تقرير المجلس الأعلى للحسابات
أشادت الصحافة الوطنية عن صواب، بنوعية العمل المنجز من طرف المحاكم المالية الجهوية والمركزية إثر نشر تقريرها لسنة 2007. ويعتبر وضع التقرير على رهن إشارة العموم بالتأكيد تقدما في طريق شفافية النفقات العمومية ودعما لمراقبة المالية العامة ولتحسين تدبير المصالح العمومية. ومن المؤكد أنه يعتبر  أداة إضافية للردع تجاه المتحايلين الذين يتكيفون مع الضوابط الداخلية للمراقبة، ورافعة لتقوية الحكامة.
إن تحسين فعالية هذا العمل مرتبط بتوسيع نطاق الإخبار الذي يحيط بهذه التقارير. وحتى الآن فإنه يكتفى فقط بنشر مقتطفات منتقاة منها بيد أن وصول القراء إلى المضمون الكامل لهذه التقارير عن  طريق وضعها بالمواقع الإلكترونية يعتبر حقا مشروعا خاصة في مجال تدبير المالية المحلية.
كذلك هو الأمر بالنسبة للحصول على تقارير المفتشية العامة للمالية وتلك المتعلقة بمراقبة المؤسسات العمومية بحيث لا يمكن تبرير الحفاظ على سريتها إلا عندما تدعو الضرورة لذلك. وبشكل عام، لا يقبل من المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية الامتناع عن نشر المعلومات إلا إذا اعتبرت حمايتها أمرا ضروريا لحماية الأمن العام وشرف الأشخاص طبقا للقانون.
وانطلاقا من هذا الموقف  فلا يمكن إلا أن نكون مرتابين تجاه تحفظ رئيس المجلس الأعلى للحسابات على إطلاق  المتابعات الجنائية ضد مرتكبي المخالفات الإجرامية التي تمت معاينتها؛ حيث أن تفضيل العقوبة المالية في جميع الأحوال لا يخدم قضية محاربة الرشوة ولا تعزيز دولة القانون.
لا شك أن اعتماد مثل هذه المقاربة يفسر تقصير القضاء في الحالات التي يثبت فيها  السطو على المال العمومي ويتم معاينة في التقارير الرسمية بما فيها الصادرة عن المحاكم المالية. والحالة هذه، فإنه إذا كان من المقبول تماما موازنة العقوبات التأديبية عندما تكون الاخلالات ناتجة عن أخطاء في التقدير أو عن ضعف تأهيل الأشخاص المعنيين، فإنه من غير المقبول أن يتم التعامل مع الجرائم المالية كما لو كان الأمر يتعلق بالغش في التبادل التجاري وبالتالي تمتيع أصحابها بحصانة جنائية.
إن مثل هذا التوجه يشكل تشجيعا مكشوفا للرشوة وبديلا للمحاكمة العمومية المنصفة يتمثل في إجراءات إدارية داخلية من شأنها هي الأخرى أن تنتج الزبونية والرشوة والمحسوبية.
علاوة على ذلك فإن الوقع الإيجابي لمحاكم المالية حول الرشوة يتطلب أيضا تعزيز إمكانياتها المادية والبشرية.
ولا شك أن تحسين الاطلاع على تقاريرها وتنظيم تعاون جيد مع النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف سيفضي سريعا إلى تحديد سياسة جنائية مناسبة في هذا المجال، وهو ما توحي به ضمنيا توصيات تقرير ديوان المظالم في هذا الموضوع.

Post a Comment

أحدث أقدم