المناهج التربوية مرآة لمشروع المجتمع  الناجح
المناهج التربوية استراتيجية تربوية وفرضية تدخل في إصلاح النظام التربوي
تعتبر المناهج التربوية مرآة لمشروع المجتمع  الناجح ، ومحاولة لاستقراء الحاجات المستقبلية لهذا المجتمع من جميع الزوايا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبعلاقة مع الأبعاد المحلية والجهوية والوطنية والدولية لهوية مواطن اليوم والغد، المطالب بالتفاعل مع مختلف المتغيرات المجتمعية، ورفع التحديات التي تفرضها، داخلية كانت أم خارجية، على الأفراد وعلى مكونات المجتمع. بهذا المعنى، يتضح أن المناهج التربوية ليست مجرد تشكيلة من المواد الدراسية، بل استراتيجية تربوية وفرضية تدخل في إصلاح النظام التربوي. ولا شك أن مراجعة المناهج التربوية بهدف تحسين مواءمتها مع المنتظرات الملحة الحالية للمجتمع ليست كافية، لذا حرصنا على أن ترتكز هذه الاستراتيجية التربوية على أكبر قدر ممكن من المعطيات حول تطلعات المجتمع المغربي في كل المجالات، على الأقل خلال العشرية الحالية، وأن يعتمد على تعدد المتدخلين وتنوع مجالات تخصصهم واهتماماتهم لبلورتها، وعلى الاستشارة الواسعة لاختبار نتائج أشغال هؤلاء المتدخلين. حرصنا على هذا لتوفير ضمانات النجاح لهذه الاستراتيجية، رغم معرفتنا بما يحيط عادة استقراء الحاجات المستقبلية للمجتمع المغربي من اختلاف في الرأي وفي المرجعيات والمقاربات، وبالصعوبات التي يسببها عادة تعدد المتدخلين وتنوع مجالات تخصصهم واهتماماتهم، ومعرفتنا بما يمكن أن يحيط بمفهوم الاستشارة من لبس وسوء فهم.
وعلاوة على الصعوبات المرتبطة بتعدد المتدخلين، وتنوع مرجعياتهم الفكرية لقراءة دينامية النظام التربوي، واستيعاب مبادئها المنظمة، لا بد أن يصطدم مخططو المناهج التربوية بصعوبات موضوعية منها صعوبة حصر المتغيرات الداخلية والخارجية التي تتحكم في دينامية تطور المجتمع في مختلف المجالات، وصعوبة التنبؤ بكل ما يمكن أن يحدث من ظواهر مؤثرة على هذه المجالات، وصعوبة تغيير المناهج جملة وتفصيلا في أي وقت لأسباب لا تتحكم فيها وزارة التربية الوطنية وحدها.
وعندما يتعلق الأمر بثنائية الثابت والمتغير في القيم التي ينبغي أن تؤطر المناهج التربوية، غالبا ما تختلط بعض المرجعيات، التي فرضتها ظروف معينة في زمن معين من طرف مكونات مجتمعية أو هيآت معينة ، مع القيم المرجعية الوطنية الثابتة للمجتمع المغربي التي تسمح بتحديد الأولويات وترتيبها، وتؤطر بالتالي استقراءات حاجات المجتمع المستقبلية التي يلزم أن تنبني عليها المناهج التربوية.

Post a Comment

Previous Post Next Post