العِفَّــة:
العِفة: مصدر قولهم
عفَّ عن الشيء يَعِفُ عِفَّةً وهذا مأخوذ من مادة (ع ف ف) التي تدلُ على الكف عن القبيح([361]).
وفي الاصطلاح: ضبط
النفس عن الشهوات، واجتناب السرف في الملذات وقصد الاعتدال.
والعفة من الأخلاق
الحميدة التي حثت الشريعة الإسلامية عليها ورغبت فيها، وقد أ مر الله بها نبيه ^ والمؤمنين،
والعفة تشمل العفة
عن المحارم بضبط الفرج عن الحرام، وعدم الخوض فيما يثير الشهوات من السماع المحرم أو
النظر المحرم؛ وتكون العفة بحفظ اللسان عن القدح في الأعراض بالسب والقذف وتجنب الغيبة
والنميمة والفحش في القول وكل ما يستقبح قوله، والعفة عن أكل المال الحرام، مع العفة
عن سؤال الناس وحفظ النفس عن التطلع إلى ما لدى الآخرين من متع الحياة الدنيا والرضا
والقناعة بما قدر الله للإنسان من الأرزاق، مع بذل الأسباب الشرعية للكسب الحلال.
ومن العفة التي أمر
الله بها عفة المرأة المسلمة عن التبرج وعن الخضوع بالقول، وعن مخالطة الرجال وكل ما
يوصل إلى معصية الله والوقوع في الفاحشة.
وكان من دعائه ^
أنه كان يقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتُقى والعفاف والغنى»([362]).
ومن طلب العفة وعمل
بأسبابها وفقه الله إلى كل خير، وكان الله له معيناً ومسدداً، كما ورد في الحديث، قال
^: «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح
الذي يريد العفاف»([363]).
ومن عف نفسه عن سؤال
الناس عفه الله وأغناه، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: «إن ناساً
من الأنصار سألوا رسول الله ^ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفذ ما عنده قال:
«ما يكن عندي من خير فلن أدَّخره عنكم، ومن يستعفف يُعِفَّه الله، ومن يصبر يُصبره
الله، وما أُعطي أحدٌ من عطاء خيرٌ وأوسع من الصبر»([364]).
وقد ضرب يوسف عليه
السلام أعظم الأمثلة في العفة عن الوقوع في الفاحشة مع قوة الدوافع المؤدية إليها،
فقد كان شاباً عزباً غريباً والتي دعته ذات منصب وجمال وعدته بالحماية والتمكين وتوعدته
إن لم يفعل بالسجن والعذاب، ومع توافر هذه الدواعي كلها صبر وثبت إيثاراً لما عند الله،
وللعفة آثار عظيمة في حياة الأفراد والمجتمعات، إذ يجني العفيف ثمرة عفته في الدنيا
والآخرة من طمأنينة النفس وراحة البال، ومحبة الله تعالى، والفوز برضوانه، وانظر إلى
الثلاثة الذين آواهم المبيت في ذلك الغار الذي سُد عليهم، وأشرفوا على الهلاك، وعلموا
أن لا ملجأ من الله إلا إليه، فلجأوا إلى الله بصالح أعمالهم، فذكر أحدهم بره بوالديه،
وذكر الآخر حفظه للأمانة وعفته عن أكل المال بالحرام، وقال الآخر: «اللهم إنه كان لي
ابنة عمّ من أحب الناس إليَّ وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار
فطلبتها حتى قدرتُ فأتيتها بها فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها
قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلمُ أني
فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، ففرج الله عنهم فخرجوا»([365]).
وأما إذا شاعت الفاحشة
في بلد اضطرب بناء المجتمع وتفككت الأسر وهدمت البيوت واندثرت الفضيلة وعمت الجريمة،
والعياذ بالله، وكانت مؤذنة بعقوبة عاجلة من الله في الدنيا وسخطه في الآخرة.
إرسال تعليق