا من الخلفيات الفكرية والأيدلوجية للطرق التقليدية : اعتمد ت هذه الطرق على بعض الأسس الفلسفية التي تجد مرجعيتها في الفلسفة الحسية Ph.Sensualiste   التي التصقت بالفيلسوف والمربي الإنجليزي  John loke  في نهاية ق 18 م ، الذي كان يعتبر العقل صفحة بيضاء وأن الإحساس هو المدخل الأساسي لتأسيس كل مفهوم ومعرفة، وبالتالي فالأفكار والمعرفة ، حسب هذا التيار ،لايمكن أن تتأسس إلا عن طريق الإدراكا ت Perceptions   الناتجة عن عمل مختلف الحواس ؛ وموقف هذا التيار هو موقف فلسفي خبري تجريبي empirique    ، حيث يعتبر المعرفة مستقلة عن الذات، والوسط الخارجي هو المصدر الحاسم في تكوين المعرفة. ومن أهم ممثلي هذه الفلسفة التربوية الخبرية في القرن 19 في أوربا Codillac  في فرنسا ، Herbart  في ألمانيا الذي أثرت أفكاره في بعض رواد التربية الحديثة مثل Maria Montesseri .كما نجد الترابطية من بين المرجعيات الفكرية التي تأثرت بها الطرق التقليدية ، حيث إن أهم شئ فيها هو الترابط الموجود بين الأفكار (أرسطو) ، إذ أن عملية الترابط تتم بواسطة التشابه والتقابل والتجاور الزمني والمكاني. ومن بين الخلفيات السوسيو – ثقافية للطرائق التقليدية ، نجد بأن هذه الطرائق هي انعكاس لموقف اجتماعي وسياسي محافظ ، يعمل على إعادة إنتاج مجتمع  بشكل سكوني وأحادي ، بحيث لا ينتج سوى نسخ مكررة من الأفراد والنماذج الاجتماعية والثقافية والقيمية التقليدية والمحافظة .

ومن بين الأفكار النقدية التي وجهت لهذه الطرق التقليدية ، نجد مثلا Clausse   الذي يقول بأنها تعتمد على بيداغوجيا سلبية ودوغمائية ، حيث إنها تعتمد على تنظيم وتوجيه قبليين حسب أهداف وغايات قبلية ، متأثرة بنظرية نيوتن السائدة في القرن 19 ، التي كانت تتصور الكون تصورا ميكانيكيا محددا من خلال القوانين الثابتة  للطبيعة ، وحيث عناصره وظواهره ترتبط فيما بينها سببيا ... كما نجد بأن Palmade  ينتقد الأساس الترابطي لهذه الطرائق التي تختزل النشاط الفكري في عمليات التركيب بين الذرات النفسية الساكنة (الإحساس والصور )  .كما أن هذه الطرائق التقليدية تتبنى تمثلاث سلبية حول نمو الطفل وخصائصه ، حيث تعتبر الطفل " رجلا صغيرا" باستطاعته فهم الأشياء من منطق الراشد ، كما أن فهم مواد البرامج يتم عن طريق عملية التذكر والإكراه (حيث إن الطفل شرير بطبيعته)، والذكاء حسب هذه الطرائق إما أنه عبارة عن ملكة faculté  معطاة دفعة واحدة ، أو أنه عبارة عن نظام من الترابطات تكتسب بشكل ميكانيكي عن طريق ضغط عناصر الوسط الخارجي . وبهذا الصدد يعتبر Palmade بأن مبدأ التذكر ومبدأ الشكلية يرتبطان بالسيكولوجيا الذرية والترابطية ، وبأن سيكولوجيا الملكات يمكن ربطها بفكرة أن التدريس ما هو إلا نوع من التدريب ، حيث الطفل يمتلك ملكات طبيعية تتيح له اكتساب المعارف والقدرات التي يتوفر عليها الراشد حسب هذه الطرق التقليدية .

  أما بالنسبة للطرائق البيداغوجية الحديثة والفعالة ، فإنها اعتمدت على بعض الأسس الفلسفية التي تعود إلى نهاية القرن 18 م مع التوجه الانساني لجان جاك روسو (1712-1778) ،حيث يعتبر مؤلفه Emile  (1762) من أعمق مؤلفاته التربوية التي أحدثت ثورة كوبيرنيكية  في التربية والبيداغوجيا وسكولوجية الطفل ، وذلك أنه جعل الطفل مركز كل الاهتمامات التربوية ، إذ دعا  إلى احترام طبيعة الطفل، واعتمادها المرجع الأساس لكل تربية أو بيداغوجيا ، وإلى احترام إيقاع  النمو الطبيعي لنشاطات الطفل ولقدراته واهتماماته ...وآراء  روسو  هي عبارة عن تأملات نظرية وفلسفية في الطبيعة الإنسانية والمجتمع وقد استلهمت أفكار روسو عدة مفكرين من بينهم الفيلسوف الألماني كانط  الذي قال بأن أحسن أسلوب للفهم هو أن نقوم بفعل شئ ما ، فكل شئ نتعلمه وبشكل جيد ، هو ما نتعلمه تقريبا بأنفسنا . وكذلك المربي السويسري Pestalozzi  الذي يعد من الأوائل الذي حاول تطبيق آراء روسو.

أما الأسس العلمية والسيكولوجية التي اعتمدتها الطرق الحديثة والفعالة فهي تعتبر نتيجة للتغيرات الجذرية التي عرفتها نهاية القرن التاسع عشر بخصوص المواقف والتصورات العلمية الجديدة ، لامن حيث المنهج والنظريات ، بما فيه ذلك تطورات البحث العلمي والتطورات في المجالات التقنية والصناعية التي انعكست على الميادين السياسية والتربوية... بحيث لم يعد ينظر إلى المجتمع والثقافة على أنهما أشياء ثابتة عبر الزمان والمكان، وإنما أصبح ينظر إليهما باعتبارهما بنيات دينامية  خاضعة لمبدأ التطور والتجديد (فورادغار 1974) ومن الخلفيات البيداغوجية للتيارات العلمية الجديدة -خصوصا السلوكية- البحث في قوانين التعلم ،التي كانت تبنى على أسس مجردة ، وتعتمد على الطرائق المنطقية التي تم تعويضها بالطرائق السيكولوجية ، حيث إن علماء السلوك الإنساني تخلوا نهائيا عن المنهجية الغامضة وتبنوا تربية ملموسة وواقعية ترتبط أساسا ومباشرة بالحياة والاهتمام بالفروق الفردية؛ وقد أصبح ينظر إلى التعلم عند الإنسان وإلى الطرائق البيداغوجية نظرة عقلانية تهتم بما ينجزه التلميذ من سلوكات يستطيع المدرس ملاحظتها وضبطها والتحكم في توجيهها وقياسها.(سلسلة التكوين التربوي العدد  4).

   وفي آخر هذا المحور المخصص للطرائق البيداغوجية ، نود أن نورد بعض الأفكار الخاصة بعلاقة الطرائق البيداغوجية الحديثة بعلم نفس الطفل ، حيث يقول بياجي بأن روسو هو الفيلسوف الذي استطاع صياغة نظرية عامة حول أهمية طفل واعتباره كائنا مستقلا ، ويتميز بطبيعة خاصة تميزه عن الراشد، وهو الرائد الأساسي للطرائق البيداغوجية الحديثة لإقراره بأن لكل طفل إمكانياته الخاصة به وبأن له طرق خاصة في النظر إلى الأمور وفي الإحساس بالأشياء، وبأن النمو الذهني كذلك هو نمو يخضع لقوانين ثابتة ، ونظرا لآراء روسو ،أصبحت نظرة " ضرورة تكيف الطفل مع المدرسة" تتحول إلى ضرورة " تكيف المدرسة مع الطفل " إذ أصبح علماء الطفولة يبحثون عن التفسير الموضوعي والعلمي للنمو ولنشاط الذهني والنفسي ؛ كم يشير    Palmade إلى أن الدراسات السيكولوجية للطفل تم إنجازها من خلال منظورين مختلفين :  المنظور الوظيفي ،ويرتبط بكيفية قيام شخصية الطفل بوظيفتها ، ثم يعمل على شرح كيفية تكوين هذه الشخصية (علم النفس التكويني ) ، حيث يبحث ، مثلا ، توضيح بنية الفكر عند الطفل ، واكتشاف العلاقات بين الذهنية الطفلية وذهنية الراشد، وتوحيد وتبرير تصرفات الطفل من خلال خاصيات عامة ، كخاصية التمركز حول الذات égocentrisme عند الطفل التي تتيح فهم مختلف مظاهر اللعب والتفكير واللغة لديه .أما المنظور الثاني ، فيتعلق بسيكولوجيا الملاحظة ، التي تبحث في وصف سلوك الطفل كما يظهر مباشرة ، فيقوم الباحث بتقديم السلوك اليومي الذي يطابق كل مرحلة عمرية (بياجي،علم النفس وفن التربية) . إن الطرائق البيداغوجية الحديثة قد استفادت كثيرا من علم النفس الكلاسيكي والحديث في بناء وتطوير استراتيجياتها النظرية والتقنية ، كما رأينا وكما سنرى خلال هذا الكتاب، وذلك من أجل التحكم الجيد في عملية التنشئة والتعلم ، وهذا سيتضح لنا أكثر من خلال تعرفنا على أهم نظريات التعلم .


Post a Comment

Previous Post Next Post