السرقات الشعرية والأدبية :
تعد مشكلة السرقات الشعريه والأدبيه احدى القضايا التقليديه والادبيه الكبرى ليس في تاريخ ادب اللغه العربيه وحده وانما في جميع اداب اللغات والامم
ولا تزال هذه المشكله موضع اهتمام الدارسين والباحثين المعاصرين ومدار هذه القضيه حول الخلق الفني وتطوره اما باعث المشكله في هذه القضيه فهو الاتجاه لتحديد هذا الخلق الفني المبدع او المخترع .
هل هو مقصود على مبدعه او مخترعه الاول ؟ او يتجاوزه الى غيره ؟
واذا سمح بتجاوزه فاالى أي حد يبلغ هذا التجاوز وعلى أي صوره يكون؟
ايكون في اللفظ او في المعنى او في اللفظ والمعنى ؟
وهل يكون في كل اللفظ او بعضه وهل يكون في كل المعنى او جزئه او عكسه وضده او في تحويره وقلبه عن وجهه ؟
ونحو ذالك من التساؤلات التي استقرأها النقاد من متابعتهم الدقيقه
للاعمال الشعريه المبدعه وتطور هذه الاعمال وموقف اللاحقين منه .
_ ولقد كتب النقاد العرب كثيرا من المؤلفات حول هذه المشكله النقديه فحددو طبيعتها ووضعو الاسماء والمصطلحات لأنواعها وضروبها
معززين ذالك بالشواهد والأمثله الموضحه كما أدلو بملحوظاتهم وارائهم في جوانب هذه المشكله لكن هذه الدراسات كانت مختلفة البواعث متابينة الاتجاهات غير انه لم يشتد ظهور هذه المشكله الا في اواخر القرن الثاني وخلال القرن الثالث تبعا لاحتفاء الشعراء بمظاهرة الصنعه وعنايتهم بالوان البديع فتبع ذالك نشاط النقاد في المتابعه وحركة التأليف التي لم تكن بواعث الكثير منها نزيهه منصفه وانما غرضها التشفي لسبب من الاسباب
لكننا نجد دراسة هذه المشكله فيما بعد تأخذ بعدا اخرا من النزاهه والنضج في بحوث نقاد القرن الرابع كالآمدي والقاضي الجرجاني وابن رشيق (1)
فقد تحدث في العمده عن هذه المشكله على وجه التفصيل والتطبيق
وقد اشار في صدر بحثه الى ان البحث في السرقات متسع جدا
وانه لايسلم لشاعر ادعاءه السلامه منها
وقال ان فيها اشياء غامضه خفيه الا على الحاذق البصير بصناعة الشعر
كما ان فيها اشياء فاضحه لاتخفى على الجاهل ثم عرج مشيرا على من سبقه ببحث هذه المشكله ذاكرآ رأيه في جهود هؤلاء فذكر الحاتمي وانه قد اتى في حلية المحاضره بألقاب محدثه
كالاصطراف والاجتلاب والانتحال ... لكنها القاب لامحصول لها عند النظر والتدبر كما يقول ابن رشيق فكلها قريب من قريب وقد استعمل بعضها مكان بعض
لكن ابن رشيق وعد ان يأتي عليها جميعا محققا القول فيها .







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر فيما يتعلق باشتداد المشكلة ونشاط حركة التأليف فيها كتاب : الحركة النقدية على ايام ابن رشيق

اما القاضي الجرجاني فقد اشاد بمنهجه المحقق ومذهبه المنصف في بحثه للسرقات(1) وساق اقوالآ لعبدالكريم النهشلي  ونجد النهشلي يؤكد رأي النقاد في ان السرقه لاتقع الا في البديع المخترع الذي يختص به الشاعر لا في المعاني المشتركه الجاريه في عادة الناس ومستعمل امثالهم ومحاوراتهم كما يذكر قولا ينسب الى بعض الحذاق من المتأخرين وفيه يحدد السرقه بثلاث صور :
*اخذ المعنى واللفظ وهو السرقه المحضه
*اخذ المعنى مع تغيير بعض اللفظ وهو السلخ
*تغيير بعض المعنى بأخفائه وقلبه عن وجهه وهو الصرف والتحوير (2)
ربما يؤكد نزاهة ابن رشيق ورغبته في الصدق والانصاف في مبحث هذه القضيه اشارته لابن وكيع في نقده المتنبي بكتابة المنصف وقوله عنه انه قدم في صدر هذا الكتاب مقدمه لايصح لأحد معها شعر الا شعراء الصدر الاول ان سلم لهم ذالك وقال ان تسميتهم بالمنصف كتسميتهم اللديغ سليما وما ابعده من الانصاف .(3) .

وتحول ابن رشيق بعد ذلك الى الحديث عن انواع السرقات والقابها وفاء بوعده في تحقيق القول فيها وقد عرف بألقاب السرقه ومصطلحاتها تعريفا دقيقا موجزا فالاصطراف صرف الشاعر بيتا اعجب به الى نفسه
والاختلاب او الاستلحاق صرف الشاعر البيت الى نفسه على جهة المثل او التمثل
اما الانتحال فهو ادعاؤه البيت جمله ولابد ان يصدر هذا الادعاء من شاعر يقول الشعر والا فهو ادعاء ولا يقال له انتحال .
والاغاره والغصب : اخذ الشاعر شعر غيره غلبة وقسرا
والمرافده والاسترفاد : اخذه على سبيل الهبه والهديه
والاهتدام والنسخ : السرقه فيما دون البيت
اما النظر والملاحظه اوالالمام: فهي تساوي المعنين دون اللفظ مع خفاء الاخذ ومنه تضاد المعنين مع دلالة احدهما على الاخر
والاختلاس او النقل: تحويل العنى ونقله من غرض الى غرض كأن يصرف من النسيب الى المديح
والموازنه : اخذ بنية الكلام ولفظه دون معناه
والعكس : هو الموازن هالا انه يجعل مكان كل لفظه ضدها
والموارده : اتفاق الشاعرين في المعنى وتواردهما في اللفظ وقد جمعهما عصر واحد ولم يسمح احدهما شعر الاخر
اما الالتقاط والتلفيق او الاجتذاب والتركيب فهو : تأليف الشاعر البيت من ابيات غيره على وجه التلفيق والتركيب (1)

Post a Comment

Previous Post Next Post