علاج حلول الهجرة غير الشرعية

أمام الوضع المأساوي الذي أصبح عليه عالم اليوم وعجز الدولة عن مواجهة الظاهرة انطلاقا من داخل حدودها المغلقة ضمن إطار مبدأ السيادة، فقد أعلنت العديد من الدول ومن بينها المغرب ناقوس الخطر، وبادرت إلى عقد لقاءات للبحث عن الآليات اللازمة لمواجهة الظاهرة، وهكذا فقد سارعت أغلبية الدول إلى إبرام اتفاقيات إما ثنائية أو إقليمية أو دولية من أجل وضع القواعد الإطار للتعاون القضائي والأمني فيما بينها، وسن وسائل للتنسيق بين أجهزتها المعنية.

لا يمكن لبلد بمفرده أو لضفة دون أخرى التغلب على هذه الظاهرة وهذا ما يفرض إدماج المقاربة القانونية والأمنية ضمن إستراتيجية شمولية وأساسية للتنمية والتعاون الأمثل بين الدول بتمكين بلدان الضفة الجنوبية لغرب المتوسط من الموارد الضرورية والوسائل التكنولوجية واللوجيستيكية، بوجود ترسانة قانونية حديثة تمكن المغرب من تفعيل المقتضيات القانونية المتمثلة في القانون رقم 02.03 المؤرخ في 11/11/2003 المتعلق بإقامة ودخول الأجانب والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى وجود إطار عام يتمثل في قانون المسطرة الجنائية التي أدخلت عليه تعديلات عديدة في الشق المتعلق بالتعاون القضائي الدولي بخصوص تفعيل مساطر التسليم والإنابات القضائية الدولية وإصدار أوامر دولية بإلقاء القبض حتى يصير في تناغم مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الثنائية ومن بينها :

·        الاتفاقية المغربية الإسبانية المؤرخة في 13/02/1992.
·        الاتفاقية المغربية الإيطالية المؤرخة في 27/07/1997.
·        الاتفاقية المغربية الفرنسية المؤرخة في 25/04/2001.

وفي نفس الإطار، تم إنشاء الشبكة المغربية الإسبانية للتعاون القضائي الثنائي وإحداث موقع إلكتروني www.RMCJI.com لضم قضاة الحكم والنيابة العامة من ذوي الخبرة في ميدان التعاون القضائي الدولي يناط بها السهر على تسهيل وتحسين وتشجيع التعاون القضائي الدولي الذي يطلب من المغرب ويقدم إليه وذلك من خلال إسداء المشورة للسلطات القضائية المعنية سواء منها الوطنية أو الأجنبية ودعمها والسعي إلى ربط الاتصال فيما بينها بصفة غير رسمية في الحالتين التاليتين :

الحالة الأولى للرد على الاستشارات المحددة للسلطات القضائية في إطار تدخل غير رسمي لا ينفي الاحترام لآليات التعاون الرسمية المنصوص عليها في الاتفاقيات الجاري بها العمل.

والحالة الثانية للمساهمة في خلق أدوات كفيلة بتسهيل وتحسين وتشجيع التعاون القضائي الدولي، لضمان السرعة والفعالية وربح الوقت وتوزيع المعلومة في أقرب الآجال لضمان تواصل بين القضاة المغاربة والإسبان من أجل تجاوز العراقيل وتبسيط المساطر دون إغفال تعزيز التعاون القضائي الدولي عن طريق تعيين قضاة الاتصال في الاتجاهين مع كل من فرنسا، إسبانيا، بلجيكا وهولندا.

ومن تمظهرات هذا التعاون القضائي، فقد تسلمنا بتاريخ 10/01/2007 من السلطات البلجيكية مواطنا مغربيا قضية "فؤاد أبابري" وتسلم السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة في غضون هذه السنة مواطنا باكستانيا يدعى "راجا جافيد RAJA JAVID" تورط في تكوين عصابة إجرامية للهجرة السرية من طرف السلطات القضائية الإسبانية.

ومن خلال مراجعة مقتضيات الفصل الأول من القانون 02.03 المؤرخ في 11/11/2003 المتعلق بإقامة ودخول الأجانب والهجرة غير الشرعية نص صراحة على مراعاة مفعول الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني "باستثناء المقتضيات المخالفة التي تنص عليها المعاهدات فإن شروط ومسطرة وآثار إبعاد الأجانب تخضع للمقتضيات المنصوص عليها في هذا القانون".

والناتج أنه لا يمكن التصدي لشبكات الهجرة السرية التي قد تكون لها امتدادات دولية إلا عبر تظافر جهود جميع الدول المعنية بهذه الظاهرة، علما أن القوانين الوطنية لم تعد تكفي لوحدها لمواجهة الظاهرة بل تحتاج إلى تعاون دولي يتعدى الجانب الأمني المحض إلى توظيف المقاربة التنموية حيث يبقى على الشركاء في الضفة الأخرى التفكير في توفير شروط التنمية المستدامة للحد من آثار هذه الظاهرة المتعددة المخاطر.

Post a Comment

Previous Post Next Post