اللغة العربية في أقسام اللغات الأجنبية
        لكي يتمكن الأستاذ من إقناع الطلاب بفائدة المادة التعليمية التي تعرض عليهم، فيتحكم جيدا في دروسه، لابد أن يتمتع بكفاءة لسانية وعلمية وبيداغوجية تؤهله باستمرار لخلق الرغبة في التعلم لديهم، وتمكنه من تقديم محتوى التدريس بطريقة مشوقة ([1]). ولكن الواقع عكس ذلك، فأستاذ اللغة العربية في تلك الأقسام غالبا ما يُنْعَتُ - صدقا أو زورا - بأنه تقليدي في شكله وفي محتواه وفي طريقة تدريسه مقارنة مع أساتذة اللغات الأجنبية. فهو أستاذ - كما يزعمون - لا يحسن اللغات، ينظر إلى العالم من حوله بعين واحدة هي اللغة العربية، ويدافع عنها ويتعصب لها لأنه لا يعرف اللغات الأجنبية...الخ. ونظرتهم هذه إلى أستاذ اللغة العربية تنعكس على اللغة ذاتها. وعلى الرغم من المبالغة في الحكم إلا أن هناك أسبابا عديدة أدت إلى هذا الإفراط أهمها:
        1 - الموضوعات الكلاسيكية التي يقدمها أساتذة اللغة العربية، فهي موضوعات مكررة يصادفها الطلبة دوريا خلال السنوات الثلاثة الأولى من تكوينهم. لأنه لا يوجد برنامج وزاري موحد يحدد موضوعات اللغة العربية في هذه الأقسام، ولذا يلعب الذوق والارتجال دورا كبيرا في عملية اختيار موضوعات هذه المادة.
        2 - الطريقة المعتمدة في عرض تلك الموضوعات على الطلاب لا تخرج عن الإلقاء والإملاء. فهي طريقة تقليدية تلقينية تجاوزها الزمان مقارنة مع الطرائق التي يتلقى بها الطالب مادة الاختصاص.
        إن ترقية اللغة العربية في أقسام اللغات الأجنبية في حاجة ماسة إلى برامج ثرية ومشوقة منتخبة من عيون الموروث اللساني والنقدي والأدبي الذي تحتويه اللغة العربية. وقد أثبتت لنا التجربة الميدانية أن توفير تلك البرامج إلى جانب الأستاذ الكفء لهما دور كبير في إقبال الطلاب على دراسة هذه المادة واحترام مدرسيها.


[1] - د/ عبد الرحمن الحاج صالح، أثر اللسانيات في النهوض بمستوى مدرسي اللغة العربية، مجلة اللسانيات، العدد (4)، الجزائر 1973/1974، ص: 41-42.

Post a Comment

Previous Post Next Post