هل يعتبر التحجير إحياء ؟
تمهيد : ( أهمية التحجير في رفع مستوى الإنتاج ) :
     الحق أن التحجير بحد ذاته لا يفيد إلا إذا ترتب عليه إحياء فعلي للأرض ، بزراعة ونحوها . ففائدة التحجير في تحديد أولوية من سبق من المحيين فقط ، ولذلك فالتحجير مشروع لأنه وسيلة إلى غاية وهي الإنتاج الزراعي . وإذن، فلا مانع من كون التحجير مرحلة تمهيدية تتبعها مرحلة النماء والإنتاج ومن هنا تأتي أهميته لرفع مستوى الفرد والجماعة .
(وإليك ما قاله العلماء فيه ) :
تعريف التحجير :
لغة : قال في مختال الصحاح : ( الحجر جمعه في القلة أحجار وفي الكثرة حجار وحجارة ، وحجر القاضي عليه : منعه عن التصرف في ماله . ومنه الحجرة : حظيرة الإبل ومنه حجرة الدار ، تقول : أحتجر حجرة : أي اتخذها([1]).
أما في مصطلح الشرع :
     يقول يحيى بن آدم : التحجير : ( عبارة عن ضرب الأعلام والمنائر حول الأرض ) ([2]) .
** مذاهب العلماء في التحجير وبيان الراجح منها :
أولاً : الحنابلة : يقول ابن قدامة في المغني ما نصه : ( وإن تحجر مواتاً إذا دار حول الأرض حجارة أو تراباً أو حاطها بحائط صغير لم يملكها بذلك ، لأن الملك بالإحياء ، لكن يصير بهذه الطريقة أولى من غيره ) .
     لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ) ([3]) ولما روى سعيد في    سننه : أن عمر – رضي الله عنه – قال ( من كانت له أرض – يعني من تحجير أرضاً – فعطلها ثلاث سنين فجاء قوم فعمروها فهم أحق بها ) ([4]) فهذا عمر حدد للمحتجر ثلاث سنين ثم تصادر منه إن لم يحيها .
ثانياً :
** قول أبو يوسف في الخراج – ما نصه :-
( والمحتجر هو أن يجيء الرجل إلى أرض موات فيضع فيها حظيرة ولا يعمرها ولا يحيها فهو أحق بها إلى ثلاث سنين، فإن لم يحيها بعد ثلاث سنين فهو في ذلك والناس في إحيائها سواء ) (**) .
ثالثاً : ويقول ابن الهمام :
     ( ومن حجر أرضاً ولم يعمرها ثلاث سنين أخذها الإمام ودفعها إلى غيره لحصول المنفعة من حيث العشر أو الخراج ، ولأن التحجير ليس بإحياء وإنما له الأولوية بالإحياء فقط ، لقول عمر : ( ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين ) ([5]) .

رابعاً : في الإقناع ( للشافعية ) :
     أن من نصب على أرض حجارة فيعتبر محتجراً لذلك القدر . وه مستحق له دون غيره . ولو طالت مدة التحجر ، ولم يحي قال له الإمام : أحي أو اترك ([6])
     ومما سبق يتضح لنا أهمية التحجير حيث أن التحجير يعتبر من وسائل إحياء الموات . ومعلوم فائدة إحياء الموات في دعم القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج لصالح الفرد والجماعة .
     وبعد الانتهاء من الإحياء وأثره على القطاع الزراعي ، حيث يعد الإحياء من أهم الأسباب التي توسع رقعة الإنتاج الزراعي .


([1]) مختار الصحاح ، أبو بكر الرازي ، ص123 . ترتيب محمود خاطر .
([2] ) الخراج ، يحيى بن آدم ، ص90 .
([3] ) المغني ، لابن قدامة ، ج5 ، ص569 ، الناشر ، مكتبة الرياض الحديثة ، بالرياض ، وقد ورد الحديث في فيض القدير للمناوي وصححه ، ج6 ، ص148 .
([4] ) انظر الخراج ، يحيى بن آدم ، ص91 ، ط: 1399 ، بيروت – وانظر الخراج ، لأبي يوسف ، ص61 ، ط1399 ، بيروت .
(** ) ينظر كتاب الخراج ، لأبي يوسف ، ص101 .
([5]) شرح فتح القدير ، لابن الهمام ، ج9 ، ص7 .
([6]) الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ، شمس الدين الشبيني ، ج2 ، ص25 .

Post a Comment

Previous Post Next Post