أنواع الدول :
إن فقهاء القانون والسياسة اتبعوا مناهج متعددة في تقسيم الدول وذلك تبعا لطبيعة اختصاصاتهم واهتماماتهم والزاوية التي ينظرون منها إلى الدولة. وإذا كان القانون ركز في دراسته لأنواع الدول على مقدار ما تتمتع به الدول من سيادة حيث قسمها إلى دول كاملة السيادة ، وأخرى ناقصة السيادة ، فان فقه القانون الدستوري والنظم السياسي قد اهتم بتقسيم الدولة من حيث شكلها إلى دولة بسيطة ( موحدة ) ودولة اتحادية .
الدولة البسيطة أو الموحدة:
الدولة البسيطة أو الموحدة هي تلك التي تتخذ السيادة فيها صورة واحدة وتتميز ببساطة بنيانها الدستوري، بحيث تكون السلطات الأساسية في الدولة موحدة وتتبدى هذه الصورة من خلال وحدة الدستور. وتباشر الدولة البسيطة وظائفها بوساطة سلطات ثلاث: تشريعية وتنفيذية وقضائية التي تكون واحدة في هذا النوع من الدول. يحكم الدولة البسيطة وحدة السيادة، حيث السيادة فيها واحدة للشعب والإقليم والحكومة. مع ذلك فان مفهوم الوحدة السيادية والسياسية للدولة ليس جامدا، فقد تعتمد الدولة البسيطة النظام المركزي أو اللامركزية في إدارتها لنظامها.
ويتجسد النظام المركزي للدولة البسيطة بالتوحد الإداري أو المركزية الإدارية حيث تخضع مختلف الهيئات المحلية والإقليمية لسلطة مركزية سياسية وإدارية واحدة هي وحدها المختصة بإصدار القرارات، وتطبيق هذا النموذج بمفهومه المطلق يعد أمرا بالغ الصعوبة، لذا تقوم بعض الدول التي تعتمد هذا النظام إلى تخويل وكلاء عنها تقوم هي بتعيينهم في الأقاليم التابعة لها ببعض الاختصاصات مع استمرار خضوعهم للسلطة العليا المركزية في الدولة وتطبق فرنسا النظام الأخير.
أما نظام اللامركزية في الدولة البسيطة فيتلخص في إن تقوم السلطة المركزية في الدولة البسيطة بمنح بعض هيئات محلية أو إقليمية (منتخبة أو معينة) سلطة إدارة شئونها المحلية وإصدار القرارات فيها دون الرجوع إلى السلطة المركزية وإنما تحت رقابة هذه الأخيرة ضمن وحدة الدولة الواحدة ومصلحتها العليا وهذا وما يصطلح عليه باللامركزية الإدارية.
وقد تطبق الدولة البسيطة نظاما لا مركزيا متطرفا يعرف باللامركزية السياسية. والذي لا تمنح الوحدات المنتخبة داخل الدولة اختصاصات إدارية تنفيذية فحسب، بل تكون متمتعة بالاختصاص السياسي، ليشمل ذلك الوظيفة التشريعية والقضائية أيضا، ويطلق على هذا النظام أحيانا اسم الحكومة الذاتية "
Self Government" قد يتمتع به الإقليم الذي يشكل وحدة عضوية تقوم على عوامل جغرافية وتاريخية وعرقية ولغوية أو غيرها ويهدف إلى إقامة سلطة سياسية ومجالس خاصة به مستقلة تتميز عن السلطة المركزية هدفها إدارة الإقليم على أسس نفسية تنبع من رغبات وتطلعات أهل الإقليم.
ويصف الكثير من الكتاب (إن لم يكن اغلبهم) نظام اللامركزية السياسية على انه مهدد لكيان الدولة الموحدة وغالبا ما تكون نتائجها انفصالية. وهذه المسالة برزت على سبيل المثال في أسبانيا بعد إقرار دستور 1979 الذي منح الحكم الذاتي لبعض الأقاليم تلا ذلك أعمال عنف في منطقة إلباسك التي سعت للحصول على الاستقلال التام عن سلطة مدريد وربما الرغبة في إقامة (دولة اتحادية !) .
الدولة المركبة :
تتألف الدولة المركبة من دولتين، أو مجموعة دول اتحدت لتحقيق أهداف مشتركة، فتوزع سلطات الحكم فيها على الدول المكونة لها تبعا لطبيعة ونوع الاتحاد الذي يربط بينها.
تقسم الدول المركبة إلى:-

1 ـ الاتحاد الشخصي : وهو عبارة عن اتحاد بين دولتين أو أكثر تحت عرش واحد ، لكن تحتفظ كل دولة بسيادتها الكاملة وتنظيمها الداخلي المستقل وبالتالي فمظاهر الاتحاد هنا لا تتجسد إلا في شخص الدولة فقط ( فرئيس الدولة هو المظهر الوحيد والمميز للاتحاد الشخصي الأمر الذي يجعله اتحادا عرضيا وموقوتا يزول وينتهي بمجرد اختلاف رئيس الدولة .


الدول المشتركة في الاتحاد الشخصي تبقى متمتعة بكامل سيادتها الداخلية والخارجية، فانه يترتب على ذلك:-
1- احتفاظ كل دولة بشخصيتها الدولية وانفرادها برسم سياستها الخارجية.
2- تعد الحرب بين دول الاتحاد الشخصي حربا دولية.
3- إن التصرفات التي تقوم بها أحد دول الاتحاد الشخصي إنما تنصرف نتائجها إلى هذه الدولة فقط وليس إلى الاتحاد.
4- يعتبر رعايا كل دولة أجنبيا على الدولة الأخرى.
5- لا يلزم في الاتحاد تشابه نظم الحكم للدول المكونة له.

2- الاتحاد الحقيقي ( الفعلي ): يقوم بين دولتين أو أكثر، وتخضع كل الدول فيه إلى رئيس واحد مع اندماجها بشخصية دولة واحدة، تمارس الشؤون الخارجية. وتبقى كل دولة في الاتحاد محتفظة بدستورها وأنظمتها الداخلية .

يترتب على الاندماج في الاتحاد الحقيقي ( فقدان الدولة لشخصيتها الخارجية ) :-
1- توحيد السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي .
2- تعتبر الحرب التي تقوم بين الدول الأعضاء حربا أهلية .
3- أمثلة ( الاتحاد الذي قام بين السويد والنرويج ) .
3- الاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي : ينشأ من اتفاق دولتين أو أكثر في معاهدة دولية على تكوين الاتحاد أو الانضمام إليه مع الاحتفاظ كل دولة باستقلالها الخارجي وسيادتها الداخلية .
صك الاتحاد أو المعاهدة والاتفاقية هي الأساس في الاتحاد الاستقلالي.
يقوم الاتحاد الكونفدرالي على تكوين مجلس يتكون من مندوبين عن الاتحاد وهذا المجلس لا يختص إلا بالمسائل التي تضمنها الصك .

وهذا لا تعتبر الهيئة التي تمثل الدول في الاتحاد دولة فوق الدول الأعضاء، وإنما مجرد مؤتمر سياسي.
في هذا الاتحاد تبقى كل دولة متمتعة بسيادتها الداخلية ومحتفظة بشخصيتها الدولية .
رعايا كل دولة من الاتحاد يبقون محتفظون بجنسيتهم الخاصة.
العلاقة بين الدول مجرد ارتباط تعاهدي.
حق الانفصال عن الاتحاد ممنوح للدول الأعضاء تقرره حسب ما تراه مناسبا ومتماشيا مع مصالحها الوطنية.

4 ـ الاتحاد المركزي: ليس اتفاقا بين دول ، ولكنه في الواقع دولة مركبة تتكون من عدد من الدول أو الدويلات اتحدت معا ، ونشأت دولة واحدة .
ينشأ الاتحاد المركزي عادة بطريقتين :
1- تجمع رضائي أو إجباري لدول كانت مستقلة.
2- تقسيم مقصود لأجزاء متعددة من دولة سابقة ، كانت بسيطة وموحدة .
ـ الاتحاد المركزي لا يشمل الدول فقط إنما شعوب هذه الدول أيضا.
ـ في هذا الاتحاد تنصهر السيادة الخارجية للدول بشخصية الاتحاد .
ـ يبقى لكل دولة دستور يحكمها لكن بما يناسب دستور الاتحاد.ـ •
هذا الاتحاد عبارة عن
مجموعة من الدول تخضع بمقتضى الدستور الاتحادي لحكومة عليا واحدة هي الحكومة الفدرالية.



Post a Comment

Previous Post Next Post