تعميم التعليم الأولي وإدماجه مع التعليم الابتدائي
عند تعميم التعليم الأولي سيتم إدماجه مع التعليم الابتدائي ليصبح هذا الأخير مكونا من ثماني سنوات موزعة على سلكين، تمتد الدراسة في كل واحد منها على مدى أربع سنوات : سلك أساسي يلجه الأطفال الذين أنهوا السنة الرابعة من عمرهم؛ وسلك متوسط ينتهي بشهادة للدروس الابتدائية تسمح بولوج التعليم الثانوي الإعدادي.
واعتبارا لما يوفره التعليم الأولي من فرص النجاح للأطفال الذين يرتادونه، فإن تعميمه وإدماجه ضمن التعليم الابتدائي سيمكن من تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع الأطفال البالغين سن الرابعة من عمرهم، ويخفف من حدة الهدر الذي تعرفه مستويات التعليم الابتدائي في الوقت الراهن.
فكون التعليم الابتدائي بهذه البنية الجديدة، أول مرحلة من المراحل التعليمية، يفرض عليه في آن واحد، وظيفة استكمال وتعزيز التربية التي يتلقاها الطفل في وسطه الأسري من جهة، ووظيفة إعداده للمراحل التعليمية الموالية من حيث تربيته على قيم العقيدة الإسلامية، والهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية، وقيـم المواطنـة، وحقوق الإنسان ومبادئها الكونيـة، ومن حيث تنمية كفاياته التواصلية والاستراتيجية والمنهجية والثقافية والتكنولوجية، وتربيته على الاختيار وتدريبه على اتخاذ قرارات بسيطة في مساره الدراسي، وفي تدبير علاقاته مع رفاقه في المدرسة وخارجها من جهة أخرى.
وقد حرصت لجان مراجعة الأنشطة الجديدة على التركيز على التربية على القيم المدعمة للهوية الوطنية بكل أبعادها، وعلى تنمية الكفايات الأكثر ارتباطا بهذه القيم لإشباع رغبة الطفل في إثبات ذاته والتموقع في الزمان والمكان، وعلى المفاهيم الأساسية التي تجد لها امتدادات في التعليم الثانوي الإعدادي، وتعتبر ضرورية لتهيئ المتعلم مبكرا لولوج أحد الأقطاب الخمسة للتعليم الثانوي التأهيلي. كما حرصت هذه اللجان على إدماج حصص لدعم التعلم في الممارسة البيداغوجية أثناء إنجاز المناهج التربوية داخل الفصل وخارجه لتثبيت مكتسبات المتعلمين واستدراك وتصحيح ما فاتهم أو صعب عليهم استيعابه.
وتجدر الإشارة إلى أن المناهج التربوية لسلكي التعليم الابتدائي تسعى إلى تغليب كفة تفاعل المتعلمين مع المعرفة والتكنولوجيا على كفة التلقين والحفظ والاستضمار لتسهيل تحويلهم تدريجيا على مستوى التربية على القيم وتنمية الكفايات والتربية على الاختيار واتخاذ القرار، وتمكينهم من المواصفات المؤهلة للسلك الإعدادي.
وفضلا عن تعزيز تعلم اللغات بإضافة اللغة الأمازيغية واللغة الأجنبية الثانية وتقديم تدريس اللغة الأجنبية الأولى بسنة، حظيت الأنشطة والمواد الدراسية المدعمة للهوية الوطنية بأهمية كبيرة حيث تم تحسين تناسق مكونات التربية الإسلامية بما يضمن استيعابها من طرف المتعلم، وأضيفت مادة التربية على المواطنة في السنوات الثمانية، وتم توسيع تعلم التاريخ والجغرافيا إلى مستويات إضافية.
وتبقى فعالية تدريس المواد الدراسية وجودة تعلمها رهينة بالكفايات المهنية للمدرسين، ومستوى تعبئة هيأة الإشراف التربوي في استكمال تكوين المدرسين، وبما يلزم توفيره من وسائل تعليمية ومعينات ديداكتيكية مكتوبة وسمعية بصرية.

Post a Comment

أحدث أقدم