يعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين دستور الإصلاح التربوي والنظام التعليمي في المغرب الجديد حيث جاء ليساير المستجدات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية التي تعرفه بلادنا بعد مجموعة من الأزمات التي عرفها قطاع التعليم، انتهت باللجوء إلى التقويم الهيكلي مع منتصف الثمانينيات والذي أفرز بدوره تعليما هشا ورديئا سينتهي بدوره إلى التفكير في وضع إصلاح تربوي شامل تضعه لجنة من رجال المقاولة والتعليم والإدارة والمجتمع السياسي والمدني....إذاً، ماهو الميثاق للتربية والتكوين؟ وماهي مضامينه ودلالاته؟ وما هي مواطن قوته وضعفه؟
الميثاق الوطني هو منظومة إصلاحية تضم مجموعة من المكونات والآليات والمعايير الصالحة لتغيير نظامنا التعليمي والتربوي وتجديده على جميع الأصعدة والمستويات قصد خلق مؤسسة تعليمية مؤهلة وقادرة على المنافسة والانفتاح على المحيط السوسيواقتصادي، ومواكبة كل التطورات الواقعية الموضوعية المستجدة، والتأقلم مع كل التطورات العلمية والتكنولوجية ولاسيما في مجالات: الاتصال والإعلام والاقتصاد. ويعتبر الميثاق الوطني مشروعا إصلاحيا كبيرا و أول أسبقية وطنية بعد الوحدة الترابية وعشرية وطنية لتحقيق كافة الغايات والأهداف المرسومة من إخراج البلد من شرنقة التخلف والأزمات والركود والرداءة إلى بلد متطور حداثي منفتح تسوده آليات الديمقراطية والجودة و القدرة على المنافسة والمواكبة الحقيقية.
هذا، ويتكون الميثاق الوطني من قسمين أساسيين: إذ خصص القسم الأول للمرتكزات الثابتة لنظام التربية والتكوين والغايات الكبرى المتوخاة منه وحقوق وواجبات كل الشركاء والمجهودات الوطنية لإنجاح الإصلاح، والقسم الثاني فقد خصص لمجالات التجديد ودعامات التغيير. كما قسم القسم الثاني إلى ستة مجالات كبرى وتسع عشرة دعامة للتغيير. وهذه المجالات الستة الأساسية هي:
1- نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي.
2- التنظيم البيداغوجي.
3- الرفع من جودة التربية والتكوين.
4- الموارد البشرية.
5- التسيير والتدبير.
6- الشراكة والتمويل.
يستند الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى مجموعة من المبادئ والثوابت كالاهتداء بالعقيدة الإسلامية وروح الوطنية و التشبث بالملكية الدستورية والتمسك بالتراث الحضاري والثقافي واللغوي المغربي العريق والتوفيق بين الأصالة والمعاصرة والسعي بالمغرب نحو امتلاك ناصية المعرفة والتكنولوجيا الحديثة. أما عن الغايات الكبرى فتتمثل في جعل المتعلم محور الإصلاح والتغيير عن طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي والمهاري وذلك بتلبية حاجياته الذهنية والوجدانية والحركية. و العمل على تكوين أطر مستقبلية مؤهلة ومؤطرة كفأة قادرة على الإبداع والتجديد وتنمية البلاد. وتسعى بنود الميثاق إلى جعل المدرسة المغربية مدرسة منفتحة سعيدة مفعمة بالحياة والتنشيط وجعل الجامعة كذلك جامعة منفتحة وقاطرة للتنمية. وينبغي أن تكون المؤسسات التربوية سواء أكانت مدارس أم جامعات أفضية للحريات والحقوق الإنسانية وأمكنة للحوار والتعلم الذاتي. ولابد من شراكة حقيقية مع الجماعات المحلية و الآباء وأولياء الأمور و الشركاء الآخرين للمساهمة في النهوض بالقطاع التعليمي قصد تحقيق الجودة والتعميم وإجبارية التمدرس. ومن ثم، سيكون الإصلاح التربوي ميثاقا وطنيا عشريا ذا أهمية وطنية كبرى يحقق نتائجه بشكل مرحلي متدرج خاضع للمراقبة والتقويم والتتبع.
إرسال تعليق