لماذا انتصر السعديون في معركة وادي المخازن
اسباب انتصار السعديون في معركة وادي المخازن
هناك أسباب أدت للنصر في المعركة منها قضاء عبد الملك السعدي على التمزق والفوضى والاضطراب، وجمعه شمل القبائل تحت رايته، وإعانة الحركات الدينية بتوعية الناس والدعوة للجهاد، وبذلك أصبح المغرب يداً واحدة، كذلك تكوين الجيش (السعدي) والسهر على تنظيمه وتدريبه، وتزويده بأحسن السلاح حيث أنشأ معامل للسلاح والذخيرة في فاس ومراكش وتارودانت، معتمداً في إنتاجها على معادن البلاد لاسيما النحاس وذلك ما يدل على محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، يضاف إلى ذلك جموع المجاهدين الزاخرة وشجاعة المغاربة المعروفة حتى اليوم، وكذلك تعزيز القوة العسكرية التي تفوق سلاح الفرسان في كثرته وسرعة حركته، وأيضاً التخطيط الدقيق لكل مراحل المعركة وعملياتها، واستفادة الملك السعدي من خبراته الكثيرة ودهائه وفهمه لنفسية الملك البرتغالي الشاب المتهور، بالإضافة إلى شخصية الملك البرتغالي الدون سبستيان حيث كان شاباً صغير السن ذو ذهنية متعصبة، حالمة غير واقعية، مفتونة بأخلاق الفروسية وتقاليدها، كما أن حظه من الخيال كبير ومن العقل فقير، لم يخض أي تجارب.
كانت معركة وادي المخازن من المعارك الحاسمة في تاريخ العروبة والإسلام، وقد حفظت انتصاراتهم فيها عروبة الشمال الأفريقي وإسلامه، ولولا أنهم سحقوا مطامع البرتغاليين لانحسر الإسلام عن المغرب العربي وسقط تحت الاحتلال المسيحي، ولهذا فالمؤرخين المغاربة يشبهون نصر المسلمين في وادي المخازن بنصر المسلمين في بدر الكبرى.

والحق أن انتصار المغاربة من حيث نتائجه يشبه نصر المسلمين الأوائل على المشركين في معركة بدر لأن معركة وادي المخازن أوقفت الحملة الصليبية التي أرادت اكتساح العالم الإسلامي، فعم الفرح أوساط العالم الإسلامي كله، وأرسل الملك السعدي الجديد كتباً للملوك يزف إليهم هذا الخبر، وتلقى الأتراك العثمانيون الخبر بالرضى والابتهاج، وكانت مكاسب المغرب كبيرة فقد أعاد للشعب المغربي ثقته وقدرته على تدمير كل الحملات، واستقبل المغرب تحت حكم المنصور السعدي فترة من النهضة وعم الرخاء بانتشار التجارة والصناعة وبرزت حركة عمرانية تشهد مآثرها الباقية إلى اليوم برقي الفن المغربي في ظل السعديين.

وأدرك الأتراك العثمانيون أن المغاربة حريصون على استقلالهم السياسي فلم يحاولوا بعد معركة وادي المخازن مد سيطرتهم للمغرب، لذلك ظلت الأصالة العربية في جميع المجالات حية في المغرب،  احتفظت اللغة العربية بكل مقومات صفائها ولم تشبها العجمة والركاكة.

وبانهزام البرتغاليين في وادي المخازن بدأت كتائبهم تنهار في الخليج العربي إذ منذ (القرن العاشر الهجري /السادس عشر الميلادي) حاول البرتغاليون الاستعماريون سد البحر الأحمر في وجه السفن العربية على مداخله تمهيداً لغزو الخليج العربي، ولكن بعد مرور سنتين على انهزام البرتغال في معركة وادي المخازن، أي عام 1580 م، بدأ وجود البرتغال يتقلص في مستعمراته في المحيط الهندي بعد أن تلقت قطعه البحرية ضربات قاضية من طرف الأسطولين الإنجليزي والهولندي، وكانت صلاته بلشبونة قد انقطعت فتوقف ما كان يتلقاه منها من عدة وعدد؛ كما تضعضعت قواعده بالقارة الإفريقية التي كانت جيوشه تنحدر إليها من الخليج عن طريق بحر القلزم (البحر الأحمر) وشعر المغرب بخطورة احتواء فلول البرتغاليين لحدود المغرب الجنوبية، وأهمها مالي، فاحتلها حماية لها وقطعاً لدابر البرتغال وبذلك انقطع عن فيالقها في الخليج ما كانت تتزود به من مستعمراتها الإفريقية. 

وتم بعد هذه الفترة إجلاء البرتغاليين عن منطقة البحرين التي احتلوها قرناً كاملاً إلى (عام 1032 هـ/ 1622 م)، أي بعد معركة وادي المخازن بأربع وأربعين سنة، كما طرد البرتغاليون عن مجموع مستعمراتهم على الشط العربي عام 1059 هـ / 1649 م، وبذلك تحرر العالم العربي من هيمنة البرتغال الذين لطخوا تاريخ العروبة والإسلام طوال أربعة قرون.
حقق المغرب مكاسب مادية تمثلت في غنائم الحرب وفدية الأسرى، وأخرى معنوية تجلت في
الهيبة التي اكتسبها على الصعيد الخارجي، حيث وضع حدا للأطماع الخارجية، وتسابقت الدول لربط
العلاقات معه.
استطاع السعديون القضاء على الأطماع الخارجية، وإعادة بناء دولة قوية حافظت على استقلال ووحدة المغرب

Post a Comment

Previous Post Next Post