عملية الإصلاح المدرسي التربوي
المدرسة هي هيئة اجتماعية مهمتها
الاهتمام بتربية الطفل وتعليمه والاستمرار في ذلك حتى المرحلة الجامعية، والمدرسة
لا تعمل بطريقة عشوائية أو اعتباطية وهي تمارس عملية التربية والتعليم، بل إنها
تخضع لنظم وتقنيات محددة تعرف بالمنهج، الذي يعني لغوياً الطريق الواضح... كما
يعني اصطلاحاً مجموعة الخبرات والمواد(العلمية والأدبية والاجتماعية و...الخ) المخطط
لها والتي توفرها المدرسة لمساعدة التلاميذ(وهو ما يتصل اتصالاً وثيقاً بالأهداف
التربوية بل أن تحقيقها هو الغرض من وجوده) ؛لذلك على المنهج أن يستوحي حاجات
المتعلم وثقافة المجتمع، وأن يكون محوره شؤون الحياة ومشاكلها، وأن يعنى بالنواحي
الذهنية والعملية والإنسانية، ولأجل الاقتراب مما نريده من عملية الإصلاح والتغيير
يصادفنا سؤال مهم جداً علينا أن نجيب عليه، وهو (من الذي يصنع المنهج الذي يتواءم
وعملية الإصلاح والتغيير التي يراد كما أن تناسب المرحلة الجديدة لمجتمعنا؟) لقد
قدم المعنيون والمختصون بشؤون التربية والتعليم العديد من الآراء والمقترحات
والإجابات لهذا السؤال، غير أنهم اتفقوا- وعلى ضوء معايير التطور الحالي التي ترى
أن الذي يساهم بوضع المنهج وتخطيطه كل من له علاقة بالطفل الطالب باعتبار الغاية
التي من أجلها يوضع المنهج، وهؤلاء هم المعلمون والمدرسون والتلاميذ أنفسهم
والآباء والمواطنون العاديون والخبراء المختصون والمشرفون التربويون، غير أننا لا
يمكننا اعتبار أي منهج تم وضعه والاتفاق عليه بأنه منهج نهائي، لأننا نعتقد بأن
المنهج يجب أن يكون عرضة للتقويم طالما أننا نعيش في عالم متحول وسريع التطور،
يفرز مواقف وقيما ومعلومات متجددة دوماً، لكن على شرط أن تتضمن عملية التقويم
تقدير التغييرات السلوكية الفردية والجماعية، والبحث في العلاقة بين هذه التغييرات
السلوكية وبين العوامل المؤثرة فيها(من خلال نظرتها للفرد وكفايته، والجماعة
وعلاقتها الديناميكية،
والبيئة وظروفها المؤثرة في الفرد والجماعة)، على أن تقوم
عملية التقويم كذلك على الأسس العلمية التي تعتمد التجريب والبحث المعملي
والميداني لقياس مدى ما يحققه البرنامج التربوي من أهداف ومدى مساعدته في نمو
الفرد والجماعة، وكشف المعوقات والتعرف على الإشكاليات التي قد يكون لها دور في إعاقة
تطبيق المنهج بصورة صحيحة والعمل على ( تطوير المنهج تبعاً لتطور أهداف التربية
بحيث لا تبقى هذه المناهج متخلفة عن ذلك التطور )، وهذا لا يتم إلا إذا أعددنا
الكوادر المؤهلة من الهيئات العلمية والتربوية والإدارية (لدراسة منهج كل مادة من
المواد الدراسية، دراسة متكاملة، وذلك بمتابعة منهاج المادة الواحدة من خلال
السنوات التالية ومعرفة مدى الترابط والوحدة بينها )، مؤكدين على تقديم هذه المواد
وفق طرائق التعليم الحديثة التي تتلاءم مع الحاجة إلى تعليم الملايين المتكاثرة من
الطلاب والتي تزداد بشكل كمي، وتستدعي تطوير وسائل فعالة لكي تضمن تعليمها وتغيير
سلوكها وبحيث يواكب التطور الحضاري للمجتمع.
إرسال تعليق