نافع بن كاوس مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب
كانت حلقته في عهد الطلب من حياة نافع من أزخر الحلقات، وكان نافع يفتخر بأنه جلس إليه قبل أن يعرفه خواص أصحابه الذين اشتهروا بالرواية عنه، أخرج الإمام أبو بكر بن الأنباري في كتاب "الإيضاح"بسنده عن الأصمعي قال: "حدثنا نافع قال: "جلست إلى نافع مولى عبد الله بن عمر، ومالك من الصبيان، قال: وقرأ نافع "لتخذت عليه أجرا[1] "[2].
وفي هذا الخبر دلالة على أنه استفاد منه في رواية الحروف، وأما في رواية الحديث فقد روى عنه الكثير، وكان حريا أن يكون من خيرة الرواة عنه لو تفرغ لذلك، وقد ساق ابن سعد وغيره جملة من الآثار تدلنا على الصلة الوثيقة التي كانت لنافع به في هذا المجال، قال ابن سعد: "أخبرنا محمد بن عمر[3] قال: حدثني نافع بن أبي نعيم، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وأبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي فروة قالوا: كان كتاب نافع الذي سمع من عبد الله بن عمر في صحيفة، فكنا نقرؤها عليه، فنقول: يا أبا عبد الله، انا قد قرأنا عليك، فنقول: حدثنا نافع ؟ فقال: نعم "[4].
وقد جاء عن نافع القارئ عند ابن سعد بيان السبب الذي جعل نافعا مولى ابن عمر يكتفي بقراءة بعض أصحابه عليه من صحيفته، وذلك لعجمة لسانه المترتبة عن أصله الفارسي، قال ابن سعد:
"أخبرنا محمد بن عمر قال: سمعت نافع بن أبي نعيم يقول: إذا أخبرك أحد أن أحدا من أهل الدنيا قرأ عليه نافع، فلا تصدقه، كان ألحن من ذلك" [5].
وقد وقفت على جملة من الأحاديث والآثار رواها نافع بن أبي نعيم عنه، منها ما أخرجه الإمام إسماعيل ابن إسحاق القاضي قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة[6] قال: حدثنا نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ عن نافع عن ابن عمر أنه "يكبر على الجنازة، ويصلي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم يقول: اللهم بارك فيه، واغفر له، وأورده حوض نبيك  صلى الله عليه وسلم"[7].
ومن حديثه عنه ما أخرجه الإمام الطبراني في معجمه الصغير بسنده عن عبد الله بن نافع الصائغ[8]. عن نافع بن أبي نعيم عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر الصلاة بالعقيق"[9]. قال الطبراني: لم يروه عن نافع بن أبي نعيم إلا عبد الله بن نافع..".
ومن ذلك ما أخرجه الحافظ ابن عبد البر بسنده عن سعيد بن أبي مريم قال: "حدثنا نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ عن نافع عن ابن عمر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" [10].
وإلى جانب من ذكرنا من شيوخه في القراءة، نجد مجموعة أخرى جلس إلى رجالها، أو انتفع بها في الجملة وربما استعان بها في اختياره في القراءة في توجيه الحروف، أو بيان تأويلها، فمنهم:


[1] -سورة الكهف الآية رقم 76.
[2] -إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري 1/111.
[3] - هو الواقدي.
[4]- الطبقات الكبرى – القسم المتمم لتابعي أهل المدينة 143.
[5] - المصدر نفسه 143.
[6] - هو القعنبي وسيأتي في الرواة عنه.
[7] - كتاب فضل الصلاة لاسماعيل بن إسحاق 79 وقد ضعف ابن القيم الحديث في كتابة "جلاء الأفهام" 264.
[8] - سيأتي في الرواة عن نافع.
[9]- المعجم الصغير للطبراني 27-28.
[10] - التمهيد لابن عبد البر 8/100-101. ورواه ابن ماجة بسنده عن غضيف بن الحارث عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلــى الله عليه وسلم يقول: "إن الله جعل .. الحديث ... إلا أنه قال: "يقل به"  عوضا عن "وقبله" – سنن ابن ماجة 1/40 رقم الحديث 108.

Post a Comment

أحدث أقدم