يتبغي على كل مسلم أن يقوم بمسئوليته بالتواصي بالحق والصبر والمرحمة , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين كل مجتمع يعيش فيه وعلى كل قوم له عليهم ولاية بدءاً من زوجه وأولاده وأهله وعشيرته وجيرانه وأقاربه وبلده في حضره وسفره , حسب الحال والمقام ويحسن النية ويرفق في القول.
 ( لكن ينبغي أن نفرق هنا بين مسئولية الفرد عن عمل غيره ومسئولية صاحب العمل نفسه فصاحب العمل مسئول عن إضلال غيره بآرائه وتوجيهاته أو سلوكه الفاسد , والأخر مسئول عن إتباعه لآراء غيره وتقليد الفاسد , ثم لعدم مقاومته لهذه الظروف من هذ1 الفساد الصادرة من غيره . إذن فالمسئولية مزدوجة من حيث أنه أحدث عملاً فاسداً ثم أصبح الفاسد سببا بعمله الفاسد لعمل الآخرين مثل عمله ولهذ1 قال تعالى{ {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }[النحل/25].
كما ينبغي أن نفرق بين مسئولية المسلم عن كفر الكافر وبين مسئوليته عن فساد المسلم وفعله المنكر أمامه . فالمسئولية إزاء الكافر قاصرة على الدعوة إلى الإيمان .
أما مسئوليته إزاء فساد المسلم والمجتمع الإسلامي فالأمر يختلف هنا ذلك أن المسئولية لا تقتصر على مجرد الدعوة والإرشاد , بل تشمل أيضاً مقاومة الفساد وتغير المنكر وإرجاع المنحرف عن انحرافه بكل سبيل .
فيجب أن يستخدم في سبيل ذلك كل ما يمكنه أن يستخدمه من قوة اليد أو اللسان وبمقاطعته وعدم التعامل معه مطلقاً , وهذ1 هو الإنكار بالقلب ).
فالمسئولية الجماعية شاملة لكل فئات المجتمع ولكن أيضاً محدودة لكل فئة بصفة خاصة فإذا كانت مرات التغيير للمنكر ثلاثة هي اليد أو اللسان أو القلب , فهي تصلح أحياناً لواحد فقط يتدرج فيها كأصحاب الولاية الشرعية من والد وحاكم ونائب عنهما ففي هذه الحالة يربي الوالد ولده بإنكاره عليه الشر بالقلب والهجر وعدم الرضى إذا أجدى فيها وإلا انتقل إلى اللسان نصحاً وتوجيهاً وتعليماً أو زجراً أو توبيخاً , وإلا تنتقل لليد وتكون اليد زاجرة رادعة لا قاصمة أو كاسرة وهكذ1 كل من له ولاية عامة , وأحياناً يتعين طريق واحد للتغيير على فئة بعينها لا يجوز لهم أن يتجاوزوها لما قد يترتب عليها من منكر أعظم , فمن آداب وفقه الاحتساب ألا يؤدي تغيير المنكر إلى منكر أشد منه .
يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( كلكم راع ومسئول عن رعيته , والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئوله عن رعيتها , والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته ).
وأن مما ينبغي على الوالدين والمربين غرس معاني تحمل المسئولية لدى أبنائهم وتلامذتهم ففيها معاني عظيمه في نشأة الأبناء الذين هم أباء ورجال ونساء المستقبل وفي تقوية دواعي الرجولة والقوة والتحمل لديهم , فيتعلموا كيف يتصرفون في المواقف المختلفة , ويخرجون مما يعرض لهم من مشكلات وأزمات وتكون التربية بالمسئولية الكاملة الشاملة أمام الله سبحانه أولاً , ثم أمام ضميره ووجدانه , ثم أمام المجتمع , وأن غرس هذه المعاني في الصغر كما هو معلوم يرسخ ويتعمق أثره في نفس الناشئة . لا سيما مراقبة الله وخشيته في السر والعلانية واطلاعه على كافة شؤون المرء , وصدق الله إذ يقول حكاية عن لقمان مع ابنه {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }[لقمان /16].

Post a Comment

أحدث أقدم