يوم الأرض
احتفل بيوم الأرض في نهاية الستينيات وتأسست جمعية
الأرض، وما لبثت أن انعقدت قمة الأرض الأولى عام 1972 في السويد لمناقشة وضع
البيئة الإنسانية، ثم ميثاق بلغراد عام 1975 في يوغسلافيا وإعلان تبليسي في جورجيا
عام 1975، واتفاقية مونتريال – كندا، عام 1987 لحل مشكلة الأوزون، ثم تلتها قمة
الأرض الثانية في البرازيل عام 1992، واتفاقية كيوتو عام 1997 في اليابان، وقمة
الأرض الثالثة في جنوب إفريقيا عام 2002، تلتها اجتماعات دورية لمتابعة المسائل
البيئية التي يعاني منها العالم.
كانت مكبات النفايات الملوثة في عصر الثورة
الصناعية تتموضع قريبة من المناطق الفقيرة، حيث يعم الجهل وتقل الشكاوي لعدم تمتع
الفقراء بالنفوذ والسلطة، وبخاصة في الدول الصناعية حيث يقطن المناطق الفقيرة
غالبية من السود أو المهاجرين الجدد، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الدول
الواقعة جنوب الكرة الأرضية، حيث استخدم الكثير منها لطمر المخلفات المشعة
والكيميائية الخطرة.
نادى جون ماك كونيل John McConnell، الناشط البيئي
والصحفي والداعية للسلم والمساواة على صعيد عالمي، نحو نهايات عام 1969، بتحديد
يوم للأرض أخذ مسمّى يوم الأرضEarth Day ، ويحتفل به سنوياً في الثاني
والعشرين من شهر نيسان / إبريل، حيث يحتفل به في الربيع في النصف الشمالي من الكرة
الأرضية، أمّا في النصف الجنوبي منها فيحتفل به في فصل الخريف من كل عام.
جون
ماك كونيل هو أيضاً مؤسس جمعية الأرض Earth Society في عام 1973، وكاتب
ميثاق الأرض Earth
Charter عام 1979، كما خطـّ في عام 1985 أطاريح لحماية الأرض، أضاف إليها
أطروحتين بعد عام لتصبح سبعاً وسبعين أطروحة نضعها بين أيدي القراءَ للإفادة منها
في نهاية هذا الفصل كما هي باللغة الإنجليزية، لكي يتعرف الطلبة والباحثين إلى
المصطلحات البيئية بلغة أجنبية. وقد جعل يوم الانقلاب الربيعي 20 – 21 آذار يوماً
للاحتفال بالطبيعة في كل عام في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
كذلك قام السياسي الأمريكي غايلورد نلسون Gaylord Nelson (1916 – 2005)، عضو
الكونغرس الأمريكي الديمقراطي آنذاك، بتأسيس يوماً ثانياً للأرض في نهاية عام 1969
وخصص 22 نيسان من كل عام يوماً له، حيث يتوافق ذلك اليوم مع تاريخ ولادة داعية
البيئة إدي ألبرت Eddie
Albert ويوم ولادة يوليوس مورتون Julius Morton وفلاديمير لينين Vladimer Lenin وجون مويير John Mair، والأخير هو صاحب نشاط
بيئي معروف ومؤسس نادي سييرا Sierra Club، أما لينين فلم يهتم بالبيئة،
ولكن ربط البعض لذلك اليوم بتاريخ ولادته فيه مؤشر إلى يسارية الحركة البيئية؛ أو
اتهامها كذلك في بعض الأحيان للحد من نشاطها.
أما يوليوس مورتون فهو مؤسس يوم خاص
اسمه Arbor Day
مخصص لزراعة الأشجار وذلك عام 1872، ثم أصبح فيما بعد يوماً وطنياً يُحتفل به في
ولاية نبراسكا منذ عام 1885. ويتزامن الاحتفال بيوم الأرض هذا مع الاعتدال الربيعي
من كل عام.
تزامنت هذه الاحتجاجات في يوم الأرض مع
رفض الشارع الأمريكي للحرب في فيتنام، ويتساءَل المرء عن ارتباط الاحتجاجات على
تلويث البيئة بالاحتجاجات على الحرب، فهل تزامنت الاحتجاجات بفعل المصادفة أو بفعل
الأزمة الاقتصادية العالمية وثورة الطلاب في أوروبا، أو بفعل التدمير المنظم
للغابات في حرب فيتنام، أم أنها أثيرت للتغطية على الحرب؟
مهما
يكن من أمر المصادفة أو العلاقة السياسية بين الطرفين، فقد بدأت التنظيمات البيئية
تعنى بالبيئة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تأسست وكالة حماية
البيئة EPA
في الولايات المتحدة عام 1970، وأُنشأت وزارة البيئة في بريطانيا عام 1970 أيضاً.
فقد كانت التظاهرات الصاخبة في يوم الأرض؛ التي شارك فيها نحو عشرين مليوناً في
الولايات المتحدة الأمريكية وحدها؛ قد أثمرت في النهاية.
لقد
أدى هذا النشاط العالمي الذي يحتفل به الملايين من البشر؛ إلى الوقوف في وجه تلويث
البيئة ودفع قدماً الكثير من الاتفاقات الدولية، كما دفع ذلك النشاط العالم كي
يطالب بأن تخصص الأمم المتحدة يوماً للبيئة.
وقد خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة في
عام 1972 يوماً محدداً، توافق مع الخامس من حزيران من كل عام، والذي سيحتفل به في
نيوزلندا عام 2008، ليكون يوماً عالمياً للبيئة، وذلك في ذكرى افتتاح مؤتمر ستوكهولم
Stockholm
في السويد، حيث تقام الاحتفالات بزراعة الأشجار وتنظيم المهرجانات التي تندد
بالتلوث وتدعو إلى احترام البيئة والعناية بها.
وتشرف اليوم على تنظيم نشاطات يوم الأرض مؤسسة
غير ربحية، وتحتفل مئة وخمسة وسبعين دولة في العالم بهذا اليوم كرمز للمحافظة على
البيئة، ويحتفل به نحو نصف بليون من سكان هذا الكوكب؛ سواء كان 22 إبريل منسوباً
إلى ولادة أحد المشاهير أو لتاريخ 22 إبريل عام 1500 عندما اكتشفت البرازيل، وكان
أطفال العبيد في البرازيل الخاضعة لحكم البرتغال لم يتحرروا إلا عام 1871؛ عندما
صدر قانون الأرحام الحرّة Free
Womb Lace موقعاً من ملكة البرتغال آنذاك.
ومهما يكن من أمر؛ فإنّ تنظيم يوم للأرض والاحتفال
به في نهاية الستينيات من القرن العشرين؛ يعتبر خطوة مهمة في تاريخ انطلاقة الوعي
البيئي العالمي، التي ستتفرع منها خطوات لا تقل أهمية فيما بعد، تتحمل المسؤولية
تجاه كوكب الأرض، موئل الجميع.
وقد بدأت
تتعالى صراخات الأقليات في عام 1979 في الولايات المتحدة الأمريكية، في مدينة
هيوستن Houston،
على سبيل المثال، وبالرغم من خسارة قضية جزائية أقامتها جمعية أهلية هناك، إلا أن
المحاكم، بعد تلك المبادرة الشجاعة، بدأت تنظر في قضايا بيئية على هذه الشاكلة،
وشرعت المحاكم تطالب بآراء خبراء في البيئة للوقوف على خطورة هذه المشكلات والبحث
عن أسبابها وطرق تلافيها.
وفي عام 1982 تطورت الاعتراضات في الولايات
المتحدة الأمريكية إلى تظاهرات في مواجهة المكبات العشوائية للمواد الملوثة،
واعتقل المئات في مناطق مختلفة. وفي عام 1987 صدر تقرير عن الكنيسة الموحدة للمسيح
بعنوان "العنصرية البيئية" Environmental Racism وأكدت أنه حيث تتواجد المواد الملوثة الخطرة
تتواجد نسب عالية من الأقليات.
وتتوجت هذه الجهود كلها في مطلع
التسعينيات من القرن العشرين؛ عندما بدأت الشكاوي تـُقبل رسمياً في أجهزة القضاء
الأمريكي. وقد تزامن ذلك تقريباً مع "قمة الأرض الثانية" حول البيئة
والتنمية الإنسانية، التي انعقدت في حزيران من عام 1992 في مدينة ريو دي جانيرو في
البرازيل.
إرسال تعليق