الطاقة النووية المنتجة حالياً مستدامة
تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية انتفاعاً من الطاقة النووية، حيث تغطي الطاقة النووية أكثر من 80% من حاجتها إلى الطاقة الكهربائية، وتغطي عشر مفاعلات نووية نصف حاجة السويد من الكهرباء، ويبدو أن بريطانيا ستحذو حذوهما قريباً، إلى جانب استثمارها الموسع في طاقة الرياح، فيما شرعت كندا في اتجاه توسيع الاستثمار في إنتاج الطاقة النووية، إذ تعتزم ولاية أنتاريو في كندا رفع إنتاجها من الطاقة النووية من 20%  إلى 50% من حاجتها إلى الطاقة الكهربائية. وكلنا نعرف مدى تسارع بعض الدول كالصين والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما في إنتاج الطاقة النووية.
ومن اللافت شروع إيطاليا في التحضير لبناء مفاعلات نووية، علماً بأن الشعب الإيطالي صوت في عام 1987 إثر كارثة شرنوبل بالتخلي عن بناء المفاعلات وقررت الحكومة آنذاك إغلاق محطاتها النووية الأربع. وكان حزب الخضر المنخرط في الائتلاف اليساري الحاكم آنذاك بزعامة رومانو برودي قد عارض بشدة اللجوء إلى الطاقة النووية، وآثرت الحكومة بتأثير الائتلاف الحاكم استيراد الكهرباء من فرنسا واستخدام الفحم الحجري على تعريض البلاد لكارثة نووية محتملة. ولكن يبدو أن حاجة إيطاليا الماسة إلى الطاقة في ضوء الخلل الذي أصاب خط الكهرباء السويسري، وارتفاع أسعار النفط وتطوير صناعة المفاعلات النووية وخسارة الائتلاف اليساري؛ قد ساهمت جميعها في إعادة إيطاليا إلى النادي النووي.
في المفاعلات النووية المنتشرة اليوم في العالم والتي وصل عددها إلى 439 مفاعلاً في الشهر الأول من عام 2005، تنتج 2525 تريليون واط / ساعة من الطاقة الكهربائية وتستهلك حوالى 66658 طن من اليورانيوم الطبيعي، الأمر الذي سوف يؤدي إلى نضوب الاحتياطي العالمي من اليورانيوم خلال 53 سنة، وهذه الفترة تتزامن مع تاريخ نضوب النفط على صعيد عالمي. وربما سيكون النضوب أسرع إذا اتجهت المفاعلات النووية لإنتاج غاز الهيدروجين؛ لتزويد مركبات المستقبل بهذا الغاز الذي يتولد عن احتراقه ماء صافي(14).          
ولكن، إذا افترضنا أن العالم العربي لوحده مقدم على إقامة نحو 250 مفاعلاً نووياً في العقدين القادمين، فيمكننا تخيل العدد النهائي للمفاعلات في العالم، والذي ربما يزيد عن الألفين بعد عشرين عاماً، وهذا بدوره يعني أن نضوب اليورانيوم سيكون في غضون 30 – 35 عاماً بدلاً من 53 كما يقدر الباحثون المشار إليهم سابقاً، وهذا يؤكد أن الطاقة النووية التقليدية هي طاقة غير مستدامة، ليس على صعيد احتكار التكنولوجيا العلمية والأعباء الاستراتيجية الأمنية فحسب، إنما على صعيد نضوب المادة الخام أيضاً.
ومن ناحية أخرى، فإن اليورانيوم المستخدم في المفاعلات النووية يتم التخلص منه بعد استخدامه لمدة نحو سنة ونصف السنة، وهو ما زال مشعاً، وبعد أن يتم استخدام نحو 67% من يوارنيوم 235. ويستخدم اليورانيوم المستنفذ في إنتاج الأسلحة والباقي يتم إعادة تأهيل جزء منه للاستخدام من جديد Reprocessing في المفاعلات النووية، فيما يتم ردم الباقي في طبقات جيولوجية عميقة.

Post a Comment

أحدث أقدم