المدلولات التربوية للعبادات : إلى جانب الآثار التربوية التي ترتبط بكل عبادة ارتباطًا قويًّا هناك مدلولات
تربوية للعبادات كلها ، تشمل جوانب النفس وقواها
ومنها
أولاً : تربية
الروح العبادة
المفروضة : هي الوسيلة الفعالة لتربية الروح ؛
فالصلاة ركن الإسلام الركين، تبدأ بالوضوء، وهو ليس مظهرًا حسيًّا فقط، وإنما
بالإضافة إلى النظافة والطهارة البدنية له مظاهر
روحية تتبدى في تنظيف الباطن، كما ينظف المسلم
ظاهره.
ثم يدخل المسلم
في الصلاة
فيناجي ربه، ويتسامى في خشوعه وخضوعه؛ فيسجد ويقترب من الله، والصوم يربي الروح؛ لأن غايته التقوى والطاعة؛ فهو صوم عن الآفات النفسية
التي تلوث الروح؛ فضلًا على التعالي على
شهوات الجسد وأهواء النفس.
ولم يحقق الصائم
الهدف من
صومه، وهو تربية روحه بغير صفاء الروح وتطهيرها في مجاهداته اليومية التي لا يعلم أبعادها غير الله -عز وجل- ولذا قال في الحديث القدسي
الذي رواه البخاري: ((الصوم لي، وأنا أجزي به)) وتطهر الزكاة النفس من الشح
والأثرة،
وتحقق الأخوة الإسلامية، وتصون المسلمين من الحسد والحقد والتكبر والاستعلاء؛ فتسموا أرواحهم، وتزكوا نفوسهم، والحج توجيه
للقلوب، وتوحيد للأحاسيس وتنقية لها من علائق ترابية
تتوارى مع الإحرام، لتخلص الأرواح لأداء الشعائر
والوقوف بخشوع
في المناسك.
ثانيًا : التكامل
في تربية
الشخصية من جميع النواحي : تتعلق العبادات بتربية مختلف جوانب الشخصية ؛
ففيها ما يتصل بتربية الجسم وتقويته،
وترويضه على ما يفيده، وفيها ما يتعلق
بالوجدان،
وتربية العواطف الصادقة؛ كالدعاء وذكر الله بصوت يردده الآخرون، والتلبية وقراءة القرآن بخشوع وتدبر
.
وفي العبادات
أنواع أخرى
تدرب النفس على الفضائل، وتنمي روح الاجتماع والتآلف مع الآخرين، والتآزر وتماسك الأفراد في المجتمع عن طريق الشعائر الجمعية
الموحدة نحو هدف واحد؛ صلاة الجماعة، صلاة الجمعة،
صلاة العيدين، الحج، وهذا
كله يؤدي إلى
الاتحاد والتآلف في الجماعة الإسلامية، وبالتالي يؤدي إلى الثقة بالنفس، والاطمئنان إلى الآخرين؛ فلا يعاني المسلم ما يعانيه
الآخرون من غربة وسط أهليهم ومواطنيهم.
ثالثًا : الاستمرارية في العبادة :
تعني أن الإسلام يحرص على تربية المسلم ، وتنمية قواه
وموالاة
الشخصية المسلمة ، بالتغذية المستمرة روحيًّا ونفسيًّا ،
وأساس هذا كله دوام الصلة بالله مصدر القوة والأمن والسعادة للمسلم، وتذكرة المسلم
بأن الله يدافع عن الذين آمنوا، وأن على
المسلم أن يستمسك بالعروة الوثقى؛ فيسلم أمره كله لله:
{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (لقمان: من الآية: 22).
وتعني استمرارية
العبادة أن
المسلم محاط بدواعي الشر، وحيل الشيطان؛ فإن غفل عن نفسه وانشغل عن ربه تداولته النزوات والأوهام والخيالات، وخاطبة فيه أضعف النقاط؛
فالتبست عليه الأمور، وضل به الطريق، ومن ثم كان
حرص الإسلام على استمرارية العبادة، التي تعني استمرارية
التربية
للإنسان، ووقايته من كل ضعف، قد ينأ به عن طهارة النفس، وقوة الروح.
Post a Comment