الحروب الدينية في اوربا
أصبح تقدم اللوثرية يشكل تهديدا على وحدة الإمبراطورية. و اعتبر شارل كان نفسه معنيا بالوحدة الدينية لألمانيا. حاول في البداية التوفيق بين اللوثريين والكاثوليك في منتدى، بتقديم تنازلات للوثريين. اعترض شارل كان على فكرة عقد مجمع ديني لا يرغب اللوتريون في انعقاده إلا إذا تمتعوا بالمساواة في النقاش مع الكاثوليك، ثم استدعى الجمعية الرهبانية بسبير ستة 1529 من اجل إقامة سلم دينية. و في سنة 1530 أحدث ملانكتون, و هو احد تلاميذ لوثر، شهادة اوغسبورغ التي أصبح معمولا بها داخل الكنائس البروتستانتية.
و في سنة 1531 اندلعت الحرب بين الأمراء البروتستانت، موحدين في رابطة سمالكالد، و الأمراء الكاثوليك. لم تتوقف الصراعات داخل ألمانيا الا مع إبرام عهد اوغسبورغ سنة 1555 بين الكاثوليك والبروتستانت، لكن هذا العهد كرس تجزئة ألمانيا.
تخطت أفكار لوثر حدود و بلغت البلاد الاسكندنافية ألمانيا و الأراضي المنخفضة ، و فرنسا وسويسرا.
و لم تسلم فرنسا من الصراعات الدينية التي ستتسبب في اشعال فتيل ثمان حروب دينية، اعد رحيل الملك هنري الثاني.
أدت الوفاة المفاجئة لملك فرنسا هنري الثاني إلى إضعاف السلطة الملكية. و خلفه فرانسوا الثاني رغم تمتعه بسن الرشد القانونية، تخلى عن الكم لصالح حاشيته وكانت هذه الحاشية منقسمة الى جماعات متنافسة. منها جماعة محيطة بالملكة الأم كاترين دي ميدتشي المبعدة عن الحكم ايام زوجها الراحل هنري الثاني والطموحة الى القيام بدور سياسي، ومنها الجماعة القوية لعائلة الكيز المنحدرة من منطقة اللورين وهي العائلة التي تنتمي اليها ماري ستيوارت زوجة الملك فرانسوا الثاني، ومنها اخيرا الجماعة البروتستانية المنتمية الى قصر البوربون، وعلى راسها انطوان دب بوربون ملك النافار.مات فرانسوا الثاني بعد سنة من حكمه سنة 1560 وفرض صغر سن الوريث تنصيب وصاية على التاج الى غاية رشد الملك القاصر اسندت الى كاترين دي ميدتشي. وقد واجهت الوصية صعوبات بسبب افتقادها وسائل التحكم في الوضع.
استفحلت هذه الازمة سبب القوة التي كان يتمتع بها المعسكر البروتستنتي الذي كان يتوفر على 2000 كنيسة.
كانت الكنائس البروتستانتية موزعة بشكل اساي في منطقة باريس واللوار، والدوفيني، وبروفانس، وفيفاري، واللانكدوك السفلى، وبواتيي ولاروشيل. وفي سنة 1559 اجتمع في باريس اول مجمع كنسي وطني للكنائس المصلحة، وقام بصياغة وثيقة حول الايمان على طريقة كالفن.
وقد توغل الاصلاح الكالفيني في اوساط الفلاحين بعد ان اعتنقه الحضريون من الاوساط البورجوازية واصحاب الحرف، وانتظم البروتستانت في كنائس خاضعة لضوابط المجمعات الدينية ودخلوا في حماية النبلاء مثل انطوان دي بوربون ملك النافار اخ الاميرال كوليني الاميرال والقائد العسكري.
وفي مقابل البروتستانت ظل الكاثوليك يتمتعون بالتفوق العددي، وطالبوا من الملك حماية الدين مستنكرين التسامح الذي ابداه بعض الساسة إزاء الهراطقة ، أي البروتستانت. واعتمد الكاثوليك على التحالف التقليدي بين الملكية والكنيسة، وقد وجد على راسهم بدورهم اقطاب مثل اسرة الجيز.
حاولت كاترين دي ميدتشي اتباع سياسة توافق ومصالحة، فنظمت خلال شهري غشت وشتنبر 1565 منتدى بواسي لتقريب الاطروحات اللاهوتية للطائفتين لكنها تعارضا في المسالة الافخارستية وبموازاة هذا المنتدى ، صدر مرسوم ملكي في 1 يناير 1562 يسمح للبروتستانت بممارسة شعارهم خارج المدن، اعترض عليه الكاثوليك . وبالعثور على بروتستانت يمارسون طقوسهم داخل مدينة واسي بشامبانيا، قام الكاثوليك بقيادة فرانسوا دي كيز بمذبحة.
أدت هذه المذبحة الى نسف سياسة المصالحة التي كانت تنهجها الملكة الام الوصية على التاج كاترين دي ميدتشي، فقام البروتستانت بعملية مضادة مستولين على مجموعة من المدن داخل فرنسا. وحدثت بين المعسكرين معركة درو في شهر دجنبر 1562 التي تعتبر اولى المعارك 2 تلاها حتف زعيم معسكر الكاتوليك امام اورليان في شهر فبراير 1563 . وفي 15 مارس 1563 صدر مرسوم امبواز الذي اوقف المواجهات.
انطلقت المواجهات من جديد بعد محاولة كوندي الانقضاض على الملك في مو بين 26 و 28 شتنبر 1567 حصلت المواجهات حول مدينة باريس، ومنها مواجهة سان دوني في شهر نونبر 1567، وتوقفت الحرب بعد سلسلة من المفاوضات. وعادت المواجهات في شهر مارس 1569 وتوقفت في اتفاق السلام بسان جرمان في شهر غشت 1570، وفي 24 غشت 1572 وقعت مجزرة سان بارطلمي وهي محاولة من الملكية من اجل اشعال مواجهة دينية تكون مناسبة لتصفية القادة العسكريين والسياسيين للبروتستانت وحدثت المواجهات الخامسة بين نونبر 1574 وماي 1576 وانتهت بتوقيع سلام بوليو، والمواجهة السابعة بين نونبر 1579 ونونبر 1580، وحدثت المواجهة الثامنة التي هددت فيها الرابطة المملكة بين يوليوز 1585 ويونيو 1598، في هذه المواجهات لقي ملك فرنسا هنري الثالث حتفه يوم 1 غشت 1589 . وفي مارس 1590 انتصر هنري دي نافار في معركة ايفري التي فتحت الطريق الى حصار مدينة باريس .
بعد هذا الانتصار اعتنق هنري دي نافار الكاثوليكية من جديد فمهد لنفسه لكي يتوج ملكا في شارتر في فبراير 1594، وأصدر مرسوم نانت في شهر ابريل 1598. ويعتبر مرسوم نانت بمثابة نهاية مسلسل دموي شهدته فرنسا بسبب الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت أعطى ضمانات للبروتستانت الذين يعيشون فوق التراب الفرنسي.

Post a Comment

أحدث أقدم