( أهمية الصحة في دعم الإنتاج ) :
** أهمية الرعاية الصحية في إتقان العمل وتكوين الخبرة :
تمهيد : تعتبر الرعاية الصحية نوعاً من الاستثمار البشري في العملية الإنتاجية ، فعن طريقها يمكن تنمية الموارد البشرية كماً وكيفاً فمن الناحية      الكمية : تساعد الرعاية الصحية على تقليل نسب الوفيات بين الأطفال والشباب ، وهذا من شأنه أن يزيد في أعداد السكان ، فتزداد بذلك القوى البشرية القادرة على العمل والإنتاج ، ومن الناحية الكيفية ، تساعد الرعاية الصحية على القضاء على الأمراض المستوطنة وأمراض سوء التغذية التي تضعف حيوية الأفراد ، وتجعل الحياة عبئاً ثقيلاً عليهم ، فتتحسن صحة الأفراد وتزداد مقدرتهم على        العمل ، سواء بالنسبة لعدد الساعات التي يشتغلونها كل يوم ، أو بالنسبة لمقدار العمل الذي يؤدونه أثناء حياتهم وبذلك يرتفع معدل الكفاية الإنتاجية ويزداد إنتاج المجتمع (2).
** الأدلة على اهتمام الشريعة بالصحة :
** هذه القصة الآتية تبين أن القرآن والسُّنَّة وضعا الخطوط العريضة لرفع المستوى الصحي للإنسان .
قال نصراني لعلي بن الحسين : ليس في كتابكم من علم الطب شيء ، والعلم نوعان : علم أديان وعلم وأبدان . فقال له علي : جمع الله الطب في نصف آية من كتابنا . فقال ما هي؟ قال :قوله تعالى: ((وكلوا واشربوا ولا تسرفوا)) (1).
فقال النصراني ولا يؤثر عن رسولكم في الطب . فقال علي : رسولنا جمع الطب في ألفاظ يسيرة ، قال : ما هي ؟ قال : ( المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء ، وأعط كلاَّ حسب ما عودته ) (2)، فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً .
       قال علماؤنا : يقال إن معالجة الطبيب نصفان ، نصف دواء ونصف حمية ، فإن اجتمعا فكأنك بالمريض وقد برئ ، وإلا فالحمية به أولى ، إذ لا دواء مع    ترك الحمية وقد تنفع مع ترك الدواء (3).
** وإليك بعض الأمثلة من السُّنَّة للمحافظة على صحة الإنسان :
** حث الرسول - e - على تقوية البدن ، كما حث e على تقوية الروح .
يقول e : (( المؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف )) (4).
ويقول e : (( إنّ لبدنك عليك حقا )) (5).
       وقد بّين e لأمته الطرق الكفيلة بإبعاد كثير من الأوبئة والأمراض . وهو ما يسمى " الطب الوقائي " .


فقد نهى e (( عن التبول والتبرز في المياه )) (1).
وقال e : (( لا يورد ممرض على مصح )) (2).
وقوله e : (( إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها )) (3).
       ومعلومة قصة عمر :
       ( ذلك عندما قال في الرجوع عن البلد التي فيها الطاعون : نفرّ من قدر الله إلى قدر الله ) .
       ثم قال عبد الرحمن بن عوف : إني سمعت رسول الله e يقول : (( إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فراراً منه )) (4).
** الجمع بين الأدلة التي تحذر من العدوى وبين قوله e : (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر )) (5).
       ( إنَّ الأدلة صريحة في المنع وصريحة في عدم ذلك ، وهذا يدل على جواز الأمرين فمن قوي توكله واعتماده ويقينه أخذ بحديث الجواز . ومَنْ ضعف وخاف أخذ بحديث المنع ، وهذه سُنَّة ، وهذه سُنَّة ) (6).
** تحريم ما يضر جسد الفرد :   
       وزيادة في حماية صحة المسلم حرم الإسلام كل ما يضر بصحة الإنسان . فرحم أكل ما يضر بالجسد كالسموم والتراب والخمر ، والخنزير والدم ونحوها كالميتة وجميع الخبائث .
       قال تعالى : (( قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً ، أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله           به )(1).
       وفي مقابل ذلك أباح لهم أكل الطيبات التي تغذي الجسم غذاء صحيحاً . قال تعالى : (( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )) (2).
** فعل السبب والبحث عن العلاج :
قال تعالى : (( وننزل من القرآن ما هو شفاء )) (3).
وقوله تعالى : (( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه ، فيه شفاء للناس ) (4).
       وقد أخرج مسلم عن جابر عن رسول الله e : (( لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله تعالى )) (5).
** يقول ابن الحاج في كتابه ( المدخل ) :
( وجواز الاسترقاء وشرب الدواء : هو مذهب كافة العلماء والأئمة ) (6).


وقال e : (( إن كان في شيء من أدويتكم خيرٌ ففي شربة عسل أو شرطة محجم أو لذعة نار )) (1).
** الخلاصة :
       إنَّ الإسلام وضع الخطوط العريضة لحماية كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي من حيث الرعاية الصحية ، حيث الفرد هو العنصر الفعّال في نهضة المجتمع .
* وما أكده دستور هيئة الصحة العالمية في كثير من فقراته في حق المواطنين في الرعاية الصحية :
       ( أن التمتع بأعلى مراتب الصحة أحد الحقوق الرئيسية لكل إنسان بغير ما تمييز بالنسبة لجنسه أو دينه أو عقيدته السياسية أو حالته الاجتماعية ) . ومنها
( أن الحكومات مسؤولة عن صحة شعوبها ولن يتأتي لها أن تضطلع بهذه المسؤولية إلا باتخاذ تدابير فعالة في إطار من العدالة الاجتماعية ) (2).
       إذن لم يأت دستور هيئة الصحة العالمية بشيء جديد ، فالشريعة الإسلامية بتعاليمها قد سبقت الأنظمة الوضعية في كل ما من شأنه سعادة الفرد والجماعة .
       وبعد الانتهاء من الحديث عن دور الرعاية الصحية في بناء الفرد وتكوين الخبرة واستمراريتها ننتقل في الحديث عن موقف الشريعة من التخطيط ، وأدلته من الكتاب والسنة وفعل الصحابة ، حيث التخطيط السليم من أهم مكونات الخبرة وبناء الفرد ، وبالتالي رفع مستوى الإنتاج في الدولة الإسلامية .


** دور التخطيط في دعم الإنتاج :
تمهيد:
       ذلك أن التخطيط من مستلزمات المحافظة على الوقت والعناية بأفراد الأمة ، حتى يتعلموا أن يوجد التخطيط السليم والتنظيم ووضع كل شيء في موضعه ، حتى تتقدم الدولة على أسس ثابتة وقواعد راسخة .
       ومن ثم تنعكس فوائد هذا التخطيط على كل فرد من أفراد الدولة . ذلك أن أهداف التخطيط السليم :
1-     تجنب الإسراف والتبذير .
2-     ومنها العدالة في توزيع الدخول والثروات .
3-     والتوفيق بين الادخار والاستثمار .
** المطلب الأول :
       تعريف التخطيط :
       إنَّ التخطيط كلفظ مطلق ، هو في أبسط صورة البحث عن أفضل البدائل الممكنة لتحقيق هدف معين في مدة معينة ، في حدود الإمكانيات المتاحة تحت الظروف والملابسات القائمة .
       والتخطيط أهم وظائف العمل أياً كان نوعه . لأنه يعني تجميع الحقائق والمعلومات وتحليلها ، ثم ترتيب خطوات العمل (1).
       والتاريخ الإسلامي يشتمل على العديد من صور التخطيط في مختلف العصور . والتخطيط في الإسلام ينبني على ترتيب أولويات المصالح الشرعية وهي عبارة عن :
1- الضروريات :
       وهي الأمور التي تتوقف عليها حياة الناس وإذا اختل أمر منها اختلت حياتهم وعمها الفوضى ، ومرجعها إلى حفظ دينهم ونفوسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم (1).
2- الحاجيات :
       وهي الأمور التي تقتضيها سهولة الحياة ويسرها .
3- التحسينات :
       وهي الأمور التي تجمل الحياة وتكفل العيش الرضي (2).
** الفرع الأول : ( أهمية التخطيط والتنظيم في القرآن ) :
       ذكر القرآن مجموعة من القصص تحكي أهمية التخطيط في مجال العمل . فهذه قصة داود عليه السلام عندما أمره الله تعالى بصنع الدروع .
       قال تعالى : (( أن اعمل سابغات وقدر في السرد ، واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصيرا ) (3).
       وقوله تعالى : (( إنّا كل شيء خلقناه بقدر )) (4).
       ففي الآيات إشارة واضحة إلى أن التخطيط هو أساس الحياة في كل مجال من مجالاتها . حيث قال الله لنبيه داود : ( وقدر في السرد ) أي رتب ونظم حتى يخرج عملك متقناً . والآية الثانية تشير إلى أن كل شيء وضع بحسب خطة سليمة إلى يوم القيامة .
       وقوله تعالى : (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) (5).
       إشارة صريحة إلى طلب التخطيط والتنظيم ، حيث وجه الله رسوله -e - إلى إعداد القوة بكل مبادئها ، ومعلوم أنه لابد لذلك من تخطيط .
**ويقول الدكتور سعيد المرصفي : ( إنَّ في القرآن الكريم قصصاً كثيرة رفيعة الشأن تدل على التخطيط . وفي قصص الرسول - e - وأعماله ما يدل على التخطيط والتنظيم ) .
ومن هذه القصص في القرآن :
1- قصة تخطيط قام بها نبي مرسل :
وذلك في قصة يوسف مع الملك . قال تعالى : ( يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر ، وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون ، قال تزرعون سبع سنين دأباً ، فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون . ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون . ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) (1).
ففسرها عليه السلام بوضع الخطة الآتية :
1-     ضرورة العمل المتاح لزيادة الإنتاج .
2-     أهمية التخزين السليم لصيانة الثمار .
3-     حتمية الاقتصاد في الاستهلاك .
4-     وجوب تحقيق فائض ضروري لإعادة الاستثمار .
5-     أحكام استثمار المدخرات .
6-     وضع الرجل المناسب في المكان المناسب (2).

2-قصة سد قام بها رجل صالح :
       قال تعالى : (( ويسألونك عن ذي القرنين ، قل سأتلو عليكم منه ذكرا . إنّا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً . فأتبع سببا . حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً . قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا . قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكرا ) (1).
       إلى قوله تعالى : (( حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً . قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ، قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما . آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا ، حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطرا ‎)) (2).
       ومن هذه القصة ندرك مراحل بناء السد ومراحل التخطيط التي سار عليها ذو القرنين حيث سار في عمله على هذه الأسس التالية :
1-     إنّ العمل الصالح هو أساس التفاضل .
2-     الربط بين العمل والجزاء وبين السبب والنتيجة فهو لا يؤاخذ إلا ظالماً ويكرم المؤمن الذي يعمل صالحاً .
3-     مبدأ المشاركة في العمل والتعاون على ذلك . عندما قال : (( أعينوني         بقوة )) (3).
4-     جمع المواد الأولية وتحديد خطوة العمل (( آتوني زبر الحديد )) (4).
5-     صهر وتنظيم وإرادة . حينما قال لهم : (( انفخوا ))(1) ، ثم إفراغ القطر عليه       وهو النحاس المذاب ليلتصق الحديد بعضه مع بعض الحديد بالصهر والشعب بالعمل .
6-     اختبار قوة السد (( فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ))(2) .
7-      شكر الله الدائم : ( هذا رحمة من ربي ) (3).
فالاعتماد على النفس رحمة من ربي . وتنظيم العمل رحمة من ربي . وصهر الحديد والنحاس رحمة من ربي . واختبار العمل بعد الانتهاء رحمة من ربي . ونجاح العمل رحمة من ربي .
ففي هذه الآيات دعوة صريحة إلى التخطيط العملي الفذ ، والعمل المتقن والإنتاج والإبداع (4).
** الفرع الثاني : فعل الرسول e في التخطيط :
أولاً : التخطيط في الدعوة :
       حيث إبتدأ - e - دعوته سراً بين الناس ، ثم ما قام به - e - من عرض نفسه على القبائل الواردة على مكة المكرمة لقبول الدعوة الإسلامية . حتى قيض الله من احتضنها ، وذلك كله بسبب التخطيط السليم ، الذي قام به -e - في بداية الدعوة .
** التخطيط للهجرة من مكة إلى المدينة :
قصة خروج النبي - e - من مكة إلى المدينة .

** يقول ابن القيم :
       لما بايع الرسول - e - أهل العقبة أمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة ، فعلمت قريش أن أصحابه قد كثروا وأنهم سيمنعونه ، فأعملت آراءها في استخراج الحيل لمنعه من الخروج .
       فمنهم مَنْ رأى الحبس ، ومنهم مَنْ رأى النفي ، ثم اجتمع رأيهم على القتل فأوحى الله إليه بذلك وسار من توه ، وأمر علياً أن ينام في مكانه ، ولازمه الصديق أبو بكر رضي الله عنه . ولما فارق مكة اشتد بأبي بكر رضي الله عنه ، فجعل يذكر الذين أرصدوا الجوائز الكبيرة لمن يأتي برأس رسول اللهe حياً أو ميتاً .
       فصار يمشي أمامه ، وتارة خلفه ، وتارة يمينه وتارة عن شماله ، إلى أن انتهيا إلى الغار ، فبدأ الصديق بدخوله ليكون وقاية له . ثم أنبت الله شجرة لم تكن قبل فأظلت الضيفين ، ثم جاءت عنكبوت فحازت وجه الغار . وجاء الله بحمامتين فاتخذتا هناك عشاً ، وكان يقول - e - لأبي بكر " لا تحزن إنّ الله معنا " (1). وأقاما في الغار ثلاثة أيام .
       واستعملا رجلاً من بني الديل هادياً خريتاً ، أي ماهراً ، مع أنه كافر ، ولكن للضرورة أحكام . وأعطياه راحلتيهما وواعداه غار ثور ، بعد ثلاث ليال فأتاهما فارتحلا (2).
       وانظر إلى التخطيط السليم الذي اتخذه -e - في هذه الهجرة الشاقة المحفوفة بالمخاطر .


أولاً :
       أنه - e - جعل الهجرة بالنسبة له سرية ، لم يطلع عليها سوى أقرب المقربين إليه ، وتصميمه على الهجرة يعتبر من التخطيط السليم لإنجاح مهمته        - e - .
ثانياً :
       جعل علي بن أبي طالب في مكانه حتى يهدأ القوم في طلبه ، في أول       الليل ، بحيث يتمكن من قطع مسافة تؤهله للاختفاء .
ثالثاً :
       عدم مواصلة السير ، إذ المترصدون يملؤون الأرض جيئة وذهاباً ، حيث  استقر بالغار الذي جعل الله فيه من المعجزات ما حال بينه وبينهم .
رابعاً :
       اتخاذه - e - الرفيق في الهجرة الشاقة ، حيث هو زيادة في أخذ الحذر ، والتشاور للوصول إلى أحسن طرق السلامة .
خامساً :
       ما أروع التخطيط وفعل الأسباب مع الثقة بنصر الله وتسديد الخطأ : " لا تحزن إن الله معنا " .
سادساً :
       استئجار الدليل القادر على قطع الطريق بأسرع وقت وبأقصر جهد له دور في إنجاح الخطة .
سابعاً :
       غدو الراعي عليهم بالليل وهما في الغار ليشربا من ألبان الغنم وانصرافه عنهما بالنهار يعتبر من أهم وسائل تخطيط الهجرة .

ثالثاً :
** التخطيط للجهاد في سبيل الله تعالى :
       وذلك باستخدام الطرق الآتية :
أولاً : تعبئة الجنود بالقوة الروحية والعقائدية ، حيث تذكيرهم بالشهادة في سبيل الله ، وما أعده الله للمجاهدين في سبيله ، وكذلك الاستعداد في القوة الجسدية والسلاح ، قال e : ( ألا إن القوة الرمي ) (1).
ثانياً : تعيين القواد وأمر الجنود بطاعة قائدهم وأنها من طاعة الله ورسوله ، قال e : ( مَنْ أطاع الأمير فقد أطاعني ) (2).
ثالثاً : طلب اجتماع الكلمة والتعاون على البر والتقوى وأداء العبادات حتى في أثناء المعركة وما صلاة الخوف إلا دليل على ذلك .
رابعاً : استعمال السرية في تسيير المعارك والغزوات ، فكان e ( يوري في غزواته وحروبه )(3).
خامساً : تتبع أخبار العدو ، وبث العيون لأخذ الاستعداد للمعركة . ومعروف عندما سأل e الرجل : ( كم يذبح القوم من الإبل في اليوم ؟ ) وذلك في معركة بدر ، فقيل له كذا وكذا ، فقال : (( هم ما بين سبعمائة إلى تسعمائة ))*.
رابعاً :
** التخطيط في العمل الإداري :
قصة ابن اللتبية :
       لقد وضع e القواعد في العمل الإداري بكل دقة وأمانة حيث كانe يضع المقادير لأنصبة الزكاة ، ومقادير الخراج ، ويحددe وعاء كل منهما . وكان e يراقب الأسواق ويقيم الحدود بيده الشريفة وكان e يحاسب عماله وأمراءه على تقصيرهم في القيام بما أُسند إليهم .
       ومعلوم قصته e مع ابن اللتبية عندما قال هذا أُهدي إليّ وهذا لكم ،    فقام خطيباً وقال : " ما بال أقوام نوليهم مما ولانا الله ، ثم يقول كذا وكذا ؟ " (1). وكان ينصّب الأمراء والولاة ، والقضاة ويتأكد من مدى صلاحيتهم (2).
** الفرع الثالث :
       ( التخطيط في عصور الخلفاء ) :
** ذكر في " التراتيب الإدارية "(3) باب في اعتناء قواد الصحابة برفع التقارير الجغرافية للخلفاء الراشدين عن البلاد التي فتحوها . وذلك أن الخلفاء في صدر الإسلام أمروا أمراء جيوشهم وعمّالهم أن يرسم كل منهم خطط البلاد التي افتتحوها واستولوا عليها .
       مثال ذلك : أن عمرو بن العاص لما أتم فتح مصر أرسل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاباً يصف له فيه مصر وشرح له السياسة التي سيتخذها فيها ونصه : ( مصر تربة غبراء وشجرة خضراء ، طولها شهر ، وعرضها عشر ، يكتنفها جبل أغبر ورمل أعفر ، يخط وسطها نهر ميمون العدوات ، مبارك الروحات ، يجري بالزيادة والنقصان كجري الشمس والقمر ، له أوان تظهر به عيون الأرض وينابيعها حتى إذا عج عجيجه أي عظم ماؤه لم يكن وصول بعض أهل القرى إلى بعض إلا في القوارب . فإذا تكامل في زيادة نكص على عقبيه كأول ما بدأ فعند ذلك يخرج القوم ليحرثوا بطون أوديته وروابيه . يبذرون الحب ويرجون الثمار من الرب حتى إذا أشرق وأشرف سقاه من فوقه الندى وغذاه من تحته الثرى فعند ذلك يدر حلابه ويغني ذبابه ، ثم إذا هي رقعة خضراء ، فتعالى الله الفعال لما يشاء ) (1).
** التخطيط في عهد عمر :
       يقول أبو يوسف في الخراج : ( فحدثني السرى إسماعيل عن عامر الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مسح السواد فبلغ 36 ألف جريب ، وأنه وضع على جريب الزرع درهماً وقفيزاً للمكيال . وعلى الكرم عشرة دراهم . وعلى الرطبة خمسة دراهم ) (2).
       وبعث عمر رضي الله عنه حذيفة بن اليمان على ما وراء دجلة وبعث عثمان بن حنيف على ما دونه فأتياه فسألهما : كيف وضعتما على        الأرض ؟ لعلكما كلفتما أهل عملكما ما لا يطيقون ؟ فقال حذيفة : لقد تركت فضلاً. وقال عثمان : لقد تركت الضعف لو شئت لأخذته . فقال عمر عند ذلك : ( أما والله لئن بقيت لأرامل أهل العراق لأدعنّهم لا يفتقرون إلى أمير بعدي ) (3).
** اهتمام المسلمين على مر التاريخ بالتخطيط في شتى المجالات :
       فقد عني الإسلام بتخطيط المدن ، لأنها من ضرورات هذه الحياة . فقد كان كل خليفة يتابع التطور الزماني والمكاني أثناء التخطيط .
       وقد ولد التخطيط في عهد الخلافة الراشدة واتسع في عهد الأمويين ، ثم العباسيين وهكذا ، وقد حدث هذا التخطيط في كل المدن التي فتحها المسلمون كالعراق ومصر وتونس والمغرب وغيرها .
       وكان المسلمون يأخذون بعين الاعتبار ما يرونه مفيداً في التخطيط كشق الأنهار وحفر الجسور وتشييد المرافق العامة .
       ففي الفسطاط مثلاً ، كانت المياه تصرف بما يشبه المجاري (1). وكانت الحمامات تملأ المدن ، والأسواق عامرة والتجارة رائجة . وكانت تخطط الشوارع والمرافق العامة ، وكان توزيع السكان على الأرض مناسباً فيتقاسمونها         بالقرعة (2).


(2) التنمية الاجتماعية ، عبد الباسط حسن ، ص373 .
(1) سورة الأعراف ، آية 31 .
(2) ذكره صاحب المقاصد الحسنة ، السخاوي ، رقم الحديث 1035 .
(3) ينظر لهذه القصة والمناظرة ، تفسير القرطبي ، جـ7 ، ص192 ، وكذلك كتاب المدخل لابن الحاج ، جـ4 ، ص 125 .
(4) رواه مسلم ، كتاب القدر ، حديث 37 ، جـ 8 ، ص56 ، وفي مسند أحمد ، جـ 2 ، ص366 .
(5) انظر الرسالة ص 107 .
(1) ونص الحديث : (( اتقوا الملاعن الثلاث ، البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل . رواه أبو داود في كتاب الطهارة ، الباب 14 ، جـ1 ، ص7 . رواه ابن ماجه في كتاب الطهارة ، جـ1 ، ص 119 . ويقول عنه محمد عبد الباقي بعد إيراده في سنن ابن ماجه : قال عنه في مجمع الزوائد : إنَّ سنده ضعيف ، لكن متنه له شواهد كثيرة تدل على صحته .
(2) رواه البخاري في كتاب الطب ، الباب 54 ، وفي فتح الباري ، جـ10 ، ص243 .
(3) رواه البخاري في كتاب الطب ، الباب 30 ، فتح الباري شرح البخاري ، جـ10 ، ص178 .
(4) رواه البخاري في كتاب الطب ، الباب 30 ، فتح الباري ، جـ10 ، ص 178 . ورواه مسلم في كتاب السلام ، حديث 105 ، جـ7 ، ص29 .
(5) رواه مسلم في صحيحه ، جـ7 ،ص 31 ، في كتاب الطب .
(6) الطرق الحكيمة ، لابن قيم ، ص332 .
(1) سورة الأنعام ، آية 145 .
(2) سورة الأعراف : آية 157 .
(3) سورة الأسراء ، آية 82 .
(4) سورة النحل ، آية 69 .
(5) انظر صحيح مسلم ، كتاب السلام ، جـ7 ، ص21 ط : دار المعرفة بيروت .
(6) المدخل ، لابن الحاج ، جـ4 ، ص128 .
(2) ينظر التنمية الاجتماعية ، عبد الباسط حسن ، ص 373 .
(1) تمويل المشروعات في طب الإسلام ، علي سعيد مكي ، ص 194 .
(1)الموافقات ، الشاطبي ، جـ2 ، ص8 بتصرف .
(2)الموافقات ،  الشاطبي ، جـ2 ، ص10/11 بتصرف .
(3) سبأ : آية 11  .
(4) القمر ، آية 49 .
(5) الأنفال ، آية 60 .
(1) سورة يوسف ، آية 46-49 .
(2) العمل والعمال ، سعيد المرصفي ، ص 172 .
(1) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(2) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(3) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(4) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(1) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(2) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(3) سورة الكهف ، آية 85-96 .
(4) العمل والعمال بين الإسلام والنظم الوضعية المعاصرة ، د. سعد المرصفي ، ص172-174 ، ببعض التصرف .
(1) انظر الفوائد ، لابن القيم ، ص71 ، ط : الثانية .
(2) انظر البخاري ، مناقب الأنصار ، الباب 45 .
(1)رواه مسلم في كتاب الإمارة ، حديث 167 ، جـ6 ، ص52 ، ط : دار المعرفة . وفي مسند أحمد ، جـ4 ، ص 157 .
(2)رواه البخاري ففي كتاب الجهاد ، الباب 109 ، وفي فتح الباري ، جـ6 ، ص116 ، ط : السلفية .
(3)انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري ، كتاب الجهاد ، الباب 103 ، جـ6 ،ص 112 ، ط : السلفية .
*
(1)القصة في البخاري ، كتاب ، الباب 15 . وفي مسلم ، كتاب الإمارة ، حديث 28 .
(2)وذلك عندما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : بم تحكم ؟ قال بكتاب الله . قال فإن لم تجد ؟ قال : فبسنة رسوله ، قال : فإن لم تجد ؟ قال : أجتهد رأيي ، ولا آلو . فضرب على صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله ، ينظر أبو داود ، كتاب الأقضية ، جـ3 ، الباب 11 ، ص 303 ، وفي مسند أحمد ، جـ5 ، ص 230 .
(1،2 ) الخراج ، أبو يوسف ، ص 38-40 .
(3) تخطيط المدن في الإسلام ، محمد الوكيل ، ص 135 .
(1) تخطيط المدن في الإسلام ، محمد الوكيل ، ص 135 .
(2) نفس المرجع ، ص 136 .

Post a Comment

Previous Post Next Post