الترجيح
الترجيح في اللُّغة: مصدر رجّح، مأخوذٌ من رُجحان الميزان، وهو مَيَلاَنُ إحدى كفَّتيه. وفي الاصطلاح : تقويةُ إحدى الأَمارتين على الأخرى.
وقيل : بيانُ اختصاص الدليل بمزيد قوَّةٍ عن مُقابِلِه.
والفرق بين التعريفين :أن الأولَ عبَّر بالأَمارة، والثاني عبَّر بالدليل، وهو أقربُ إلى اصطلاح الفقهاء الذين يُطلقون الدليلَ على القطعيّ والظنِّيّ.
الترجيحُ له طرقٌ متعدِّدةٌ، لا يُمكنُ حصرُها وقد قال الزركشيُّ : « واعلمْ أن التراجيحَ كثيرةٌ، ومناطُها : ما كان إفادتُه للظنّ أكثرَ فهو الأرجحُ، وقد تتعارض هذه المرجِّحاتُ - كما في كثرة الرُّواة، وقوَّة العدالة، وغيره – فيعتمدُ المجتهدُ في ذلك على ما غلب على ظنّه ».
وقد جرت عادةُ الأصوليين أنْ يفصلوا الترجيحَ بين الأدلّة النقلية عن الترجيح بين الأدلّة العقليّة.
ومن أمثلة الترجيح بين الأدلة النقلية:  الترجيح بكثرة رواة أحد الدليلين: فيُرجَّحُ الخبرُ الذي رُواتُه أكثرُ على الخبر الذي رُواته أقلُّ.
مثاله: رواية رفع اليدين عند الركوع الواردةِ من حديث جماعةٍ من الصحابة، منهم : علي بن أبي طالبٍ، وابن عمرَ، ومالك بن الحويرث، وأبو حميد الساعديّ، ووائل بن حجر. وغيرهم، تُرَجح على رواية البراء بن عازب: أن النبيَّ rكان يرفعُ يديه عند تكبيرة الإحرام، ثم لا يعودُ بأن الخبرَ الأولَ أكثرُ رواةً.
ومن أمثلة الترجيح بين الأدلة العقلية:   تقديمُ القياس الذي ثبت حكمُ أصله بالنصّ على الذي ثبت حكم أصله بالظاهر:
مثاله : تقديمُ قياس المذي على البول في النجاسة على قياس المذي على المنيّ؛ لأن نجاسةَ البول ثبتتْ بالنصّ، كقوله r: « تنزَّهوا من البول؛ فإن عامَّةَ عذاب القبر منه » (الدارقطني عن أنسٍ)، وحديث : « إنهما ليُعذَبان، وما يُعذَبان في كبيرٍ، أما أحدُهما فكان لا يستنزه من البول »
وكذلك الإجماع قائمٌ على نجاسة بول الآدميّ.
وأما المنيُّ فطهارتُه ثابتةٌ بالظاهر؛ حيث كانت عائشةُ رضيَ الله عنها تحُتُّه من ثوب رسول الله rإذا كان يابساً، وتغسلُه إذا كان رطباً ،وهذا لا يرتقي إلى درجة النصّ الصريح.

Post a Comment

Previous Post Next Post