الشروط اللازم توفرها في المسألة المجتهد فيها فيمكن إجمالها فيما يأتي:
أولاً: أن تكون هذه المسألة غير منصوص أو مجمع عليها.
والدليل على هذا الشرط حديث معاذ - رضي الله عنه - المشهور، إذ جعل الاجتهاد مرتبة متأخرة إذا لم يوجد كتاب ولا سنة.
وقد كان منهج الصحابة رضي الله عنهم النظر في الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ثم الاجتهاد.ومعلوم أن الاجتهاد يكون ساقطًا مع وجود النص.
ثانيًا: أن يكون النص الوارد في هذه المسألة -إن ورد فيها نص- محتملاً، قابلاً للتأويل، كقوله r-: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة». فقد فهم بعض الصحابة من هذا النص ظاهره من الأمر بصلاة العصر في بني قريظة ولو بعد وقتها، وفهم البعض من النص الحث على المسارعة في السير مع تأدية الصلاة في وقتها ولم ينكر على الفريقين ما فهم، ولم يعنف الطرفين على ما فعل.
ثالثًا: ألا تكون المسألة المجتهد فيها من مسائل العقيدة، فإن الاجتهاد والقياس خاصان بمسائل الأحكام.
رابعًا: أن تكون المسألة المجتهد فيها من النوازل، أو مما يمكن وقوعه في الغالب والحاجة إليه ماسة. أما استعمال الرأي قبل نزول الواقعة والاشتغال بحفظ المعضلات والأغلوطات والاستغراق في ذلك، فهو مما كرهه جمهور أهل العلم واعتبروا ذلك تعطيلاً للسنن وتركًا لما يلزم الوقوف عليه من كتاب الله عز وجل ومعانيه.
وقد استدل الجمهور على ذلك بقوله r«إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته».
وقوله r: «إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال». قال ابن القيم: «ولكن إنما كانوا [أي الصحابة رضي الله عنهم } يسألونه [أي النبي r] عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم، وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ }.

Post a Comment

أحدث أقدم