الجانب التحليلي
أولاً: كيف تساهم سرد القصص في تنمية الريادة المنظمية؟.
تستخدم منظمات الأعمال القصص المنظمية بوصفها إحدى الجهود المبذولة باتجاه بناء مجتمعات الممارسة. إذ تمكن هذه القصص اصحاب المصالحومنهم الأفراد العاملين لفهم الكيفية التي قد تتغير بها المنظمة. اذ تثير القصص المنظمية التفكير التحليلي والابداعي لدى المستمع، من خلال تحفيزه على التعلم والتفكير بوجهات نظر جديدة في بيئات جديدة تحكمها متغيرات جديدة. وهنا، يمكن وصف المساحات التنظيمية حيث يمكن لأسلوب سرد القصص أن يكون فعالاً في تنمية الريادة المنظمية، وكما يأتي:(Denning, 2000, 3)
×   تحفيز الإجراءات في منظمات عصر المعرفة: يساعد أسلوب القصص المنظمية المديرين والعاملين على التفكير النشط حول الآثار المترتبة على التغيير، ومعرفة الفرص المتاحة لمستقبل منظماتهم.
×   سد فجوة المعرفة بالممارسة: يفترض هذا المنظور أن أسلوب القصص المنظمية يمكن أن يستغل الطبيعة التفاعلية للاتصال من خلال تشجيع المستمع على تصور القصة بوصفه احد المشاركين فيها ويتخذها كجزء من هويتهم.
×   التقاط المعرفة الضمنية: يوفر هذا الأسلوب وسيلة لنقل المعرفة الضمنية بالاعتماد على التيارات العميقة المتدفقة من المعنى وأنماط السرد المتعددة لتساعد المستمع لإدراك المعرفة، وهكذا يحفز لتكوين الرؤى لمستقبل مختلف ومتجدد.
×   لتجسيد ونقل المعرفة: يمكن لقصة بسيطة من إيصال أفكار ذات أبعاد معقدة، من خلال المشاركة الفعالة للمستمعين في توليد الأفكار في سياق خاص لتطبيقها في مجالات منظماتهم.
×   كما تشجع القصص المنظمية على الإبداع من خلال ربط الأفكار مع بعضها بعضاً، فضلاً عن استخدامها من منظمات الأعمال في تشكيل مجتمعات الممارسة لبناء الثقة بين أعضاء المجتمع.
ثانياً: ملخص حول مجموعة البنك الاسلامي للتنمية.
تمثل مجموعة البنكالإسلاميللتنميةمؤسسةماليةتنمويةدولية متعددة الاطراف والكيانات – لاحظ الشكل (7)،أنشئتتطبيقاً لبيانالعزمالصادرعنأولمؤتمرلوزراءماليةالدولالإسلاميةالذيعقدفي مدينة جدةفيشهر (ذيالقعدةمنعام1393ه)والموافق (ديسمبرعام1973م). وقدتمافتتاحالبنك رسمياًفي(اليومالخامسعشرمنشهرشوالعام1395ه (والموافق (العشرينمنأكتوبرعام 1975). وفي اطار رؤية ورسالة البنكالإسلاميللتنمية، فانه يهدف الىدعمالتنميةالاقتصاديةوالتقدمالاجتماعي لشعوبالدولالأعضاءوالمجتمعاتالإسلاميةفيالدولغيرالأعضاءمجتمعةومنفردة وفقًالمبادئوأحكام الشريعةالإسلامية.

اعضاء مجموعة البنك الاسلامي للتنمية
كما تتجلى وظائف مجموعة البنك الاسلامي للتنمية في ثلاث مساحات جوهرية وهي:([1])
×    المساحةالأولى: اقتصادية،وتتمثلفيالأنشطةالاستثماريةالتنمويةالتييمكنللبنك القيامبهالتحقيقهدفهفيالتنميةالاقتصاديةفيالبلدانالإسلامية.
×    المساحةالثانية: اجتماعية،منخلالالتأكيدعلىالتنميةالاجتماعيةمصاحبةللتنمية الاقتصاديةفيالمجتمعاتالإسلامية،ومنأمثلةذلكتأسيسصندوقلإعانةالمجتمعات الإسلاميةفيالدولغيرالأعضاء.
×    المساحةالثالثة: تعليميةوفنية،وتتمثلفيتدريبالعاملينفيمجالالتنميةبالدول الأعضاءوإجراءالبحوثفيالمجالاتالمصرفيةوالماليةالإسلامية.
ثالثاً: تحليل لبعض خطابات([2]) رئيس مجموعة البنك الاسلامي([3]) في تنمية الريادة المنظمية.
يتزايد قبول اسلوب سرد القصص في المنظمات العربية ومنها البنك الاسلامي للتنمية بوصفه اداة استراتيجية لإدارة الغايات والاهداف، اذ يمكن ملاحظة ذلك في الخطابات المتنوعة لرئيس البنك التي وظفت لتحقيق غايات واهدافمختلفة وبما يدعم روح المبادرة في المجتمعات الاسلامية، وكانت كالاتي:
×    دعم التغيير: يحتاج احداث العمل المناسب من خلال التغيير الى قيادة، والتي تعمل على توجيه الافراد لتنفيذ ذلك التغيير. وهذا الموقف يتطلب من القائد ان يتواصل مع مرؤوسيه حول الطبيعة المعقدة للتغيير المطلوب ويلهمهم بما يضمن ادراكهم وتطورهم الصحيح للتحول، ومن ثم يعمل على تشجيع ذلك. ونلاحظ ذلك في خطاب لرئيس البنك في ندوة التمويل الاصغر والاعمال الاجتماعية بالرياض في المملكة العربية السعودية (16/12/2012) وكالاتي:

        اذ نلاحظ في هذا الجزء من الرواية، ان دور البنك في دعم التغيير نحو تنشئة صناعة التمويل الاسلامي الاصغر ونمذجتها قائم على حدث فعلي ذا مصداقية وصلة وثيقة بـ(رؤية البنك افاق 2020)، فضلاً عن ذلك يتمثل بطل الرواية بالبنك الاسلامي للتنمية – بوصفه قدوة لمؤسسات مجتمعه - الذي نجاح من خلال برامجه الى تغيير نظرة المجتمع وكذلك المؤسسات ومنها المالية تجاه الفقراء بقصد تعزيز مبادئكالعدل والمساواة والاستقرار في اطار التنمية الاقتصادية المستدامة من منظور اسلامي.
×    ايصال العلامة التجارية:احدى اهم ممارسات تعزيز الريادة المنظمية هي سرد القصص حول العلامة التجارية لمنظمات الاعمال والتي بدورها تعزز من سمعتها بين زبائنها او/و منافسيها. تحتاج تلك المنظمات الى الثقة من مجتمعاتها لكي تستطيع النجاح في تقديم سلعها وخدماتها في السوق. كما يحتاج المجتمع لكي يثق بمنتجات تلك المنظمات الى معرفة قيمها وثقافتها من خلال علاماتها التجارية المتكونة في اذهان افراد المجتمع الذي تعمل به تلك المنظمات وحتى العاملين فيها لبناء الولاء والثقة. ونلاحظ هذه الممارسة المتمثلة بسرد القصص حول البنك الاسلامي للتنمية في خطاب لرئيس البنك في منتدى تونس الاول للاقتصاد الاسلامي (27 شباط 2012)، وكالاتي:

مثل هكذا روايات من شانها بناء صورة ذهنية لممارسات البنك في اذهان المتعاملين مع البنك من اصحاب المصالح (الدول الاعضاء)، وكذلك لدى الجهات المنافسة من المنظمات الاقتصادية والمالية الغربية. تحمل هذه الصورة في طياتها مبادئ الاسلام التي تقوم عليها كافة ممارسات هذا البنك، وبوصفها رسالة للدعوة الى تبني الاسلام بكافة جوانبه ومنها الاقتصادية والمالية على وجه الخصوص.
×    ترجمة القيم ونقلها:يدعم سرد القصص الريادة المنظمية بوصفها اداة فعالة في ضبط القيم المنظمية، وخاصة تلك التي تساعد على منع وتجنب المشكلات والتهديدات المستقبلية وبالتالي تدعم خاصية المبادأة في الحد من السلوك التدميري للعاملين او اصحاب المصالح. ونلاحظ ذلك في خطابي لرئيس البنك في مؤتمر عمان / مسقط (23-24/1/2012)، وندوة تفعيل دور الاوقاف في تونس (28-29/2/2012) على التوالي، وكالاتي:

ان سرد هذه المبادئ القائمة على الفكر الاسلامي ما هي الا قيم يتخذها البنك الاسلامي للتنمية في توجيه افراده واصحاب المصالح لاستغلال الفرص وكذلك منع وتجنب التهديدات والمشكلات التي يواجهها، فضلاً عن المحافظة على ولاءهم عند حدوث الازمات او التغيرات، وبوصفها اطاراً لعملية المبادأة.
×    تعزيز التعاون:تتحدث اغلب قصص النجاح او الفشل على مر السنين عن القيمة المتحصلة من عمل الافراد معاً، وخصوصاً في بيئات العمل. وهنا يمكن ان نشخص دور سرد القصص الجوهري في تعزيز اهتمامات وغايات مجاميع العمل والتحالفات، اذ يمكن ان يبدا التعاون بسرد القصص من قبل شخص او عضو في المجموعة او التحالف يتفق عليها فيما بعد مع الاعضاء الاخرين لبناء مجتمعات اساسها التعاون وتعتمد على المنظور المشترك لتحقيق اهدافهم وغاياتهم. ونلاحظ ذلك في خطاب لرئيس البنك في منتدى "استثمر في شمال قبرص" (12-13/4/2012) من خلال الدعوة الى استغلال فرص الاعمال الجديدة في هذه المنطقة، حيث حرك هذا الخطاب العواطف بما يكفي لإطلاق العنان نحو التعاون وتنمية روح المبادرة للأفراد والمشاريع المنظمية، وكالاتي:
ومن خلال مقاطع هذا الخطاب، نلاحظ ان احداث التعاون الذي يرغبه البنك الاسلامي للتنمية ورئيسه موجه للعديد من الجهات افراداً ومشاريعاً في اطار تنمية روح المبادرة لديهم بما يعزز التنمية الاقتصادية المستدامة للمجتمع القبرصي-التركي وبالتركيز على مبادئ الفكر الاسلامي.

الاستنتاجات والمقترحات.
بغية إعطاء تصور وفهم واضح ودقيق للواقع الحالي في المنظمة المبحوثة، فقد تناول البحث تقديم خلاصة لما توصلت إليه من أفكار ومعطيات ونتائج، عبر تحليل مضمون الحقائق النظرية وما تضمنته من أفكار، وتفسير نتائج الواقع الميداني ومعطياته من أجل محاكاتها، من خلال عرض لأهم الاستنتاجات والمقترحات على النحو الآتي:
×    يعمل سرد القصص المنظمية كأداة استراتيجي واسلوب ريادي على مساعدة الافراد في تطوير علاقات بين المفاهيم في اطار مشترك يحكمه القيم والمعتقدات السائدة في المنظمات التي يعملون بها، وهذا الاطار يساعد في بناء فرق عمل اقوى يدفعهم شعور اقوى (اتفاق القلب والعقل) للتغيير في المجتمع.
×    يُنمي سرد القصص قدرة المنظمات على توجيه اوقاتها وافرادها الموهوبين للعمل على تحقيق غاياتها واهدافها في بيئة عالمية تنافسية لا حدود لها.
×    يتنوع سرد القصص المنظمية بالاعتماد على النتائج المرجوة مستخدمة مبدأ الملائمة للغرض من القصة، فالقصص طريقة رائعة للأفراد للتعلم من خلال سماع تجارب الاخرين.
×    خلال فترات الازمات، يساعد سرد القصص على تنمية انتاجية التفكير في كيفية ادارة الازمة بدلاً من رفع الرايات البيضاء اعلاناً للاستسلام.
×    تنمية روح المبادرة (الريادة) لدى اصحاب القرار تقوم على سرد القصص المنظمية التي تكوّن بدورها وضوح في الرؤية والرسالة والغايات والاهداف والاستراتيجيات للمؤسسات والافراد الذين يدعمون بدورهم الاستدامة الاقتصادية في مجتمعاتهم.
×    في اطار خطاب دعم التغيير: نلاحظ الاهتمام ببناء رسالة للتغيير تأخذ بنظر الاعتبار الواقع باستمرار ثم نسج هذه الرسالة حول استراتيجية البنك تحكمها رؤية جديدة لتكون قصة مقنعة وملهمة ولا تنسى وبالتالي ذلك يؤدي الى دعم الاخرين لتبني روح المبادرة (الريادة) في اعمالهم.
×    في اطار خطاب بناء الثقة بالبنك: نلاحظ ان اصالة العلامة التجارية للبنك قائمة على واقع حقيقي وليس مجرد حلم، فهذه العلامة تضمن للآخرين بان البنك يحقق وعوده في اطار المبادئ الاسلامية، اذن مصداقية هذه العلامة من شأنها بناء الولاء والثقة بممارسات البنك في قيادة اي تغيير لمواجهة الازمات والتهديدات.
×    في اطار خطاب ترجمة القيم ونقلها:نلاحظ انه يؤسس لمجتمعات تعاونية قائمة على الثقة والولاء والتضامن، ويؤكد على التضامن بوصفه رعاية لمصالح الاخرين والاستعداد لاتخاذ الاجراءات نيابة عن الاخرين حتى لو تعارض مع المصالح الخاصة، وهذا ما عهدناه في عمل البنك من خلال التجديد والابتكار والقدرة على ردم الفجوة بين المعرفة وحاجات السوق في اطار تعاوني، فالخطاب يؤسس للقيم ويقدم المعنى لها.
×    في اطار خطاب بناء التعاون: نلاحظ ان تأسيس اي مجتمع تعاوني يقوم على قيم ومعاني مشتركة، وهنا ينقل السرد هذه القيم والمعاني المميزة للمجتمعات مما يتيح للمجتمعات الاخرى اعادة صياغة الكيفية التي ترتبط بها مع تلك المجتمعات من خلال ايجاد اليات للتعاون.
اما اهم المقترحات فيمكن اجمالها بالاتي:
×    العمل على ايجاد فرص تدريبية في سرد القصص يساعد الافراد على نقل المعرفة وتنفيذ التغيير وتحفيز الفرق واصحاب المصالح على نطاق اوسع لدعم التنمية الاقتصادية في المستقبل.
×    ومن اهم البحوث المستقبلية: يمكن اجراء بعض الدراسات حول اي مستوى تنظيمي اكثر من غيره تكون سرد القصص اكثر فاعلية، وما هي خصائص القصص التنظيمية الفعالة المستندة على رؤية البنك (افاق 2020)



[1]للمزيد من التفاصيل (www.isdb.org)
[2]للاطلاع على النصوص الكاملة لرئيس البنك الاسلامي للتنمية يرجى النظر الى (www.isdb.org).
[3]هو الدكتور أحمد محمد علي المدني هو أول رئيس للبنك الإسلامي للتنمية، حيث تولى رئاسته منذ عام (1975). وقد ولد الدكتور احمد في المدينة المنورة، بالمملكة العربية السعودية. وهو حائز على درجة البكالوريوس في التجارة، وعلى ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، بمصر. ولقد حصل على درجتي الماجستير في الآداب ودكتوراه الفلسفة، وكلاهما في الإدارة العامة، من جامعة ( Michigan, Ann Arbor)وجامعة ولاية نيويورك (SUNY) ، Albany ، الولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1962 و1967 على الترتيب. ويمكن قراءة السيرة الذاتية بالكامل للدكتور علي في (www.isdb.org).

Post a Comment

Previous Post Next Post