التحليل والتذوق
1- الله أكبر : استهلال يملأ النفس عزا وعزما ، وقوة وثقة واطمئناناً ، وهو هتاف المسلمين ونشيدهم في كل موقف فيه نصر وظفر ، لأن الله أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم ، وما داموا مؤيدين به فلا خوف يعرف نفوسهم ، ولن يهزموا أبدا ، وهو افتتاحية تؤكد حدوث البشري العظيمة ، تناسباً مع الموقف .
- جاء الفتح : تم الفتح الأكبر ، فتح مكة ، استعارة مكنية - تجسم الفتح شخصا جاء قوياً ، مستخدما الفعل الماضي ( جاء ) ليؤكد ثبوت حدوثه ، ( الفتح ، النصر ) الفتح يجمع بين النصر المادي والمعنوي . وهو إيحاء لعهد جديد من الانتصارات الآتية - وكأنه فاتحة الباب لها ، وهو أدق من ( النصر ) لأن النصر هو انتصار أحد الطرفين في معركة أو مباراة ، ولم يكن ذلك في فتح مكة ، وهو تأثر بقوله تعالي (إنا فتحنا لك فتحا مبيناً ) .
- ابتهجت للمؤمنين نفوس سرها وشفي :
- نتيجة مترتبة على تمام الفتح وتحققه . ( للمؤمنين ) أسلوب قصر بتقديم ما حقه التأخير يفيد التخصيص للمؤمنين بأنهم وحدهم الذين ابتهجت وسرت وشفيت نفوسهم .
- ( ابتهجت ، سرها ، شفي ) تصوير لمراحل ازدياد آثار الفتح في نفوس المسلمين ، فقد ابتهجت وحتى امتلأت سروراً ، خلصها وشفاها مما كانت تكابده من آلام الغربة عن الديار والأهل ومن العذاب الذي لاقاه المسلمون من الكفار قبل الهجرة .
- أسلوب البيت : أسلوب خبري للتقرير والتوكيد ، وإعلان الفرحة بالنصر .
وهذا البيت إجمال للموقف كله ، سيأتي بعد تفصيل الأحداث منذ خروج النبي وصحبه الكرام من المدينة حتي تطهير الكعبة ، وانتصار الحق .
ولقد وفق الشاعر في ذكر الفتح والبهجة أولا ليطمئن النفوس ، ثم يقص الأمر بعد ذلك تفصيلاً .
2- مشي النبي ( ص ) : ( مشي ، سار ، أسرع ) مشي أدق الكلمات في موقعها تناسبا مع وقار النبوة وجلال صاحبها ، وإشارة إلي الثقة والاطمئنان . أما ( سار ) فإلي مكان ، و( أسرع ) توحي بالخوف والفزع والاضطراب ... وهذا لا يتفق مع الموقف ولا صاحبه - صلي الله عليه وسلم .
- يحف النصر موكبه : استعارة مكنية ، تصور موكب النبي وصحبه محوطاً محفوظاً بالنصر ، وكأن النصر شئ حسي حول موكب الرسول وصحبه .
( موكبه ) الموكب لا يكون إلا في النصر والبهجة ، واستعمالها دقيق لتناسبه مع ( يحف النصر ) وإيحاء بعظمة جماعة النبي وهم حوله كثرة بين راكب وراجل .
- يخف ، مشيعاً ، مكتنفا : ثلاث صور تؤكد شمول رعاية الله تعالي لموكب النبي وأصحابه منذ خروجهم من المدينة حتي تم الفتح ( مشيعاً ) عند الوداع ساعة الخروج ، ( مكتنفا ) مشمولا بالرعاية والنصر طول الطريق وساعة الفتح .
3- أضحي أسامة من بين الصحاب : البيت حشو على الموقف ، فليس له أثر في تسلسل الأحداث ، أو في تصوير الفتح المبين .... لذا يمكن حذفه .
4 - أسعطت - إضاءات - ظهرت : ( سطعت ) أفضلها لإيحائها بالشمول والقوة ، وتناسباً مع ( أنوار ) جمع ، التي عمت بيت في مكة .
- لم يبق .. إلا اهتز : أسلوب قصر - طريقته النفي والاستثناء للحصر والتوكيد ، أي شمول الأثر كل بيت على اختلاف تأثره .
- اهتزا أو وجفا : ( اهتز ) إشارة إلي بيوت المسلمين التي اهتزت فرحة وشوقاً بقدوم النبي - صلي الله عليه وسلم - و( وجفا ) إشارة إلي بيوت الكفار والمشركين التي خفقت خوفاً وذعراً .
5- تحرك البيت حتي ... : تعبير مجازي جميل يشير إلي شدة الفرحة التي عمت كل بيوت المسلمين في مكة ، وقبلها جميعا ( البيت الحرام ) لأنه الأعظم والأهم وأكثرها فرحة .
- خف - شغفا : إيحاءات بشدة ما يملأ مكة عامة والبيت الحرام خاصة من شدة اللهفة شوقاً للقاء موكب النبي وصحبه - لأنهم سيخلصونه ويطهرونه من رجس الجاهلية والأصنام .
- وافاه في صحبه من كل مزدلف : ( وافاه ) وصل إليه إيجاء بأنه أوفي بعهده مع البيت الحرام ( في صحبه ) ( في جيشه ) في صحبه تناسب المقام لأن النبي - صلي الله عليه وسلم - لم يكن مع جيش محارب ، إنما كان في موكب المسلمين المنتصرين ، ولم يحدث قتال ، و(صحبه ) فيها صدق رفاق من المهاجرين والأنصار .
- من كل مزدلف ، لم يدع للكفار مزدلفا : مزدلفا الثانية تشبه الأولي وهذا فن بديعي يسمي رد العجز ( التالي ) على الصدر ( الأول ) وجاء استخدامه هنا موقفا لبيان الفرق بين موقف المسلمين وموقف الكفار من البيت .

Post a Comment

Previous Post Next Post