واختلفوا في الوقت الذي تجوز فيه الصلاة على الجنازة، فقال قوم: لا يصلى عليها في الأوقات الثلاثة التي ورد النهي عن الصلاة فيها، وهي وقت الغروب والطلوع وزوال الشمس على ظاهر حديث عقبة بن عامر "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيها
وأن نقبر موتانا" الحديث. وقال قوم: لا يصلى في الغروب والطلوع فقط، ويصلى بعد العصر ما لم تصفر الشمس، وبعد الصبح ما لم يكن الإسفار. وقال قوم: لا يصلى على الجنازة في الأوقات الخمسة التي ورد النهي عن الصلاة فيها، وبه قال عطاء والنخعي وغيرهم، وهو قياس قول أبي حنيفة. وقال الشافعي: يصلى على الجنازة في كل وقت لأن النهي عنده إنما هو خارج على النوافل لا على السنن على ما تقدم.
واختلفوا في الصلاة على الجنازة في المسجد فأجازها العلماء وكرهها بعضهم منهم أبو حنيفة وبعض أصحاب مالك، وقد روي كراهية ذلك عن مالك، وتحقيقه إذا كانت الجنازة خارج المسجد والناس في المسجد. وسبب الخلاف في ذلك حديث عائشة وحديث أبي هريرة. أما حديث عائشة فما رواه مالك من أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له، فأنكر الناس عليها ذلك، فقالت عائشة: ما أسرع ما نسي الناس، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد. وأما حديث أبي هريرة، فهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" وحديث عائشة ثابت وحديث أبي هريرة غير ثابت أو غير متفق على ثبوته، لكن إنكار الصحابة
على عائشة يدل على اشتهار العمل بخلاف ذلك عندهم، ويشهد لذلك بروزه صلى الله عليه وسلم للمصلى لصلاته على النجاشي، وقد زعم بعضهم أن سبب المنع في ذلك هو أن ميت بني آدم ميتة، وفيه ضعف، لأن حكم الميتة شرعي، ولا يثبت لابن آدم حكم الميتة إلا بدليل، وكره بعضهم الصلاة على الجنائز في المقابر للنهي الوارد عن الصلاة فيها، وأجازها الأكثر لعموم قوله عليه الصلاة والسلام "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا".
Post a Comment