توحيد الربوبية
الربوبية هي مصدر من "رب" بمعنى  السيد والمالك والمتصرف، والمربي ، وفي "تيسير العزيز الحميد": "توحيد الربوبية هو الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت، النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء ، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على كل شيء  ليس له في ذلك شريك."
وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به  أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات كما قالت الرسل فيما حكى الله عنهم: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [إبراهيم:10]، ولذلك فإن توحيد الربوبية  وحده لا يدخل في الإسلام ما لم ينضم إليه توحيد الإلهية.
 وأشهر من عرف بتجاهل و إنكار الصانع فرعون، وقد كان مستيقناً به في الباطن كما قال موسى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء:102].
والقرآن مملوء من تقرير هذا التوحيد وبيانه، وضرب الأمثال له، ومن ذلك أنه يقرر توحيد الربوبية، ويبين أنه لا خالق إلا الله، وأن ذلك مستلزم أن لا يعبد إلا الله، فيجعل الأول دليلاً على الثاني .
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [يونس:32]. وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بروبيته جل وعلا على وجوب توحيده في عبادته، ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير، فإذا أقروا بربوبيته احتج بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يُعبد وحده، ووبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبده وحده، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إلى قوله: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس:31].
 فلما قروا بربوبيته وبخهم منكراً عليهم شركهم به غير بقوله: {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [يونس:31]، وقوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النمل:59-60].

Post a Comment

أحدث أقدم