الميثاق الوطني للتربية والتكوين عنوانا ناصعا ومرجعا أساسيا للعملية الإصلاحية
يعتبر الميثاق الوطني للتربية والتكوين عنوانا ناصعا ومرجعا أساسيا للعملية الإصلاحية التي يشهدها نظامنا التربوي بمختلف مستوياته وأسلاكه وتخصصاته. ومن المؤكد أن هذه الوثيقة قد صدرت في مرحلة اتسمت بنقلات سياسية ودستورية ومجتمعية لم يشهدها المغرب من ذي قبل. وإذا كانت الإجراءات الممهدة لإعداد الميثاق قد استحضرت الأخطاء التنظيمية والسياسية التي سقطت فيها تجارب الإصلاح السابقة، فإن فائدة كل ذلك قد اتضحت من خلال إشراك أطراف من الحقل السياسي والنقابي والديني والجمعوي في صياغة برنامج لإصلاح التربية والتكوين. لقد توصلت تجربة إعداد الميثاق الوطني إلى بلورة مفهوم جديد للمدرسة قائم على دعاماته ومبادئه الكبرى، وإلى تحديد الوظائف التربوية والفكرية والحضارية للمدرسة بناء على مستلزمات المحيط السيوسيواقتصادي والثقافي وعلى الحاجة المجتمعية إلى التمدرس والقضاء على الأمية، مثلما تم هذا التحديد أيضا بناء على مقومات ومكتسبات الثقافة الوطنية وضرورات الانفتاح على الحضارة الإنسانية. كما استطاعت هذه التجربة بلورة المرتكزات والدعامات البيداغوجية والتنظيمية والتكنولوجية التي لابد منها لخوض غمار الإصلاح التربوي، ولم تغفل دور التكوين في تأهيل الموارد البشرية ومكانة البحث العلمي في خدمة الاختيارات التربوية، كما لم تهمل التدبير والتقويم والشراكة واللاتمركز كمفاهيم لا معنى لإصلاح المدرسة وتجديدها إلا بتمثلها وتصريفها وأجرأتها
ومهما كانت درجة القصور الذي يتسم به الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإننا نعتبر هذه الوثيقة في حاجة إلى مزيد من الدراسة والتمحيص والإغناء، ليس فقط من حيث مادتها المفاهيمية والنظرية فحسب، بل من حيث الأبعاد السياسية والمجتمعية والثقافية التي تفصح عنها والإمكانيات الإجرائية والتطبيقية التي تسمح بها.
Post a Comment