الأسـرة
تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات التربوية بالمجتمع ، لكونها أولى المؤسسات التربوية التي تتعامل مع الفرد بعد ولادته ؛ سيما أن هذه الفترة الأولى لميلاد الفرد البشري تتسم بالعجز شبه التام ، والاعتماد الكلي على الآخرين .

ولقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى : " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ" سورة الروم : 54 ؛ فجعل بداية الإنسان من ضعف ؛ بل إن فترة هذا الضعف - وهي مرحلة الطفولة - على متصل العمر الإنساني من أطول مراحل الطفولة ؛ بل هي أطولها على الإطلاق بين سائر المخلوقات ؛ لذا فإن الأسرة  -باعتبارها المؤسسة المسئولة عن الفرد الإنساني في هذه المرحلة- تعد أهم المؤسسات التربوية في تلك المرحلة .

والأسرة من أقدم المؤسسات التربوية بالمجتمع إن لم تكن أقدمها على الإطلاق ؛ إذ أن تكوين الأسرة أمر غريزي فطري أوجده الله في الإنسان منذ بدء الخليقة ؛ بل جعله مصدر الراحة والسكن له ، فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).

ولقد أدرك الإنسان أنه مهما طال به العمر فلا بد من الفناء؛ مما جعله يسعى جاهدًا إلى تحقيق بقائه المعنوي دون المادي عن طريق تكوين الأسرة باعتبارها وسيلة لإنجاب الأبناء والأحفاد الذين يعتبرهم الفرد امتدادًا له ورموزًا تحمل اسمه.

كما ارتبط تكوين الأسرة بإيمان الفرد بضرورة تواجده في جماعات يربطها رباط الدم والرحم؛ وذلك ليستطيع أن يواجه كوارث الطبيعة وتحدياتها ويضمن استمرار بقاء هذه الجماعات.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن وظيفة الإنجاب السابق ذكرها باعتبارها من نتاج الأسرة وواحدة من وظائفها التي تحقق للفرد بقاء معنويًّا نسبيًّا من جانب، وبقاء للمجتمع من جانب آخر؛ إذ أنها وسيلة للمحافظة على ثقافة المجتمع بنقلها من خلال تعاقب الأجيال، إلا أن هذه الوظيفة ليست الوظيفة الوحيدة فقط للأسرة

Post a Comment

Previous Post Next Post